شبكة ذي قار
عـاجـل










رحم الله عالمنا الكبير المرحوم د. علي الوردي في بحوثه المميزة في علم الإجتماع التي اتحفنا بها منذ منتصف القرن الماضي، فقد أماط اللثام عن الكثير من الخفايا في شخصية الفرد العراقي بشكل خاص والانسان بصورة عامة وكان موضوع الازدواجية في الشخصية من أهم المسائل التي شغلت عقله وداعبت قلمه ورافقته في مسيرة العطاء حتى النفس الاخير. وقرب ثراه في مسجد براثا الذي أحتل من قبل زمرة من العملاء أندرس قبره بسبب التوسعات التي طالت المسجد فتمثلت الازدواجية تجاه تكريم عالمنا بأغرب صورها.


لم تمر في تأريخ العراق حكومة إنفصاميه مثل حكومات الغزو فمعظم وزراء الحكومة والبرلمان والسفراء وكبار المسئولين مزدوجي الجنسية وهذه الإزدواجية تنعكس في شخصياتهم المضطربه و أزدواجية الولاء. فلا احد يجهل بأن الذي يحصل على جنسية اجنبية يقسم على أن يكون مخلصا للبلد الذي منحه الجنسية ويعمل من أجله. ولأننا بدأنا الحديث عن العلامة الوردي فسنأخذ مثلا قريبا من ضريحه في مسجد براثا. حيث يقيم البرلماني السابق جلال الدين الصغير الذي يعد نموذجا فريدا للانفصام الشخصي. فهو شخصيته مضطربة أجتمعت فيها كل التناقضات وتثير الكثير من الحيرة! فهو زعيم ديني من جهة وزعيم ميليشا من جهة ثانية! خطيب وواعظ من جهة وجلاد وقاتل من جهة أخرى، نائب سابق في البرلمان العراقي من جهة وضابط مخابرات إيراني من جهة أخرى! سياسي متدين من جهة ورجل دين متسيس من جهة ثانية! بل الازدواجية طالت المكان نفسه الذي أستولى عليه فقد تحول جامع براثا الى معتقل للتعذيب والأرهاب، واصبحت فضائحه لا تقل بشاعة عن فضائح بقية السجون.


ومن باحة الحكومة ناخذ مثلا آخرا هو ( الملة خضير الخزاعي ) وزير التربية العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية حالي ( مختص بالمصادقة على أحكام الإعدام ) فهو إيراني الجنسية أيضا ويمثل بدوره نموذجا في الأزدواجية فبالرغم من منصبه الحالي في الحكومة العراقية إلا انه متفرس أكثر من الفرس انفسهم! ينكب بكل ثقله لخدمة المشروع الفارسي من خلال المنصب الخطير الذي يشغله والذي يترك تداعيات مفزعةعلى الأجيال القادمة. فالرجل وضع ركائز الطائفية في التعليم والتربية وبدلا من معالجة الأشكاليات التي جعلت ملايين من الطلاب يتسربون من أروقة المدارس الى الشوارع في عهد وزارته الأغبر، ومعالجة التخندق الطائفي الذي أمسى ميزة في المدارس العراقية، ومعالجة طوفان الفساد المالي والإداري في وزارته الضاله، شغل نفسه بإمور أخرى منها تسمية الخليج العربي الذي أطلق عليه الخليج الفارسي! ووضع خطة شاملة لتغيير المناهج في التأريخ والجغرافية والإسلاميات وفق الرؤية الصفويه. علاوة على تفننه في تقليل حصة اللغة العربية في المناهج الدراسية مقابل دعم اللغة الفارسية. وقام بطبع الكتب الدراسية في طهران بدلا من مطابع العراق في صفقة حقق منها الملايين من الدولارات لنفسه ولأسياده في قم! وخاتمة أعماله الخبيثة الأتفاق مع تؤامه الروحي ( علي رضا علي أحمد ) وزير التربية الإيراني على فتح مدارس ايرانية في العراق !


من عجائب الدهر وغرائب الفكر أن وزير التربية الايراني وضع حجر الأساس لفتح المدرسة الأيرانية في كربلاء وليس الخزاعي على اعتبار أنه لا فرق بين الاثنين فكلاهما وجهان لعملة التومان. الوزير الإيراني ومن منطلق طائفي بحت أكد بأن عدد المدارس سيكون بعدد الأئمة المعصومين والغرض من هذه المدارس كما صرح بصلافة وقباحة بالغين منوها بهدف" دعم ونشر الثفافة الأيرانية في العراق" في حين وصفها المتفرس قلبا وقالب ( أسعد أبو كلل ) محافظ النجف بالمدارس"النموذجية"! مضيفاً بأنها ستشمل" كل أقضية ونواحي المحافظة"!


البرلمان العراقي هو أيضا من أبشع نماذج الازدواجية ولكثرة ما في جعبتنا من امثلة سنورد آخر مبتكراته في فنون النهب والسلب. فهو بالرغم من مصادقته قبل فترة قريبة على قرار تخفيض النفقات العامة، لكنه من جهة أخرى يخطط لزيادة رواتب ومخصصات أعضائه وتوزيع أراضي جديدة عليهم في أرقى مناطق بغداد مجانا مع ان الغالبية من اعضائه مزدوجي الجنسية!


الحكومة من جانبها حدث ولا حرج ولنا في وزارة الزيباري اسوة سيئة فاكثر من نصف السفراء يمتلكون جنسيات اجنبية ومن بين خمسين سفير في الخارج هناك ثلاثين منهم يحملون جنسيات اجنبية والعياذ بالله.


ستكون ديمقراطيتنا شفافة للغاية لو كشف برلمان السفاله وحكومة العماله للشعب العراقي المقهور بحقيقة جنسياتهم المزدوجة ليعرف الشعب العراقي حجم مصيبته وما جنته أصابعهم الملوثة ببالوعة الحبر البنفسجي!


رحم الله علامتنا الجليل علي الوردي فقد رحل دون معايشة نماذج طفيلية افرزها الأحتلال المسخ تصلح كعينات وشواهد لدراساته حول ازدواجية الفرد العراقي وتعززها بشكل واف! واعتقد لو أن الحياة امتدت به –رحمه الله- لأستحدث مبحثا جديدا يدعى أزدواجية الولاء في شخصيات العملاء وهو يمثل إضافة جيده لبحوثه النفيسة في علم الاجتماع.

 

 





الخميس٢٤ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / حزيران / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب ضحى عبد الرحمن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.