شبكة ذي قار
عـاجـل










إذا أفلس التاجر راح يفتش في دفاتره القديمة .. قول تداوله الناس للدلالة على خيبة الفشل وإحدى وسائل التغطية عليه ومداراته. خلطة سياسيوا تحرير العراق بالدبابات الامريكية وجوقة الاعلاميين المرافقين لهم أو الذين التحقوا لاحقا يعودون مع كل فشل يصدم جماجمهم في ادارة العراق ومع كل خيبة من خيباتهم الديمقراطية ومع كل اخفاق يطعن صميم مسيرتهم الموبؤة بطاعون العمالة والخيانة والسقوط السياسي والاخلاقي يعودون و يفتحون قاموس مصطلحات الزمن العراقي الجميل الذي سحقوه بآلة أميركا العسكرية ومعها أكثر من ستين دولة، وينتقون منه عبارة أو كلمة ليضعوها علكة يلوكوها في أفواههم الفارغة ومن غير أن يفقهوا شيئا من دلالاتها ومعانيها وعمقها الايديولوجي والفكري والسياسي. كان من بين الاستهدافات الاولى التي وضعت على مسارد قاموس التبشيع هي دعاء ( حفظه الله ورعاه) الذي كان يلحق بعد ذكر اسم الشهيد الخالد صدام حسين رحمه الله من قبل عموم العراقين. لم يخجلوا ولم تندى جبين حين تطاولوا على دعاء, محض دعاء, يتم الابتهال به الى الله من قبل الناس وهو سبحانه كفيل بالقبول أو الرد غير انهم اتخذوه هزوا وسفاهة وتهكما. وضعني هذا الاستخدام الردئ للتبشيع في غير محله أمام صورة العشرات من الذين أعرفهم من هؤلاء الببغاوات وأعرف انهم لا يعرفون تفسير كلمة واحدة من سورة الفاتحة التي يستخدمونها في الصلاة وفي الترحم على موتاهم ولم يكلف أي منهم نفسه يوما ليسأل أو يقرأ ليعرف معناها. ولم يتوقف لغوهم المعيب في الاساءة الى الدعاء الله بأن يحفظ الرئيس صدام حسين رحمه الله في مجالسهم الجبانة المختبئة خلف جدران السقوط الاخلاقي، بل مرروه الى الاذاعات والفضائيات التي وهبها لهم سيدهم المحتل والى الصحف وغيرها من أدوات الاعلام الامريكي والمتأمرك. بعد ذلك انتقلوا الى مفردات وعبارات أخرى كرّروها بذات الغباء وبنفس الدوافع التبشيعية القذرة ومنها القومية التي صارت قومجية في لغطهم المريض المتلبس بروح ابليس وكل شياطين الكون دون أن يعي أو يتبصر أو يفطن وربما وهذا هو الاكثر رجحانا, لم يتمكن المشيطنون بدافع الحقد وبيع الذمم والضمائر من التفكر للحظة ان من يشتم القومية ويتنكر لها فهو يخرج نفسه من دائرة الانتماء الى أصل وجذر، ويتيه في عالم اللقطاء والموتورين وشذاذ الآفاق ورواد الرذيلة. لم ينتبهوا الى ان الامريكان ينتمون الى القومية الامريكية او على الاقل الى ما يطلقون عليه اسم الحلم الامريكي ويغزون ويقاتلون تحت لواء أميركا وكذا اليهود الصهاينة والفرس المجوس أو بالأحرى الفرس الصفويين.

 

وانتقل بهم حال الاستخدام البذئ للمعاني والدلالات الوطنية والقومية والايمانية الى الوحدة والحرية والاشتراكية في محاولات محمومة لاستخدامات جنائزية وايحاءات نحرية لا يعنيها أي معنى ايجابي، بل تنكرت تماما لدلالات هذه المفردات العظيمة في حياة الامم والشعوب والاوطان وليس العراق والامة العربية فقط، بل كان كل همهم هو الاستجابة لارادة أسيادهم الامريكان والفرس والصهاينة المنطلقين في غيهم وعداءهم وجحودهم ونذالتهم وسفالتهم ضد حزب البعث العربي الاشتراكي وأهدافه السامية النبيلة المحققة لرؤى وطموحات وأهداف الانسان العربي لعبور محن التخلف والتجزئة والفقر والجهل وفقدان الحريات. وتناسى كل أوغاد جوقة العمالة والخيانة من حملة رايات العداء للعروبة تحت حماية بساطيل الاحتلال من أن المعاني السامية والنبيلة يجب أن لا تُطال لهدف اني أستوحش طريق الجهاد والنضال وحق العودة الى الذات وبمسوغات مرحلية نفعية ضيقة تتجاسر على القيم الضمنية والظاهرة في هذه المفردات المقدسة ليس في حياة العرب وأمتهم المجيدة، بل وفي قرارة الغزاة وفي الاهداف المعلنة للغزو والاحتلال المجرمين حيث ان كل أطرافه يقدسون وحدة أوطانهم وحرياتها والعدل المطلوب في توجيه مسارات حياة شعوبها. ولم يكن حظ الرسالة الخالدة اكبر من رديفاتها حيث جعلوا منها اضحوكة لأفواه عفنة لا تدرك قطعا قداسة الرسالة الخالدة في شقيها الايماني المرتبط بارادة الله سبحانه في خلود رسالة العرب بالاسلام العظيم أو بشقها المتمثل لهذا المعنى الجليل والمسقط بدلالاته الفخرية وباستدامته الربانية على الدور المتجدد للعرب في حمل الرسالة بالدين العظيم وبالايمان المقتدر وبعقيدة وايديولوجية التحررية الاشتراكية القومية المؤمنة.

 

ثم تصاعد في الآونة الاخيرة الاستخدام البذئ لـ( القائد الضرورة) حتى صرنا نسمع مذيع أو مذيعة, محلل أو متنطع مفمفم, يهاجم القائد الضرورة ويربطه ربطا استفزازيا جاهلا بالدكتاتورية بمناسبة أو بدون مناسبة حتى ليخيل للسامع ان استهداف مصطلح القائد الضرورة هو محض اضطراد وتواصل مع مسيرة اجتثاث ما لا يمكن اجتثاثه، وليّ غير محكم لعنق الكلمات ومحاولة تحطيم لكاحل الغزلان والاسود المنطلقة في فضاء العطاء الثر والتحدي البطولي والتجذر المستحق استحقاقا نضاليا وحضاريا ووجدانيا للبعث في عقول العراقيين وضمائرهم. وبوسع من يسمع استهجان المذيعة بالقائد الضرورة بأنها تقحم نفسها في ما لا تعرف دلالاته ولا معانيه ولا فحواه السياسي، بل ولا حتى المعنى اللغوي المجرد له.

 

القائد الضرورة ضرورة سياسية واجتماعية في حياة الامم والشعوب حيثما اقتضى حالها أن تدخل في مسارات انقلاب حضاري عميق يطال كل مكونات حياتها واهداف هذه الحياة. القائد الضرورة مفتاح تحشيد الامكانات البشرية وتوجيهها كمورد من موارد الثورة الشاملة ويوظف معها مواردها الاقتصادية والقيمية من عراقة وتحد خلاّق منتج وأصالة تتعالى على الواطئ من مفردات البقاء والكينونة. القائد الضرورة رجل في أمة وأمة في رجل لدينا منه نماذج لا تعد ولا تحصى في سفر الانسانية الديني والوضعي الاجتماعي والعلمي والسياسي حيث يبزغ كضرورة لحل معضلة علمية تقود الى فتح مبين في العلم والتكنولوجيا خدمة للبشر او لتبليغ رسالة سماوية أو لنشر اجتهاد مذهبي أو لقيادة مرحلة تغيير حاسمة في حياة الامة والشعب. ان غاندي والحسين وعبد الناصر وبونابرت وهتلر وابراهيم ويوسف رحمهم الله ورضي عنهم على سبيل المثال لا الحصر كانوا قادة ضرورة وكذا حال اينشتاين ودارون وحتى الانجليزية الموصوفة بالمراة الحديدية مارغريت تاتشر  وخميني. واذا اردنا الهبوط الى أسفل السلم بمعاني الفعل فان بوش مثلا هو القائد الضرورة لاعادة كلاب وخنازير وقردة المعارضة العراقية الخائنة وأوغاد الانتهازية الدولارية والسلطة الفاجرة نساءا ورجال ليسودوا العراق تحت حرابه الغادرة، إذ لولاه لما عرف العالم وجه خنزير منهم الاّ ككلب نابح في أزقة التشرد.

 

صدام حسين الخالد كان القائد الضرورة لتحويل العراق الى بلد متمدن ومتقدم ومزدهر .. عراق بلا جهل ولا أمية ولا أمراض مستوطنة وبلا عطالة او بطالة .. عراق يقدم النماء والازدهار للعراقيين وللامة. عراق يمارس حقوقه الكاملة ضمن محيطه وضمن منظومة العالم، مهاب الجانب فاعل ومؤثر ان حضر تنحني له الهامات وان غاب يحسب له الف حساب. عراق يمشي أبناءه بقامات مرفوعة أينما حلوا وأينما رحلوا تهتز تحت وقع خطاهم شوارع لندن وباريس وواشنطن وستوكهولم واسطنبول وغانا والنيجر.

 

كان صدام حسين قائدا ضرورة لحماية شرف العراق واستقلاله أمام مد الفرس الخميني الصفوي الطائفي المدعوم ضمنا وعلنا من كل أعداء العروبة فكان بحق ضرورة الوحدة الوطنية التي تمزقت حين غاب كيانيا بفعل الغزو الاجرامي وضرورة حماية استقلال العراق ووحدته وسيادته حين تمكن باعجوبات وأساطير خرافية لا يمكن أن تصدق أن يجعل كل عراقي يحمل السلاح ويقاتل الفرس حتى يقبر اطماعهم السوداء ولم يتمكن الفرس من اختراق العذرية العراقية والاستيطان كجذام متوحش في جلد العراقيين الاّ بعد ان أزيح القائد الضرورة من خط سير الخمينية كورقة تمزيق صهيونية لجسد الامة المكافحة من أجل البقاء والصيرورة الجديدة.

 

ألا يحمل المفمفمون ذرة حياء يستعيرونها من استحياء الوضع العراقي العام الذي خلقه الاحتلال فيسفهون القائد الضرورة ولسان حالهم ينطق بقوة لا يمكن أن تخفى بأي ستار ولا يمكن ان تغطى بأي غربال منافق بأن العراق الان بحاجة حياتية الى قائد ضرورة؟ قائد ضرورة يعيد للعراق هيبته ووحدته وشرف ابناءه المستباح وشرف حدوده المخترقة وسيادته الساقطة تحت بساطيل الغزاة .. قائد ضرورة يعيد انتعاش الاخلاق في عراق ساده الفساد والمفسدين .. قائد ضرورة يطرد مخبولي ومهوسي السلطة الفارغة الجبانة عن ساحة ليسوا اهلا لها ؟

 

اليقين الاكيد ان العراق بحاجة الى تموز آخر تمطر فيه سماء العراق غيث التحرير والبطولة مع وهج حرارته اللافح وهو بحاجة الى بعث يصوغ ملحمة التحرير من الاحتلال ويرسم صيرورة عودة العراق الى كينونته الضرورة حرا عربيا مسلما موحدا. وهو بحاحة الى القائد الضرورة في شخص البطل عزة الدوري أو أي من رفاقه في عقيدة التحرير بالمقاومة المسلحة من كل أبناء العراق الاحرار دون تحديد لهوية أو عرق أو دين أو طائفة. العراق بحاجة الى القائد الضرورة الذي يجتث أصوات العهر ونهيق الحمير ونعيق البوم الذي يسئ الى الهوية الوطنية العراقية والى شمم وشموخ الانسان العراقي تحت الاردية المهلهلة المخزية لما يسمى بالديمقراطية .... واننا على يقين ان تموز والحزب والقائد الضرورة قادمة لتعيد للعراق وجهه المحتشم وحياءه العذري، لتغيّب الافواه التي ارتضت الارتزاق أو خُدعت في ساحة لعب المخابرات المحتلة وان الله غالب على أمره.

 

 

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

aarabnation@yahoo.com





الثلاثاء٠١ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٣ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة