شبكة ذي قار
عـاجـل










الدعارة الشرفية اللاخلاقية تعرف ببيع جسد الأنثى أو الذكر من أجل كسب المال ولأسباب عديدة وليس التمتع بالهبة الإليهة الطبيعية وهي اللذة الجنسية بحالتيها الجسدية والنفسية والحالة الإيجابية لإنجاب الأطفال وإستمرارية بقاء الجنس البشري، بينما الدعارة السياسية تعني الإنحطاط السلوكي والخيانة والمزاودات والبيع الرخيص لمقدرات الوطن والأمة والخنوع المذل لأعدائها التقليديين البارزين أو المتقمصين بلباس الدين والإمتثال لمطالبهم قسرا أو طوعا عن طريق ديالكتيك إسلوب التقية والمراوغات الدنيئة، وأما الخنوع والخيانة القومية فهي محصلة النتائج الناجمة عن ممارسات الدعارة السياسية.

 

الأمة العربية وكما ذكرنا في مقال سابق "الأمة العربية المشتتة بأقطارها مريضة وتحتضر ... لماذا والى أين؟!!!" أنها أمة مريضة وتحتضر على الرغم من وجود الطاقات والإمكانيات والآليات الهائلة التي تمتلكها لإنعاشها وإعادة الحياة لها وإدامتها وصعودها الى الرقي المنتظر كأمة راقية قدمت الكثير الى المجتمعات الإنسانية ومايزال العالم يبني أصرح تقدمه على الكثير مما قدمته هذه الأمة العظيمة سابقا في مجالات وتخصصات عديدة لكن أبنائها من الحكام المارقين والخونة من عامة الشعب الغائصين في مستقع الجهل والذل والرذيلة والتبعية للغير الى حد الأنوف لا يحركون ساكنا لإنقاذها من الغرق المحتم بل أنهم يستعينون بالقوى الأجنبية لإبقائها كما هي عليه الأن ضعيفة مترنحة وتابعة، والأنكى من هذا وذاك أن البعض منهم يسمسر لبعض من تلك القوى ويساعدونها على السيطرة على مقدرات الأمة ومستقبل أجيالها من خلال إخضاعها الجسدي والنفسي لتلك القوى بحجج وأسباب واهية منها الروابط التاريخية والإنتماء الطائفي الديني معها لتغطية الشعور بالضعف والنقص والخلل الذاتي وتبرير اللامقبول بقبول السمرة والدعار السياسية.

 

الأمة العربية المشتتة بأقطارها تعاني ليس فقط من تشرذم وتشتت أقطارها بل أيضا هناك تفكك وأنقسامات وتأكل داخل الكثير من أقطارها ومجتمعاتها المتمزقة وعلى سبيل المثال وليس الحصر هو ما حدث ويحدث في العراق، في فلسطين المحتلة، في لبنان، في الصومال، في اليمن والبحرين ودول الخليج العربي الأخرى، في مصر والسودان وفي دول المغرب العربي. في كل هذه الحالات تشارك أصابع وأيادي خفية وعلنية في إحتدام وإضرام نار التشرذم والإنشقاقات داخل أقطارنا ومجتمعتنا العربية، ومن الأصابع والأيادي المعروفة كلاسيكيا كعدو لطموحات أمة العرب هي الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والبعض من دول أوربا الغربية، وأما الإصبع الحلزوني الساحر فهو الإصبع الصفوي الفارسي الذي سحر ودغدغ مشاعر البعض أو الكثير من المثقفين العرب ودعاة القومية العربية الى السمسرة له في خضم بحثهم عن بديل لإنقاذهم من عجزهم للدفاع عن أمتهم المستضعفة، وتشجيعه على التدخل والغوص في شرذمة الأمة العربية ومن ثم السيطرة عليها بحجة أنه يساعد حركة المقاومة الفلسطينية حماس والمقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله الطائفي الموالي لدولة ولاية الفقيه الإيرانية ولأنه كما يعتقدون زورا محارب من قبل الإمبيريالية والصهيونية العالمية على الرغم من علمهم أن هذا العدو التاريخي للأمة العربية قد شارك الشيطان الأكبر في عملية إحتلال وتدمير كل من أفغانستان والعراق وأجج الصراعات الطائفية في الكثير من أقطارنا العربية ومازال يتدخل في تشكيل حكومة الإحتلال الخامسة في العراق. القسم من الكتاب العرب دعوا ومازالوا يدعون الى خيار تحالف إستراتيجي مع إيران الصفوية لدرء الخطر الصهيوني ويغضون النظر عن طموحات نظام قم وطهران القومية التوسعية في المنطقة وممارساته في بلداننا العربية وزحفه في أراضيها حتى وصل الى سواحل مياه البحر الأبيض المتوسط عن طريق العراق وسوريا ولبنان وأيضا تغاضيها عن ممارساته لبسط نفوذه في الأردن عن طريق عملائه ليكمل سلسلة تأثيره السياسي والإقتصادي وحتى العسكري المبطن في كامل دول المشرق العربي ناهيك عن تغاضيهم عن إحتلاله للجزر العربية والأحواز العربية ومعاملة شعبها معاملة العبيد. هناك أيضا  أصوات فيما يسمى بـ "جامعة الدول العربية" ظهرت في مؤتمر قمة سرت الأخير الذي عقد في ليبيا تدعوا الى تشكيل ما يسمى بـ "رابطة الجوار العربي" التي في جوهرها تعني تشكيل تحالفات جديدة مع دول الجوار العربي خصوصا مع إيران وتركيا لنفس الغرض المذكور أعلاه.

 

في هذا السياق وللتوضيح، أن الفرق بين تركيا وإيران هو أولا، أن لتركيا علاقات إستراتيجية مفتوحة ومعلنة مع الكيان الصهيوني بينما إيران تتناغم معه في السر وتعاديه في العلن حسب التكتيك الصهيوأمريكي وديالكتيك التقية الفارسية. ثانيا، ليس لتركيا كما لإيران عملاء وقتلة وعصابات نهب وسلب وتدمير في العراق وبعض الدول العربية الأخرى، وليست لها طموحات بعث الإنشقاقات الطائفية داخل الوطن العربي، وأنها لم تسمح للجيش الأمريكي بدخول العراق عبر أراضيها عام 2003 على الرغم من أنها حليف إستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة وأيضا هي عضو فعال ومهم في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وليست لها حاخامات في داخل العراق يصدرون الفتاوي التخديرية التي تدعو الى عدم التعرض لقوات الإحتلال والى المشاركة في الإنتخابات في ظل الإحتلال وتتدخل في تشكيل الحكومات العراقية وفي الأمور الكبيرة والصغيرة في حياة المواطن العراقي العادي. ثالثا، أن تركيا لا تدعو الى تقسم العراق كما تقوم به إيران من خلال الأحزاب الطائفية العميلة المولية لها ولم تفرض عملتها أو لغتها في التعامل في بعض مناطق العراق المحتل وليس لها سفير يوجه حكومات الإحتلال القابضة على رقاب الشعب العراقي، وليست لها ميلشيات مسلحة تأتمر بتوجيهات سفيرها في بغداد. رابعا، أن تركيا لم تحتل أراضي وأبار نفط عراقية بالقوة أو بغيرها، وليست لتركيا كما لإيران طموحات ومصالح في العراق غير المصالح العادية بين دولتين جارتين ولم يبرز طموح شاذ عن هذه القاعدة لحد الأن ولم نسمع عنه في وقتنا الحاضر. وفي هذا السياق ايضا، نحن لا ندعو في هذا السرد الى عقد تحالفات أو تقارب جديد على شاكلة التقارب السوري- التركي- الإيراني لحماية إيران ومساعدتها بالدرجة الأولى للتغلب على مصاعبها الإقتصادية أو تخفيف أعباء العقوبات الإقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة نتيجة الخلافات بسبب طموحات إيران النووية. نحن ندعو الى تقارب وجهات نظر الدول العربية وتقوية أواصرها والإلتزام بأخلاقية الإنتماء الى هذه الأمة أولا وأخيرا قبل عقد تحالفات مع الغير من أجل حماية مصالح الغير بالتبادل ولكن ليس على حساب مصالح وطموحات الأمة العربية.

 

إيران وكما ذكرنا أعلاه قد شاركت في عملية إحتلال وتدمير العراق وهذا لم يعد خافيا على أحد لأن كبار مسؤولي نظام ملالي قم وطهران إعترفوا بذلك في وقت مبكر من الإحتلال. إيران ايضا أعطت التسهيلات للولايات المتحدة وحلفائها لضرب العراق عام 1991 وكذلك أججت حركة الغوغاء بالتعاون مع نظام المجرم بوش الأب من خلال تشجيعها لعملاءها في العراق بالقيام بذلك العمل المشين إضافة الى مشاركتها الفعلية في عملية الغوغاء. إيران شاركت إيضا في الحصار الجائر على العراق وسرقت أمانات العراق المودوعة لديها إنتقاما لخسارتها في حرب الثمان سنوات ضده. وبعد إحتلال العراق عام 2003 أرسلت إيران عملائها من كوادر وعصابات الأحزاب الطائفية الشيعية المسلحة وغير المسلحة الى العراق ومجاميع كبيرة من إستخباراتها والحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس الإيراني للسيطرة على المناطق الجنوبية والشرقية من العراق وزحفا الى بغداد ولتسهيل الإجواء لقوات الإحتلال لإكمال قبضتهم على وطننا المغتصب. إيران إعترفت بمجلس الحكم المحلي الذي شكله حاكم الإحتلال المدني بول بريمر والذي كان معظم أعضائه من عملائها والموالين لها طائفيا. إيران ومن خلال الزيارات المكوكية المتعددة لمسؤوليها الكبار الى المنطقة الخضراء ومن ضمنهم كان رئيس جمهوريتها محمود أحمدي نجاد حاورت المسؤولين الأمريكان حول مصير ومستقبل العراق ونفوذها فيه من أجل السيطرة على مقدراته في مراحل أخرى ولحماية المصالح الأمريكية فيه فيما بعد. في الوقت الذي فيه كانت تحاور الأمريكان حول مستقبل العراق كانت إيران ترسل عملائها من منتسبي القاعدة للقيام بعمليات إرهابية ضد العراقيين بحجة محاربة قوات الإحتلال. كذلك أججت الصراعات الطائفية بعد تفجير المرقد العسكري في سامراء من قبل عملائها ومرتزقة الشركات الأمنية والموساد الصهيوني. إيران ومن خلال حاخامتها المعممين ومسؤوليها في سفارتها وبمباركة الإحتلال الأمريكي تدخلت بصورة مباشرة وغير مباشرة في الإنتخابات التي أقامها الإحتلال من أجل فرض نتائجها على الشعب العراقي ومن أجل قيام حكومة عميلة موالية لها تسهل لها توجيه سياسة العراق كما تشاء وإحكام سيطرتها عليه. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن إيران التي كانت ضمن مصطلح ما يسمى بـ "محور الشر" البوشي لم تطلق عليها إطلاقة واحدة من قبل أمريكا أو من قبل حلفائها بل أنها ساهمت من اجل المقايضة مع الأمريكان حول نفوذها في وطننا المغتصب وعن طريق عملائها في قتل البعض من الجنود الأمريكان في العراق وأسرت البعض من الجنود البريطانيين في شط العرب دون أن يكون هناك أي رد فعل ملموس من قبل الولايات المتحدة أو من قبل الجانب البريطاني ضدها. كل هذا يدل على أن هناك تناغم إيجابي وتعاون إستراتيجي بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة العربية وكذلك في أفغانستان من أجل مساعدة الولايات المتحدة تحقيق مأربها بعد أن أفشلت المقاومة العراقية المسلحة الباسلة والمقاومة الأفغانية مشروع الشرق الأوسط الكبير. للعلم أن إيران تسلح قبائل الهزارة الأفغانية الشيعية المضادة لحركة طالبان والتي تتعاون مع الأمريكان وحكومة حامد كرزاي. 

 

أمريكا حينما خططت لفرض نظرية القرن الأمريكي ونهاية التاريخ والسيطرة على العالم أسست في تطبيقها إحتلال كل من أفغانستان والعراق أولا، لموقعيهما الجغرافي الإستراتيجي عسكريا ولوجود مصادر الطاقة الهائلة والمعادن المهمة في صناعاتها الحيوية والتي يمكن إستعمالها بعد السيطرة عليها للضغط على القوى الصناعية والعسكرية المتصاعدة في الهند والصين وروسيا الإتحادية، وثانيا، لوجود نظام الملالي في طهران الذي نصبته أمريكا على رقاب الشعوب الإيرانية الذي كان معادي لنظام حركة الطالبان الأفغانية والنظام العراقي والذي كان بإمكانه تسهيل عملية إحتلال هذين البلدين من قبل أمريكا وحلفائها وذلك لوجود عملاء تابعيين له في كلا البلدين. الغاية الثالثة من إحتلال العراق وتدميره ومحاولة تقسيمه وسلخه من محيطه العربي كانت القضاء على قلعة الصمود العربية التي كانت تشكل التهديد المباشر للكيان الصهيوني وطموحاته في السيطرة على المنطقة العربية وتقسيمها الى دويلات مستضعفة وضعيفة.

 

الحجة التي إفتعلتها أمريكا لبدأ حربها على أفغانستان كانت خلق أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول 2001 وإتهام تنظيم القاعدة الذي ساعدت على تأسيسه سابقا بالقيام بذلك العمل على الرغم من أن كل الدلائل العلمية والعملية والدراسات التي قام بها أخصائيون أمريكان تشير الى أن أجهزة المحافظين الجدد الصهاينة في إدارة المجرم المتصهين جورج بوش الصغير من قام بتلك العملية. إختيار تنظيم القاعدة ككبش الفداء لأنه كان ظاهريا معاديا للولايات المتحدة وكان متواجدا في أفغانستان وله قواعد عسكرية وتنظيمية منتشرة فيها وأن رئيسه أسامة بن لادن كان مطالب بالقبض عليه من قبل أمريكا حينما كان في السودان وقبل لجوئه الى أفغانستان. حينما رفض نظام طالبان تسليم بن لادن الى الأمريكان قبل تقديم دليل قاطع بتورطه في التخطيط لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 قامت أمريكا بالهجوم على أفغانستان وإحتلالها وبتعاون مع كل من باكستان وإيران. باكستان تعاونت مرغمة مع أمريكا في عملية ضرب وإحتلال أفغانستان لأسباب ودوافع معروفة بينما إيران هي من بدأ الإتصال مع إدارة بوش لتقديم خدماتها في عملية الغزو والإحتلال. الحجج الواهية التي إفتعلتها أمريكا لغزو العراق وإحتلاله كانت تهمة علاقته بتنظيم القاعدة وإمتلاكه لأسلحة الدمار الشامل وقدرته على الإستعداد لقصف بريطانيا بصواريخ بالستية خلال 45 دقيقة من بدأ الإنذار. هذه الأكاذيب والدلائل الواهية قدمت الى المخابرات الأمريكية والبريطانية مباشرة من قبل عملاء عراقيين تابعيين للأحزاب الشيعية العميلة لإيران أو عن طريق العميل أحمد الجلبي. إيران وكما ذكرنا أعلاه قدمت تسهيلات كثيرة مباشرة وغير مباشرة للولايات المتحدة لغزو وإحتلال العراق وأيضا عن طريق حاخاماتها المتواجدين في العراق المتسلطين على عقول الجهلة من أبناء الشعب العراقي.

 

العداء والجعجعة الإعلامية بين أمريكا وإيران من جهة وبين الكيان الصهيوني وإيران من جهة أخرى حول طموحات الأخيرة إمتلاك السلاح النووي هي ليست أكثر من زوبعة أو زوبعات في فنجان لأن أمريكا وكما ذكرنا في مقال سابق "المفاعلات النووية الإيرانية والتحركات العسكرية الأمريكية في الخليج العربي ... الى أين؟!!!" هي من أهدت أول مفاعل نووي لإيران في العقد السادس من القرن الماضي. لا أمريكا ولا الكيان الصهيوني قامتا بأي عملية عسكرية ضد إيران على الرغم من إستمرار إيران في تطوير أساليب وطرق تخصيب اليورانيوم وتركيزه، وإنشاء محطات ومختبرات جديدة في طول البلاد وعرضها لهذا الغرض. ولم تنفعل أمريكا ولا الكيان الصهيوني بشكل جدي حينما قامت روسيا بتشغيل المحطة النووية في بوشهر في وقت سابق من هذا العام. إضافة الى ذلك أن إيران لم تضرب ولم تضايق حينما قامت بتطوير صواريخها البالستية وتطويرها لطائرات تطير بدون طيار وقامت بتهديد الكيان الصهيوني ليل نهار مباشرة وعن طريق حزب الله اللبناني، ولم توبخ إيران أيضا على تدخلها السافر في العراق وباقي الأقطار العربية ولم ينفعل أحد حينما كانت تهدد دول الخليج العربي بضربات صاروخية إستباقية إذا ما هوجمت من قبل الولايات المتحدة، لكن الذي ظهر لنا هو خنوع دول الخليج العربي لها ولأرضائها قام أمراء الخليج بزيارات مكوكية لها وعقد معاهدات تعاون معها. عكس ذلك لقد ضرب المفاعل النووي التجريبي العراقي "مفاعل تموز" من قبل القوة الجوية الصهيونية قبل تشغيله أثناء الحرب الإيرانية ضد العراق وقد قام الكيان الصهيوني وبمباركة أمريكية تصدير السلاح والعتاد الى إيران "إيران جيت" أثناء تلك الحرب. كذلك لقد تأمرت أمريكا والكيان الصهيوني وإيران ودول عربية أخرى على ضرب العراق عام 1991 وشاركت نفس الدول في عملية إحتلاله وتدميره عام 2003.

 

الأزمات الإعلامية المفتعلة بين إيران وأمريكا والكيان الصهيوني غايتها تقديم إيران على أنها ضحية التأمر الصهيوأمريكي عليها وذلك لكسب عطف العرب والدول الإسلامية ولإعطائها الفرصة والمبرر للتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الأقطار العربية من خلال تقديمها الدعم السياسي والمالي والتسليحي لعصابات المنطقة الخضراء، لحزب الله اللبناني الموالي لها والمؤمن بولاية الفقيه، وكذلك تقديم الدعم السياسي والمالي لحركة حماس الإسلامية الفلسطينية، هذا إضافة الى دعمها وتحالفها الإستراتيجي مع النظام السوري. مقابل هذا الزحف الصفوي شبه السلمي في لبنان وسوريا وفي أجزاء من فلسطين المحتلة عن طريق دعمها لحركة حماس، تميز هذا الزحف في العراق واليمن بدموية وحشية وإجرام فاحش. يبان تدخلها في الشؤون الداخلية لدول وإمارات الخليج العربي من خلال تنشيطها لخلاياها النائمة بين الحين والأخر لإحداث إضطرابات طائفية. مما تقدم يبدو أن الزحف الصفوي الفارسي في تقدم مستمر في أقطارنا العربية وبشكل نشط ومتزايد وخير دليل على ذلك هو زيارة محمود أحمدي نجاد الأخيرة الى لبنان ولقائه بالمسؤولين اللبنانيين وحسن نصر الله وتوقيع إتفاقيات تعاون معهم، وإحداث خلافات داخل المجتمع اللبناني، وإلقاء خطاباته في بيروت والجنوب اللبناني وكأنه قيصر عصره مرسلا بذلك رسالة سياسية ودبلوماسية الى الكيان الصهيوني قائلا له هذه هي حدودي الجديدة غربا معك ولا خوف عليك فإن حدودك الشمالية في مأمن.

 

الأزمات الإعلامية التي خلقتها وتخلقها الولايات المتحدة بين الحين والأخر مع إيران لها غايات أخرى عسكرية وإقتصادية. عسكريا تريد أمريكا عدم إستقرار منطقة الخليج العربي وجعلها منطقة ساخنة مستمرة من أجل إستمرار بقاء أساطيلها البحرية وقواعدها العسكرية بشكل دائم في الخليج العربي، وإقتصاديا تبغي أمريكا إستمرار تدفق النفط والغاز العربي الى الأسواق العالمية والإستمرار في عقد صفقات بيع أسلحتها المستهلكة والقديمة الى دول  الخليج العربي التي تخزنها كنفايات دون أن تستعمل ضد أعداء الأمة العربية وخير دليل على ذلك هي صفقة بيع السلاح الجديدة التي وقعت بين أمريكا والسعودية وبين أمريكا ودولة قطر التي تعد بأكثر من سبعين مليار دولار. واردات مبيعات السلاح تستعمل من قبل شركات السلاح الأمريكية لتطوير نظم أسلحتها الجديدة لتسلمها بعد ذلك الى الجيش الأمريكي والى الكيان الصهيوني لتهديد العرب وحسب الظروف السياسية.

 

بعد إعترافها سابقا بدور إيران في تقرير مصير العراق سياسيا وجغرافيا وإقتصاديا وعسكريا وأمنيا أعلنت واشنطن مؤخرا إعترافها الجديد بدور إيران في تقرير مصير أفغانستان حيث أن وحسب الأخبار المنشورة أعلن ريتشارد هولبروك المبعوث الأمريكي الرسمي الى أفغانستان وباكستان في مؤتمر صحفي عقد قبل أيام في العاصمة الإيطالية روما مع رئيس البعثة الأممية بأفغانستان ستيفان دي ميستورا "أن أمريكا لا تعترض إطلاقا على حضور إيران في إجتماعات مجموعة الإتصالات الدولية الخاصة بموضوع أفغانستان"، وإعترف بأن إيران تمتلك دورا في حل أزمة أفغانستان "سلميا"، رغم إتهام الولايات المتحدة لها بتزويد الحركات الأفغانية المضادة للتواجد الأمريكي في بلادها بالسلاح. وفعلا حضر إجتماع روما بخصوص أفغانستان الذي عقد مؤخرا مندوب إيراني يدعى محمد علي قانع زادة.

 

التأهيل الجديد لكيان ملالي قم وطهران لمد نفوذه شرقا في أفغانستان ولعب دورا في حل الأزمة الأفغانية جاء بعد أن عجزت الولايات المتحدة وحلفائها من الإنتصار على حركة طالبان الأفعانية كما عجزت سابقا في الإنتصار على المقاومة العراقية المسلحة الباسلة التي أفشلت مشروع الشرق الأوسط الكبير. هذا يعني أن الولايات المتحدة لم يكن لها أي أعتراض على بناء كيان الإمبيراطورية الفارسية الجديدة الممتد من سواحل بحر قزوين الى سواحل مياه البحر البيض المتوسط بشرط أن لا يمس هذا الكيان المصالح الأمريكية في المنطقة ولا يخل بأمن الكيان الصهيوني التوسعي. بهذا نحن مقبلون على شراكة صهيوأمريكية - فارسية علنية في تسيير أمور المنطقة بعد تشتيت وتقزيم الكيانات العربية المصطنعة.

 

السؤال الملح الذي بقى ينتظر الجواب عليه هو:

متى يصحى العرب من غفوتهم الأزلية، وإن صحوا ووعوا، هل يتقبلون الواقع الجديد الذي سيفرض عليهم، إن كان الجواب لا فماذا ستكون ردود أفعالهم؟!!!

وهل سنستمر في العويل أما أنقاضنا وأطلالنا ونلقي قصائد الحزن والبكاء على ما سرق من بين اصابعنا في وضح النهار؟!!! والى متى؟!!!

 

 





الاربعاء١٢ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة