شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ غزو العراق واحتلاله والفلوجة تواجه بصدور أبنائها عدوان المحتلين ، بدءاً بالامريكان في مواجهة صمودها ، فما استطاعوا إن ينالوا منها قيد شعرة في المواجهات البطولية ، وقد مارسوا البطولة واستطعموا الشهادة لدحر القوات الامريكية الغازية ، وفي ومواجهة مرتزقة الامريكان ، ما كان لهؤلاء المرتزقة إلا أن انتكصوا وجروا أذيال الخيبة في معارك طاحنة قادها أبطال العراق من أبناء جيشهم الباسل الذي أمر بريمر بحله .

الفلوجة باتت عنوان تحد لمرتزقة الحاكمين في المنطقة الخضراء من بغداد ، وعزّ على هؤلاء العملاء أن لا تخضع الفلوجة لخياناتهم وعمالتهم ، فكانوا يضمرون الحقد عليها وعلى أبنائها الذين مثلوا وجه العراق البهي الناصع ، الذي يأبى أن يستكين لمحتل وغاصب لتراب وطنه ، لهذا كانت مؤامراتهم عليها لم تنقطع ، وكما نضالات أهل الفلوجة قد تواصلت منذ الغزو والاحتلال .

في ملعوب داعش التي جاءت لتشويه وجه العراق والعراقيين تحت يافطة الدين ، فلم يكن أهل الفلوجة لا من المناصرين ولا المؤيدين ، لأنهم يعرفون تماماً البوصلة التي توجه مواقفهم ومبادأهم ونضالاتهم ، فليس صحيحاً أن يكون وجود داعش بفعل تأييد أو مناصرة من الفلوجة وأهلها، وإنما كانت داعش تفرض سيطرتها بالارهاب الذي تصنعه في كل الاراضي التي حلت بها ، وكان جديراً بالحكومة أن تمد يد العون والمساعدة لتحرير الفلوجة من هيمنة داعش ، ولكن حكومة بغداد كانت تتشفى بما يصيب الفلوجة ، وقد تخلت عن الفلوجة في أحلك الظروف التي سيطرت فيها داعش على منطقة الأنبار عموماً.

عندما وصلت المقاومة العراقية الباسلة أسوار بغداد بدأ صراخ العميل المالكي بالخلاص من الارهاب ، ارهاب داعش مستنجداً بالامريكان ، بعد أن اجتاحت داعش كل المحافظات الشمالية من العراق ، وسقط جيش العملاء هارباً من المواجهة ، وتاركاً أطناناً من السلاح لتكون في ايدي داعش ، فما كان من أمريكا المأزومة والمهزومة أمام المقاومة العراقية الباسلة إلا أن لبت نداء المالكي ، وشكلت التحالف الدولي للقضاء على داعش ، ولكنها لم تقدم شيئاً على الارض في مواجهة ممارسات داعش الارهابية ، وهاهي تقوم بقصف الفلوجة تحت ذريعة مواجهة داعش وبتحالف مع مرتزقة الحشد الشعبي ، وجيش سلطة المنطقة الخضراء حتى باتت الفلوجة محاصرة من السماء والارض ، يعيش أهلها على الفتات ، يجترون غذاءهم ودواءهم، ويضمدون جراحهم ، ويجهدون على حماية أبنائهم في أسوأ حصار عرفه التاريخ ، وبأقذر تحالف اجرامي عرفته الإنسانية .

الفلوجة تتعرض لأبشع جريمة إنسانية ، أبطالها الامريكان وجيش العملاء والحشد الشعبي من المرتزقة في التنظيمات الطائفية ، الذين يمارسون الحقد الطائفي كما ممارسة داعش الطائفية ، وكل هؤلاء في مواجهة مواطنين لا يملكون من الحياة إلا ما اختزنته نفوسهم الأبية ، وبطولاتهم التي تميزوا بها ، رغم كل ما يواجهون فهم يأبون أن يستسلموا لهذا الرهط المجرم ، الذي بات بعيداً كل البعد عن الإنتماء للإنسانية ، فهم حثالة ما خلقت البشرية .

الفلوجة تستصرخ الضمير الإنساني ، ومابقي من ذرة حياء لدى أبناء الأمة في نصرتها ، والوقوف إلى جانبها لدحر العدوان الغاشم الذي بات يهدف قتل الحياة على أرض الفلوجة ، بدون حياء ولا خجل ، تحت يافطة محاربة الارهاب وهم من يمارس الارهاب بعينه ، فماذا بقي للارهاب أمام ممارسة القتل والتجويع والحصار لأطفال ونساء وشيوخ أبناء الفلوجة ، وهل هؤلاء في حقيقة أمرهم يبحثون عن ارهاب داعش ، وهم الذين يمارسون الارهاب الأسوأ مما تمارسه داعش ، وبماذا يختلف كل هؤلاء عن بعضهم البعض ؟ ، فالكل سواسية يهدفون قتل ما في الحياة الإنسانية من كل ما تختزنه هذه الحياة من قيم الخير والجمال .

الفلوجة عنوان تحد وعنوان صمود وثبات ، وهي عنوان شجاعة في وجه العملاء والخونة والمرتزقة ، وهي ستكون في مقدمة كل العراقيين الذين واجهوا الغزو والاحتلال والعملاء بصدورهم ، وهي على موعد مع النصر ، لأن النصر حليف كل المناضلين الذين يذودون عن وطنهم وتاريخ أمتهم ، وليس هناك أسمى وأرقى من أن يكون الإنسان عصياً على الذل والخنوع ، دفاعاً عن وطنه ومستقبل شعبه ، ومن أجل حياة حرة كريمة لأبناء شعبه .

حيا الله صمود الفلوجة ، ونصر الله أبناءها الغر الميامين ، الذين يواجهون كل هذا الرهط من الحاقدين على كل ما هو خير وجميل في حياة الأمة والإنسانية جمعاء.

dr_fraijat45@yahoo.com





الاحد ٢٥ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / نيســان / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.