شبكة ذي قار
عـاجـل










دارت مناقشات بالرسائل بيني وبين أخ مغربي يتابع البصرة، قال: إن اخواننا في المغرب بالفعل انخدعوا بالخميني وبالثورة، وبالاسم الطنان الذي أعطاه لها : الثورة الاسلامية !!! وأضاف الأخ، لا تلوم اخوانك في المغرب ...  ففي تلك الايام (عام 1979) لم تكن هناك فضائيات ولا انترنت ولا وسائل الاتصال الحديثة اليوم، حيث ارتبط العالم مع بعضه من خلال جهاز كمبيوتر صغير ومحمول ...  ولو اليوم.. حدث في إيران ما حدث في تلك الفترة، ولو قامت ثورة ضد عمائم الكفر والنفاق، وقلبت الاوضاع على رؤوسهم ...  فلن تهتز شعرة في قدم اصغر طفل عربي من المحيط الى الخليج حزنا  واسفا عليهم ...  بعدما عرفهم العرب على حقيقتهم الشيطانية الساسانية الصفوية ...

 

ونحن لا نلوم الاخوة ... لا في المغرب ولا غيره ...  لأن ذلك الشيطان عرف كيف يخدع العالم العربي بأسره ...  وليس أهل المغرب فحسب ...  وأضيف ...  قد لا نلوم الناس البسطاء أبد ...  ولكن العتب واللوم و"القهر" من الناس التي تدعي العلم والثقافة والمعرفة.. كيف لا زالت مخدوعة بهذه الدولة ...  وبتلك العمائم  ...  يبدو أنها – مع الأسف – لا علم ولا ثقافة ولا معرفة – بل تومانات ودولارات تصب في الجيوب ...

 

نتابع في هذا الفصل من حيث توقفنا في الفصل الماضي ...  وكان قد بقي منه عنوانين هما:

 

موقف الدول الكبرى من نظام الشاه ...

محادثات الخميني مع الامريكان ...

 

موقف الدول الكبرى من نظام الشاه ...

 

اما تفاصيل الاسباب التي ادت إلى الانهيار التام للملكية وخيبة امال الشاه فتعود إلى العوامل الثلاثة التي كان يعول عليها، والتي تتلخص بما يلي:

 

السياسة الامريكية ...  والتي كانت السبب الرئيسي في ما لحق بالشاه من هزيمة منكرة، فإنها، وان لم تقصد في بادئ الامر تغيير الشاه كما تدل الشواهد والاثار التي ظهرت إبان الثورة الايرانية وبعدها، الا انها كانت تسعى إلى تعديل السياسة القمعية التي كان يمارسها الشاه، وهو ما يعتبر دليلا ساطعا لالتزام الرئيس الامريكي الجديد بوعوده امام شعبه والعالم ...  ومن هنا، نرى الرئيس الجديد للولايات المتحدة قد قبل دعوة الشاه لزيارة ايران وتبادل نخب الصداقة معه، وعبر عن ايران (بجزيرة الاستقرار) في ظل النظام القائم فيها، ولا اعتقد ان تلك السفرة كانت سفرة اعتباطية عابرة، بل خطط لها كل التخطيط، فالشاه كان يعتبر عاملا من عوامل السياسة الامريكية في المنطقة ...

 

واذا ما اضطر الرئيس الامريكي تحت وطأة الرأي العام بأن يسحب بساط القوة من تحت قدميه، فهذا الامر لايعني انه اراد تقويض النظام والتعاون مع الخصوم للثورة ضده، ولذلك كان العالم يسمع تصريحات مشجعة لنظام الشاه في المؤتمرات الصحفية التي كان المسؤولون الامريكان يعقدونها في البيت الابيض، بما فيها الناطق الرسمي باسم الرئيس، ولم يكن معقولا ان يسقط نظام الشاه اذا كانت السياسة الامريكية تسانده بهذه السهولة، وبين عشية وضحاها، فالخمسين الف مستشار امريكي الذين كانوا يعملون في الجيش والسافاك والأجهزة الاخرى كانت لهم من القوة والقدرة على تحريك الجيش والسافاك بكل ثقليهما لاخماد الثورة ... 

 

ولكن، كما اعترف الشاه في مذكراته، ان الامريكان لم يعملوا شيئا لانقاذه عن طريق مستشاريهم عندما عرفوا ان ورقته خاسرة!!! بل كانوا يرغبون في مغادرته البلاد كما قال له الجنرال هايزر، معاون السكرتير العام لحلف الناتو، والذي وصل إلى ايران بغير علم منه واتصل بالمعارضة بدون علمه ايضا، وعندما زاره في قصره لم يبحث معه تطورات الازمة، بل كان يسأله بصورة متكررة متى ستغادر ايران ياجلالة الشاه!!!!

 

محادثات الخميني مع الامريكان ...

 

ويظهر من اعترافات زمرة الخميني بوضوح، ان الامريكان غيروا سياستهم في دعم الشاه في الشهور الاخيرة قبل سقوط النظام، وبدأوا بالاتصال مع الخميني وزمرته، فهل كان هذا لانهم علموا بان الشاه مصاب بالسرطان ولن يعيش طويلا، واذا ما مات فليس هناك من يخلفه بقوته وجدارته، ولا سيما أن ولي عهده لم يبلغ سن الرشد بعد ...  وزوجته الامبراطورة ثريا لايحسب لها حساب ...  فالبحث اذن عن نظام قوي صديق كانت تمليه السياسة الامريكية ... 

 

أقول ...  ثم يطلع علينا بعض الجهلة المتيمين بالخميني وثورته الكاذبة البائسة ليحاولوا اقناعنا بمقولة تافهة أطلقها الخميني كذبا وزورا وبهتانا ومخادعة وهي تسمية أمريكا بالشيطان الأكبر ...  لا أدري إن كان هؤلاء السذج المتخمين بالتومان الفارسي يعلمون أن المجرمين والخونة والسفاحين والمارقين وأبناء المتعة إنما يتحالفون فيما بينهم بالخفاء ويتظاهرون علنا بالعداء ...

 

وهنا لابد من ذكر الدور الكبير الذي لعبه الخميني وجماعته مع الامريكان، موحيا لهم ان السياسة التي سيتبعونها في حالة نجاحهم ستكون موالية لهم ...  وهنا علينا أن نأخذ بعين الاعتبار ان اهتمام السياسة الامريكية قبل كل شيء كان ينصب على عدم انتصار الشيوعية في منطقة الشرق الاوسط ...  ولاسيما في بلد مثل ايران ...  التى تحظى بموقع استراتيجي هام.. فزوال الشاه الحليف المريض لا مانع بالنسبة لهم طالما سيخلفه نظام ديني ارتجاعي متزمت، يقضي على الشيوعية بسيف الاسلام، فهو بالنهاية حليفا طبيعيا لهم !!!

 

فدحر الشيوعية والقضاء عليها قضاء تاما باسم الدين وواجب الايمان، كما يعرفه "العالم الإسلامي" انما هو في صلب التخطيط الاساسي للسياسة الامريكية في هذه المنطقة الحساسة من العالم، والمليئة بسبعين بالمائة من احتياطي النفط العالمي الذي تتوقف عليه الحضارة في امريكا واوروبا.

 

ومع اننا لاندري بالضبط المذكرات التي دارت بين الامريكان وزمرة الخميني، الا اننا ندري انه التحق بالخميني في النجف وقبل ان يغادرها بيوم واحد صديقه ومستشاره الدكتور ابراهيم يزدي الامريكي الجنسية ...  وكان هذا الشخص في رفقة الخميني في باريس، ومن اقرب المقربين اليه، وكاد اليزدي أن يسبب مشكلة سياسية للخميني عندما منعته الكويت من الدخول إلى اراضيها ووافق العراق على عودته مع مرافقيه ما عدا اليزدي، الذي كان يحمل الجواز الامريكي! واصر الخميني على اصطحاب اليزدي معه، واصرت الحكومة العراقية على عدم الموافقة، لأنه امريكي وغادر العراق ولايحق له الدخول مرة اخرى الا بعد الحصول على موافقة الجهات الرسمية المختصة ...  وكانت هذه حالة فرضتها ظروف قطع العلاقات الدبلوماسية بين العراق وامريك ... 

 

واخيرا "دخل" (بل دنس ولوث) الخميني الأراضي العراقية وترك اليزدي على الحدود، وعندما وصل إلى بغداد، قدم التماسا إلى السلطات العراقية يطلب منح اليزدي اذن الدخول إلى العراق لأربع وعشرين ساعة فقط شريطة ان يغادرها بصحبته، واستجابت السلطات العراقية لرجاء الخميني (لأنهم أشراف أبناء شرف وكرام أبناء أكرمين) ...  والتحق اليزدي بالخميني في بغداد، واليزدي هذا، عين في اول حكومة شكلت بعد قيام الثورة برئاسة بازركان بمنصب نائبا لرئيس الوزراء لشؤون الثورة ومتابعتها، ثم تسلم منصب وزير الخارجية فيما بعد ...

 

إن وجود شخص امريكي في قلب النظام كان تعبيرا بليغا عن التعاون الحميم بين الثورة وامريكا، ناهيك عن المحادثات التي دارت رحاها في باريس بين الخميني ورمزي كلارك وزير العدل الامريكي السابق، وهكذ ...  دارت المحادثات بين زمرة الخميني في طهران مع الامريكان، كما اعترف بازركان وبهشتي ورفسنجاني وغيرهم من اركان الزمرة الحاكمة، واعترفوا في الصحف والاذاعة والتلفزيون انهم اجروا تلك الاتصالات مع الأمريكان بعلم الخميني وأمره!!

 

ولم يكن اليزدي هو الامريكي الوحيد في الدولة، بل كان كلا من امير انتظام وزير الدولة والناطق الرسمي باسمها، ودكتور جمران وزير الدفاع ...  فقد كانا على شاكلة اليزدي، يحملان الجنسية الامريكية، وكان من الشائع ان اليزدي وزميليه عميلان مأجوران معروفان للمخابرات المركزية الامريكية!!!!! ومع ان نشوة الانتصار حجبت عن الشعب تلك الجسور الممتدة بين الخميني والامريكان، حيث كان الشعب يسمع من الخميني في خطبه اليومية، ان الامريكان كانوا وراء كل مالاقاه الشعب الايراني من المحنة والبلاء على يد الشاه، وهم السبب الحقيقي لما لاقته ايران في ربع قرن من المذلة والهوان!!! الا ان العيون الساهرة بدأت تراقب هذا التناقض في القول والعمل، وظهرت على صفحات بعض الجرائد اسئلة حول وجود هؤلاء الامريكان في حكومة بازركان!!!

 

ثم كان هناك اسئلة اخرى تسأل البازركان والخميني معا عن السبب في عدم الغاء المعاهدات العسكرية وصفقات الاسلحة المقدرة بآلاف الملايين من الدولارات ...  وعن الاتفاقيات التجارية التي ابرمت بين نظام الشاه والحكومة الامريكية، طالما ان الثورة الايرانية كانت في حقيقتها ضد السياسة الامريكية في ايران؟؟

 

فكان جواب بازركان ان حجم هذه المعاهدات تتجاوز آلاف ملايين الدولارات، وان رقمها يتجاوز التسعمائة معاهدة عسكرية وتجارية وصفقات أسلحة، وان إلغاء هذه المعاهدات يحتاج إلى دراسة وافية تستغرق شهورا بل سنوات ...  ولايمكن ان نلغي المعاهدات من جانب واحد لما يترتب على ذلك من خسارات مالية عظيمة، واذا كان الشعب قد اقتنع بهذه الاجوبة الركيكة، الا انه لم يسمع جوابا مقنعا عن سبب وجود الوزراء الذين يحملون الجنسية الامريكية في قلب الدولة الخمينية!!! وبقيت العلاقات مع الامريكان على احسن مايرام، إلى ان حدثت ازمة الرهائن، وبذلك حدث تغيير مفاجيء في ظاهر السياسة الايرانية نحو الامريكان وقد نفرد فصلا خاصا لتلك المهزلة التي اضحكت العالم وابكته ...

 

وهنا نصل إلى بيت القصيد في شرح العلاقات الثنائية بين الخميني والامريكان إلى ماقبل ازمة الرهائن، ومن انها كانت علاقة حسنة ووثيقة لا يستوجب التفريط بها لحماية الشاه الذي فقد كل قواعده الشعبية في ايران ... وبما ان السياسات العالمية الكبرى لاتصل إلى احد في البلاد التي يحكمونها بصلة القربى، بل انها تنبع من مصالحها الهامة التي تسعى لاجلها، فلذلك كانت التضحية بالشاه في سبيل الخميني امرا معقولا اذا ما استمر الخميني على نهج الشاه في تنفيذ المخطط العام الذي كانت ترسمه له، وهكذا ضحى الامريكان بالشاه، وهم على امل صديق حميم قوي جديد!!!

 

اما حكمة بختيار في معالجة الازمة السياسية، فقد ذهبت ايضا ادارج الرياح، فهذا الوطني الذي قضى شطرا كبيرا من حياته في معارضة الشاه وفي سجونه كان قد فقد في نظر الشعب تلك الوطنية بعد ان صافح الشاه، واخذ على عاتقه حماية التاج، والازمة السياسية التي كانت تعد العدة للثورة تجاوزت حدود الاشخاص والافراد ولم يكن بمقدور شخص واحد ان يوقف زحفها مهما كانت وطنيته ونضاله المشرف.

 

وعندما عين الدكتور بختيار رئيسا للوزراء، كنت انا في بغداد، واتصلت هاتفيا بالسيد ابو الحسن بني صدر، وقلت له في حديث دام قرابة ساعة: إن الوطنية تفرض عليكم حماية هذا الرجل ...  ان الوطنية تفرض عليكم وعلى الخميني ان تجدوا حلا وسطا لمساندته، فباستطاعته ان يجد حلا فيه الخلاص من الملكية ومنع البلاد ومؤسساتها من الانهيار الكامل ...  ولم يجد كلامي اذنا صاغية في وقته ... 

 

فسافرت إلى باريس، وانا في طريقي إلى امريكا، وكان الخميني انذاك فيها، والشاه في المغرب، في السفرة التي لم يعد منها ابدا إلى بلاده ...  فاتصل بي احد اقرباء بختيار يطلب مني ان اقوم بدور الوفاق بين بختيار والخميني ...  فأرسل بختيار ابن عمه عباس قلي بختيار، والذي كان وزير العمل في حكومته إلى باريس، وحاولت ان اصلح بين الرجلين، ودامت المحادثات ثلاثة ايام، ومع ان الدكتور بختيار كان يعد باعلان الجمهورية شريطة ان يمهله الخميني ثلاثة اشهر، الا ان الخميني كان لايراه صادقا في مواعيده، ثم كان يقول: ما دام اننا وصلنا إلى ابواب الانتصار فلماذا ننتظر ثلاثة اشهر اخرى؟؟؟ وفي اخر لقاء مع الخميني سألته بصراحة، اذا اعلن بختيار الجمهورية يوم غد، فماذا سيكون موقفك منه؟ هل تؤيده؟ ام تقف ضده؟

 

بدا الاحراج على وجهه ...  لكنه قال : انه لن يفعل هذ ... 

 

فسألته من جديد : واذا فعل؟ فكرر الخميني كلامه مرة اخرى، فكررت عليه القول، سنفرض انه فعل، ماذا يكون موقفك؟ طأطأ الخميني رأسه ...  ثم قال بعد برهة انه لن يفعل وسكت ... 

 

وانتهت المحادثات وخرجت من عنده مقتنعا انه لايسمح لاحد ان يلعب دورا بارزا في الثورة، بل يريد ان يحتكر كل دور لنفسه!!

 

وفي صباح اليوم التالي، قلت للسيد عباس قلي: انا لااجد في المحادثات هذه نجاحا وتقدما، وسأطلب من السيد ابو الحسن بني صدر ان يتابع الوساطة، فهو صديق الرجلين، وغادرت باريس إلى الولايات المتحدة الامريكية، وبعد يومين اتصلت بالسيد بني صدر هاتفيا وسألته عن سير المحادثات؟

فقال : ان المهمة فشلت، وانه سيترك باريس مع الخميني بعد يومين إلى طهران ... 

وسألته: على متن طائرة واحدة؟ فأجاب نعم ...  ثم اضاف قد تسقط الطائرة ونستريح جميع ...

فقلت : والعالم بأسره ...

فقال : أي والله ...  ((ليتها سقطت وارتاح العالم من ذلك الوجه الخميني الكسروي الشيطاني)) ...

 

لم تستطع حكومة بختيار مواجهة التيار الحاد الذي كان يعصف بها، فالتيار كان اقوى منها ولم يكن بختيار هو المقصود بالامر، بل كان المقصود هو النظام الذي اصبح بختيار جزءا منه، وسقط النظام وسقط معه بختيار ...  وهكذا فقد الشاه ثاني امل في العودة، وبقي الامل الثالث، وهو الجيش وقادة الشاه الاوفياء، وهذا الامر لم يكن اكثر من (سَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) ... 

 

أما تفصيل فشل الجيش في مواجهة الثورة العارمة التي شلت كل مرافق الدولة بما فيها الجيش نفسه فيتللخص فيما يلي :

 

أولا: ان اكثرية قواد الجيش الذين نصبهم الشاه في مناصب مرموقة بقيادة القوات العامة لم يشترط فيهم الكفاءة العسكرية، بل كان الشرط الاول والاخير هو الوفاء للشاه واطاعته اطاعة عمياء، وبما ان الجيش يتبع قادته في مواجهة الازمات الحادة، فإن القوات العسكرية لم تستطع حسم المواجهات المتتالية مع الشعب عسكريا، سواء بسبب عدم كفائتهم، او بسبب ضعف الشاه في اتخاذ القرارات الحاسمة، أو لعدم وجود ضوء اخضر من الامريكان، الذين كانوا يسيطرون على مرافق الجيش المختلفة والهامة بمستشارين عسكريين وسياسيين ... 

 

ثانيا: كما ان من الضروري ان لا يغرب عن بالنا ان الجيش الايراني جيش مسلم، ومتأثر بالمبادئ الاسلامية، ومع ولاؤه المطلق للشاه، الا ان ولاؤه لدينه يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار!!! وقد اخذت الثورة طابعا دينيا في آخر ايامها، حيث انضمت إلى الثورة اكثر الشخصيات الدينية الهامة نفوذا في قلوب الشعب، وانضمام كثير من هؤلاء إلى الثورة كان اضطرارا وخوفا من الرأي العام والشارع الذي انضم إلى الرأي العام أيضا وبدأ يتحكم في الوضع السياسي السائد في البلاد ...  كما ان كثيرا من رجال الدين الذين التحقوا بالثورة كانوا من انصار الشاه، او من معارضي الخميني، ولكنهم عندما علموا ان القطار المليء بالغنائم سيفوتهم اذا بقوا محايدين او مناصرين للشاه، انضموا إلى الثورة شأنهم شأن كل مستغل للظروف السانحة التي تعصف بالرطب واليأبس ...

 

اذن كان من الطبيعي ان يتأثر الجنود والضباط الصغار وهم الكثرة البالغة في الجيش بالعاصفة الشعبية المطلية بطلاء الدين، ولاسيما ان الجنود كانوا من الشعب، فلابد وانهم يتأثرون بالثورات التي تأخذ الطابع الشعبي العام، فقد تحصل مواجهة بين الجيش والشعب، ولكن لفترة محدودة ولمرة او مرتين، اما المواجهة التي أدت إلى انهيار الجيش الايراني امام الشعب فقد استمرت ستة اشهر، وكانت تحصل المواجهة كل يوم وفي كل ناحية من ايران المترامية الاطراف، وفي صورة كر وفر، انتهت في آخر المطاف إلى تضعيف معنويات الجيش وعدم الولاء لقادتهم الذين كانوا هم بدورهم لايدرون حقيقة السياسة التي يجب عليهم اتباعه ...  وقد انتهت معنويات الجيش الايراني بمغادرة الشاه، أي القائد الاعلى للقوات المسلحة إلى خارج ايران بتلك الصورة المشينة ... 

 

ثالثا: لا شك ان جيشا كجيش ايران، الذي تعود ان يظهر وجهه الحقيقي تحت راية ملوكه قد ينتهي وينهار اذا ما هرب إلى خارج البلاد قائده الاعلى وامبراطوره، الذي كان يرى فيه مجد ايران القديم والحديث مع ...  وهكذا انهار بين عشية وضحاها جيش كان قوامه 700 ألف جندي مدجج بالسلاح ومعدات عسكرية ارضية وجوية كانت تقدر بثلاثين بليون دولار ...  وخبرات عسكرية ومستشارين اجانب كانت تكلف الشعب اربع الاف مليون دولار سنويا من قوته ودمه ...  ليعلم العالم ان ارادة الشعب تنبع من ارادة الله واذا اراد الله شيئا هيأ اسبابه ...

 

أقول ...  أنا قرأت عن الجيش الفارسي أن ضباطه كانوا متخرجين في أرقى المعاهد العسكرية العالمية الأوروبية والأمريكية، وأنهم لم يصلوا إلى مراتب القيادة في الجيش إلا بعد اتباع دورات مكثفة في بريطانيا وأمريكا وأنهم ما حملوا الرتب العليا ووصلوا إلى مناصب القيادة إلا بعد جهد جهيد ...

 

فقط أحببت التنويه عن هذا الأمر لأن الكاتب يقول إن الكفاءة لم تكن مطلوبة وإنما الولاء للشاه هو الأهم ...

 

يتبع ...

 

 

د. صباح محمد سعيد الراوي

الخليج عربي وسيبقى عربيا

خليج الشهيدين السعيدين عمر بن الخطاب وصدام حسين

 

 





السبت٢٣ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. صباح محمد سعيد الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة