شبكة ذي قار
عـاجـل










هذه الحلقة أبدأها وفي ذهني مقتطفات هامة جدا من مقالة كتبها الاستاذ العراقي الكبير علي الكاش، جزاه الله كل خير وأحسن اليه، ونشرتها شبكة البصرة وكانت بعنوان :  كيف يمجدون قاتل أبناءهم  .. 

 

أقول  ..   يا أيها العراقي  ..   وعلى رأي الشهيد الله يرحمه ويحسن اليه  ..   بشرط أن تكون عراقي قولا وانتماءا وحب  ..   ولاؤك للعراق العظيم حتى ولو كنت من أصول عربية أو غير عربية، ولكنك عشت على أرض العراق وصرت عراقيا بالضرورة ..

 

ليس فيك ذرة واحدة من حب العراق والولاء لله ثم لدينه ثم للعراق إذا كنت تحب الخميني (الملعون) أو تمجد به  ..   وأنا هنا أقولها بكل صراحة، وليرضى من يرضى ويغضب من يغضب  .. 

 

لا يحب الخميني ويمجد به إلا واحد من هؤلاء :

 

- فارسي صفوي كسروي مشبع بالصفوية الخمينية حتى النخاع  ..   هذا لا شأن لنا به فليذهب إلى الجحيم مع الخميني وزمرته المجرمة الكافرة.

- شيعي عربي، لم يقرأ القرآن، ولم يطلع على الدين الاسلامي وكتبه وتعاليمه، بل أخذ دينه من المعممين المنافقين الفاسدين اللصوص، المنحرفين الذين حرفوا الدين الاسلامي وحرفوا مذهب الامام جعفر الصادق، وراحو يفتون بالخمس والمتعة، وقصر الصلوات وتأخيرها وإتيان الذكر والدابة والغسل بعدها وغير ذلك من حقارات وسفالات  ..   مثل الدجال المنافق الصدر والد المنغولي مقتدى، ومثل آل الزنيم المجوس، ومثل الخنازير الكبانجي والشيرازي والفالي والمهاجر والكوراني وغيرهم من أصحاب العمائم المجوسية الحزينة على نفوق أبولؤلؤة المجوسي  ..   هذا الشخص يجب الاهتمام به وارشاده الى الطريق الصحيح والطلب منه أن يقرأ ويقرأ ثم يقرأ ويحكم عقله، ولا يترك عقله عند المعممين الكذابين المنافقين الذين سيوصلوه حتما إلى جهنم وبئس المصير  ..   بعد أن يكونوا قد هتكوا عرضه وأفلسوه بسبب الخمس الذي يدفعه؟؟!

 

-  مسلم سني، سواء عربي أم غير ذلك، ايضا، لم يطلع على الدين الاسلامي بشكل جيد، ولم يطلع على كتب المجوس وما ورد فيها من كفريات وشركيات وويلات يشيب لها شعر الولدان  ..   فظن أن الخميني هو إمام العصر والجماعة، انخذع بالثورة الايرانية مع من انخدعوا وغره منها الاسم فقط ..  وراح يدافع عن الخميني وعن دولته المجوسية ظانا منها أنها دولة الصحابة والتابعين  ..   وما أكثرهم في أيامنا هذه، وخاصة مع بروز حزب الشيطان وادعاءاته النصر الكاذب على الصهاينة وادعاءات التحرير وما إلى ذلك من ترهات وسخافات وخزعبلات  ..   وهؤلاء يندرج في إطارهم جماعة الاخوان وبعض من منتسبي، ومن يقولون، إنهم قادة حماس ..  وبعض الفصائل الفلسطينية الأخرى، وأخص بالذكر هؤلاء المتواجدين في الخارج وليس الداخل الفلسطيني .. 

 

- كاتب صحفي أو إعلامي عربي، وأغلب هؤلاء الناس لاعلاقة لهم بالدين مطلقا، بل هم من صنف من يطلقون على أنفسهم كتاب علمانيون  ..   أو ليبراليون أو من هذه المسميات الغريبة التي تطلع علينا بين الفينة والأخرى ..  اي لا يهتم بالدين أبدا، وغالبا ما يكررون عبارات من مثل :  أن المهم هو تحرير الارض من أية جهة كانت ..  والدين لله والوطن للجميع وما يجمعنا مع إيران (مثلا) هو العداوة المشتركة مع الصهاينة  ..   يعني وضعوا أنفسهم في خندق واحد مع ايران بمواجهة اسرائيل – كما زعموا – غير عالمين أن ايران واسرائيل في خندق واحد ضدنا نحن العرب ؟؟ ولعل استاذنا الكبير صلاح المختار أشار اليهم من قبل في دراسة مطولة (14 حلقة) نشرتها الشبكة على عدة حلقات كانت بعنوان :  المدافعون عن الاستعمار الايراني  ..   أما غير ذلك من هؤلاء  ..   فلا أعتقد أن عربيا تنبض العروبة في عروقه ويسري حب العرب ورسولهم في دماءه يدافع عن هذا الشخص وعن هذه الدولة الكسروية الشيطانية التي تريد إعادة الامبراطورية الكسروية المجوسية الصفوية الساسانية التي دمرها وكسر شوكتها أولا سيدنا عمر بن الخطاب في القادسية الأولى، ثم الشهيد صدام حسين ورجال العراق في القادسية الثانية ..

 

المهم  ..   نعود إلى الكتاب  ..   حيث يصل الدكتور موسى في فقراته إلى ما يلي :

(وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ، ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ( سورة التوبة)  .. 

