خلافات حادة داخل الحزب الشيوعي بعد التحالف مع الصدريين




شبكة ذي قار

قبيل الانتخابات تطفو على السطح الانقسامات والصراعات داخل الحزب الواحد ، فلم تستثن الخلافات الداخلية أي حزب سياسي في العراق ، حيث تتكشف هذه الخلافات من آن لآخر ، حتى وإن حاولت بعض هذه الأحزاب أن تبدو متماسكة ، في غضون ذلك ، يسعى الحزب الشيوعي العراقي صاحب التاريخ السياسي الطويل ، أن يرسم صورة الجسد المتماسك وسط عاصفة الأحزاب الدينية والقومية في البلاد. إلا أنّ الواقع يشي بغير ذلك ، فالتصدّع والخلافات تسلّلت أخيراً إليه وبشكل واضح، أخذ بعضها طابعاً فردياً داخل الحزب، خصوصاً من قبل كوادر الحزب المتقدمة والمقيمة خارج العراق، في باريس ولندن والولايات المتحدة.
 
 وقالت صحيفة العربي الجديد في تقرير لها إن “كوادر الحزب المقيمة في الخارج تحتجّ على تحالف الحزب مع التيار الصدري في قائمة واحدة تحت شعار “سائرون” لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة، متّهمين الجيل الشاب الذي يتصدّر واجهة العمل الحزبي في بغداد بالتفرّد في اتخاذ القرارات، والتحالف مع تيار ديني بأفق طائفي، وهو ما بدا واضحاً خلال الأسبوع الماضي خلال لقاء لكوادر الحزب في لندن. ويدافع الحزب عن نفسه بأن التحالف مع التيار الصدري جاء لوجود رؤية مشتركة تتعلّق بطريقة إدارة الدولة ومحاربة الفساد والقضاء على الطائفية وترسيخ الهوية العراقية المستقلة التي حاولت جهات خارجية طمسها تحت شعارات دينية ضيقة، معتبرين أن المرحلة الحالية تتطلّب الخروج من القالب بما لا يمس ثوابت الحزب”.
 
 وأضافت الصحيفة أن “مصادر مقرّبة من الحزب، فضلاً عن أعضاء فيه، كشفت عن انسحابات كثيرة ومتواصلة من صفوف الحزب، خصوصاً من قبل الأعضاء المقيمين خارج البلاد مثل لندن وباريس ودول أوروبية أخرى يقيمون فيها منذ ثمانينات القرن الماضي، عقب حظر حزب “البعث العراقي” للحزب الشيوعي، ومطاردة قياداته بعد تولّي “صدام حسين” الحكم في البلاد”.
 
 وتابعت الصحيفة أن “أحد أعضاء الحزب قال ، إن الانسحاب لا يعني ترك العمل السياسي، بل هو بمثابة إجراء وقائي لحماية سمعتنا وتاريخنا من هذا التخبّط، وبسبب تهميش آراء مفكري الحزب وأعمدته من قبل المتصدرين للعمل الحزبي في بغداد، موضحاً أنّ محاولة فصل الجانب الإيديولوجي عن الجانب الحزبي هي بمثابة انتحار، وهو ما لا يمكن القبول به من قبل القيادات والكوادر المتقدمة. وتابع أن الاعتراض هنا ليس على شخص “مقتدى الصدر” أو غيره في موضوع التحالف، بل على فكرة تحالف متناقضين فكرياً وسياسياً، وعدم الأخذ بملاحظاتنا واعتراضنا أو تحفّظنا، والخوف من التعامل مع الحزب الشيوعي كتابع أو جهة ثانوية وليس كشريك، وهذه كارثة بحد ذاتها، فللحزب تاريخ نضال كبير يمتد لثمانية عقود، لا يمكن التقليل من شأنه بهذا الشكل” وفقاً لقوله.
 
 وذكرت الصحيفة أن “العضو في الحزب الشيوعي كشف عما وصفه حدوث جدل وتلاسن في لقاء جرى أخيراً في باريس، وصل إلى حدّ الشتائم بين أطراف الحزب المؤيدة والمعارضة لهذا التحالف. من جانبه، قال الناشط المدني في العراق “سعيد محمود الكرخي” إنه علم بسحب الأستاذ حسان عاكف يده من الحزب الشيوعي ، وهو أحد أبرز شخصياته بسبب سلسلة تخبّط في القرارات. ووفقاً للكرخي، فإنّ الانسحابات لا يمكن اعتبارها انشقاقات حتى الآن، كونها لم تسفر عن تشكيل جناح منفصل عن الحزب. لكن الأغلبية يتخذون موقف الانسحاب بهدوء وبشكل حضاري ومؤدب”، على حد وصفه ، وبيّن الناشط أنّ هناك بعض القيادات والكوادر داخل الحزب الشيوعي العراقي جمّدت عضويتها بما يتعلّق بالأنشطة الانتخابية بسبب هذا التحالف، وهناك من يعتقد بأنّه يصبّ في مصلحة التيار الصدري إلى جانب من يعتقدون أنّه يصبّ في مصلحة الحزب الشيوعي. هناك الكثير من الآراء، وبالتالي هذا التحالف لا يدوم طويلاً في حال فازوا في الانتخابات وحققوا مقاعد برلمانية، إذ من الممكن أن يتم تفكيكه. وتابع أنه في هذه المرحلة هناك مشتركات بين الجانبين مهّدت للتحالف، مثل المطالبة في الخدمات وتحسين الوضع المعيشي وبناء دولة مدنية وحصر السلاح في يد الدولة وتنسيق جهود الجانبين في التظاهرات في بغداد ومحافظات عدة منذ مدة ليست قليلة”.
 
 وبحسب الصحيفة فإن “الكرخي رجّح ألا يستمر التحالف طويلاً كونه سيصطدم بملفات لا يمكن أن يتوافق الطرفان عليها، مثل الحريات الشخصية للعراقيين كالحجاب والاختلاط وبيع الخمور وحقوق النساء المدنية وحرية المعتقد وإبعاد رجال الدين عن السلطة والمؤسستين العسكرية والأمنية والشعارات الدينية والإعلام، وهذه كلها قوانين تضاف إلى معضلة تعديل الدستور التي من المقرر أن تتم في دورة البرلمان المقبلة. لذا سيكون هناك الكثير من الأمور التي يختلفون حولها”.
 
 ولفتت الصحيفة إلى أن “ذلك يأتي في ظلّ حديث عن عودة نشاط الحزب الشيوعي في أبرز معقلين دينيين في العراق، وهما الفلوجة والنجف غرب وجنوب العراق، حيث عادت طروحات الحزب من خلال ناشطين غالبيتهم من الشباب في كلتا البلدتين، فضلاً عن بلدات أخرى في العراق، بعدما كان مقتصراً في الغالب على بغداد في السنوات الماضية. ويعزو مراقبون ذلك إلى خيبة أمل الشارع من حكم الأحزاب الدينية طيلة العقد ونصف العقد الماضي”.
 
 وأشات الصحيفة إلى أن “السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي والقيادي البارز فيه في بغداد “حميد مجيد موسى” أكّد عدم وجود أي انشقاقات داخل الحزب، موضحاً أن هناك من يحاول النفخ بحالة النقاش الصحي الجارية داخل الحزب والتي تتم بشكل شفاف وعلني في مثل هذه القضايا المصيرية ، وأضاف موسى أنه نحن في فترة انتخابات والحزب واع جداً لذلك، وقرار التحالف اتخذ بالإجماع وفق النظام الداخلي للحزب. ولكن بسبب كون الحدث جديداً وظاهرة غير اعتيادية، لا بدّ أن تكون هناك نقاشات وردود فعل، ومن الطبيعي أن تحصل نقاشات صحيّة، لكن التصدّع أو الانشقاق غير موجود والنقاش واسع ومفتوح وعلني وهذا كلّه جرى ويجري بسلاسة ، لافتاً إلى أن هناك حملات من خارج الحزب تريد أن تنفخ في هذا الجدل وتحوله إلى تصدع وهو غير صحيح”.
 
 وبينت الصحيفة أن “موسى تابع أنه من يقول إن الحزب سلّم تاريخه الطويل لآخر بعمر شهرين، غير صحيح. فالتيار الصدري له تاريخ طويل في العملية السياسية، ونحن نتحالف مع قوى سياسية وليست دينية والضابط هو هل يتفق معنا في البرنامج أم لا؟ وهل لدينا مشتركات أم لا؟ هذه هي معايير التحالفات، وتحالف “سائرون” فيه نظام داخلي وأمانة عامة، بمعنى أنه ليس هناك قائد ومقود أو تابع ومتبوع في هذه التحالفات ولم نسلم القيادة لأحد”.
 
 وأكدت الصحيفة أن “موسى ختم بالقول إن الحزب سيكون في حلّ من هذا التحالف إذا وجدنا أنّه تمّ نقض المشتركات والثوابت التي تم الاتفاق عليها. بدوره، قال النائب عن التيار المدني “جوزيف صليوا” إنه بالطبع هناك فرق كبير بين الليبراليين والإسلاميين والشيوعيين، لكن في الوقت نفسه، هناك نقاط مشتركة أيضاً، خصوصاً إذا كان الطرف الآخر صادقا فيما يطرحه من نقاط وبرامج ، مضيفاً أنه أعتقد أنّ الحروب الأيديولوجية والشعارات الرنانة ذهب وقتها، والمواطن العراقي اليوم يحتاج إلى عمل دؤوب على أرض الواقع وإلى من يبني بلده بعد أن فقد كل شيء بسبب هذه الشعارات الرنانة وإلى من ينتصر للمواطن لكي يشعر بمواطنيته وبالأمل والأمان في بلده”.


الجمعة ٢٩ جمادي الثانية ١٤٣٩هـ - الموافق ١٦ / أذار / ٢٠١٨ م


اكثر المواضع مشاهدة

أ.د. مؤيد المحمودي - القمع التعسفي لعملية التعبير عن الرأي يفضح حقيقة الديمقراطية المزيفة في أمريكا
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء الرابع ) مشروع الشرق الأوسط ( الأمريكي ) الكبير
د. أبا الحكم - لماذا ستغادر قيادة حماس السياسية دولة قطر؟
حزب البعث العربي الاشتراكي-الجزائر - أصدر حزب البعث العربي الاشتراكي في الجزائر العدد ١٥٩ ( شهر ماي ) ٢٠٢٤ من جريدة صوت الأمة العربية..
فؤاد الحاج - ستتوقف الحرب مهما طال الزمن
المهندس صهيب الصرايره - رجال الحق ،، بناة الأوطان .. في ذكرى استشهاد القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله
زامل عبد - إيران واستغلال القضية الفلسطينية - الحلقة الأخيرة
خالد مصطفى رستم - موقف البعث من التعدديات العرقية والطائفية
فؤاد الحاج - الديمقراطية والمجتمع القبلي
عبد الواحد البصري - عرب وين طنبوره وين
من ذاكرة قادسية صدام المجيدة - بيان عسكري مذاع في ١٢ شباط ١٩٨٢ من القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية عن تحرير منطقة البسيتين من العدو الفارسي الحاقد على العراق وشعبه بصوت المذيع رشدي عبد الصاحب
مكتب الثقافة والاعلام القومي - تعزية الرفيق زهير الرواشدة بوفاة الرفيق عمر ابوزيد
علياء الناصري - فبــركــات قــد تــوصــل الــى القمـــة
علي الأمين - في ذكرى الميلاد الميمون
د. سامي سعدون - العراق في الاستراتيجية الامريكية !؟
أحدث الاخبار المنشورة
٢٧ / كانون الثاني / ٢٠٢٤