شبكة ذي قار
عـاجـل










في الذكرى 75 لمولد البعث الخالد  حوار  بين البعث وحزب البعث  من خلال بدايات التأسيس  - الحلقة الثالثة

 

زامل عبد

 

مما تقدم الواضح أن اتجاه المؤسس رحمه الله ان بناء حركة أو حزب هو من اجل وضع مشروع البعث النهضوي موضع التطبيق والتحقيق وتحويله من مجرد أفكار وشعارات عامة إلى واقع في حياة الشعب العربي  بدافع التحقيق وتجاوز الوسيلة نحو الغاية  - الإرادة وعبء النهضة  -   فكتب الاتي  {{  إن التحقيق هو أقوى شيء في حياة الإنسان ، وأن تحقيق عمل بسيط هو أقوى من اكبر فكرة تبقى في مجال الذهن والوهم ،  لذلك علينا أن ننطلق متحررين من عبودية الكلام واللفظ وكل ما هو خيالي ، باهت ، عقيم  وأن ننشد حياتنا في العمل الخلاق ، فالأفضل لنا أن نتنازل عن شيء من كمال الصورة الأولى لفكرتنا شريطة أن تدخل في العمل وتتجسد ، وتتحقق من أن تكون لنا فكرة كاملة وأن تبقى على الورق  }} وذلك لأنه كان يدرك أن الحياة الجدية (( ليست احتيالا وأنه لا يبقى من التاريخ إلا الصحيح وهو ما يستحق البقاء ، وهذا لا يحتمل الاحتيال والخدعة ، ولأن الأمم لا تستقل ولا تتربى ولا يرهف حسها ، ولا تعلو روحها وتتعمق ويتفجر فيها ينبوع العمل والبناء والخير والفداء إلا إذا عانت بنفسها وعلى حسابها ودفعت ثمنا مساويا لما تطلبه من الحياة  ))  ،  وكتب أيضا" (( كما أن الوحدة ليست عملا آلياً يتم من نفسها نتيجة الظروف والتطور ،  فالظروف قد لا تخدمها والتطور قد يسير معاكسا لها نحو تبلور كاذب للتجزئة فهي بهذا المعنى فاعلية وخلق ومغالبة للتيار وسباق مع الزمن أي أنها تفكير انقلابي وعمل نضالي )) وبدافع التحقيق والتجسيد للفكرة دخل البعث في مشروع وحدة 1958 مع مصر كبعث ولم يتصرف كحزب لأن الشروط التي فرضت على الحزب من عبد الناصر كانت كفيلة بضياع فرصة الوحدة لو تمسك القائد المؤسس بحزبيته على حساب بعثيته ، لذلك يرد القائد المؤسس على الذين عدوا قبول الحزب بحل نفسه للدخول في الوحدة مع مصر كشرط من عبد الناصر بأنه كان خطأ بالقول ((  إن مبرر الخطأ الذي وقع فيه الحزب عندما قبل بحل تنظيمه في سورية هو هذا الحرص على الوحدة العربية ، وعلى أن تصبح في ذهن كل عربي وفي ضمير كل عربي وأن تصبح حقيقة واقعة وأن تصبح شيئا قابلا للتحقيق لذلك فإن كل الأخطاء والانحرافات والمآسي التي نتجت عن الوحدة لا تعادل جزءا صغيرا من الكسب الكبير الذي نتج عن تحقيق الوحدة  ))   ، وكان قيام ثورة 17 – 30 تموز 1968  فرصة كبيرة للحزب لوضع مشروعه النهضوي موضع التطبيق وبناء نموذج مجسد لهذا المشروع يتجاوز الأخطاء ، ويستفيد من الدروس السابقة التي مر بها الحزب والأمة العربية  ،  ومما زاد من فرصة هذه التجربة على التحقيق والاقتراب من مشروع البعث ، هو بروز القائد  الشهيد الحي المجدد صدام حسين رجمه الله وصياغته نظرية العمل البعثية وتكامله الفريد مع القائد المؤسس في هذا الاتجاه ،  لهذا عبر  الرحوم القائد المؤسس عن طموحه وثقته بهذه التجربة ودور الحزب فيها للاقتراب من البعث – المشروع النهضوي -  فكتب في عام 1974  {{  لم يعد الحزب بعيدا عن الجماهير ..  بل أصبح قريبا جدا ، ونرجو أن يأتي اليوم الذي يزول فيه الفرق بين الجماهير وبين الحزب .. فتشعر الجماهير أنها هي البعث العربي ، هي الأمة العربية في حالة البعث والنهضة  }} وبعد أن تبلورت تجربة الحزب في العراق ، وتحولت الى قاعدة محررة للثورة العربية ونموذج نهضوي يجسد مشروعها ، وبعد أن تكامل الوضوح الفكري والنظري للبعث ورؤيته للمستقبل ، وبشكل خاص بعد أن أوضح المرحوم القائد المؤسس بجلاء خصوصية نظرة البعث للعروبة والإسلام ،  والنظرة العلمية الحضارية للتراث العربي ومع نضج الطرف الذاتية والموضوعية في الواقع العربي شرع القائد المؤسس في طرح المشروع النهضوي العربي الحضاري على مستوى ( البعث ) وذلك من خلال حوار العمل المستقبلي مع قوى الأمة الحية  بأحزابها وتياراتها وقواها المختلفة لذلك كتب يقول {{  وبعد أن ثبتنا حقنا في حرية اختيار الطريق الى الثورة ، وفي حرية فهم ماضينا وتراثنا لم نعد نعتبر أن ثمة مشكلة تقوم بيننا وبين الذين يلتقون معنا في الأهداف كلها أو بعضها ويختلفون عنا في طريق الوصول الى تلك الأهداف إذا كانوا يحترمون حرية اختيارنا وخصوصية طريقنا  }} وبهذا افتتح المرحوم القائد المؤسس مرحلة جديدة من النضال القومي يتجاوز فيه النظرة الحزبية الضيقة إلى مستوى البعث كمشروع لكل الأمة لأنه كان علي يقين بأن الوحدة الحقيقية هي التي تولد من التنوع ومن التعدد ومن الرأي الحر ومن الجواب الجدي هذه الوحدة الراسخة ، هي الوحدة الحية التي يكتب لها البقاء والثورة العربية ليس أمامها إلا هذا الطريق  - كما يقول - بعد أن رسخت هويتها واستقلاليتها واكتشفت طريقها الخاص بين ثورات العصر  لذلك لم يعد من خوف عليها أن تنفتح وتتحاور وتغتني بالرأي المخالف وبالإرادات الحرة هذا هو مستقبلنا الآن  هذه هي المرحلة الجديدة فنحن نرى أن من الطبيعي في أوضاع التجزئة الراهنة أن تتعدد التجارب الثورية في المجتمع العربي وتتنوع ، ننظر اليها كأنها تجربة واحدة متعددة الجوانب متكاملة الأجزاء ، وأنها مكملة لتجربة الحزب ، لا منافسة له ، ومن واجبها أن تتكامل وتتفاعل في سبيل تعزيز وحدة النضال ونضال الوحدة

 

يتبع بالحلقة الاخيرة






الاثنين ٩ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.