شبكة ذي قار
عـاجـل










تناولنا في الجزء السابق مخالفة خميني المتمثل بمنهجه السياسي ونظريته ولاية الفقيه للفقه الاسلامي كما ورد في سيرة سيدنا الامام علي عليه السلام وهو الذي قال فيه الصحابة جميعا افقهنا او احكمنا علي، ونبحث في هذا الجزء مخالفة اجتهاد وفقه رجال ولاية الفقيه لفقه الامامين الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة عليهما السلام في مسالة الحكم والسلطة:

 

2. مخالفة خميني لفقة الامام الحسن بن علي عليهما السلام.

 

بعد مقتل سيدنا علي عليه السلام، اجتمع رأي المسلمين في الامصار التي كانت تابعة للخليفة علي عليه السلام ان يبايعوا للامام الحسن عليه السلام، وتم ذلك وانتظر سيدنا الحسن حتى اكمل استعداد الجيش وبدأ معاوية الحرب، فسير جيشه الى اعالي الفرات وحصل ما حصل وفق ما وردنا في التاريخ عن المؤرخين ونحن لسنا بصدد البحث التاريخي ولكن اريد ان اعرج الى فقه الامام السبط الذي قال فيه وفي اخيه الحسين عليهما السلام رسول الهدى البشير النذير (الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة) اي انهما مبشران من الله ورسوله بالجنة، وهذا اكبر دليل على صلاحهما وتقاهما وايمانهما، وهما المطهران بنص القرآن (انما يريد الله ان يذهب عنكم الرجس ال البيت ويطهركم تطهيرا)، وهما اللذان ولدا ونشئا وتربيا في حجر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثم في بيئة الإيمان بين علي وفاطمة الزهراء عليهم السلام اجمعين، فهما اصلح التابعين واكثرهما علما وتقوى وورعا، كلنا المسلمين بكل مذاهبنا وازماننا نقول وبقناعة ان سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وارضاهما اعلم الصحابة بتفسير وتاويل القرآن ونزوله بما فينا السابقين السابقين وكان الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وارضاهم يرجعوا اليه في التفسير، لان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم دعا الله ان يفقه في الدين، وعندما سأله معاوية يوما اين علمك من علم ابن عمك علي، اجابه كقطرة في البحر، فكيف بال بيت النبوة اللذين قال فيهم القرآن في اية المباهلة (ادعوا ابنائنا وابنائكم ونسائنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم ولنبتهل لله)، وهل يشك احد منا ان رسول الله كان لا يتعدى حبه لسبطيه الحسن والحسين الا حبه لله سبحانه، فهل يستبعد ان يكون علمهما دعوة جدهما ربه لهما ان يكونا اتم الكؤكنين بفقة الدين والكتاب واحكامه.

 

اتخذ الامام الحسن ذلك القرار العظيم في ابعاده ومضامينه لمن يدركها، وهو إصلاح الأمة وإعادة توحيدها، ذلك القرار الذي لا يتخذه الا زاهدا في الدنيا عارفا لقيمتها ومقدرا لأثر وحدتها على حاضرها ومستقبلها، مدركا بعمق ايماني المعنى والرؤية الربانية للدين لا يستطيع انسان عادي ان يفقهه او يدرك كنهه، قرارا صعبا ولكنه عظيم، قد لا اجد كلمات قادرة على التعبير والوصف تناسب وصفه فاقول انه قرار ايماني عظيم حكيم، يدل على رقي اخلاقي وحكمة منقطعة النظير وزهد لا وصف له وترفع وسمو في النفس لا يدركه الا الأفذاذ، ولذلك اقر بقناعة مطلقة انه احد البشر المعصومين، لم يكن القرار صعبا عليه وهو الحسن بن علي عليهما السلام، ولكنه صعب على من معه وعلى الذين قاتلوا البغاة ما يقرب من خمس سنين، وعلى القبائل التي دفعت صناديدها وشجعانها للشهادة ايمانا وقناعة بان معاوية باغي ولا حق له بخلافة المسلمين او الامرة عليهم، هذا الحكم الفقهي العظيم المستند لاحكام القرآن والسنة من امام بمستوى الحسن بن علي، ماذا يعني وكيف يفهمه المسلمون والمؤمنون وبالاخص رجال الفقه والافتاء؟ انه يعني ان هناك فاصلا  واضحا بين الامام والحاكم، فالامام هو المعني بالدين واحكامه وفقهه وتشريعه، وان هناك جواز ان يحكم من يحكم وعلى الامام او لاحقا رجال الدين والعلماء من الفقهاء ان ينصح ويامر بالمعروف وينهى عن المنكر ويبين الاحكام الصحيحة المستمدة من القرآن والسنة لاكما يؤوله وعاض السلاطين ومفتي الدواوين، هذا الحكم الذي جاء به سيدنا الحسن عليه السلام لابد ان يكون ركنا اساسيا في الحكم الاسلامي، وهو ان تولي الحكم والسلطة لا يشترط ان يكون رهنا بالاعلم دينيا وفقهيا، ولكن ان اقتضت ظروف الامة ان يتولاه من يستطيع ان يؤمن متطلبات وشروط الحاكم في الناس واولها (وان حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل) وان تكون مصلحة الاسلام والمسلمين هي الشرط الاساس للحاكم ومن يريد ان يتوسع فليعود ولكن بتحقيق وقراءة عقلية ايمانية لقراءة شروط الصلح بين سيدنا الحسن عليه السلام ومعاوية، فعلى اي فقه اعتمد خميني باصراره ان يتولى المعممين شؤون الدول الاسلامية كي تكون تلك الدول اسلامية؟ أ ليس فقه خميني مخالفا لفقه الاسلام الذي جسده سيدنا السبط العالم المعصوم الحسن عليه السلام؟

 

3.  مخالفة فقه الامام الحسين بن علي عليهما السلام في الحرب:

 

جاء سيدنا الإمام الحسين عليه السلام وصحبه رضي الله عنهم وارضاهم العراق كما وردنا في التاريخ، ولا اريد هذا الجانب كما اسلفت لكن اريد ان انبه لكسألة اغفلت رغم تواترها وثبوت صحتها، وهي ان سيدنا الحسين بعد ان تاكد ان القوم غير ممهليه ولا خاشين الله في ارغامه على بيعة يزيد بن معاوية وهذا ما يراه المسلمين وهو اعلم من بقي فيهم بالقرآن وشروط وصفات الحاكم المقبول كحد ادني من التقى والعدالة والاسلام، وهو ما لم يجده الصالحين بيزيد لذلك رفضوا بيعته وكان سيدنا الحسين عليه السلام ابرزهم ايمانا وتقوى واشدهم رفضا لتحريف مبدأ الحكم الذي سنه معاوية وهو التوريث دون النظر الى الصلاح والكفاءة والتقى، ايضا لااريد ان احاكم التاريخ او احققه بل اريد ان استنبط الاحكام من احداثه وهي عبر لأولي الالباب، حيث عرض عليه والي الكوفة وقادة جيشه اما البيعة ليزيد عند والي الكوفة او الحرب ولم يتركوا له خيارا بشروطهم، لكن سيدنا الحسين عرض على جيش بن زياد الذي كان يحاصره واصحابه ثلاثة مسائل وهي كالاتي بالترتيب:

 

   ان يتركوه وصحبه ان يتوجهوا لثغرا (اي حد من حدود دولة الاسلام) من ثغور المسلمين فيرابطوا فيه مجاهدين في سبيل الله ويقاتلوا الكفار.

   ان لا يحولوا بينه وبين ان يتوجه للقاء يزيد في دمشق (الشام).

   فان لم يوافقوا فهي الحرب.

 

لكن عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد رفضا عرض سيدنا الحسين عليه السلام كون يزيد بن معاوية قد وعدهما بمكافئات مغرية ان هم استطاعوا حمل الامام الحسين على البيعة او قتله، كونه متأكد ان الامر لن يستقر له بوجود الحسين عليه السلام الامام التقي الطاهر العالم الزاهد السبط الذي يعرفه كل المسلمين.

 

وهذا يعني فقهيا من خلال قراءة ايمانية متبصرة ودقيقة في عمقها انه عليه السلام:

 

   إن جهاد الكفار يسبق منازعة وقتال المسلم مهما كانت درجة إيمانه وجزائها وأجرها عند الله اكبر.

  ان مقابلة الحاكم او الامير او السلطان او الملك ووعضه والقاء الحجة علية ونصحه تتقدم على قتاله.

 

  ان عجز الانسان عند كل ذلك يوجب عليه الجهاد في سبيل الخمسة التي اوجب الله سبحانه القتال دونهن، وهن (الدين والارض والعرض والمال والنفس)، بهذا قاتل الامام الحسين عليه السلام ولاجل الدين والحق والالتزام بالرأي الصحيح بذل نفسه فكان بحق رمز البشرية في التصدي للانحراف.

 

هذا اضافة الى ان علينا ان ننتبه لامر فقهي اخر مهم جدا وهو لم يرد بكل روايات المؤرخين ان صحابة رسول الله وآل بيته بدأوا قوما بقتال قبل ان ينصحوهم ويدعوهم بالحسنى ويخيروهم بين الخير والمعروف وبين الشر والمنكر بعد ان يبينوا لهم كل ذلك، بل كانوا يؤكدوا على جيوشهم او اتباعهم بالصبر والدعوة للسلام والصلح ولن يبدءوا القتال حتى يبدءوهم القتال، تحوطا وحجة امام الله انهم قاتلوا عن دينهم وانفسهم، فاين فقه خميني وخلفه خامنئي من هذا او لم يدرك ما ادركه غيره من المسلمين؟

 

على ضوء ما تقدم من الذي كان يعمل وفق الفقه الاسلامي وفقه آل بيت النبوة الذي هو انقاه واصحه العراقيين وقيادتهم والبعث العربي الاشتراكي الذين دعوا للسلام والحكمة وبينوا ونصحوا وصفحوا وحاولوا بكل قدراتهم درء الفتنة كما عمل اسلافنا واجدادنا وائمتنا عليهم السلام، أم خميني وخلفه خامنئي وجمعهما المتطرف وحزبهم ولاية الفقيه الذي بغى واستبد وتآمر وتجبر وغذى الفتنة وسعى لها؟ اللهم أنت خير الحاكمين فاحكم بيننا واجز كل على سعيه وعمله.





الاثنين٠٩ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة