شبكة ذي قار
عـاجـل










مرت علينا قبل أيام الذكرى السنوية لرد العراق العدوان الأيراني على بلادنا , وهي مناسبة لأستذكار هذا الحدث لنستعيد سرد دقائقه , بعيدا عن التضليل الذي مارسته قاصدة قوى وجهات محلية ودولية بقصد قلب حقائقه لتبرئة المعتدي , والأدعاء بأن المعتدى عليه هو البادئ بالعدوان !!


وللاهمية التي يكتسبها هذا ألتأريخ نجد من ألمناسب وفي الذكرى الثلاثين لوقوعه أن نقف عنده لنتعرف جيدا علي نقطة البداية فيه , ونقصد هنا بداية عدوان الأيرانيين على العراق وهذا ما أكدته مذكرات وزارة الخارجية العراقية الرسمية المودعة لدى مجلس الامن الدولي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الأسلامي ومنظمة دول عدم الأنحياز , وجميعها أبلغت بوقوع أول تجاوز عدواني على حدودنا , وحملت أولى مذكراتنا تأريخ الرابع من أيلول عام 1980 .


ويقتضي السرد أن نطرح سؤالا جديرا بالأهمية وهو , هل البداية كانت مجرد تجاوز حدودي أم رافقه تحريك زعانف عميلة بأجراء عدد من العمليات تقصدت العبث بأمن البلاد ومحاولة أغتيال بعض المسؤولين القياديين في الحزب والدولة , راح ضحيتها بعض المواطنين , أستخدم فيها السلاح المهرب من أيران كما أنطلق بعضها من مبان تابعة للمدرسة الأيرانية الواقعة في منطقة الوزيرية ببغداد .


نعود لنسأل هل أكتفى المعتدون الأيرانيون ومحرضهم مرجعهم خميني بهذا المس العدواني الواحد بسيادة العراق , أم شكل مقدمة لسلسلة متنوعة في التجاوزات شملت حدود العراق من الجنوب والى الوسط حتى مواقع مختارة من شمال الوطن ,وهل أكتفي بأستخدام الأسلحة الخفيفة في اللاحق منها ,وهل أكتفى المتدون بجعلها مجرد أزعاجات لا تتجاوز الحدود ؟؟


من حق الذين أنطلى عليهم التضليل أن يطرحوا مثل هذه الأسئلة ولا نظنها خافية على من أبصر حقائق الحرب الأيرانية العراقية وصمت عليها لتبريرات مختلفة ولكننا ندرك جيدا أن نفس ملة الأيرانيين التي أعتدت على العراقيين بالأمس أصطفت , مع الشيطان الأميركي اليوم في تسهيل مهمة شن حرب تدميرية على العراق وشن حملة تقتيل وذبح لأهله , وهم مستمرون في ذلك أدامة لدورهم السابق الجديد التي أسقط في وقته بفضل التصدي الحازم لهم برد عد وانهم في الثاني والعشرين من أيلول عام 1980 .


وللرد على تلك الأسئلة نعود الى سرد تفاصيل ما حدث , كما حدث من دون زيادة أول تلميع ,واستنادا لمذكرات رسمية وجهتها الخارجية العراقية الى الجهات والمنظمات العربية والأقليمية المعنية والتي أشرت أليها فيما سلف وتجاوز عددها 300 مذكرة لم ينفها الجانب الأيراني ولم يعط تبريرا منطقيا لأقدامه عليها , معتمدا أسلوب تصعيدها بأستخدام القصف المدفعي والأغارة بالطائرات على المواقع الحدودية وخصوصا القاطع الأوسط ومنطقة سيف سعد التي تجرأوا على أختراقها بالدبابات والدروع وبالتالي أحتلالها, ووصل بهم الأستهتار التطاول بالأغارة على بغداد وقصف بعض المدن العراقية بالمدفعية .


وقد صاحبت عملياتهم التي راح ضحيتها الكثير من القتلى والجرحى بين صفوف المواطنين , تنبيهات عديدة وتحذيرات شديدة لعلهم يثوبون الى رشدهم (أبلغت بتفاصياها المظمات الدولية والأقليمية المعنية)’ ألا أنهم ركبوا رؤوسهم وظنوا أن الجانب العراقي هش وقابل لليل , وبالتالي تصوروا أن الفرصة مواتية لهم للاستمرار في فرض الأمر الواقع وفي تمرير مخطط الهيمنة عليه وهذا ما أنبأت به تهديدات مسؤوليهم من رئيس جمهوريتهم أبو الحسن بني صدر الى مرجعهم الأعلى خميني فقد اعلنوا العزم على تحرير القدس وعدو تحقيق ذلك يتم عبر تحرير بغداد من أهلها !!


والأن نسأل وبعد أفتضاح نوايا طهران أزاء العراق , ماذا كان منتظرا أن يكون عليه الحال لو لم يقم العراق بحسم الموقف الحربي لصالحة بشكل سريع ومباغت وبأقل الخسائر البشرية بين الطرفين ,ما عدا ما تم تدميره من أسلحة المعتدين وقفا لنزواتهم ونؤكد ونعيد طرح السؤال , ماذا كان منتظرا أن يكون عليه حال العراق , لو لم يطبق جيش العراق على ترسانةالمعتدين العسكرية وكانوا يمتلكون قدرات خامس جيش في العالم في وقتها وهو مورث من نظام الشاه , وأترك الأجابة على سؤالي لخيال كل متبحر بتأريخ العدوانية الفارسية على أهل المنطقة , ولا أحد يعترض على حكمهم , وأعتقد بأنه ما كان سيكون بافضل مما شهده العراقيون ويشهدونه على يد مرتزقة ملالي قم ,عملاء الأدارة الأميركية المسلطين على رقاب أهلنا منذ الغزو والحبل على الجرار على وفق فتاوي اعطيت لبريمر من قبل المرجعيات الدينية بضوء أخضر من طهران !.


ليس هناك من ينكرأن خسائر العراقيين والأيرانيين كبيرة جدا ليس في فترة العدوان الأولى والردالعراقي عليه أي ليس في الفترة المحصورة بين الرابع والثاني والعشرين من أيلول وحتي الثامن والعشرين منه , فالخسائر الكبيرة وقعت في فترة الأعوام الثمانية التي أستغرقتها الحرب بسببب رفض خميني الأستجابة لنداءات شعوب ودول العالم بوقف أطلاق النار بين جيشي البلدين والجلوس على طاولة المفاوضات لايجاء حل يطفئ نار الحرب , في حين كان العراق هو المستجيب الوحيد لتلك النداءات ليس ضعفا بل رغبة في الوصول الى بناء علاقات جيرة صادقة تؤسس للتفاهم الدائم بين البلدين الجارين وبما يعزز أمنهما ويسهم في أبعاد المنطقة عن التوترات التي لا تخدم شعوبها .


ونحن نستمر في سرد الحقائق نتوقف بداية عند اليوم الثامن والعشرين من أيلول لنقرأ توجها صداقا ورد في خطاب حمل نبرات قائد أستطاعت حومات نسوره من أيقاف الفعل العدواني لطائرات الفرس المقاتلة على المدن العراقية وتعطيل أسنادها لهجمات قواتهم البرية على حدودنا وأراضينا ومدننا , وهي نبرات قائد معتد بقدرات قواته البرية - دروع تخترق مواقع المعتدي - وتطارد قواته البرية , ومشاة باذلون وهم يمسكون الأرض بأستماتة بطولية , وقوات مدفعية شديدة الضربات سديدة في أصابة أهداف الخصم وقوات بحرية جيدة الأداء بحدود ما توفر لها من قنوات مائية ومن سلاح ضارب , أتاح لها فرصة الدفاع عن شواطئنا وموانئنا الوطنية أزاء أي تحرك معاد محتمل .


فالخطاب الذي القاه القائد الشهيد صدام حسين ببزته العسكرية الصيفية مثل قمة أقتدار الرجال الذين أمسكوا دفة رد العدوان بيد , ليمدوا بنفس الأقتدار اليد الأخرى لتحقيق السلام ,واذكر وأنا أتابع ميدانيا نتائج عملياتنا القتالية من القاطع الجنوبي وهي مكللة بالنجاحات ’ كما هي كانت مظفرة في قواطع العمليات في الوسط والجنوب والشمال ان الدعوة لوقف اطلاق النار بعد ستة أيام من معارك رد العدوان لخصها القائد بجملة قصيرة في عدد كلماتها , بليغة في معانيها عندما فسر ردنا الحازم على العدوان ’ بأسكات مدافعه بقوله – لسنا طلاب حرب – ودعا فيها الأيرانيين بوقف أطلاق النار والدخول في مفاوضات جادة لبناء علاقات جيرة حقيقية تقوم على أساس الأحترام المتبادل للسيادة الوطنية لكلا البلدين وحل المشاكل بينهما بالطرق السلمية وبما يضمن مصالح الشعبين الصديقين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكليهما حفاظا على أمنهما وأمن المنطقة طبعا .


غير ان الجواب على نداء العراق جاء بسرعة ومن دون ترو , ويبدو أنه متأت من توقع القيادة الدينية والعسكرية التي تأتمر بأمر خميني مباشرة بأن أنكسارهم العدواني حصل والذهاب لأطالة أمد الحرب هو الحل لأخراج العراقيبن من المواقع العسكرية التي كان ينطاق منها العدوانيون في توجيه حممهم للأراضي والمدن العراقية المكتظة بالسكان المدنيين وأحتلال البعض منها دون أن يلوح في الأفق أي توجه أيراني يعرب عن النية لوقف العدوان , مراهنة خاطئة على أن اطالة أمد الحرب كفيل بفوزهم بنتائج تمكنهم من تمرير مخطط هيمنة أيران على العراق , تحقيقا للهدف الذي سعوا اليه في العدوان الذي بدأوه في الرابع من أيلول1980 وعلى أساس ما افصح عنه خميني نفسه , من ان تحرير القدس يمر بتحرير بغداد !!! ( وأبتلى العراقيون بلوة , أشبه بقير أسود اللاصق بزبون بغدادي أبيض )  ويتسائل الكثيرون على ماذا بني خميني تصوره أن رهانه سيأتي محققا لخطة توسيع نفوذ ولاية الفقيه بأتجاه الشرق , كخطوة تعزز توجهه لتصدير ما أسمي بالثورة الخمينية ومطامعها في ضم أراضي الغير , على أساس مذهبي طائفي جاهرت به وبوضوح مدعية ان البحرين هي ايرانية , وكذلك نادت بولايتها على الجزء الشرقي للملكة العربية السعودية التي تسكنها أغلبية من أهلنا العرب الشيعة ؟!


وتوضح حقائق الحرب التي أطال أمدها خميني بعناد خائب ولثمانية أعوام دون أن تطيل بعمره , ان رهانه أنصب على حساب التفوق السكاني للأيرانيين ليس البالغين منهم وحسب بل وحتى الأطفال منهم الذي أمر خميني (الورع!) سوقهم بأستغلال غيرانساني لموقعه المذهبي , ليكونوا وقودا لأدامة حربه ضد العراق والادهى من ذلك قبولة لأن يكونوا مشاريع هلاك وهم يفجرون الألغام الدفاعية أمام المواقع العراقية الحدودية بعد قرار القيادة بسحب جميع قواتنا المقاتلة من الأراضي الأيرانية بما فيها مدينة المحمرة العراقية أصلا في العام 1982 لأن مبررات وجودنا فيها أنتهت منذ أعلان القائد العام للقوات المسلحة الأستعدادة لوقف حميع العمليات الحربية والأنسحاب الي الحدود الدولية كما كانت قبل بدء العدوان الأيراني في الرابع من أيلول عام 1980ورفض الجانب الأيراني وقف أطلاق النار في وقته أستجابة لرغبة خميني كما ذكرنا سابفا .


وما ذكرته هنا عشته وأنا ألتقي من نجا من الأطفال الأيرانيين وهم يتلقون الأسعافات اللازمة من الجانب العراقي ميدانيا وقد قلدهم من قادوهم لمسلخة المواقع العراقية الملغومة سلاسل لفت على رقابهم وقد علقت بها مفاتيح ,سألناهم بواسطة بعض المترجمين المتواجين رفقة القوات العراقية فأجابوا بأنها مفاتيح توصلهم الى الجنة أن أستشهدوا أو أن نجح هجوم قواتهم فهو موصلهم الى الأمام الحسين عليه السلام ؟؟!


فتصوروا المعادلة التي شرعها هذا الخرف تحليل دفع المئات من هؤلاء الى محرقة الموت ليمهدوا الطريق أمام العدوانيين للأمساك بالمواقع الحدودية العراقية تمهيد ا لشن هجمات تالية قد تفلح , وفي الغالب تخيب وأن أفلحت على حساب دوس عناصرهم على أجىساد الذين افتى رهبرهم بجعل أجسادهم الغضة ومن دون رحمة جسرا يؤمن سلامة قفز المعتدين الى أهداف في الأراضي العراقية التي سرعان ما تقتلعهم هجمات الرد المقابل فيقعوا في المصيدة العراقية ليقتل منهم من يقتل ويقع في الأسر من يقع منهم والقلة منهم تعود خائبة من حيث أتت تدوس على جثث الأطفال الأيرانيين في الأياب والذهاب هروبا من لسعة النيران العراقية القاتلة .


ونعود لنسأل من جديد من وقف مع الخميني ظالما لأطفال ألشعوب الأيرانية , مع ظلمه لمن آووه في العراق ’ هل سعيتم لأحصاء عدد الأطفال الذين سيقوا للموت تحت هذا المبرر وتبرعا من خميني ليس ألا , لرفضه الأستجابة لنداء العراق السلمي في العام 1980 والمكرر مرات عديدة قبل الأنسحاب من الأراضي الايرانية وعندها وبعدها حتى العام 1982 ولن أتحدث عن عموم الضحايا وحجمها هائل ولكنني أتحدث عن حجم الأطفال الذين راحوا ارضاءا لنزوة جاءت خميني في خلواته المكرسة للتمعن في كيفية أحتواء العراق كعقبة تحول دون ترويج سلعته التوسعية , الرقم المتوقع هائل قياسا على التعرضات اليومية التي شهدتها مواقعنا الحدودية وهي كثيرة وشاملة جميع أمتدادات حدودنا الشرقية وكان الوصول اليها لا يتم ألا عبرالمرورعلى جثث الأطفال الأيرانيين , المرسلين الى حقول الألغام , فكم بلغ عددها وبالتالي كم كان عدد ضحاياها يوميا وكم هو العدد السنوي وكم بلغ عددهم الكلي في النهاية , عندما أضطرالرهبرصاغرا في 8- 8 - 1988قبول قرار مجلس الأمن القاضي بوقف أطلاق النار بعد سنة من صدوره ؟! كم كم وهو يدرك أن حجم المذابح التي ساقت فتاواه أليها أطفال أيران , كراديس , كراديس بلا رحمة , من الصعب أن يحصى .


وعلى ذكر الكراديس أجد من المناسب أن أورد للقراء حادثة أحاطت بي وأنا أغطي مجريات المعارك التي شهدتها قواطع العمليات الحربية بعد تقدم قوات الجيش العراقي لأسكات مصادر النيران المعادية داخل الأراضي الأيرانية , وعند حدودنا بعد قرار سحب القيادة الوطنية لقواتنا الى الحدود الدولية بعد أنتهاء المهمات التي أضطرتها لمطاردة المعتدين في داخل المناطق الحدودية , ولأسباب تتصل بتأمين أمن وسلامة هذه القوات وهي تدافع عن العراق على أرضه محمية الظهر مسندة بخطوط مواصلات تؤمن لها أسنادا سريعا يديم موقفها الدفاعي بدلا من ان تدافع عنه في أرض غريبة من الصعوبة بمكان أن تتوفر فيها السلامة الدفاعية والدعم اللوجستي بنفس ما يمكن توفيره فوق أرض الوطن .


فقد استيقظت من النوم فجرأحد الأيام التالية لفشل محاولة لقوات خميني بأستخدام الكراديس في مهاجمة الدبابات العراقية التي كانت تفرض طوقا على الطرق المحيطة بجزيرة عبادان عندما عبرت نهر الكارون شمال مدينة المحمرة وفرضت سيطرتها على المنطقة المحاذية للمجرى المائي الضيق المتفرع عنه الذي أطلق عليه القائد البطل عدنان خيرالله طلفاح وزير الدفاع رحمه الله تسمية (ترعة بهمشير) لأنه يصب بمياه الخليج العربي عند تلك المدينة ,
أستيقاظي تم على رنة الهاتف وصوت شخص يحيني بتحية الصباح ويبلغني بأنه موجود في أستعلامات فندق حمدان في العشار مركز مدينة البصرة الأداري التي كانت تقيم فيه بعثة جريدة الثورة وأنا أحد أعضائها ,لأمر مستعجل وهو ضابط مسؤول في أحدى قطعات الجيش العراقي المقاتلة .


وخلال وقت قصيرة اتممت أستعداداتي للذهاب معه صحبة مصور الجريدة الناشط (محمود) وسائق سيارة البعثة الجريء (هاشم) الى حيث المكان الذي يتطلب الواجب الصحفي ان أصله بناء على توجيه من الراحل وزيرالدفاع وكان يتواجد ميدانيا بمحاذاة منطقة العمليات , وهذا ما أحاطني به الملازم الأول الذي جاء لأصطحابي ونحن في طريقنا بالسيارة العسكرية الى المكان , لم يزد على ذلك شيئا , بل أكتفى بالقول عندما نصل ستعرف التفاصيل .


وعرفت بتلك التفاصيل ليس بعد وصولي المكان وكان في منطقة التنومة ’ وأنما بعد تناولي ومن معي الأفطار على مائدة المضيف وهو آمر الوحدة الذي شرح لي المهمة التي أكد لي حرص الراحل عدنان خير الله أن يخص بها الرفاق في بعثة الثورة المتواجدة في الميدان القتالي وتبدأ بلقاء ضابط أيراني برتبة رائد ركن تخرج في فترة حكم الشاه وهو على مستوى عال من الثقافة في الشؤون العسكرية , وله وجهة نظر فيما يخص أستخدام الأرجحية السكانية في أدامة الحرب مع العراق , مؤكدا لي عندما تبادلنا الحديث حول المعركة الاخيرة خطأ زج كراديس المتطوعين(البسيج) ومثلهم من حرس خميني في معارك اما جيش منظم يمتلك قادة لهم باع طويل في أدارة المعارك والمناورة في القطعات التي تضم مقاتلين معروفين بالبأس والقدرة القتالية المجربة وحسن أستخدام القوة النارية المتوفرة لهم مما مكنهم وبوقت سريع من أنجاز مهمات أنهت أقتدار القوات الأيرانية السابقة المعروفة , وقال لي أن ماحدث كان أنتحارا عندما والعلة ليست بأفراد الجيش ’ وأنما بالعقليات التي تديره , لا على أساس الخبرة القتالية وحسن أدارة العمليات وتوفر المقاتلين المدربين الأشداء , بل أعتمادا على عناصر قيادية تأتمر بأوامر وفتاوى المؤسسة الدينية ,كما حدث في الهجوم الفاشل الأخيرالذي أعتمد أسلوب الفزعة بزج كراديس الشباب بالهرولة السريعة نحو أهداف تملك قوة نار تصلي وجوه المتوجهبن اليها , كما أصلت ظهور من أستدار وهرب من جحيم نيران مدافع دبابات محصنة المواقع مسندة بنيران مدافع أرضية وصواريخ تترى من الجو ناهيكم عن رشاشات الدوشكة التي تولت أنهاء القلة الواصلة من بواقي الكراديس لتسقط على مقربة من الدبابات العراقية .


واختتم الرائد كلامه معي وقد شابه الحزن والأسى قائلا : كيف يريدون احراز نصر على جيش مدرب خبير بمجرد أمتلاكهم كراديس كبيرة ألعدد تتحرك بحماسة وبتحريضات رجال دين ينسحبون الى الوراء لحظة اندفاع الشباب الذين يوهمون بأن أمساكهم بمواقع العراقيين عملية هينة بفضل دعاء خميني المصاحب لهرولتهم وبأدعاء أن الدعاء والهرولة سيرهبان ويلجمان القوات العراقية ويجمد عروق عناصرها مما سيمكنهم من بسط السيطرة على جو المعركة وبالتالي حسمها لصالحهم؟؟


هكذا لقن المتطوعون وحرس الثورة الخمينية , وهكذا أخذتهم ارجلهم على وقع أدعية المعممين المضللين الى محرقة موت التي أستمرشبيهها على هذه الوتيرة طيلة الأعوام الثمانية التي أطال فيها مرشدهم أمد الحرب العدوانية ولكنه رفض توفير الظروف المواتية لأن يعيش أبناء أيران في أمن وسلام مع جيرانهم .


وأن أضطر في نهاية المطاف لأن يعلن موافقته على قرار مجلس الأمن القاضي بالدعوة الى وقف أطلاق النار في الحرب الأيرانية – العراقية في الثامن من أب 1988 أي بعد عام من موافقة الرئيس الراحل الشهيد صدام حسين عليه وبعد حوالي ثمانية أعوام على اعلان أستعداد العراق لوقف أطلاق النار, وعقد مفاوضات تسعي لأقامة علاقات بين البلدين تعزز حسن الجوار وتوفر فرص التعاون من أجل صيانة سلامتهما وأمنهما وعلى أساس عدم تدخل أي بلد منهما في الشأن الداخلي للبلد الآخر ورفض خميني لهذه الدعوة وجميع ما تلتها من دعوات سلمية طرحتها دول صديقة لأيران قبل العراق وأخرى عديدة طرحتها منظمات دولية وأنسانية وافق عليها العراق , ورفضها المرشد ألا قرار مجلس الأمن الذي وافق عليه بعد حين الا أنه ارفق أعلان الموافقة بجملة قصيرة مفادها أنه وافق على القرار وأن كان سيعني له تجرع السم !!


وفعلا لم يطل البقاء بعد ذلك , فقد داهمه المرض سريعا بعد وقت ليس بالطويل , وكأنه كان يعني ما قاله من موافقته على قرار وقف أطلاق النار كان سما تجرعه على مضض واضطرارا , وكان أفضل لوفعلها مبكرا , يرحمه الله .


والمهم أننا كبعثة والرائد الأيراني والضابط المرافق زرنا موقع المعركة والتقينا بمقاتلينا ضباطا وضباط صف وجنودا حيث عايشنا مكان المعركة وروى الشباب كيف أستدرجوا الراكضين الى منطقة شكلت مقتلأ ليمكنهم [يقاع أكبر حجم من الضحايا في صفوف المهاجمين ليكون تكدسهم عاملا يعطل تقدم الأخرين ليسهل أصطيادهم أيضا , وأثار شرح الشباب تفاصيل ما حدث الرائد الأيراني الذي تفادى مواجهة النيران العراقية عندما نأى بنفس عن المهرولين بفترة زمنية مناسبة ’ليسلم نفسه لقواتنا بعد هدوء الحالة مباشرة فأمنت له الحماية فورا ونقل الى الخطوط الخلفية معززا , فهمس في أذني ألم أقل لك جيشكم خبير بكل شيئ .

 

 





الاثنين١٨ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ضياء حسن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة