شبكة ذي قار
عـاجـل










بداية أعتذر لأخوتنا العرب على العنوان الذي اخترته ليكون عنوان مقالتي الجديدة، وسأضع معاني بعض الكلمات العراقية في نهاية المقالة كي تكون واضحة أمامهم.

أفرزت الحالة العراقية بعد الاحتلال أشكالاً من الديمقراطية لا علاقة لها بما قرأناه عن الديمقراطية والحرية التي كانت حلم كل شاب ولا زالت، ومصدر سخرية لكل من عصرته السنين وخبرته المواقف، وربما أكثر ما يعجبني في الديمقراطية أحد مبادئها التي تقول " تنتهي حريتك عند حرية الآخرين" ، وهذه الجزئية من الديمقراطية تتحكم في باقي المبادئ والقوانين التي شرعها الديمقراطيون الأوائل أيام كانت الخطابة هي الأسلوب الوحيد للتعبير وجها لوجه عن الرأي.

تنتهي حريتي عند حرية الآخرين!! نعم، هكذا ينبغي أن تكون الديمقراطية عندما تكون خياراً أو واقعاً لشعب عاش حياته يتنقل بين دكتاتورية وأخرى، وحتى ضمن محيطه العربي والإقليمي! لم يكن الشعب العراقي يحلم بالديمقراطية إلا كما يشاهدها في الأفلام الأمريكية أو الأوروبية حصراً، فحتى الأفلام الهندية التي يدمن عليها بعض العراقيين كانت تنقل واقعا دكتاتوريا ليس فقط سلطويا! بل مجتمعياً كذلك.

وسنطرح هنا سؤالاً سيكون جوابه مفتاحا لفك اشتباك الكثير من الملابسات في تطبيقات الديمقراطية واختلافها عن الدكتاتورية، السؤال يقول; هل نحن ديمقراطيون في بيوتنا؟؟

هذا السؤال يعيدنا إلى تقاليد مجتمعنا القديمة، لكننا ربما تغيرنا عبر السنين الماضية حتى في ظل وجود الدكتاتورية، مع احتفاظنا ببعض القيم التي لم تتلوث بقيم المجتمعات الأخرى، ويبقى السؤال قائما; هل نحن دكتاتوريون في بيوتنا؟ أم ديمقراطيون؟؟

كثير منا سيحاول اللف والدوران كي يتقارب بطريقة ما مع الجواب الافتراضي وهو إننا ديمقراطيون نوعا ما في بيوتنا!! وسنفترض سؤالاً آخر على جوابنا الافتراضي; هل نمنح الحق لأنفسنا ولأبنائنا بممارسة حريتهم على حساب حريات الغير؟؟ وهنا يأتي أهمية المبدأ الذي أشرنا له آنفاً!

أما إذا كنا نمارس الدكتاتورية ضمن عائلتنا وعشيرتنا ومجتمعنا كما يقول التأريخ القديم والحديث!! فلا يحق لنا المطالبة بالديمقراطية!! وعلينا البدء بتغيير أنفسنا قبل تغيير نظام الحكم، كي نمتلك الوعي الكامل بما نريد تغييره، لا أن يأتي لنا مسلفنا وجاهزاً!

يقولون بأن العراق اليوم يمر بمرحلة شرنقة ديمقراطية لا يمكن قياس جمالها أو قبحها!! وسنفترض بأن هذا صحيح، لكن المهم هنا هو هل هناك ديمقراطية في شكلها الأدنى في العراق؟ فهناك خيط رفيع بين حرية الديمقراطية وبين حرية الفوضى! ويفترض أن تكون هناك معايير تتحكم في الحرية كي لا تجعلها تتعدى على حرية الآخرين، وهذا ما لم يحدث في العراق لحد الآن!

ينبغي أن تعتمد الديمقراطية على دولة مؤسسات، ودستور قوي تحترمه الحكومة قبل الشعب، وقانون فوق الجميع، ونسبة وعي شعبي لا تقل عن 60% في أسوء حالاتها، وأن تناط الأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والعلمية إلى من له القدرة على إدارة الدولة بما يضمن مساحة لا بأس بها من التطور والتقدم والعدالة والحرية، وكذلك توفير منابر حقيقية يضطلع بها مثقفون وأساتذة جامعات وعلماء لتكون صوت الشعب بمواجهة الحكومة.

ربما لا تتوفر بعض من هذه المتطلبات في النظم الدكتاتورية، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون جميعها مفقودة، في المقابل، ينبغي أن تتوفر جميع هذه المتطلبات في النظم الديمقراطية كي تكتمل شروطها، وإلا فستكون مقنعة وقريبة جدا من النظم الدكتاتورية.

في العراق، كل هذه المتطلبات والشروط غير متوفرة، إي إنه يبتعد في قوانينه وممارساته عن النظامين الديمقراطي والدكتاتوري، أو ربما هو خليط غير متجانس بينهما، لكن بالرغم من ذلك يطلقون عليه وصف النظام الديمقراطي! وهذا النظام هو الأسوأ من بين الأنظمة.

يستغرب البعض عندما نقول بأن النظام الدكتاتوري يوفر للشعب الكثير مما لا يوفره النظام الهجين الحالي، فهو يأخذ مساوئ النظامين ليخرج بنظام فوضوي يديره مجموعة من المتسلقين والجهلة والسراق! بل إن فيهم القاتل والمزور والمحكوم بجنح أخلاقية! فهل هذا هو النظام الديمقراطي الذي يتوق له الشعب العراقي؟

نعود إلى مثلنا الذي ضربناه في عنوان المقالة، لقد كان النظام الدكتاتوري غطاءا صلداً لمخزن نفايات وأوساخ لم نكن نعلم بها أو نراها أو نشتم رائحتها النتنة، كنا نمشي فوق هذا المخزن ولا نعلم ما يخفيه العالم السفلي من أوبئة وأمراض، وفيروسات وحشرات، حتى رفع الغطاء بفعل جبار من أمريكا المجرمة، فخرجت وأحالت العراق إلى منطقة موبوءة ومنكوبة.

وحتى يأتي من يعود بالغطاء إلى مكانه، ستبقى ديمقراطية العراق تنشر قذارتها لتلوث تاريخ العراق العظيم.

يطيح : يسقط
حظج : حظك
جان : كان
القبغ : الغطاء
ساترنه : ساترنا ( من الستر )







الجمعة ٤ جمادي الثانية ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / نيســان / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الوليــد خالــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.