شبكة ذي قار
عـاجـل










قبل فترة طويلة  (  بعد آخر تمثيلية للإنتخابات العراقية في آذار 2010 )  أرسل لي أحد الأصدقاء ثلاث مقالات لكتاب مختلفين تحمل عناوين :

 ( هل يقبل الأكراد بتعيين عراقي عربي رئيساً لأقليم كردستان ؟ ) 

و ( جلال الطالباني عراقي والجميع لهم الحق بالرئاسة ) 

و ( لماذا لايكون لكردستان رئيسا ًعربيا ً؟ )  ..

وهي عناوين توضح ما في متن هذه المقالات من آراء ..

 

وكان في وقتها مايشغل الناس بشدة ليس من سيشغل هذا المنصب ولكن هل سيحصل تغيير كما يقولون؟ .. وهل ستضيع أصواتهم هباءا ؟ ..

والحقيقة أن حصول العراقية على أعلى الأصوات هو نتيجة لضغط الأمل والتطلع  (  ورغبة الناس في التخلص من الوضع الحالي الطاريء والدخيل بكل تفاصيله وبأي وسيلة وبدون التعمق بمواصفات من سياتي وبجدية ما يطرحه من مشاريع وخطط وآمال  ) ! ..

 

وهذا الأمل ربما يكون مشروعا لمن لايعرف دواخل اللعبة ولبعده عن مجريات الأمور بتفاصيلها وخاصة ما يتعلق  ( بمشروعية العملية السياسية ونزاهة الإنتخابات والقائمين عليها والمشرفين على مراحلها  )  ..

 

واليوم وفي حمّى السعي من أجل  ( الإستحقاقات الحكومية  )  التي يقال أن الإنتخابات النيابية  ( النزيهة جد )  قد أفرزتها نسمع تصريحات علنية من نمط يبدو ان على العراقيين ان يسمعوه من اليوم ولاحقا بعد أن مضت سبع سنوات و ( الجميع )  كان يقولها ويضع مناهج عمل تفصيلية لها في إجتماعات خاصة وبغرف مغلقة وينكرها في العلن من قبيل :

 

قول إبراهيم الجعفري عند لقائه مع وفد من  ( العراقية )  عندما قال مخاطبا الوفد:  (  لا تتعبوا أنفسكم ولا تصدقوا أن بامكانكم الضحك علينا نحن الشيعة لانكم جئتم بشيعي من  ( ربعكم )  لمزاحمتنا على منصب مخصص لنا! )  ..

وقول صولاغ :  (  منصب رئيس الوزراء من حصة التحالف الوطني وهذا موضوع نهائي )  ..

وأخيرا وليس آخرا:

قول كمال الساعدي :  (  كل من يتصور إننا سنعطيها فهو واهم مهما قالوا علينا  وشتمون .. سوف لن نسمح بعودة البعثيين وضباط الجيش السابق مهما حدث )

وقول المالكي :

 (  إن القائمة العراقية تريد إعادة البعث والنظام السابق ) ! ..

وبذلك أصبح الحديث عن  ( مظلومية الشيعة  )  مقابل  (  دكتاتورية السنة والبعث ) ! ..

وهكذا فلم يعد الحديث عن  ( الطائفة بدل الدين والوطن )  أمرا مرفوضا  ..

 

بل أصبح هذا التثقيف نهجا مفروض .. خاصة عندما يتم ربط الإنتصار للطائفة من خلال محاربة البعث والنظام السابق

ومثلما يطالب الأكراد  ( بمكاسب للقومية الكردية )  على حساب وحدة الوطن وشعبه .. فهنالك اليوم مطالبات بمكاسب للطائفة على حساب وحدة الوطن وشعبه أيضا من جهة وعلى حساب الحق والعدالة والإنصاف من جهة أخرى عندما تربط هذه المطالب بمسار محاربة التيار العروبي والقومي والمتمثل بالبعث.

وكان هذا هو الهدف الأساسي للحرب وتدمير العراق وأسر وإغتيال قياداته الشرعية  ..

 

ليكون الحال الجديد بعد  ( التحرير )  مأساة وكارثة نازفة ومؤلمة ومدمرة وطريق واحد بإتجاه الهاوية التي يسير اليها الشعب والوطن والثروة والتأريخ بلا رحمة وفقدان للضمير  ..

هذا الوطن الجريح الذي كان أول من يضحي لقضايا الأمة العربية والإسلامية وحركات التحرر في العالم  ..

 

العراق يرزح اليوم تحت نير إحتلال أمريكي وإيراني طال كل المستويات العسكرية والفكرية والسيادية والإقتصادية والإجتماعية وما له من تأثيرات كارثية على مباديء وقيم وتقاليد الشعب العراقي بكل أطيافه وأديانه وطوائفه حتى وصلت حمى التفرقة والكراهية والحقد والتمزق الى داخل العائلة العراقية الواحدة وفي تفاصيل حياتها التي بعثرتها خطط ومناهج وبرامج المحتلين ..

 

وتحولت مأساة الشعب العراقي وهوية الوطن المحتل والمسلوب الإرادة والمنهوب الثروات وما يعانيه من تخلف وتراجع وتمزق الى  ( أزمة بين مَن يقودون السياسة اليوم حول توزيع الإستحقاقات والمناصب والمغانم بغض النظر عن تقارب وتباعد البرامج فيما بينه ) ! ..

وأصبحت درجة  ( التنصل من الوطنية والعروبة والبعث والنظام الوطني الشرعي الذي يطلقون عليه تسمية النظام السابق والتنكيل بفكره ونضاله ورموزه وبالجيش العراقي الأصيل وقياداته وضباطه ومآثره )  هي المقياس لنهب السلطة والوصول لتدمير الشعب ..

وبالرغم من النتائج المتوقعة لتسمية رئيس الوزراء تحت الضغط الإيراني والسكوت الأمريكي .. إلا ان المواطن العراقي البسيط يسأل نفسه:

إذا كانت القائمة العراقية تدّعي انها صاحبة المشروع الوطني لإنقاذ العراق وهي ترغب بالتحالف مع الإئتلاف الوطني ومع دولة القانون ومع القائمة الكردية ووحدة العراق والتوافق فمن سيكون في خندق المشروع اللاوطني الذي ستناهضه مناهج القائمة العراقية؟ ..

 

ويحاور هذا المواطن البسيط نفسه ويقول:

يبدو إن الجميع يؤيدون التحالف الكردستاني بأن يكون جلال الطلباني  ( رئيسا لولاية ثانية )  ليس لأنه لايوجد أفضل وأكفأ وأحسن منه بل لأن التحالف الكردستاني يريد ذلك! ..

 

عدا ذلك فمايريده الأكراد من مناصب وشروط  ( يجب ان ينفذ ) !!.

ومثلما كل مايريده الأكراد يجب أن ينفذ فإنه في المقابل  ( يجب على الجميع ان يفهم بأن مايريده التحالف الوطني يجب ان ينفذ  ) !!.

ومثلما لايستحي الأكراد من المجاهرة فقادة حزب الدعوة والإئتلاف لا يستحون أيضا من القول مجاهرة بأحقية الشيعة بمنصب رئيس الوزراء ! ..

فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تتوحد كل القوائم الإنتخابية بثلاث قوائم : شيعية وسنية وكردية! .. لكي يتم ترسيخ توزيع المناصب ليكون الرئيس كردي ورئيس الوزراء شيعي في محاولة لتزييف حقائق التأريخ والدم العراقي وتقسيمه عنصريا وطائفيا ولترسيخ كذبة ربط النظام الوطني الشرعي السابق بالسنة فقط ! ..

ومن هنا إتهم المالكي  ( العراقية )  بكونها تمثل المكون السني والذي يعني به باطنيا  ( النظام السابق )  بعد ان إستنفذت هيئة المسائلة والعدالة كل أسلحتها ضد هذه القائمة التي توجه اليها العراقيون لأنها ببساطة ليست قائمة حزب الدعوة العميل والطائفي وحليفه الإئتلاف الطائفي  المدعومان من إيران بشكل واضح وصريح ومعلن رغم المد والجزر الإعلامي ورغم التناحر على المصالح بينهم ..

 

وكتب الكثيرون عن  ( معركة منصب رئيس الوزراء  ..  ومن سيفوز به  )  مع نراجع اهمية  من سيصبح رئيس العراق  ( الجديد ) ! ..

ولكي نفهم ملامح ما تحمله الأيام القادمة للعراقيين حول هذا الموضوع علينا ان نعرض الحقائق التالية:

 

- خلال حملة كافة الكتل السياسية التي شاركت في الإنتخابات الأخيرة أقرت هذه الكتل  ومن ضمنها تلك التي حكمت العراق  ( كما يقال : دستوريا وبموجب شرعية إنتخابات 2005 كما يدّعون  )  في لحظة واحدة ومن خلال برامجها الإنتخابية بأن كافة الإدعاءات بوجود  ( إنجازات لعلاوي وللجعفري وللمالكي  )  خلال سنوات الإحتلال ماهي إلا فساد إداري ومالي وسرقة ونهب للثروات ومحاصصة طائفية مقيتة وشيوع للرذيلة وتفريط بسيادة وأمن العراق وإستهانة بدم شهدائه ليرفع الجميع شعارات: ( لنبدأ من جديد ) ! .. و ( ضرورة التغيير ) ! .. ومنهم صولاغ وعادل عبد المهدي ووزراء المالكي في حزب الدعوة وهادي العامري ! .. ليتم من خلال ذلك عرض ما نعقوا به من  ( إنجازات النظام العراقي بعد التحرير )  على إنها  ( مآسي الأنظمة التي حكمت العراق من 9 نيسان 2003 الى يوم الإنتخابات  )  والسبب يعود كما يقول هؤلاء الى  ( إعتماد مبدأ حكومة الوحدة الوطنية! )  وليس حكومة  ( الأغلبية! )  ..

 

-  لن ينعقد  ( مجلس النواب المُنتخب وبكل نزاهة! )  قبل التأكد بجدية من أن أي  ( تغيير أو بداية من جديد  )  لن يحدث  .. وإن الوضع يجب ان يبقى على ما هو عليه بغض النظر عن من سيكون رئيسا للوزراء او رئيسا للجمهورية  .. لأن هذا الوضع المأساوي العراقي هو الوضع المثالي المطلوب لإسرائيل وإيران والكويت  .. وكل تغيير محتمل عن هذا الوضع سيكون مدعاة للقلق لأن  (  البعث والمخابرات والوطنية العراقية الأصيلة وعناصر النظام الوطني متغلغلة في كل مكان وخلاياها متشعبة في كل زاوية حسبما يقولون هم  )  والخوف كل الخوف من الفرصة التي سيتم إغتنامها  (  للعودة الى ما قبل 9 نيسان 2003  )  عندها أين المفر والى أين الوجهة؟ ..

 

- لذلك فإن  (  تنازل حزب الدعوة وتحالفاته الطائفية  )  طواعية عن السلطة أمر مستحيل ومشاركته في سلطة لايقودها هو بمثابة زرعها بالمفخخات ونشر الثعابين والعقارب في كل مفاصلها! ..  

 

- إن موضوع الشيعي والسني والعربي والكردي تمثيل حقيقي   ( للمشكلة المستحدثة  )  التي قد تم خلقها بعناية فائقة وساهمت بها بيوت الخبرة ودهاقنة الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران لكي يبتعد الجميع عن تأشير سبب الأزمة العراقية الرئيسي التي نشأت بعد غزو الولايات المتحدة الأمريكية غير الشرعي واللاأخلاقي لدولة ذات سيادة وإحتلال العراق وأسر وإغتيال رموزه الوطنية وتهديم كل مؤسسات الدولة الشرعية وحل الجيش والمؤسسات الأمنية وإغتيال وإعتقال وتشريد ملايين العقول والخبرات والكفاءات في مختلف الإختصاصات التي شيدت العراق ورفعت مكانته بين الأمم  .. إنها عملية الهرب من مواجهة الحقيقة التي تزداد إشراقا كل يوم وهي فشل المشروع الأمريكي الإيراني في العراق وعدم قدرته على خلق نموذج وطني بديل عن الحكم الوطني الشرعي لإن الذين قدموا مع قوة الإحتلال والتي نصّبَتهم على سدة الحكم بعد أن سنت لهم القوانين والأنظمة والتعليمات التي تشَرَِع لهم الإنتقام وزودتهم بالسكاكين لذبح من يرونه يعارض توجهاتهم ما هم إلا أدوات تعبير عن النهج الإيراني الذي يطبق على الأرض العراقية بكل تفاصيله وسط سكوت وقبول أمريكي وأوربي وعربي وإسلامي بالأمر الواقع .

 

- القائمة العراقية التي تقول انها  (  تشكلت لمواجهة التطرف والطائفية وسلب إرادة العراقيين وخنق حرياتهم ونهب ثرواتهم وكبت حرياتهم وتشريد عوائلهم وإجتثاث الكفاءات والقدرات والعقول والوطنية العراقية  )  غير قادرة وحدها على مواجهة هذا الأخطبوط الذي يزداد شراسة وضراوة ونزق وعنجهية وإيغال بإيذاء العراقيين لأسباب كثيرة منها ما يمكن قوله وكما يلي :

 

- السبب الأول: لم يكن هدف تشكيل هذه القائمة منذ البداية أن تكون قائمة منفتحة على  (  كل من يؤمن بالمشروع الوطني المناهض لسياسة الأحزاب الطائفية التي حطمت العراق وسلبته ونهبته )  بل ساد في قيادة هذه القائمة روحية الإنتقاء والنوازع الشخصية وحب الهيمنة والخوف من الإستحقاقات  .. ولو ان قيادة هذه القائمة كانت قد وضعت نصب عينها مصلحة العراق فعلا ورحبت بالجميع وسهلت لهم التحالف وذللت امامهم المصاعب لحصدت في أقل تقدير على 140 مقعدا بدلا من 91 لتكون كتلة تشكيل الحكومة او الكتلة الحاسمة .

 

- السبب الثاني : وهو ما يتعلق بالسبب الأول ودوافعه  .. لأن في هذه القائمة عناصر متنفذة ومؤثرة في القرارغير مؤمنة بهذه الأهداف التي تطرحها القائمة وهي تسعى للوصول للسلطة فقط بإستخدام هذه الشعارات وقسم كبير من هذه العناصر جاءت مع المحتل وكانت تحمل نفس المنهج وتتشدق لحد الان بانها على علاقات تاريخية مع  من تسميهم  (  المناضلين  )  في تنظيمات الحكيم والدعوة والأحزاب الكردية وتحمل في ذاتها نفس النهج الطائفي  .. وهذه العناصر تسعى دائما لسحب القائمة من تحالفاتها  ( الوطنية المطلوبة )  وتدفعها بإتجاه التقارب مع الحكيم والدعوة والطالباني والبرزاني بذريعة تشكيل تحالف نيابي قادر على تشكيل الحكومة ! .. وهذا التوجه ذاتي وأناني ولاعلاقة له بالأهداف التي تطرحها القائمة

 

السبب الثالث : يتمثل في ضعف حيلة من يريد التغيير فعليا داخل هذه القائمة كون هذه المجموعة غير قادرة على التأثير في قرارات القائمة المصيرية بسبب طبيعة رئيسها ومن يلتف حوله وشعورهم الخاطيء بان  (  مشروعهم وشخصيتهم  )  هي التي  ( حصدت هذه الأصوات وإنتخبتهم  )  وليس ملل الشعب من السلطة الحالية واحزابها وعدم ثقتهم بشخوصها.

 

- السبب الرابع : غياب المنهج والهدف الواضح وعدم الإلتفاف على البرنامج وتلاشي حس الشعب ونبضه في روح القائمة لما تحمله من هجين غير متجانس ليتحول الهدف الى السعي خلف المناصب والكراسي والغنائم .

وهكذا وتدريجيا بدأت تتضح الرؤية الحقيقية لما سيحدث  ..

ولأن قوة الأعداء مؤثرة في قدراتها المالية والترغيبية واللوجستية  ..

ولأن هنالك من يرغب بالتحالف مع الشياطين من أجل المغانم ..

فلا التغيير قادم ..

ولا وجود لمن يحمل لواءه ..

ووحدهم الذين ضحوا بدمائهم في مقاومة المحتل وأذنابه هم مَن يتحسس طريقه في هذه الظلمة من أجل التغيير  .. 

ووحدهم الذين بقوا على هذا العهد  .. صامدين  .. صابرين  .. محتسبين  ..

وحدهم القادرون على التغيير ..

وبوجود الأمريكان والإيرانيين وأذنابهم ..

لا خير في منصب تحيط به الثعابين  ..

 

 





الثلاثاء٠٥ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور محمود عزام نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة