شبكة ذي قار
عـاجـل










ان تجارب الشعوب التي خاضت حرب التحرر الوطني من الاحتلال واذنابه اعتمدت بالاساس على المقاومة المسلحة وحققت بذلك نجاحات ملموسة يشهد لها التاريخ ومن بينها الحركة التحررية الوطنية التي خاضها الشعب العراقي للتخلص من هيمنة الاستعمار البريطاني ونعني بذلك ثورة العشرين الخالدة عام 1921، وكانت راس حربتها المقاومة المسلحة. اي تجربة شعبنا العراقي في المقاومة المسلحة عريقة سبقت تجارب الشعوب الاخرى التي قاومت خلال الحرب العالمية الثانية ضد الاحتلال الفاشستي والسنوات التي تلك الحرب حيث اتسمت الحقبة التاريخية قبل وبعد سنوات الخمسينات بنهوض عارم لحركة التحرر الوطني لشعوب اسيا وافريقيا وتتوجت بتحرير عشرات الدول وتحقيق استقلالها اسياسي من المستعمرين البريطانيين والفرنسيين ومن ثم دحر الولايات المتحدة وطردها من من فيتنام والعديد من دول امريكا اللاتينية. وهناك عامل مشترك لهذه الحركات التحررية هو اعتمادها على مختلف اساليب المقاومة من ابسطها كالاضرابات والانتفاضات الجماهيرية والعصيان المدني حتى ارقاها اي الكفاح المسلح. واكدت على تلازم الطريقين اي الكفاح المسلح والكفاح السياسي.

 

بالطبع ان المقاومة المسلحة تقتصر على نخبة من المناضلين الذين ينخرطون طواعية وبدافع من الشعور الوطني برفع السلاح في وجه المحتلين واذنابهم لطردهم وانقاذ الشعب والوطن من شرورهم. بديهي ان لكل حركة تحرر وطني ظروفها الموضوعية والذاتية، لكنها لم تكن بمعزل عن تاثير الحقبة التاريخية للوضع الدولي حين قيامها وتاخذ بنظر الاعتبار العامل الدولي. ونلاحظ ايضا ان هناك حركاتتحررية اعتمدت بالاساس على الجاني لسياسي كالهند التي قارعت الاحتلال البريطاني معتمدة على الكفاح السياسي كلاضرابات والعصيان المدني والمسيرات الجماهيرية التي عبلات عن استنكارها وادانتها ورفضها للاحتلال البريطاني، وتمكن زعيم حركة التحرر الوطني الهندية المهاتما غاندي من تعبئة الملايين من جماهير الشعب الهندي للكفاح ومواصلته ضد المستعمرين حتى تحقيق النتصار معتمدا على النضال السياسي ،بالبع انها تجربة فريدة حققت النجاح وفق الظروف التي كانت تعيشها الهند ووفق الظروف الدولية في اعقاب الحرب العالمية الثانية. وهذه التجربة متميزة عن تجارب الغالبية العظمى لحركات التحرر الوطني التي اعتمدت بالاساس الكفاح المسلح، كالجزائر وفيتنام وكوبا وفلسطين وغيرها من البلدان لكنها لم تغفل النضال السياسي . ونحن في العراق لنا اليوم ظروفنا الموضوعية حيث نواجه احتلالا مركبا امريكي صهيوني-ايراني، ونعيش حقبة تاريخية تتميز بوضع دولي واقليمي لا يمكن وصفها انها لصالح حركات التحرر ومن بينها نضال شعبنا ضد المحتلين واذنابهم، وكذلك الامر بالنسبة لنضال الشعب الفلسطيني لانه وضع دولي قائم على المصالح الذاتية المتبادلة بين الدول الكبرى والتي تلجأ لمراعاة مصالحها خاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وانحسار عنصر التضامن والدعم المعنوي والمادي حتى في الاطار الاقليمي واعني بذلك العالم العربي بصورة خاصة وجانبه الرسمي وليس الشعبي الذي ابدى ويبدي تعاطفه ودعمه الكامل لكفاح شعبنا العراقي او الشعب الفلسطيني .


وبغض النظر عن الحالة الراهنة للوضع الدولي والاقليمي والعربي انطلق الشعب العراقي لمقاومة الاحتلال منذ تدنيسه لارض الوطن معتمدا على تقاليده الكفاحية العريقة ومستفيدا من تجارب المقاومة للشعوب الاخرى ويواصل الشعب العراقي دعمه للمقاومة وتوسيعها ولن تثنيه عن ذلك جميع وسائل العنف والقسوة الهمجية للمحتلين وخدمهم المحليين ولا الوسائل والدسائس الخبيثة التي اتبعوها وما زالوا يواصلوها في زرع الطائفية والعرقية كسلاح لتمزيق وحدة الشعب بكل طوائفه واعراقه. على العكس فنحن نشهد تصاعد وتفاقم الصراعات بين الكتل والمجموعات التي جاءت مع المحتل المركب الامريكي الصهيوني- الايراني. ونتيجة لهذه السياسة ايضا نلاحظ ظهور وتصاعد بوادر الرفض لهذه السياسة البربرية والمطالبة الشعبية بالتغيير الجذري من اجل حقوقها ومكاسبها التي كانت متوفرة قبل الاحتلال وتسد احتياجاتها اليومية الضرورية والتي فقدتها بعد هيمنة المحتلين وعصاباتهم على مقدرات البلاد.


لقد ادرك الشعب العراقي ان وعود المحتلين باشاعة الديمقراطية وتحويل العراق الى بلد يسوده نظام يكون نموذجا لدول المنطقة ما هو الا سراب، وبدلا من ذلك اضرموا النار في مختلف جوانب الحياة، واهدروا الدم الطاهر لهذا الشعب وما زال يتدفق بهدف كسر الشموخ والاباء الذي يتسم به المواطن العراقي والذي ارغم المحتل على اعلان انسحابه بفضل جبروت المقاومة الوطنية المسلحة. هذا الانسحاب المخادع باسلوبه ومحتواه لن ينطلي على الشعب العراقي فالمحتل لن ينسحب ويعلق هزيمته الا بعد ضمان مصالحه واطماعه التي من اجلها شن حربه المدمرة على العراق وضمان بقائه بصورة مباشرة اوغير مباشرة وتامين قوى داخلية او خارجية من دول الجوار للعراق او ربط بلادنا باتفاقيات تضمن هيمنته المستمرة وابقائه بلدا ضعيفا لئلا يقوم بدوره الفعال كما كان الحال قبل الغزو. لهذا فان الولايات المتحدة تبحث عن شريك مضمون يشاركها في تنفيذمجمل ستراتيجيتها في العراق والمنطقة، هذا الشريكالذي سبق وان ساعدها في التمهيد لاحتلال العراق سواء في احتضان وتدريب بعض فصائل ما يسمون بالمعارضة للنضام الوطني السابق او بفتح اجوائها لطائرات المحتل لمهاجمة وطننا ، وكدليل على ذلك سقوط صاروخين على اراضي ايران كما اعلن عن ذلك وادعت الولايات المتحدة ان ذلك حدث سهوا. وتتسرب اليوم انباء عن مباحثات سرية بين واشنطن وطهران للاتفاق حول التعاون بين الطرفين والذي من شانه ان لا يتقاطع مع دور اسرائيل في المنطقة بل الارجح ان يكون لصالحها حاليا وفي المدى البعيد ايضا.# وهناك مسائل مشتركة تشير الى امكانية التوصل الى التنسيق اوالاتفاق بين واشنطن وطهران، اهمها الاطماع والمصالح المشتركة للاطراف الثلاث واشنطن وتل ابيب وطهران، ويمكن القول العداء المشترك لشعوب المنطقة. فايران تظهر العداء اكثر من عنصرالصداقة للعرب كما تدعي وان عامل الدين المشترك لا يلعب دورا في مجال المصالح بل لربما يكرس لحماية المصالح وستارا لاخفاء الحقيقة واهداغها. والا نتسائل هل ما قامت به وما زالت تقوم به ايران في العراق لا يتناقض مع الدين المشترك.


ففي الوقت الذي سارعت فيه اسرائيل لضرب المفاعل النووي العراقي، تتمادى تجاه عزم ايران واصرارها على امتلاك هذا المفاعل. وفي الوقت الذي تسامحت فيه ايران باطلاق سراح اليهود الايرانيين الذي حكم عليهم بالسجن بتهمة التجسس لاسرائيل، تواصل ايران عمليات الاغتيال الجسدي للعلماء والضباط العراقيين وغيرهم من المواطنيين اسوة بما تقوم به الموساد وشركات الامن الامريكية. ولا تقتصر اطماع ايران على العراق بل تشمل مجمل المنطة ، فكما تسعى اسرائيل لابتلاع فلسطين ارضا وشعبا فان ايران تستولي ومنذ عهد الشاه على جزر عربية هي ابو موسى وطمب الكبرى والصغرى والتامر على البحرين لليسطرة عليها،وتم الكشف عن مجموعات تعمل لصالح اطماع ايران في اثارة الفتن سواء في السعودية او اليمن ودول اخرى وصولا الى المغرب العربي مستخدمة مجموعة من القاعدة ترعاها في ايران وتمولها للقيام بعمليات تنسجم مع اطماع ومصالح ايران. وتدعي ايران انها تتعاطف مع الشعب الفلسطيني وتقدم له الدعم خاصة فيقطاع غزة، ولكن هذا الادعاء ظهرت حقيقته على المحك عندما ادعت انها سترسل مساعدات لقطاع غزة على غرار ما قامت به تركية وحددت موعدا لارسالها لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، لكن اية سفينة ايرانية لم تتوجه الى غزة بهذا الصدد لانها تجنبت الاصدام باسرائيل، وهذا له مغزاه ودلائله. في العمل السياسي ليس بالضرورة ان تظهر كل المؤشرات والادلةلتؤكد هذا الهدف اوالنهج ولكن التجارب والحس السياسي يدفعنا الى اليقظة والحذر عما دار ويدور بهذا الصدد.


فتصريحات بعض المسؤولين الامريكان حول العلاقة بين واشنطن وطهران تؤكد هذا التصور خاصة تساهل المحتل الامريكي تجاه ماقامت وتقوم به ايران في العراق ،فهي اي واشنطن تعلم بتحركات افراد جيش القدس داخل العراق وتعلم بهيمنة ايران على حقل الفكة لسرقة النفط وتعلم بتصدير الجانب العراقي للنفط الى ايران وغيرها من التجاوزات الخطيرة ،لكن واشنطن لم تحرك ساكنا ولم تردع ايران الا من خلال بعض التصريحات التي لم تمنع ايران من الاستمرار في ممارسة سياستها تجاه العراق، مما يؤكد على وجود تناغم في المصالح بين واشنطن وطهران . وليس بالشيئ الغريب خاصة وان الولايات المتحدة الامريكية في مازق سواء في العراق او افغانستان وهي تسعى للخروج من هذا المازق واحد السبل هو السعي لايجاد شريك او حليف يساعد واشنطن على الخروج من هذا المازق وفي نفس الوقت يقوم هذا الشريك برعاية مصالح واشنطن ، ولا يبتلع الغنيمة، ان طريق المساومة الامريكية الايرانية هو لصالح الطرفين لان ايران ايضا في ازمة داخلية نتيجة لتدهور وضعها الاقتصادي ولاتساع المعارضة لهذا النهج السياسي الايراني.


ونحن في العراق اليوم نقتطف الثمار المرة للاحتلال المركب الامريكي الصهيوني- الايراني.وازمة تشكيل حكومة للمنطقة الخضراء دليل على نشوب مخالب هذا الاحتلال المركب في جسم العراق الطاهر المثخن بالجراح. هذه الازمة دليل على فشل السياسة الامريكية في العراق التي كانت وما تزال تقوم على اساس دستور غير واضح المعالم والنصوص وابعدما يكون عن مصالح الشعب العراقي وعملية سياسية قائمة قائمة على اساس تكريس الهيمنة الطائفية والعرقية ودفع البلاد الى التقسيم واستمرار كل ما افرزه الاحتلال المركب لتحويل العراق الى بلد ضعيف اقتصاديا وعسكريا وسياسيا. هذا الحال الذي ال اليه العراق يلقى اعباءا جسام على الحركة الوطنية العراقية برمتها وخاصة المقاومة الوطنية المسلحة بكل فصائلها التي كانت وما زالت تمثل القوة الضاربة للمحتلين وخدمهم. ان السنوات الاخيرة فرزت اصطفافا جديدا للقوى السياسية في البلاد ،وهذا الاصطفاف هو لصالح المقاومة الوطنية المسلحة. واذا ادركت بعض القوى التي انخدعت او كانت تعتقد بان الاحتلال يمكن ان يرحل من خلال النشاط السياسي السلمي، لكنها ادركت خطل هذا الاسلوب وان المحتل واعداء الشعب لن يرتدعوا الا بقوة السلاح. وبذلك تعززت واتسعت الجبهة المناهضة للاحتلال، وهي مرحلة جديدة في كفاحنا التحرري الوطني التي تقودها المقاومة الوطنية المسلحة التي تواصل تحقيق انتصاراتها.


ومن الجهة الاخرى نلاحظ ان المحتل واذنابه في ازمة خانقة مما دفهم الى تصعيد اعمال القمع وتفاقم حرمان الشعب من الحقوق الاساسية التي تعتبر الضمان لتوفير مقومات الحياة وفي مقدمتها فقدان الامن. ان هذا الوضع يستوجب بالضرورة تنشيط وتوسيع الكفاح والمقاومة بكل اشكالها من ابسطها كالاحتجاجات والاضرابات والاعتصام والعصيان المدني الى ارقاها اي الكفاح المسلح. ان اساليب القمع لم تمنع المواطنين في التظاهر مطالبين بحقوق بديهية للحياة اليومية كالكهرباء والمياه الصالحة للشرب ووقف عمليات الهجير القسري وارغام المواطنين على التخلي عن مساكنهم بحجج واهية كما يحدثفي بعض مناطق بغداد ومدن اخرى . ان السخط الشعبي يتصاعد وعلينا تحويل هذا السخط الى عمل فعال منظم ليصب في تيار المقاومة ويرفدها بقوى جديدة، وهذا يتطلب تنشيط العمل السياسي من جانب المقاومة والقوى الوطنية سواء الدينية او العلمانية. لان الجانب السياسي للمقاومة متمم لكفاحها وضروري لديمومتها والتصاقها المباشر مع جماهير الشعب اكثر من السابق على ضوء تجارب حركات التحرر الوطني للشعوب الاخرى كما اسلفنا، وهذا يتطلب ضرورة الاسراع في توحيد جميع فصائل المقاومة وتنسيق نشاطها ومواقفها السياسية والتصدي لاية جهة تعرقل او تحول دون تحقيق هذه الوحدة كعامل اساسي وهام لتوسيع وتصعيد فاعلية المقاومة. طرح برنامج واضح وملموس للمقاومة الموحدة يؤكد على جوهر ستراتيجية المقاومة الوطنية في تحرير الوطن من الاحتلال المركب واعوانهم الانفتاح على القوى الوطنية المستعدة للانخراط في جبهة المقاومة الوطنية وعدم اقصاء اية جهة وطنية لديها الاستعداد لممارسة النشاط المقدس ضمن اطارحركة التحرر الوطنية. وتنشيط الجهاز الاعلامي للمقاومة ليدرك الاعداء والاصدقاء مدى سعة ونفوذ المقاومة الوطنية المسلحة، العامل الاساسي الذي يحبط مساعي الاعداء لتقسيم وطننا على اسس طائفية وعرقية.


ان الحياة السياسية متحركة تفرض اوضاعا وشروطا تتلائم مع هذا التحرك والتبدلات وعلينا استيعاب هذه الحقيقة وان نكون لدينا المرونة في فتح الباب لمن يطرق ويرغب في الالتحاق بركب المقاومة باي شكل او اسلوب من اساليبها وفق طاقتها وقدرتها. ان النضال ليس حكرا لحزب او مجموعة بل هو تيار عارم يمكن لمن يرغب من منطلق وطني واستعداد للتضحية ان يلتحق بهذا التيار . ان تجربة السنوات الماضية برهنت على قوة باس المقاومة رغم سعي الاطراف المعادية لحرفها عن الطريق الوطني او شق صفوفها، ونحن على ثقة تامة ان بمقدور المقاومة مضاعفة قدراتها بوحدتها وادراكها بان الانفتاح على الاخرين لتوسيع اطارها سيضاعف من فاعليتها وقدراتها على التغير الجذري وتحقيق التحرر السياسي والاقتصادي وتحقيق التحولات التي تدفع بوطننا نحو افاق التقدم والازدهار وضمان وطن موحد مستقل هو العراق.

 

 





الجمعة٠٧ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥/ تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احمد كريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة