شبكة ذي قار
عـاجـل










فجع العراق من شماله إلى جنوبه ومعهم أبناء الامة العربية بالكارثة المروّعة التي حدثت في مدينة الموصل الحدباء، حيث أسفر حادث غرق العبارة في جزيرة أم الربيعين السياحية عن استشهاد أكثر من 120 شخصاً، وفقدان العشرات، بعد ان تم تحميلها فوق طاقتها المقررة.

لقد كشفت نكبة العبارة المروعة، التي هي واحدة من املاك الفاسدين والمتنفذين من مافيات العصابة المتحكّمة بالعراق وذيولها وأذرعها، عن جشع وفساد الميليشيات الطائفية التي تستولي على كل مناحي الحياة الاقتصادية، فضلاً عن الادارية والأمنية والخدمية، في هذه المحافظة.

إن كل ما يجري في الموصل، يؤكد الرغبة الخبيثة لدى العصابات المتنفذة والميليشيات الارهابية الطائفية في الانتقام من هذه المدينة العربية العريقة الاصيلة، التي لم تتعافَ بعد جراء استخدام كل وسائل الدمار الشامل ضدها، حيث ما تزال جثث أبنائها تحت الأنقاض في الأحياء القديمة التي تم تدميرها بحجة التخلص من تنظيم "داعش" الارهابي، وتحطمت فيها كل معالم التاريخ الديني والحضاري وتم تهجير أهلها في عملية ممنهجة مروّعة مقصودة، حيث حوَّلها الاحتلال الأميركي والإيراني المشترك وعملائه إلى مدينة اشباح تخلو من كل مظاهر الحضارة والتمدن التي عهدناه فيها، تلك المعالم التي تزاوج فيها الإرث القديم والمنجزات الحديثة فوقفت الآثار الاشورية شامخة فيها تشهد على دور حضارة وادي الرافدين في ترسيخ الحضارة الانسانية قبل الاف السنين، مروراً بمراحل الحضارات الاخرى المتعاقبة، والثراء الروحي والديني المتجسّد في مراقد الانبياء والصالحين فيها والتي تلاقحت مع الصروح الحضارية المعاصرة التي تقف جامعة الموصل العريقة في مقدمتها لتتوج التقدم العلمي والتقني الذي تزخر به المدينة بمصانعها ومعاهدها ومؤسساتها البحثية والصناعية، اضافة إلى البنى التحتية الرائدة من سدود وجسور ومعالم سياحية كانت تزهو في غاباتها الجميلة وسهولها الخضراء.

على إن اهم ما يميّزالموصل، وعموم محافظة نينوى، كان ذلك النسيج الاجتماعي الجميل الذي عرفناه عنها فكانت من خلاله الرائدة لكل العراق والامة العربية في التعايش السلمي بين مختلف الأطياف العرقية والطوائف الدينية.

كما إنها المدينة التي وقف أبناؤها بشموخ دفاعاً عن كل قضايا الامة العربية وتحدياتها في العراق وفي الوطن العربي ابتداءً من فلسطين ومروراً بثورة الجزائر وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر والدفاع عن البوابة الشرقية للامة العربية ضد المد الفارسي الصفوي، وأخيرا مقاومة أبنائها الغيارى الشرسة للاحتلال الغاشم للعراق.

لقد عوقبت الموصل، طيلة السنوات الست عشرة الماضية، لتاريخها المجيد وبطولات أبنائها الفذة، وهي تعاقب اليوم لأنها عربية اصيلة، وها هي اليوم تتعرض للانتقام الاجرامي بمسؤوليها الفاسدين وبالميليشيات الدموية التي تهيمن عليها، كما تعاقب البصرة الفيحاء حيث انتشرت الامراض السرطانية ونقص المناعة المكتسب ، وتفشى فيها الادمان على المخدرات والمسكرات، وانعدام الماء الصالح للشرب وانقطاع التيار الكهربائي، إضافة الى تدمير البنية التحتية بكل اشكالها وتوقف الصناعة والزراعة وانعدام اي مظهر من مظاهر التقدم والتمدن فيها.

ان موقف الغضب المشرف الذي وقفه ابناء الموصل الشرفاء لدى استقبالهم لمحافظها الفاسد، ينبغي ان لا يكون ردّة فعل وقتية على هذه الفاجعة، وأملنا كبير في شباب العراق واهله الكرام الذين لم يسكتوا على ضيم بأن ينتفضوا للدفاع عن حقهم في الحياة الحرة الكريمة سواء في الموصل، أو في كل مدنه المنكوبة من شماله إلى جنوبه، دفاعا يبدأ بالثورة على الفساد القاتل والفاسدين وعلى المليشيات الاجرامية التي تشكل احد ابرز ادوات الاحتلال الإيراني للعراق.

عاش العراق الصامد الابي
وعاشت الامة العربية المجيدة في دفاعها عن حقها في الحياة الحرة الكريمة
والرحمة للشهداء من ضحايا الموصل المنكوبة، وضحايا العراق المبتلى بهذه الطغمة الفاسدة المجرمة

مكتب الثقافة والاعلام القومي
٢٣ / أذار / ٢٠١٩





الاحد ١٨ رجــب ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / أذار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والاعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.