شبكة ذي قار
عـاجـل










التحالف الفارسي الصفوي الصهيوني ضد العروبة والإسلام عبر التاريخ-الحلقة الثانية

زامل عبد

 

المصادر التاريخية ذكرت  أيضاً أن أحد عملاء كورش من اليهود قد خدع البابليين حين أدعى بأنه هرب  من  البطش الذي أنزله به كورش عندما عارض فكرته في غزو بابل ، وتمادى في خدع  البابليين حين استبسل في القضاء على الوحدات الفارسية الأولى التي دفع بها كورش لمحاصرة بابل ، فنال بذلك ثقة البابليين فأوكلوا إليه أمر الدفاع عن العاصمة بابل  وإذ  ذاك أقدم على تنفيذ مؤامرته الدنيئة بأن فتح أبواب أسوار بابل أمام القوات الفارسية  في الوقت الذي كان فيه أهل بابل يحتفلون بعيد السنة الجديدة  ،  وعلى أثر ذلك أقدم  كورش على مكافأة اليهود ، بأن سمح لكل راغب منهم بالعودة إلى فلسطين ، وأعاد إليهم  كنوز الهيكل في أورشليم التي نقلها نبوخذ نصر ملك بابل ، كما أمر كورش أيضاً بأن  يعاد بناء الهيكل وأسوار أورشليم على حساب العاهل الاخميني  ،  كما تزوج كورش من أخت زوربا بيل الذي تزعم اليهود العائدين من السبي في العراق إلى فلسطين ، ولقد ذكر ابن العبري في كتابه  -   مختصر تاريخ الدول -  (( أن كورش عندما دخل بأخت زوربابيل ارتفعت في عينيه فقال لها أطلبي ما شئت فطلبت منه ن يسمح بعودة الأسرى اليهود إلى أورشليم وأن يأذن لهم بعمارتها )) وقد عين زوربا بيل أول حاكم على أورشليم من قبل الدولة الأخمينية وشرع ببناء الهيكل ، وإذ ذاك انبرت لمقاومته الأقوام التي كانت تسكن  فلسطين في ذلك الوقت  ، وأجبرت الملك الاخميني سميرد الذي كان يحكم في سنة 523 قبل  الميلاد إلى إصدار الأوامر بإيقاف أعمال البناء  ، ولكن ما لبث دارا الأول ( 521 - 489 ق. م  ) أن ألغى ذلك الأمر فأباح لليهود الاستمرار في إعادة بناء الهيكل والسور، كما سمح ارتخشتا ( ارد شير ) ( 465 - 489 ) قبل الميلاد لعدد جديد من  المسبيين اليهود بالعودة إلى فلسطين ولقد أصبح اليهود في عيش رخي لأن خلفاء كورش أطلقوا لهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية ،  كما منحوهم حكما ذاتيا لإدارة شؤونهم وولوهم المناصب الرفيعة حتى في البلاط  الاخميني في العاصمة سوسة وتتحدث التوراة عن  اليهودية ( استير ) التي حرضت الملك الاخميني على الفتك بوزيره الأول ومعتمده هامان  ،  كانت استير هذه متزوجة من ابن عمها موردخاي وحين عزم هامان الوزير الأول في البلاط الاخميني لتنفيذ مذبحة جماعية ضد اليهود دفع موردخاي بزوجته استر إلى أن تتودد إلى الملك احش ويرش ( 486 - 465 ق. م. ) وأن تغريه بأن يتزوجها بدلا من زوجته الملكة ( رشتي ) وقد نجحت في ذلك فتزوجها الملك واشترطت عليه أن يفتك  بوزيره هامان ففعل ذلك وقتله شر قتلة وما يزال اليهود حتى اليوم يحتفلون بذكرى مقتل عدوهم اللدود هامان وذلك في اليومين الرابع عشر والخامس عشر من شهر آذار كل سنة ، وقرب ملوك الاخمينين  إليهم الكتبة من اليهود ووثقوا بهم ومن هؤلاء الكتبة ابن سرايا الذي يعرف في  التوراة باسم ( النبي عزرا ) أو ( اليعازر) وكان هذا موظفا في بلاط ارتخشتا الأول ومستشارا له ، واستطاع أن يحظى بموافقة الملك في العودة إلى فلسطين ومعه زهاء ألفين من اليهود الساكنين في العراق وقد زوده الملك برسائل توصية إلى عماله في فلسطين  ليساعدوا عزرا على ما ينوي القيام به ويقال أن القبر الموجود الآن في ناحية العزير شمالي القرنة هو قبر عزرا نفسه حيث توفي ودفن هناك بعد أن عاد إلى  العراق لتنظيم الهجرات اليهودية إلى فلسطين أما النبي اليهودي الآخر المعاصر لـ عزرا  فهو  نحميا  وكان يعمل ساقيا في بلاط  ارتخنشا الأول ، ولذلك  نال لديه منزلة رفيعة ، ورجاه بأن يسمح له بالعودة إلى أورشليم لبناء أسوارها من  جديد ، فأذن له الملك بذلك  وحمله رسائل توصية إلى عمال الفرس هناك ، وعينه حاكما على  ((  اليهودية  )) أي الضفة الغربية لنهر ألأردن وذلك في سنة 445 ق. م  ، ويذكر المؤرخون أنه في عهد الملك الفارسي أرتا خرسيس الثاني (424- 358 ق. م.) قام العرب في فلسطين  بقيادة ملكهم  جشم  بحركة مقاومة منظمة لحركات الاستيطان اليهودي في فلسطين التي  قادها كل من عزرا ونحيا بتشجيع من الفرس وتخطيط من لدنهم  ، نعود إلى تأريخ الأسرة الساسانية ( 226  - 637 م ) التي قضى عليها العرب المسلمون ، فنجد أن الفرس قد أولوا اليهود سواء في فارس أم في العراق الذي استولوا عليه ، اهتماما خاصا فقد وطد اليهود علاقاتهم مع سابور الثاني ( 310 - 379 )  ، الذي عرف باسم ذو الأكتاف لبطشه  بالمناضلين العرب وخلع أكتافهم ، وعاونوه في قتاله ضد العرب الذين كانوا في ذلك  الوقت يسيطرون ليس على إقليم الأحواز العربي الحالي فحسب بل وحتى على السواحل الشرقية من الخليج العربي بالإضافة إلى مناطق عميقة داخل بلاد فارس ذاتها فكان  اليهود يقدمون الهدايا الثمينة إلى البلاط الفارسي ،  وينالون مقابل ذلك الرعاية  والحماية من الحكام الفرس ، إلى درجة أن مجموعة كبيرة من البيوتات التجارية اليهودية قد وفدت من فلسطين إلى العراق لممارسة أعمالها فيه في عهد الحكم الساساني  ، ولم ينقطع التحالف الفارسي اليهودي حتى بعد أن ظهر الإسلام وانتشر في بلاد فارس وأقبلت أكثرية الفرس على اعتناقه فلقد راح اليهود يتعاونون مع الفرس في الدس على الحكم الإسلامي وعلى  الشريعة الإسلامية ذاتها  ،  بما كانوا يبتدعونه من مختلف البدع المضللة ، ابتداء من  حركة ((  عبد الله بن سبأ ))  وانتهاء بالبهائية وغيرها من الحركات الأخرى التي نشأة في بلاد فارس وكانت كلها تستهدف العروبة والإسلام

 

يتبع بالحلقة الثالثة

 






الاربعاء ٢٠ شــوال ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيــار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة
مكتب الثقافة والإعلام القومي - لقاءُ القُوى الوَطَنيّة والقَوميّة التَقدُّميّة الديمُقراطِيّة ضَرورة حَتميّة للخَلاص مِن حالَةِ الضَعفِ العَرَبي د. عامر الدليمي في ظل الاستهداف المنقطع النظير الذي تتعرض له أمتنا العربية في أغلب أقطارها، وفي ظل غياب أية حدود أو سقف للبشاعة التي يتم فيها تنفيذ حلقات المؤامرة، وليس آخرها محرقة رفح، والمجزرة البشعة التي يتعرض لها شعبنا العربي في فلسطين، والتي وصلت إلى إحراق الخيام بقاطنيها حيث تم استهداف النازحين قسرًا شمال غرب رفح. تلك المجزرة التي خلّفت عشرات الشهداء الذين تحولت أجسادهم إلى أشلاء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، مع استهداف الاحتلال الصهيوني للمنظومة الصحية وإخراجها من الخدمة، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع العاجز عن كبح جماح جرائم العدو الصهيوني. في ظل هذا الواقع المأساوي، وعجز الأنظمة العربية عن وقف عجلة التدهور وبشاعته، يصبح من أعلى الأولويات والواجبات الحتمية، أن تلتقط القوى السياسية الوطنية والقومية زمام المبادرة، نحو بلورة مشروع يرقى إلى مستوى التحديات الوجودية الجسيمة التي تستهدف الأمة في وجودها. ويتقدم تلك الأولويات فهم الواقع الذي تمرُ به الأمة العربية في هذه الظروف وتحليلها بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الوطنية والقومية والوقوف بواقعية وموضوعية على أسباب الانكسارات والتراجعات والاستسلام للقوى المعادية، حيث يتقدم تلك الأسباب الانقسام والتشظي العربي بسبب تناقضات ثانوية تاركين التحديات الأساسية والمصيرية تحرق الأمة وتنهي هويتها ووجودها. وفي مقدمة متطلبات تحقيق ذلك، والذي يعد من الضرورة القومية الحاسمة أن تكون هناك نظرة وفعل حقيقي جاد لتجديد الخطاب القومي العربي وتحديث مشروعه النهضوي التحرري التقدمي. ومن هنا فإن لقاء القوى السياسية المخلصة للوطن والأمة العربية، والعمل ضمن قواعد عمل مشتركة للتوصل إلى مشروع يمكِّن الأمة من مواجهة التحديات الوجودية الجسيمة التي تتعرض لها، ويعيد لها كرامتها، ويؤكد بأنها أمة جديرة بالحياة، من خلال إيجاد تفاهمات سياسية على قاعدة جماهيرية تكون أساساً لقوتها، وتستطيع من خلال ذلك وغيره التخلص من الضعف والتخلف والتقهقر الذي أصابها. إن ذلك من شأنه أن يرسم الخطوات الأولى التي تخطوها القوى الوطنية والقومية لقيادة الأمة نحو مرحلة جديدة لتكون أمة مجاهدة تسعى نحو التثوير والتنوير والتغيير والتقدم بكل جوانبه. كما وتشكِّل أساساً لإطلاق الحريات الفكرية والسياسية التي تعد الدعامة الرئيسية لمجتمع حضاري جديد، وتحقيق نهضة عروبية تقدمية ديمقراطية في الساحة السياسية كما في الساحة الفكرية. إن كل ذلك يقتضي تجاوز الحالات التي تعرضت لها من مناكفات وخصومات بينية أوصلتها إلى الاحتراب الفعلي فأضعفت نفسها، وجعلت القوى المعادية تتحكم بمصيرها. وليس أدل على ذلك ما وصلت إليه بعض الأنظمة العربية في الاستسلام والضعف أمام العدو الصهيوني، وتمدد استعماري للمشروع الفارسي في أقطار أمتنا العربية بدءاً من المشرق واندفاعاً نحو أقطارها في شمال افريقيا. إن الضرورة الوجودية والحتمية في تاريخنا الحالي تقتضي عودة التيار القومي العربي التحرري والمنظمات القومية لممارسة دورها الفعلي في الساحة العربية بقوة وثقة عالية، متحصِّنة بالإيمان المطلق بقدرها، وبمسؤوليتها التاريخية في قيادة الأمة لتحقيق أمل الجماهير في خلاصها من الاستعباد والاستبداد والهزيمة والتشظّي. ومن أولويات هذه المهمة النضالية الكبيرة هي أن ينهض المثقفون والمفكرون والكتاب العرب الذين يؤمنون برسالة الأمة كرسالة إنسانية خالدة لممارسة دورهم الريادي في بلورة الطموحات المأمولة، وتحديد معالم الطريق العملية والواقعية لتحقيقها، بعيداً عن الإنشاء أو العواطف أو التنظير العقيم. على أن مثل هذا التفاعل وتلاقح الأفكار يتطلب من الجميع العمل من أجل هذا المشروع بروح ديمقراطية متجددة، كشرط أساسي لنجاحه كي يعيد للأمة العربية مجدها وكرامتها وحقها في الحياة.