شبكة ذي قار
عـاجـل










فرضت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام على الإعلام العربي الرسمي وعلى دعاة الاحتلال وأقلامه والمستفيدين منه الختبئين تحت عناوين وطنية الإيذان بتحول نوعي حاسم في الوضع العراقي يسير نحو الحرية والاستقلال بل بما هو حرية واستقلال. وشاهدنا كثير من جلاوزة المحتلين يتظاهرون بالبهجة والسرور مشابهة للبهجة التي غمرتهم – أو اقل قليلا-عند اغتيال قائد العراق والأمة الشهيد البطل صدام حسين. وهذا التظاهر يعود لثلاثة اعتبارات :

 

التظاهر بالبهجة لكونهم يريدون الظهور بمظهر المعادي للاحتلال أو المقاوم سياسيا له على الطريقة السيستانية الشاذة والمفضوحة وكأنهم دعاة حرية وبناء، دعاة هوية تتماشى مع الانتماء الموضوعي للقطر العراقي، دعاة حقوق الشعوب وتطلعها إلى المجد والعمران والتحضر. ونسوا أو تناسوا بان التاريخ سجّل بعد زيارة رموزهم إلى البيت الأسود اللعين والى الكونغرس(مطبخ المؤامرات والجرائم) يتوسلون رعاة البهائم بان يبقوا كلما اشتموا رائحة هزيمتهم وتصاعد قلقهم في ارض تلفظهم كل حين. بل نسوا وتناسوا ماقام به زعيمهم المالكي حين قرا الفاتحة على أرواح علوج الأمريكان المقبورين داعيا ربه إلى شمولهم بالرحمة والى ضم جرائمهم إلى ميزان حسناتهم. وان نسوا أو تناسوا، فان العهد ليس ببعيد وان ذاكرة ضحايا " حرية العراق "حبلى بالدم والجراح والآلام!.

 

التظاهر بالبهجة لكونهم يحرصون على تغطية ضعفهم وهلعهم أمام الإعلام رغم أن الإعلام يسير خلف الدبابة الغازية مثلهم تماما، التغطية على شعورهم باليأس والمرارة في أعماق أعماقهم باعتبارهم لم يفعلوا بشعب العراق ما يجعلهم يطمئنون على مصائرهم الشخصية. يزعمون أن لهم شرطة وجيش ودولة ومخابرات وزعماء قادرون على الظهور بمظهر لائق ومسئول أمام العالم في غياب المظلة الأمريكية لكنهم يعرفون كما نعرف وكما يعرف شعب العراق والعالم بأنهم لايملكون إلا العصابات والمجرمين والعملاء واللطامين والطماعين والسراق والزناة والعمائم التي تبيت تحت طياتها الصراصير.

 

التظاهر بالبهجة لأنهم يخفون بصفاقة واستغباء ولاءهم اللامشروط والمطلق والعريان لنظام الملالي في طهران مما جعلهم ذراعا للفرس معلنا عالميا ومتنوعا في مفرداته وتمظهراته. إنهم ليسوا رجال دولة بل جنود للامبراطورية الفارسية بعد أن انتهت أو تكاد أو أيقنوا بحتمية نهاية خدمتهم في الجيش وفي السفارة الأمريكية.

 لكن من جهة أخرى، ألسنا نرى قوى المقاومة مسرورة بدورها بهذا الحدث "النوعي"؟.. أهي تتظاهر بالسرور أم انه مستحق وحقيقي؟

 

لااحد ينكر بان الشعب قاوم ولايزال في صفوف قوى المقاومة(تنظيماتها) من أول يوم للاحتلال إلى اليوم والى مابعده. ولولا ظاهرة الصحوات التي أحبطت هزيمة الأمريكان في سنة 2006 و 2007 لكان الحال غير الحال.وللأمانة،فالكثير يعرف بان لهذه الظاهرة رافعة مالية خليجية لعبت حجم الدور الذي اضطلعت به أمريكا أو تكاد، خوفا من البعث والقاعدة لو ينتصران. وهذه معجزة من معجزات غباء العرب في عصر غباء العرب الذي طبع راهننا الكوني بطم طميمه!...وأقول بان تنظيمات المقاومة بادرت إلى تطوير بنيتها التحتية تنظيميا وتسليحيا وتعبويا في بيئة مسيّسة وعقائدية أعدها بعث النضال والجهاد خلال عقود وجوده في السلطة حتى تتمكن من المطاولة. ولما نجحت في مطاولة المحتلين أنهكتهم عملياتيا وسياسيا وإعلاميا فدفعتهم إلى التفكك والى انسحاب بعض الدول منهم، ثم مكنتها خبراتها في جيش العراق البطل من التكيف مع الميدان ومع العدو فأوقعت فيه خسائر بعشرات الآلاف من القتلى والمعوقين والمعتوهين. هذا ألقى بضغط مستمر على الأداء السياسي لسفارة العدو ومراجعها المركزية الأساسية فارتبكت مشاريعها السياسية وفاحت فضائحها ودخلت حقل النوادر التي ماكانت في حسبان صقورها ولا فئرانها.

 

هذا دون أن ننسى الخيبة الأمريكية الإستراتيجية وهي ذات مظهرين : 

 

الأول / أن أمريكا تفاجأت بان طبيعة هذه الحرب غير معلومة لديها ولم يتدرب عليها جنودها. والحقيقة أنهم يعلمونها ويتوقعونها لكن لايستطيعون أداءها مثلما يؤديها العراقي المقاوم.فكان الفارق في الأداء مريعا وعاصفا.

 

الثاني / أن الجيش الأمريكي أدرك بأنه لايستطيع القيام بحربين في آن.إن المقاومة الأفغانية تكاملت مع المقاومة العراقية في تلقين أمريكا وقوى الشر دروسا مرة لا أعتقد أنهم سينسونها على مدى التاريخ فيما إذا أسعفهم التاريخ بأمل في البقاء. ولا شك أن الهزيمة هنا ستنتج هزيمة هناك، وان فضيحة هنا ستتلوها فضيحة هناك. والشبه بين كارازاي والمالكي والجعفري وعلاوي والجلبي مدهش لو تعلمون!.

 

إن تغيير أمريكا وضعها على الأرض ليس إيذانا بوعي حقوقي مفاجئ وبعودة الأخلاق للفولاذ أو بتحول الثور إلى إنسان.انه تغيير أملته جراحها، تغيير مر وقاس يحجبه الظلام ويكشفه الظلام وضمن رؤية ضبابية وافق مسدود لاشيء فيه إلا إنقاذ مايمكن إنقاذه وليس مايجب إنقاذه حتى. فإستراتيجية التغيير باعتبارها رد فعل اضطراري لاتبدو مأمونة النتائج ولا دروبها آمنة.

 

لكن دعونا نشخص طبيعة هذا التغيير :انه ليس هزيمة بل تدحرج نحوها بلا عود. ليس هزيمة في صورتها النهائية لان هذه الصورة لاتكتمل إلا بتدمير المنطقة الخضراء على رؤوس الغواني الحمراء وعرض صبايا المحتلين ولعبهم البلاستيكية ولقطائهم على الإعلام مكشوفي العورة. الهزيمة تعني توهان العميل المالكي في الصحراء بعد أن سقطت البوابات الحدودية في يد المقاومة وارتداء الكتكوت جلباب عجوز عراقية قمحية البشرة بعد أن أخفى حمرته حتى لايكتشف، وانفلاق أحياء العراق وشوارعه ومساربه وقراه بطوفان طالبي الحساب من جيوش العملاء التي أوغلت في الدوس على كراماتهم. تعني صورة الهزيمة تطهير العراق من الجنود الغزاة شبرا شبرا وتأسيس مقبرة لهم شبيهة بمقبرة الانجليز في الناصرية تكون شاهدا على اليوم العظيم ودرسا لمصير الفولاذ حين يصارع الإنسان.

 

لكن ماقامت به أمريكا وهي تترك خمسون ألفا من جنودها (أظن الرقم خدعة أمريكية/صفوية..أظن انه اقل من ذلك بكثير وبهدف الحيلولة دون تدهور دراماتيكي للوضع) لحراسة المنطقة الخضراء وبعثة الأمم المتحدة والقيام بعمليات خاصة يجعلها تتحايل على وضعها البائس والتظاهر بالحفاظ على قدرة الحسم. إن أمريكا تقوم في الظاهر بإعادة انتشار أملته الاتفاقية الأمنية مع عملائها لكنها في الحقيقة تطبق خطة هروب يبدو أنها شاملة وفي علاقة بالوضع في أفغانستان وفلسطين أيضا.

 

أما عن أفغانستان، فان أمريكا تسير نحو ترك البلد إلى أهله بعد أن عجزت عن التكيف وفشلت كافة خياراتها مما دفع بالعميل كارازاي إلى تكوين لجنة برلمانية للتحاور مع المقاومة يريدها العدو حيلة لتشتيت صفوف المقاومين واختراقهم ويريدها هو تأمينا لوضعه الشخصي لاغير إذ يبدو يائسا أكثر مما يبدو أسياده ومشغليه.

 

بالنسبة لفلسطين فان أمريكا تسعى لتمرير سلام أو مايشبهه (غير مهتمة للأمر كثيرا) بين أصحاب الأرض وأعدائهم الصهاينة يخلق حالة من التهدئة والتفاؤل حتى وان كانا كاذبين والهدف هو مغالطة الداخل الأمريكي بتقديم انجاز له وان كان مهزوزا وشكليا والتغطية عن فشلها في أفغانستان والعراق. ونلاحظ أنها تستدر تعاون عملائها في المنطقة لإنجاح هذه الحلقة من إستراتيجيتها الهروبية، فليس تشريك حسني مبارك هذه المرة إلا ضمن مقايضة بملف التوريث.

 

وفي العموم فان أمريكا بصدد مغادرة الشرق الأوسط بخفي حنين وبمجرد حفظ ماء الوجه. وهي مغادرة تتم على مراحل وضمن مدى زمني معقول يضمن التغطية على فشلها ويبقيه دون مستوى الفضيحة. لكن كيف يجب أن تتصرف المقاومة العراقية والحال كما رأيناه؟

 

- على المقاومة أن تعتبر بان وجود جندي أمريكي واحد على ارض العراق معناه أن العراق لازال محتلا.

- على المقاومة أن لاتضع في حسبانها القراءات التي تعلن هزيمة أمريكا والتي تحظها بشكل غير مباشر على إعلان نصرها النهائي.

- على المقاومة أن تستمر في نشاطها الطبيعي المرتبط بطبيعة الميدان ووضع العدو ولا تفرط في مقومات المطاولة حتى لاتجد نفسها لاسمح الله عند نقطة الصفر.

- على المقاومة أن تتمسك بأسلوبها المقاوم غير النظامي إلى اللحظة الأخيرة وان تبقي في هذه اللحظة على مستوى احتياطيا مقبولا من سرّيتها.

 

- على البعث المقاوم باعتباره عصب المقاومة العراقية أن لاينجر إلى الجدال حول المواقع والزعامات والألقاب. فهذا فخ احذروه كما لاشك تعلمون. وكما تعلمون، فان البعثي الذي تعبر عنه شخصية الشهيد البطل صدام وشخصية رفاقه الشهداء الأوفياء هو الذي يمسك بالبندقية في يد وبكتاب الله في أخرى. وليس للزعامات من حق في الزعامة إلا بقدر ما يؤهلها لها الميدان.

 

المجد لشهداء العراق والأمة

المجد للمقاومة العراقية البطلة

وان النصر صبر ساعة .. والله المستعان.

 

Whamed6@gmail.com





الجمعة٢٤ رمضان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الهادي حامد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة