شبكة ذي قار
عـاجـل










بعيدا عن التهريج الإعلامي والصخب الذي غطى الأجواء مصاحبا للعقوبات الاقتصادية التي أعادت الولايات المتحدة الأمريكية فرضها على إيران نحن نرى:

* أولا: إن العقوبات قد تحقق لأمريكا مكاسب مادية هي بالذات ما يسعى لها ترامب إذ قد تذعن إيران بقدر أو بآخر للعاصفة وستنفتح السوق الإيرانية قريبا للشركات الأمريكية وستدفع إيران الأتاوات لترامب من خزائن العراق وضرع وزرع سوريا ولبنان.

* ثانيا: لن تتزحزح إيران قيد أنملة عن منهجها العدواني التوسعي على العرب في كل الأقطار التي زرعت لها فيها أذرعة ميليشياوية تحت غطاء عقيدة الولي الفقيه.

فأهداف الولايات المتحدة المعلنة بأرجحيات واضحة هي إنهاء الحيف الذي يظن الجمهوريون الأمريكان بأنه قد لحق بأمريكا في الاتفاق الذي أبرمه الديمقراطي أوباما. والحيف بالأساس اقتصادي يقع ضمن منهجية الجمهوريين ومتقدمهم ترامب وهو ناتج عن القناعة بأن إيران قد حققت المكاسب التي وعدتها بها أمريكا قبل وبعد غزو العراق دون أن تسدد الثمن. فترامب يرى إن أمريكا قد مكنت إيران على ما هي عاجزة عن تحقيقه في السيطرة على العراق ومنه انطلاقا إلى حيث وصل سيل لعابها في أرض العرب.

سياسة ترامب الاقتصادية في المنطقة ذات بعدين هما بعد تقديم الحماية وجباية ثمنها والسعودية والخليج عينتها الصارخة، والبعد الثاني هو بعد التمكين بما يحقق أهدافا مباشرة لإيران وهو بعد يستحق من وجهة نظر سوقية أعظم مما يستحقه بعد الحماية. وأمريكا تحقق عبر بعد التمكين أهدافا غير منظورة وغير مباشرة منها تحقيق التوافق والتجانس العقائدي بين عقيدة الولي الفقيه وبين العقيدة الصهيونية.

وفي اللحظة التي ستتدحرج فيها إيران في مسلك الدفع لأمريكا سواء بالإذعان الفوري أو عبر الدخول في مفاوضات لصياغة اتفاق نووي جديد يجنب إيران تهديدات محتملة يفرضها الخوف والقلق الطبيعي للشريك ( الصهيوني ) ستتعدل لغة ترامب وحاشيته وسيبقى هادي العامري ونوري المالكي وجميع جنود ومرتزقة إيران في العراق وأقرانهم في البلاد العربية الأخرى شركاء استراتيجيين لأمريكا في السراء والضراء.

نحن لا نرجم بالغيب، بل لدينا قرائن ووقائع تثبت صحة ما نذهب إليه أولها نلتقطه من فم ترامب وبلسانه ومن الصياغة العامة لعبارات القرارات والتصريحات الأمريكية التي تنطلق أولا من مصلحة أمريكية صرفة تتداخل معها طبعا مصلحة الكيان الصهيوني وتم التعبير عنها ب( تغيير السلوك وليس تغيير النظام )، وتغيير السلوك عبارة حمالة وجوه غير أن تغيير النظام له معنى واحد لا غير.

السلوك الإيراني يمكن أن يتغيير لصالح الأهداف الأمريكية ومنه إعطاء أرجحية للشركات الأمريكية في تسيير الاقتصاد الإيراني وفي دفع عدة مليارات ثمنا لدخول إيران في العراق وتعاظم دورها الإقليمي، وعملية التسديد ستفضي تلقائيا إلى مزيد من الرقاد الإيراني على سرير أمريكا غير أنها ستفضي أيضا إلى تقديم المزيد من الضحايا العرب لإيران.

يدرك الأمريكان والعالم كله أن عقيدة ومشروع الولي الفقيه ( الأممي العابر للحدود الإيرانية ) هو مشروع لا يتوقف إلا في حالة واحدة هي إسقاط النظام في إيران، وبما أن أمريكا لا تنوي إسقاط النظام فإنها ستتركه معلقا بين الحياة والموت حتى يحقق أهدافها لتعيده إلى الحياة مجددا وقد يكون السيناريو مشابها لما حل بسوريا من تهديد لإزالة النظام رافقه خراب لسوريا وعودة إلى إبقاء النظام بعد أن فقد أي قدرة على المناورة خارج الإرادة الأمريكية الصهيونية حتى وإن كانت لفظية لا قيمة لها.

موضوع ( الخراب ) ليس موضوعا عابرا بل هو جزء من صميم المخطط الاقتصادي لأمريكا. فقتل الشعوب المصاحب لخراب البنى التحتية والفوقية لا يعني ترامب بل يعنيه الإعمار اللاحق الذي سيشغل مزيدا من الشركات الأمريكية وينتج مزيدا من فرص العمل وتخفيض الدين العام الأمريكي.

 

أحرار العراق والأمة العربية يدركون معاني ودلالات تغيير السلوك مع بقاء النظام. والإدراك المتصاعد هذا هو ما يعول عليه لترتيب الرد العربي في العراق وحيثما وجدت روح عربية مقاومة.

لا نحسب حسابات خاطئة ولا قاصرة: مادامت أمريكا تسعى فقط لتحسين وارداتها من الاتفاق النووي فإن إيران ستظل تعتدي علينا ولا خلاص لنا إلا بالكفاح المسلح ضد أمريكا وإيران حتى تتحرر بلادنا وتعود مستقلة عربية حرة كريمة.





السبت ٢٩ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / أب / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.