مهزلة الرهائن ..

 

بعد مهزلة الرهائن بثلاثة أشهر، جمع الخميني جمعا من مرتزقته وخطب فيهم خطابا جاء فيه هذه الجملة "ان هذه الثورة الثانية – (أي اخذ الدبلوماسيين الامريكان كرهينة – حتى يعيد الامريكان الشاه وامواله إلى ايران)، اهم بكثير من الثورة الاولى التي ادت إلى تغير النظام"، اما المرتزقة الذين كانوا من حوله فكانوا يحركون رؤوسهم تصديقا لقوله ويقولون بلى بلى!! واما الطبقة الواعية من ابناء الشعب فكانت تبكي وتضحك لما وصلت اليه امور البلاد .. 

 

أما كيف بدأت تلك المهزلة المثيرة للسخرية؟ فقد قيل فيها الكثير وألفت عنها الكتب ومئات المقالات تصدرت الصحف العالمية بشأنها، ولا أريد ان اكرر هنا ما قاله الآخرون، فأنا لا أؤرخ المهزلة تلك، وانما ابين هنا رأيي وقناعتي الخاصة حسب المعلومات التي توفرت لدي عندما عاصرت الازمة في طهران، وما سمعته من الخميني عندما كان في باريس حول اسرة الشاه المتواجدة آنذاك في امريكا.

 

الخميني وراء التخطيط ..

 

انا شخصيا لا اشك ان الخميني بشخصه كان وراء مهزلة الرهائن، وهو الذي اوصى بتنفيذها إلى الطلبة عن طريق ابنه احمد، وهنا اسجل ما سمعته من الخميني عندما كان في باريس لاعطاء صورة عن المنحنى الفكري للشخص، مضافا اليها عوامل نفسية وسياسية اجتمعت كلها فخلقت مشكلة باسم الرهائن نتجت عنها خسارة اقتصادية لايران ببلايين الدولارات وخسارة معنوية لاتقدر بثمن  .. 

 

في احدى المرات التي التقيت فيها بالخميني في باريس، ولعلها كانت آخر مرة التقي به هناك، قال لي :  ان الصحف كتبت خبر وصول اسرة الشاه إلى امريكا، وكم يكون حسنا وياليت لو اخذوا هناك كرهائن ولم يفرج عنهم الا بعد ان تسترد منهم الاموال التي نهبوها من الشعب!!، نظرت إلى الرجل باستعجاب وقلت له :  كيف يمكن ان يحدث مثل هذا؟ وكيف يمكن القيام بهذه المغامرة؟ فمغامرة اخذ الرهائن مغامرة فاشلة، ثم اضفت القول :  ان الاموال التي خرجت من ايران لن تعود اليها، حتى الحصول عليها عن طريق القضاء امر صعب المنال  .. 

 

قال لي :  اخرجوا معهم اموالا كثيرة ومبالغ عظيمة، وكرر جملة مبالغ عظيمة عدة مرات!!، وانتهى الحديث إلى هذا الحد لانني لم اعلق عليه اكثر مما قلت، فقد رأيت ان ما يقوله نوع من الهذيان ولايليق بعاقل ان يضيع وقته فيه، ولكن لم يخطر ببالي في تلك الليلة ان القدر قد خبأ للرجل دورا بارزا وعظيما في مهزلة صارت حديث العالم، وشغلت المجتمع البشري لشهور طوال، وتسببت في سقوط رئيس الولايات المتحدة الامريكية في الانتخابات ..

 

فلنعد إلى الاسباب الحقيقية التي ادت إلى مهزلة الرهائن، اذا اخذنا بعين الاعتبار ان موضوع اخذ الرهينة كوسيلة انتقامية، او كوسيلة لاعادة الاموال والاشخاص، كان من المواضيع التي تشغل بال الخميني قبل ان يستلم السلطة، ثم اضفنا إلى هذا الانحدار الفكري لدى هذا الشخص، والذي اشرنا اليه في مكان آخر من هذا الكتاب، وهو ان الخميني يحب نفسه وسمعته ونقاء صورته اكثر من أي شيء آخر في هذه الدنيا، وقد سبق وان خاطب الشعب الايراني بعد نجاح الثورة بقوله :  " انه سيعيد الشاه إلى ايران لمحاكمته"، ولو صدق هذا الوعيد، واعيد الشاه حقا إلى ايران، لكاد الخميني يصل إلى مصاف الاولياء يعزى اليه علم الغيب والمعاجز .. !! الامر الذي كان يخدم الخميني ومآربه في تحريك الشعب حسب هواه وارادته .. 

 

وفي هذا الوقت حدث ما لم يكن بالحسبان، فقد وصل الشاه من المكسيك إلى الولايات المتحدة الامريكية للعلاج، والخميني الذي كان يسيء الظن بكل شيء وبكل احد، زعم ان وجود الشاه في امريكا انما هو مؤامرة للاطاحة به، وكان لا بد من عمل حاد لردع الامريكان من موقفهم العدائي، ومع ان العلاقات الايرانية الامريكية إلى ماقبل مهزلة الرهائن كانت ودية، وكان وزراء من اعضاء الحكومة البارزين يحملون الجنسية الامريكية، هما اليزدي وامير انتظام ود. جمران، ثم كانت الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية الايرانية الامريكية التي عقدت في عهد الشاه، والتي بلغت الملايين كانت ولازالت قائمة بقوتها في العهد الجديد، اذن كانت الصدمة قوية على الخميني الذي اعطى هذه الامتيازات للامريكان وهو يرى تلك الدولة تستضيف الشاه وتتعاون معه لتقويض حكمه ونظامه حسب زعمه ..

 

الطلاب الشيوعيين والتابعين (للامام) وراء التنفيذ ..

 

ودخل عنصر جديد في الميدان وهو الطلاب الشيوعيين (حزب تودة)، الذين كانوا ينتظرون الفرصة المواتية للقيام بعمل يفرح موسكو ويقضي على النفوذ الامريكي في ايران  ..   والمطلعون على المنحنى الفكري لمرشد الثورة الايرانية والاضطراب الذي يسوده، ومن ثم النتائج المغلوطة التي يستنتجها هو من معادلاته الفلسفية مضافا اليها روحه الشريرة التي لاتريد الهدوء والاستقرار لايران، ولا تريد رؤية الشعب ينصرف إلى اعماله وبناء نفسه، اذا لم يخلق له مشكلة تصرفه عن واجباته، وبذلك يصبح هو كمرشد للثورة مهمل الذكر نسيا منسيا، الامر الذي يكون فيه نهايته، وهو لن يسمح بذلك ما دام على قيد الحياة، فخلق حالة من الهياج العام تحيي من جديد ذكره وتلقي عليه الاضواء، وتجدد مقولة أن تماسك الناس حوله ضروريا في تقديره  .. 

 

وقد استخلص الخميني من معادلاته الرياضية تلك، انه اذا قام بعمل عدائي حاد ضد الأمريكان مهما كانت نتيجته، فانه سيكون جوابا رادعا لاولئك الذين يتهمونه بالتعاون مع أمريكا، وهنا لابد من صريح القول ان كثيرا من الطبقة الواعية من ابناء الشعب الايراني قبل مهزلة الرهائن كانوا يعتقدون ان سياسة الخميني نحو الامريكان امتدادا لسياسة الشاه، وكانوا يستشهدون بالوزراء الامريكيين في الدولة وعدم الغاء الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين، كما ان بعض الصحف المعارضة كانت تشير إلى هذا الموضوع بصراحة كما قلنا في مكان آخر من هذا الكتاب  ..   وحانت اللحظة المناسبة ليدافع الخميني عن شرفه وقداسته امام الشعب الايراني باتخاذ موقف عدائي حاد ضد الامريكان يثبت فيه انه عدوهم اللدود وليس متعاونا وصديقا معهم  ..   وليرغم امريكا على ابعاد الشاه من اراضيها واتخاذ موقف الحياد من الجمهورية الفتية  ..   او تسليم الشاه إلى ايران وبذلك يصدق وعده الذي يضيف له قداسة  ..   او استرداد الاموال التي اودعها الشاه في البنوك الامريكية هو تتجاوز الآلاف من الملايين  ..   او تسليمه إلى ايران مع الاموال التي اخرجها من البلاد، وبذلك يكون النصر المبين له ولدولته!!

 

كذلك من معادلاته أنه يريد خلق جو من الهياج العام يشغل الناس به عن مشاكلهم الداخلية العظيمة التي كادت تعصف بالنظام الجديد بذريعة محاربة امريك  ..   وتوحيد صفوف الشعب المتشتتة تحت لواء محاربة امريكا "الشيطان الاكبر" (الحليف الرئيسي والداعم الأول لإسرائيل)  ..   فيطول بذلك امد الحكومة الخمينية إلى ان يجد ذريعة اخرى لاشغال الناس من جديد  .. 

 

اما الاستيلاء على السفارة الامريكية واحتجاز موظفيها فلم يكن امرا صعبا بالنسبة لدولة تملك من الامكانيات الكثير الكثير  ..   فقد صدرت الاوامر من الخميني عبر ابنه احمد إلى الطلبة الموالين لخميني باحتلال السفارة واحتجاز موظفيها، وكان ضابط الاتصال بين احمد والطلبة شيخ في لباس رجل الدين يدعي خوئيني، كافأه الخميني بعد ذلك بمنصب نائب رئيس مجلس الامة، ولهذا الشخص سجل حافل بالعمالة لروسيا، وهو من الشيوعيين الاوائل، وكان على اتصال بالطلاب الشيوعيين بطبيعة نشاطه الشيوعي وبالطلاب الموالين للخميني بطبيعة الصداقة الحميمة والوثيقة التي كانت تربطه باحمد، ابن الخميني، فتحركت المجموعات الطلابية من الفئتين قاصدة السفارة الامريكية وفي ضمنها جماعة من حرس الثورة بملابسهم العسكرية او في ملابس الطلبة ..

 

وفي يوم الرابع من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1979 تم الاستيلاء على السفارة الامريكية في وضح النهار، واحتجز الموظفين الدبلوماسيين فيها، واصبحت السفارة في يد الطلبة من كل جوانبها، حدث كل هذا في الوقت الذي كان القائم بالاعمال الامريكي بروس لينغن في غرفة وزير الخارجية الايراني الدكتور ابراهيم يزدي يتحادث معه حول المباحثات التي تمت بينه وبين بريجينسكي مستشار الامن القومي في الجزائر عن العلاقات بين امريكا وايران، وعندما وصل الخبر إلى وزير الخارجية باستيلاء الطلبة على السفارة الامريكية طلب من القائم بالاعمال ان لايخرج من الوزارة ريثما تنجلى الغبرة، وبقي بروس لينغن في الجناح الخاص بالضيوف وفي ضيافة الحكومة الايرانية سنة واربعة شهور لم يغادر غرفته الا بعد ان حلت ازمة الرهائن، وترك ايران مع اعضاء سفارته.

 

وبعد استيلاء الطلبة على السفارة الامريكية بايام معدودة بارك الخميني رسميا عمل الطلبة، ونعت اعضاء السفارة بانهم جواسيس وينتمون إلى "الشيطان الاكبر" وكانت مباركة الخميني تعني ان الدولة هي التي انضمت إلى الطلبة وهي التي تشترك في عملية اخذ الرهائن، وتجلى امام العالم واقع النظام الارهابي الايراني، والعقلية الارهابية الحاكمة في رأس مرشد الثورة  ..   واستقال بازركان رئيس الوزراء من منصبه لانه لم يحتمل شيئا كهذا واعتبره اهانة لدولته ولسمعته في العالم، وتولى زمام السلطة مجلس قيادة الثورة واكثرهم من زمرة الخميني المعممين، ولم يعين المجلس رئيسا للوزراء بل طلب من الوزراء الاستمرار بالعمل ومراجعة المجلس في اعمالهم، وهكذا زاد الطين بلة وارتبكت امور الدولة لعدم وجود رئيس مسؤول يحكم الوزارات، وظهرت قوة جديدة هي قوة الطلبة المحتلين للسفارة الامريكية والذين لقبوا انفسهم (التابعون للامام) .. 

 

وشهدت ايران حالة جديدة من الفوضى اثرت تأثيرا مباشرا على الحياة الاجتماعية السياسة، وكان من اهم تلك الاحوال الشاذة هي الاسرار والوثائق التي كان الطلبة يذيعونها على الناس زاعمين انهم استولوا عليها في السفارة الامريكية، وبما ان السفارة كانت تحت سلطة الطلبة الذين استولوا على اوراق السفارة والاختام الموجودة فيها فلم يكن من السهل كشف الواقع والفرق بين الغث والسمين من الوثائق التي كانوا يذيعونها على الشعب، وهذه الوثائق كانت تحتوي على علاقة بعض الساسة الحاكمين آنذاك مع السفارة الامريكية او المخابرات المركزية الامريكية، واغرب ما في الامر ان الطلبة عندما كانوا يكشفون اسماء الشخصيات السياسية الواردة في تلك الوثائق كانوا يعتقلون اولئك الاشخاص ويأخذونهم مخفورين إلى محكمة الثورة، والمحكمة كانت تأمر باستجوابهم واعتقالهم تمهيدا لمحاكمتهم!!!

 

ووصل الاستهتار لدى (الطلبة التابعين للامام) انهم اذاعوا وثيقة جديدة عثروا عليها في السفارة تقول ان السيد منياجي وزير الارشاد قد التقى بالسفير الامريكي مرتين قبل نجاح الثورة، وبعد اذاعة البيان داهم الطلبة التابعين دار الوزير في منتصف الليل واخذوه مخفورا إلى محكمة الثورة بتهمة التجسس  ..   أما الحاكم الثوري، فقد شكر الطلاب على عملهم وامر بسجن (وزير الارشاد) في احدى زنزاناتها تمهيدا لمحاكمته، وفي صباح اليوم التالي وعندما ذكرت الصحف ذلك الخبر هاج الشعب وماج من هذا العبث بالقانون والتلاعب بمقدرات العباد وكرامة الانسان في ظل الجمهورية الجديدة التي تدعي أنها إسلامية!!

 

وكان الكلام الذي يردده الشعب (اذا كان الوزير غير مأمون في داره في اناء الليل ويلقى القبض عليه من قبل شرذمة غير مسؤولة وباتهامات واهية، والسلطة القضائية العليا ترحب بذلك، فماذا سيكون مصير الناس الباقين؟ واين هي الدولة؟ واين هو الامان؟ واين هو الاستقرار؟).

 

ودخل الميدان الرئيس بني صدر وشد حيله وقواه وارسل حرسه ورهطا من تابعيه إلى محكمة الثورة لانقاذ الوزير المسكين، وبعد الليت والذي والتي والتي  ..   ومحادثات استمرت ساعات طوال، استطاع بني صدر اطلاق سراح الوزير، وعاد الوزير إلى داره، واعلن في مؤتمر صحفي قائلا ان الطلبة التابعين شرذمة من الاوباش، وما تضمنته الوثائق حول اتصال ومحاثاته مع السفير الامريكي كان بعلم رئيسه وامره وتوجيهاته ..

 

وظهر بازركان امام الصحفيين ليعلن لهم صدق قول الوزير، واضاف انه بدوره تلقى التوجيهات من الخميني وانه هو الذي امره وآخرين من اعضاء مجلس قيادة الثورة مثل البهشتي والرفسنجاني باجراء المحادثات مع الامريكان والبقاء معهم على اتصال، وظهر البهشتي امين عام المجلس الثوري والذي كان يدير دفة الحكم بعد استقالة بازركان امام الصحافة ليؤيد ما اعلنه بازركان، وظل الناس في حيص وبيص من هذه التصريحات التي كانت تفضح الخميني والخمينيين القابضين على زمام السلطة باسم الثورة والاسلام  ..   ( والإسلام منهم بريء ..  )

 

الخسائر العظيمة لم تقدر بثمن  .. 

 

وشغل فكر الشعب الايراني وجهده ووقته مهزلة الرهائن لمدة سنة واربعة اشهر كانت الحصيلة خسارة في اموال الشعب تقدر ببلايين الدولارات وفي سمعة النظام الحاكم لاتقدر بثمن  ..   اما موقف الامريكان امام هذه الازمة فكان :

 

- تحريك الاسطول الامريكي إلى المياه القريبة من الساحل الايراني.

- التهديد باحتلال ابار النفط.

- تجميد أرصدة ايران البالغة 9 بلايين دولار في البنوك الامريكية.

- شن الحملات الاعلامية ضد النظام الحاكم في ايران.

- تقديم الاقتراح إلى السوق الاوربية المشتركة بالمقاطعة الاقتصادية، ووقف معاملاتهم التجارية مع ايران، وقد نفذت بعض الدول هذا الاقتراح واوقفت صادراتها إلى ايران  ..   وانذرت دول اخرى ايران بانها ستقف مع شريكاتها في المقاطعة الاقتصادية اذا ما استمرت في حجزها للرهائن ..

 

وعندما كانت الازمة في اوجها، غادر الشاه امريكا إلى باناما بعد ان تلقى العلاج في احدى مستشفيات نيويورك، غير ان الخميني لم يغير شروطه لحل الازمة، وكان يطالب بالشاه الذي اصبح خارج السلطة الامريكية .. 

 

ومع انني شخصيا اشك كل الشك فيما اذاعه بيرسلينجر المعلق السياسي في التلفزيون الامريكي بعد انتهاء مهزلة الرهائن من ان الحكومة البانامية كانت تريد القاء القبض على الشاه وتسليمه إلى ايران، الا انني اشك كل الشك انه كان بوسع الحكومة البانامية تسليم الشاه إلى ايران، ولكن من المحتمل ان خبر الاعتقال بحد ذاته كان يمهد الطريق لحل الازمة وليحفظ ماء وجه الخميني امام الشعب الايراني  .. 

 

ثم فوجىء العالم بالمؤتمر الصحافي الذي عقده جيمي كارتر رئيس الولايات المتحدة الامريكية ليعلن للعالم فشل خطة انقاذ الرهائن، بعد ان ارتطمت الطائرة الناقلة للجنود بطائرة حربية في مطار صحراء طبس الايرانية الواقعة في جنوب شرقي البلاد، وقتل طاقمهما والجنود الموجودين فيهما، وكانت الطائرتين ضمن مجموعة اخرى من الطائرات التي ارسلت إلى تلك الناحية البعيدة من طهران لانقاذ الرهائن، وكل ما قيل عن الخطة واحتمال نجاحها وكتبت عنها الصحف في وقتها لم يتعد كونها خطة جنونية أو انتحارية  ..   ما جعلت كثيرا من الناس يعتقدون ان ما ادعته ايران وامريكا حول سقوط الطائرات، والتخطيط الفاشل لانقاذ الرهائن، انما هو لالقاء الستار على المهمة الحقيقة لتلك الطائرات، وهي ايصال المعونات العسكرية لثوار افغانستان عن طريق نهر هيرمند القريب من ذلك المطار الصحراوي الذي حدثت الفاجعة فيه  ..  

 

وكانت الاشاعات تقول ان هذه الامدادات كانت تصل إلى الثوار الافغان بعلم من الحكومة الايرانية، وعندما سقطت الطائرات لم يكن بالمقدور اخفائها وتغطيتها، فأعلن النبأ بالصورة التي سمعها العالم ومن الجهتين الايرانية والامريكية بصيغة واحدة  ..   إن هذه الاشاعة التي كانت تدور رحاها في ايران كانت في الوقت نفسه تعطي ذلك الانطباع الخطير لدى كثير من ابناء الشعب الايراني من ان مهزلة الرهائن انما هي مسرحية اريد منها اضفاء نوع من الواقعية على الثورة التي كان الخميني يدعي ان ثمانين الف قتيل راح ضحيتها والدعم الامريكي للشاه كان احد ألأسباب لهذا العدد من الضحايا!! ومن ثم فان الصداقة التي تربط امريكا بالزمرة الحاكمة والتي يرددها كثير من الناس انما هي اشاعات لتشويه الثورة ورجاله .. !!!

 

اننا نسجل هنا صورة من تفكير المجتمع الايراني بكل اجنحته حول مهزلة الرهائن، اما كشف الواقع فمتروك إلى الوقت الذي يسقط فيه هذا النظام الجبار المتكبر، ويخلفه نظام آخر يكشف سوءة سلفه، ومهما كان من امر، فان حادثة طبس استغلت من قبل الخميني وزمرته ضد الامريكان واجهزة الاعلام الخمينية اظهرت الحادث في مظهر المعاجز والكرامات، وبدأت تشبه بين سقوط الطائرات الامريكية اثر العواصف الرملية بسقوط جيش ابرهة من جراء طير الابابيل التي كانت ترميهم بحجارة من سجيل، كما جاء في القرآن الكريم!!! وراح المعممون الفاسدون ينسبون هذه الكرامات للخميني ويدعون بين السذج من أبناء الشعب أنها من كرامات الإمام!!! ..

 

وهكذا اخذ السذج الغفل من ابناء الشعب يطبل ويزمر ويتظاهر في الشوارع ابتهاجا بالنصر المبين لمرة اخرى، وفي الوقت الذي كان كثير من ابناء الشعب يملأون الشوارع عرضا وطولا بالتظاهرات الصاخبة وبحماس منقطع النظير لتأييد امامهم الذي انتقم من الامريكان!!! ..

 

أما الحقيقة التي جهلها الكثيرون حول حادثة الرهائن فإن الواقع يقول أن صادق الطباطبائي رسول الخميني وصهره كان يقيم في المانيا الغربية، وكان على اتصال مستمر بالحكومة الامريكية لحل مشكلة الرهائن، والشيء الوحيد الذي كان يطلبه الخميني هو ان تحفظ امريكا ماء وجهه امام شعب ايران، وتبقى التنازلات التي يقدمها لحل المشكلة سرية او في تعابير غير مفهومة للشعب الايراني، اما حجم التنازلات وثمنها الباهظ فلم يكن موضوع المحادثات التي استمرت ثلاثة شهور بين الطباطبائي واعضاء من وزارة الخارجية الامريكية، لان الخميني وزمرته كانوا يريدون الحل بأي ثمن، وقبل ان يعتلي ريغان سدة الحكم، وبشرط واحد فقط هو اظهار الخميني بمظهر المنتصر في هزيمته النكراء ..

 

واخير  ..   انتهت الصفقة بين الخميني وكارتر، اما قصة تلك الصفقة فهي كالآتي :

 

لقد خسر كارتر والحزب الديموقراطي معركة الرئاسة امام رونالد ريغان والحزب الجمهوري، فالجمهوريون استعملوا في حملاتهم الانتخابية ازمة الرهائن، واستغلها الرئيس المرشح رونالد ريغان في خطبه، ولم يستطع كارتر ان يدافع عن موقعه الضعيف لحل مشكلة الرهائن جيدا وخسر المعركة، وفاز غريمه باكثرية ساحقة، الامر الذي اعتبره نصرا مبينا للحزب الجمهوري ورئيسه  ..   وكان اول تصريح ادلى به الرئيس المنتخب حول ازمة الرهائن هو " ان النظام الحاكم في ايران يتألف من مجموعة من الوحوش والبرابرة وليس لديه تعليق اكثر من هذا "!!

 

الخميني يوقع وثيقة الاستسلام  .. 

 

وكان الخميني والخمينيون يعلمون جيدا ان المشكلة التي خلقوها لانفسهم لم تجن لهم ثمارا غير الشوك ولابد ان ينهوها بشكل او بآخر، وكانوا على علم ان ريغان اذا ما استلم السلطة الفعلية بعد ان تنتهي مدة رئاسة كارتر فإنهم سيواجهون شخصا عنيدا لا يلين، وقد تكون ايران اول محطة من محطات العنف على يد الرئيس الجديد الذي وصل إلى الحكم بالتهديد والوعيد، وحل مشكلة الرهائن بأي ثمن، كما انهم كانوا بحاجة إلى ارصدتهم المحجوزة في بنوك امريكا للاستعانة بها في شراء الاسلحة للعدوان مع العراق، وشراء المواد الاستهلاكية، وكان القحط يهدد البلاد بكارثة، وكان الخميني وزمرته يعلمون جيدا ان مشكلة الرهائن اذا لم تحل على يد الرئيس القديم جيمي كارتر فان حلها على يد ريغان سيكون اصعب بكثير من سلفه مع الاخطار المحتملة اذا تأخر الحل إلى موعد استلام الرئيس الجديد للسلطة، وكان الامريكيون يعلمون ايضا ان الخميني وزمرته يريدون الحل العاجل للاسباب التي مر ذكره ..

 

الا ان النقطة الوحيدة التي كانت تهم كارتر وادارته هي حل الازمة قبل ان يترك البيت الابيض وبذلك يكون حل الازمة التي بدأت في عهد رئاسته على يده ايضا، والنقطة التي كانت تهم ريغان هو ان يقارن وصوله إلى البيت الابيض حل ازمة الرهائن حتى لا يواجه مشكلة يضطر لحلها باتخاذ الاجراءات العنيفة التي المح بها الأمر الذي كان ينطوي على اخطار عظيمة محتملة  ..  

 

وعلى اساس هذه المعادلات السياسية كان كلا من النظامين الحاكمين في ايران وامريكا تواقا لحل مشكلة الرهائن قبل ان يستلم السلطة الرئيس الجديد، ولكن رغبة الخميني كانت اشد واقوى، وكان يريد حلها بالسرعة القصوى وبأي ثمن، ولذلك ارسل الخميني صهره الطباطبائي صهره إلى المانيا ليجري الاتصالات المكثفة مع الامريكان، واخذت الحكومية الجزائرية على عاتقها في ظاهر الامر القيام بدور الوسيط بين ايران وامريكا، الا ان المحادثات الاساسية كانت تجري في المانيا وكانت نتائجها تصل إلى الخميني عن طريق ابنه، وهو بنفس الوقت زوج شقيقة الطباطبائي، واخيرا وقبل ان يترك الرئيس كارتر البيت الابيض وقع البلدان اتفاقية اطلاق سراح الرهائن واطلاق سراح الاموال الايرانية من البنوك الامريكية معا، ولكن الفارق بهذا، هو ان الخميني اطلق سراح كل الرهائن الموجودين في حوزته، اما الامريكان فقد افرجوا عن بعض الاموال الموجودة في حوزتهم ولم يفرجوا من مجموع 9 بلايين دولار الا 6 بلايين فقط، وبقيت البلايين الاخرى قيد الدرس، مع شروط اضافية جديدة حتى يبت فيها فيما بعد.!!

 

واخيرا اطلق سراح الرهائن الامريكان من طهران بعد ان تعرضوا لاهانات غير انسانية من قبل حرس الثورة قبل مغادرتهم مطار مهر اباد، وكتعويض معنوي عما لحقهم من إهانات من قبل الايرانيين، طار كارتر إلى المانيا الاتحادية ممثلا عن الرئيس الجديد الذي شغل منصبه في نفس اللحظة التي اطلق فيها سراح الرهائن ليكون في استقبال الركب الحزين!!

 

وبعد وصول الرهائن إلى واشنطن وحضور الحفل الكبير الذي اقامه رئيس الولايات المتحدة الامريكية على شرفهم وسلامة وصولهم، ذهب كل رهينة إلى بلدته ليستقبل فيها استقبال الفاتحين ويلقي محاضرة على المتجمهرين عن التوحش والبربرية ونقض العهد والمواثيق التي شهدوها في الجمهورية الايرانية وفي ظل نظام يحكمه الكهنوت ..  واستمع الشعب الامريكي بكامله عن طريق قنوات التلفزة والاذاعة إلى احاديث الرهائن، واتخذ اعداء الاسلام تلك المحنة ذريعة للنيل من الاسلام بالتهكم الجارح والنقد اللاذع، والصقت بالشريعة المحمدية السمحاء من التهم الكاذبة الكثيرة وشنعت عليها ما استطاعت إلى التشنيع سبيل ..

 

الرابح والخاسر في الميزان  .. 

 

وفيما بعد، أراد الخميني ان يرتكب نفس الجريمة مع الدبلوماسيين العراقيين في الاهواز وخرمشهر، فلم تمض 24 ساعة على احتجازهم حتى وصل إلى علم الخميني بصورة مؤكدة انه اذا لم يطلق سراحهم في خلال 24 ساعة فقط، فان الدبلوماسيين الايرانيين في العراق سيلاقون نفس المصير، فارغم على اخلاء سبيلهم وترحيلهم بطائرة خاصة إلى بغداد ..  ولكن الامريكان لم يعملوا بالمثل الامر الذي فسر بعدم الاهتمام الحقيقي لقضية الرهائن او لان ادامة المهزلة تضمن مصالحهم اكثر من حلها بسياسة العمل بالمثل فلم يكن باستطاعة الحكومة الامريكية تجميد 9 بلايين دولار لمدة سنة ونصف بدون ان يدفع على مثل هذا المبلغ الكبير ارباحا تصل إلى الفين مليون دولار اذا حلت مشكلة الرهائن بين عشية وضحاها، ثم لم يكن بمقدورها ايضا ان تؤدب نظام الخميني وتجعل منه العبرة وترغمه على الخضوع والخشوع امام (الشيطان الاكبر) على حد تعبيره حتى يخرج من المأزق الذي صنعته يداه، ولعل الخميني وزمرته لم يدركوا حتى الآن ان ترك الدبلوماسيين الايرانيين احرارا في امريكا يسرحون ويمرحون في القارة الامريكية بطولها وعرضها في المدة نفسها التي كان الدبلوماسيين الامريكيين محتجزين في سفارتهم بطهران كان جزء من الخطة التي لم يكتشف حتى الآن كل ابعاده  ..   ولذلك استمر الدبلوماسيون الايرانيون في اعمالهم حتى ان قطع كارتر العلاقة الدبلوماسية مع ايران وذلك اثر فشل خطة تهريب الرهائن بسقوط الطائرات الامريكية في طبس فحملوا على مغادرة امريكا.

 

وقبل ان اختم هذا الفصل لابد من الاشارة إلى عدة حقائق : 

 

اول :  خسرت ايران من مهزلة الرهائن التي عرفها مرشد الثورة بانها ثورة في ثورة ما يقارب من الفين مليون دولار، وهي الارباح المتعلقة بالتسعة بلايين دولار التي جمدت في جست منهاتن بنك وبنوك امريكية اخرى لمدة 444 يوما، وهي الايام التي كان اعضاء السفارة الامريكية رهائن الخميني.

ثاني :  خسرت ايران ملايين الدولارات بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرضته عليها الدول الاوربية بضغط من الحكومة الامريكية.

ثالث :  خسرت ايران بلايين الدولارات بسبب الازمة الاقتصادية الداخلية الناجمة عن الحصار الاقتصادي وتضيع الوقت والجهد الذي صرف في التظاهرات اليومية التي ادت الى تعطيل مئات المعامل والمؤسسات المالية.

رابع خسرت ايران كرامتها الدولية امام العالم وعرفت نفسها بانها لاتحترم مواثيقها وعهودها الدولية.

 

نترك ايران وخسارتها جانبا، لنسأل عن الخسائر التي الحقت بامريكا بسبب ما حدث لموظفي سفارتها في طهران، فيكون الجواب على النحو التالي  :

 

امريكا لم تخسر شيء على الاطلاق، وهنا لابد من طرح سؤال آخر، اذا كانت ايران قد خسرت كل شيء وامريكا لم تخسر اي شيء، ما يعني ان المستفيد من العملية هم الامريكان والخاسرون هم الايرانيون، فمن الذي وضع هذه الخطة؟ وهل كانت نتيجة لجهل الخميني وزمرته؟ ام لخيانة ارتكبوها؟ ام ان العملية كانت من صنع المتحكمين في الاقتصاد العالمي على يد الزمرة الحاكمة في ايران؟؟

 

ان الحقيقة التي لاشك فيها ان ارصدة ايران كانت تودع في جست مانهاتن بنك، الذي يملك اكثر اسهمه روكفلر وعائلته، واختيار جست مانهاتن بنك لم يكن اعتباطا او صدفة بل كان بأمر الشاه الذي كانت تربطه الصداقة الحميمة بروكفلر وعائلته، وقد سبقت تصريحات من قبل الحاكمين في ايران قبل ازمة الرهائن باسابيع قليلة ان ارصدة ايران في البنوك الامريكية وخاصة جست مانهاتن بنك قد تنقل الى بنوك اوروبية، كما ان بعض الجرائد الايرانية قد اثارت الشكوك حول الموضوع، ولاشك ان مثل هذا المبلغ الضخم اذا كان سيسحب دفعة واحدة من جست مانهاتن بنك فإنه سيشكل ضربة قاصمة اليه والى الكثير من المؤسسات المالية الامريكية العظيمة التي تتعامل مع البنوك المذكورة ..  وايران الثورة كانت تعيش في حالة من الفوضى والارتباك، والقرارات كانت تتخذ في اماكن عديدة، ومن اناس غير مسؤولين وغير مدركين لشؤون الحكم والسياسة، وكثير من تلك القرارات كانت تتغاير مع المنطق والعقل!!! (ولذلك لم يكن من الغريب والحال هذه أن يستمر الخميني الملعون في عدوانه على العراق غير عابيء بكل القرارات الدولية التي اتخذت لإيقاف ذلك العدوان .. )

 

ومن هنا لم يكن من السهل مجابهة خطر سحب الارصدة بلغة المنطق والعقل والمعادلات الاقتصادية، كما انه لم يكن من السهل تجميد تلك الاموال بلا مبرر قانوني يقبله العالم ولايضر بسمعة البنوك الامريكية التي تستوعب ارصدة اجنبية عظيمة، فالحاجة كانت ملحة إلى مسرحية عالمية كبرى تبرر تجميد الارصدة الايرانية وفق القانون ومباركة المجتمع البشري لمثل ذلك القانون، ولذلك لانجد غرابة ان روكفلر صاحب الاسهم الكبيرة في جست منهاتن بنك الذي تكدست فيه البلايين من ارصدة ايران، وصديقه هنري كيسنجر هما اللذان مهدا الطريق لدخول الشاه إلى امريكا، وقد ثبت فيما بعد ان الادارة الامريكية كانت تعلم بردود فعل النظام الايراني اذا ما وصل الشاه إلى بلادها، وانها كانت تعلم ان ردود الفعل ستكون حادة وعنيفة، ومع ذلك وافق رئيس الولايات المتحدة الامريكية على دخول الشاه إلى بلاده "لاسباب انسانية" على حد تعبيره ..

 

وبعد ايام من وصول الشاه إلى نيويورك سيطر الطلبة التابعين للخميني على السفارة الامريكية وهدد الطلبة موظفي السفارة الرهائن بالقتل او المحاكمة بتهمة التجسس، وثار الشعب الامريكي واعتبر الامر اهانة لكرامته، ووقف العالم يشارك الشعب الامريكي في موقفه من هذا العمل الذي يتغاير مع كل الاعراف الدولية، ودخل الاسطول الامريكي مياه الخليج، واصدر جيمي كارتر قراره بتجميد الارصدة الايرانية في بنوك امريكا، وقرت عيون روكفلر وكبار المصرفيين المتحكمين في الاقتصاد الامريكي والعالمي من وراء الكواليس!!

 

اما الطلبة التابعون للخميني الذين احكموا الطوق على السفارة الامريكية ومن فيها فكانوا في شغل عن كل هذا يسمرون في الليل ويعربدون في النهار!! وكان همهم الاول والاخير ان يظهروا بأنهم يقومون ببطولات كبرى لانهم استطاعوا بتوجيه "الامام العظيم" السيطرة على (اناس بكماء لايقدرون على شيء) يعملون جواسيس للشيطان الاكبر  ..   وقد استطاعت هذه الشرذمة من الغوغاء الهمج السفسطائيين ان يقبلوا موازين الاخلاق في المجتمع الايراني، فلذلك لم يعر احد من ابناء الشعب اهتماما بالخبر الحزين الذي نشرته الصحف الايرانية، والذي جاء فيه ان احدى الطالبات التابعات للخميني، والتي كانت ضمن المسيطرات على السفارة الامريكية قد قتلت برصاصات اخيها غسلا للعار!!! ومع ان الصحف المحت إلى ان الطالبة تلك كانت على علاقة غرامية باحد الرهائن الامريكان وادت تلك العلاقة إلى ما لايحمد عقباه من خزي ومن عار، الا ان الاجهزة الاعلامية في ايران مرت على تلك الحادثة الحزينة مرور الكرام لاجل ارضاء الخميني وحفظ شرف تابعيه، والشعب بدوره لم يدرك مغزى ما حدث وما كان يحدث باسم الاسلام والدين في اروقة السفارة الامريكية، وقد ثبت فيما بعد ان الطلبة التابعين للخميني كانوا يشربون الخمور الموجودة في اقبية السفارة حتى الثمالة في اناء الليل لكي تعينهم على العربدة في الابواق المنصوبة على ابواب السفارة في اطراف النهار!!!

 

د. صباح محمد سعيد الراوي

الخليج عربي وسيبقى عربيا

خليج الشهيدين السعيدين عمر بن الخطاب وصدام حسين

 

 





الاثنين١٠ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. صباح محمد سعيد الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة