شبكة ذي قار
عـاجـل










يوميا يتعزز العداء الذي تنتهجه حكومة إيران للمنهج القومي الحضاري، فمن الالإستراتيجية المعلنة للزحف شرقا بإتجاه الهيمنة الضم الفكري والسياسي للعرب عبر إعتماد منهج إستعماري، يتخذ من فهم مشوه للطائفية الدينية والمذهبية السياسية غطاءاَ للهدف الحقيقي لبرنامجها التوسعي، وهذا تعزز عبر واقع التوجه الإيراني تجاه العرب والذي أسفر بعد عام واحد من الثورة الإيرانية ومجيء حكومة بزعامة تبدوا ظاهرياَ دينية، ومن رافق ذلك من أحداث فرعية مهمة على الساحة العربية لإيران علاقة رئيسية فيها، منها على سبيل المثال حركة مجاميع أو خلايا مرتبطة بحكومة ايران في الكويت والبحرين والعربية السعودية، فما حدث في الكويت من إغتيالات وأعمال تخريب مسيسة في تلك الفترة كانت تبرر بأنها رد فعل لمشاركة الكويت في الحرب ضد إيران للفترة 1980-1988 حتى وصلت الى تقصد الشيخ جابر أمير الكويت بنفسه، وتحرك النجبة السياسية الإيرانية بفاعلية ونشاط غير مخفي في المملكة العربية وعموم جزيرة العرب لتحريك فئتين هما

 

1.     الجالية الفارسية المؤثرة والكبيرة في الامارات وقطر والكويت والبحرين.

2.  محاولة تشكيل بؤر وأحزاب وخلايا موالية في أوساط العرب الشيعة، الذين كثير منهم يتصوروا دون وعي لحقيقة الآمور أن الحكم القائم في إيران يمثل الشيعة وهو نظام ديني، في كل من العراق والسعودية إضافة لدول الخليج العربي الصغيرة الأخرى، والتي تمتلك فيها إيران جاليات كبيرة ومؤثرة وفاعلة، وعززت بعناصر قيادية فكرية وتعبوية مرتبطة بالحرس والمخابرات الإيرانية.

 

ساهم في ذلك توسع هيمنة المرجعية الإيرانية بحكم إمكاناتها كدولة، في لعب دور كبير لتحجيم دور المرجعية الشيعية العربية، أو رجال الدين الذين يعارضون المنهج الفارسي، الذي يستخدم التشيع وسيلة لأهدافه، وذلك أيضا لعدة أسباب:

 

·   أختراقها للمرجعية الجعفرية الإثني عشرية عبر عدد كبير من رجال دين من أصول فارسية وإيرانية، وبالتالي تأثرهم بالجانب القومي الفارسي وتعاطفهم معه، مما سهل لها توظيف المذهبية في إستراتيجيتها العدوانية، وهذا يبدوا أنه منهج ثابت في السياسة الخارجية  للأنظمة الإيرانية، بغض النظر عن طبيهتها الفكرية والدينية، فنراه أعتمد منذ الدولة الصفوية ولغاية الآن، ففي عهد الشاه المعروف المنهج والمرجعية السياسية لم تتخلى إيران عن الظهور بأنها مرجعية للشيعة، فكيف في عهد خميني وخلفه خامنئي الذي يصف نفسه ولي أمر المسلمين، وهذا ليس عفوي في تصوري وإنما هو منهج زرع منذ تأسيس المخابرات الايرانية في عهد الإحتلال البريطاني للمنطقة، ولها أي المخابرات البريطانية دور في ذلك.

 

·   تحجيم دور وإمكانات المرجعية في النجف خاصة ورجال الدين الشيعة في عموم المنطقة العربية كرد فعل طبيعي على سلوك ومنهج إيران والخوف من إستغلال ذلك، وهذا كان خطأ ولكن التعامل معه بشكل آخر يشكل مجازفة خطرة، لو قرر أحد على العمل بها يحتاج الى عمل ديني ومخابراتي ووطني مكلف وقد لا تتوفر الكوادر القادرة على تنفيذه.

 

·   خشية الأنظمة العربية الخليجية بشكل خاص، التي في غالبيتها تنهج منهجا خاطئا في فهم المذاهب في الإسلام بشكل ديني فقهي صحيح، وتأثرها عقدائديا بالمنهج السلفي (الوهابي) السابق (الذي يكفر الشيعة)، قبل تغير منهجه حيث كان الوهابيون يعتبروا المذهب الجعفري أو الإثني عشري منحرفين عن الدين بل كفاراَ يعبدون الأئمة بدلا من الله، ومبتدعا بل وخارجاَ عن الملة لكونه يكفر الصحابة كما يظهر من خلال الإرث الإيراني المعلن عن الشيعة والذي مصدره إيران وعلمائها، وخاصة موقف المرجعيات الإيرانية الخاطيء فعلا من الصحابة السابقين السابقين وأم المؤمنين عائشة وأعتبارهم مغتصبين للسلطة من الإمام علي الذي يعتبروا ما جاء عن رسول الله له وتمييزه كأبرز المؤمنين وأكثرهم إدراكا للدين والقرآن وهو ما يعني أنرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما عنى في كل ما قاله أن علي أمام هدى ومرجعية للقرآن وأحكامه عند إختلاف أو عجز أي من المؤمنين خصوصا الخلفاء وذوي السلطة في تنفيذ أحكامه، وهذا ما يتناقض مع الأفعال والأقوال الصحيحة وحقائق التاريخ الذي يُنقل عن الأمام علي وأبناءه الحسن والحسين والأئمة الأطهار من أولادهم عيهم السلام أجمعين وذراريهم،وهو ما أفهمه من الدين وأعرفه من خلال القرآن وسنة الرسول وآل بيته وصحبه عليهم السلام أجمعين، وما وجدت عليه آبائي وانا من عائلة هاشمية علوية جعفرية متمسكة بالدين، ولم يكن الرسول الكريم وصحابته السابقون يروا الدنيا إلا طريق عابر وسفر قصير، فالعاقل والمحظوظ من يعبره بسلام ويصل غايته ومناه، أو إمتحان رباني للإنسان كي يرى عمله، أو كصفقة تجارة مع ربهم الذي سيعودون له، ليحاسب كل إنسان على عمله، قد لا يكون حكام الخليج مجافين للحقيقة في بعض مواقفهم كونهم لم يفهموا وحتى مراجعهم حقيقة المذهب، ولم يتعاملوا معه تعاملاَ موضوعيا مبني على تعمق ودراية واضحة من خلال الرجوع الى تراث أئمة الهدى الذين يعنيهم الشيعة الجعفرية الإتني عشرية، وهذا بحد ذاته خطئاَ دينيا وقصورَ في المنهج الإسلامي القائم على أن (الدين تفكر وتدبر) كما يقول الامام علي عليه السلام، وهذا ليس من منهج الوهابين الذين لي وجهة نظرة بشأن تكوينهم ونشأتهم، لا أجد داع للخوض فيه ولكنه منهج خاطيء من بعض أئمة المذاهب وإجتهاداتهم من السابقين رحمهم الله، الذين أرادوا في بحوثهم وفلسفاتهم الفكرية الإجتهادية خير المسلمين وكشف الغموض وتسهيل معرفة الأحكام بعد ضعف الوعي الديني وتفشي الجهل بالأحكام وتفسير القرآن نتيجة توسع دولة الإسلام ووفاة وإستشهاد معظم الصحابة وقلة التابعين من المتعمقين في الدين وهذا أيضا نتيجة إنحراف الحكام للدولة العربية الإسلامية وانتقالهم من الدولة الدينية المدنية الى دولة السلطة والعمران والتفاخر والإهتمام بالدنيا أكثر من الدين، كما هو الوضع في الدولتين الأموية والعباسية وما تلاهما من تشرذم وصراع على السلطة والجاه والمال والدنيا ومغرياتها، وصادف عودة التشيع وبكثير من الخطأ والغلو الذي نتج من إضطهاد الدولتين الأموية والعباسية للمناصرين للآل بيت رسول الله وذراريهم الذين كانوا ينتقدوا أوضاع ما لآل اليه الفهم الديني، من خلال رؤية فقهية عميقة ودراية واعية وسليمة لأحكام الدين ونصوصه، والذي كان يعتبره خلفاء بني أمية وبني العباس سعيا منهم للإستيلاء على السلطة، هذا وإرتباط هذا الظهور للمذهب الجعفري بقوة ولكن بكثير من التشويه والتحريف بالإستعمار الصفوي الفارسي، الذي غزا بغداد في العهد العباسي الثاني، ونتيجة التناحر والتنافس القديم بين الفرس والروم أي بينهم وبين الأتراك الذين يعتبروا نفسهم وارثي الروم، وإستخدام المذهبية كمبرر للإستيلاء على السلطة من قبلهم، فصار التعصب المذهبي بديلا للتحليل والتفكير وتحكيم العقل والدليل، بديلا عن التعمق في رؤية الأئمة والصالحين لكيفية وجوب الحكم والسيرة كي نظل على الدين كما هي حقيقته وأحكامه وشرائعه، فأعتبر التشيع منهج مرتبطا بالأستعمار الفارسي، وهم أي الفرس إستثمروه ووظفوه وأدخلوا فيه ما يجعله يخدم غاياتهم فشوهوا حقيقته وصفائه وما أراد به الإئمة الطاهرين من منهجهم، بل عمدوا فوضعوا كثيراَ من الإفتراءات والأباطيل عن الأئمة، كي يكون منهجا يخدمهم.

 

·   هذا الفهم الخاطيء ظل كثير من حكام العرب وأجهزتهم الأمنية المعتمدة على القمع والمغلات فيه يعملوا وفقه، إلا العراق وبالذات القائد الشهيد صدام حسين فكان يرى الصورة بشكل مختلف لذا كانت ثقته عالية، عندما طرح خميني في أحدى خطاباته بأن شيعة العراق يناصروه، فطرح القائد تحديا عندما إستفتى العراقيين فكان الموقف حاسما في إنحياز العراقيين لبلدهم ودينهم لا لشيء آخر، ولا أضن أن هناك تحليلا علميا وفهما إطلعت عليه لشرح الفرق بين نشوءالمذهب الشيعي كمذهب ديني فكري في الفقه الإسلامي مناصر لآل بيت رسول الله وفق فهمهم الدقيق للدين وبين التشيع الفارسي الذي ظهر في القرن الرابع الهجري وبعده، والذي قدمه الرفيق الشهيد صدام حسين في خطابه بمناسبة ذكرى النصر العراقي على المنهج الفارسي وعدوانهم على العراق عام  1989 ، في حين أن التشيع والموالات لآل بيت النبوة تيار ومنهج معظم الصحابة السابقون السابقون منذ العهد النبوي الشريف.

 

·    كان تخوف اللأنظمة العربية تخوفاَ من أن يكون الدور الإيراني قادر على إختراق الشيعة العرب وتكوين بؤر موالية لإيران  وإستغلالها ضد بلدانها فكان دورها محجما، بل كان الفعل الرسمي خادما ومسهلا للتوجه الإيراني ومهيئا للجهلة والمضليين من الشباب في الإنحياز فعلا الى إيران، وحتى عندنا في العراق كان دور رجال الدين الشيعة محدوداَ ومحصوراَ بشخص المرجع الأعلى السيد الخوئي رحمه الله وقلة من المؤتمنين من المراجع العرب كالسيد حسين الصدر المرجع في الكاظمية والسيد على المداني في ديالى وعدد محدود وفي تصريحات متباعدة، وذلك أيضا لخشية المؤسسات الأمنية وضعف فهمها مما جعل مواقف السيد الخوئي والعدد القليل وكأنه خلاف وتنافس شخصي مع المنهج الإيراني والخميني بالذات.

 

·   أضف لذلك أستغلال الإعلام الإستعماري الغربي والصهيوني الحرب بين العراق وإيران لتعميق التمزق بين المسلمين وزيادة الصراع الطائفي وتعميقه، وهو هدف مركزي في برنامجهم الإمبريالي الباغي العدواني ضد الإسلام والمسلمين.

 

·   الموقف الإنتهازي والطفيلي لأنظمة الخليج من فهم البعد القومي والأخلاقي والفكري للمواجهة العراقية الحازمة والمبدئية للعدوان الإيراني، وفهم وإدراك المنهج الذي يقاتل العراق وفقه المنهج الفارسي، وذلك واضحا من إنقسام مواقف الدول الخليجية من الحرب منذ البدأ، حيث تقاسمت ثلاثة مع العراق لشعورها الفعلي بالخطر الإيراني على أنظمتها وليس على عروبتها وترابها، وثلاثة مع إيران بحجة الحيادية من حرب إقليمية، وهو توجيه غربي مقصود لإطالة الحرب وتشجيع طرفيها وهذا ما لم تنتبه له القيادة في العراق لحسن ضنها الخاطيء، والذي إنكشف مباشرة بعد توقف الحرب وحسم المعركة والذي بان من موقف الكويت والإمارات وما أتخذه حكامهما من الأجراءات الإقتصادية المعادية للعراق، والتي كانت السبب الرئيسي لما جرى في المنطقة، وما آلت اليه الأمور، وهو ما كانت تخطط له أمريكا والصهيونية وحلفائهما. ولنا عودة لإكمال الموضوع إن شاء الله.

 

 





السبت٠٨ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة