ليل مظلم طويل يلفُ العراق ..
 ليل بظلامه وحقده وكراهيته أسقط َ نجمات العلمَ ..
 وغيّر معالم النشيدْ ..
 وزي المُعلم ومفهوم الشهيدْ..
 ليل مظلم وطويل وتصحبَه عواصف ..ورعيدْ..
 كتَم السوادُ أنفاسَ الصِغار..
 وشقّ بطون الأمهات..
 وأقتاد كل فتيان ورجال المدينة والقرى ..كالبرابرة ماقبل التأريخ الذين كانوا يرتحلون بالأسرى الى مابعد آفاق الجبال والصحارى ..موثوقي الأيادي ومعصوبي العيون ومكممي الأفواه..
 يسحب بعضهم البعض ..
 حيث لا عودة ..ولا موطيء للحنينِْ ..
 ولا أهل ينتظرون ..
 لا زرع يبحث عن ماء ..ولا بستان يتأمل القطاف..
 هجمة فيها حقد كل خسارات وهزائم التأريخ..
 هجمة أصولها منذ ان كان القتال بالأسنان.. وبالأحجار والأشجار وعظام الأقدمينْ..
 بعثروا تأريخ العراق منذ ان عرَف الكتابة وعلّم الدنيا معاني الحضارة..
 أغرَقوا في أنهارهِ كل كتب المكتبات ..
 وزيفوا معنى والبطولة..
 غيروا وصف الشهادة ..بدّلوا الأسباب والأشخاص ..ونهبوا كل معالم إنتصارات الرجولة ..
 أحرقوا كل بساتين العشيرة والقبيلة ..
 هدّموا كل المصانع ودمّروا كل المكائن وصهروا كل الحديد الذي حاربهم..
 ومدوا جسورا تنهب النفط ..وتمشي قرب السواتر وتكسر الأبواب وتباعد بين المنازل..
 عبدوا طرقا إليهم وسدوا كل منافذ الأحياء والأزقة ..
 سجنوا كل العراق في عتمة الليل وإنتقامه..
 ووضعوا حرسا لا يفهمون لغتنا ..
 يفهمون القتل وإخفاء الضحايا..
 ونسوا هؤلاء الأغراب ..ومن تراصف معهم وجاء بهم ومهد الطريق لهم ..
 أننا ..
 وتحت كل وتد في كل خيامهم على كل أرض العراق زرعنا لغماً ..
 وكتبنا على كل طلقة في بنادقنا من أسماءهم إسماً ..
 وهذه المرة ..
 حَفظنا دروسنا جيدا..
 حفظناها درساً درساً..
 ونحن قادمون زحفاً ..
 وفجرنا آت..
 حيث نغطي كل العراق شمساً..