شبكة ذي قار
عـاجـل










انحرف القومي وانحرف اليساري وانحرفت عموم حركة التحرر الوطني فصارت المواقف المبدئية والأهداف الإستراتيجية في الحرية والاشتراكية والوحدة أرثاً ثقيل والبندقية الصارخة ضجيجا ثوريا وشماً على جدار ذاكرة يتغنى بها ( المناضل) كلما يأس من تحقيق أدنى المطالبات اليومية.


العصيان المدني صار احتجاجاً ببيان لا يقرأ والمظاهرات الصاخبة أصبحت استنكاراً في تصريح إعلامي لا ينشر وتعتمد الحركة التحررية في أدبياتها النضالية على النوايا الحسنة في التغير بالصمت، والصمت ابلغ وخاصة إذا رافقه عقد الحاجبين غضباً.


من أكثر الأمور سخرية أن تنظيما عقائديا وفي الأردن تحديدا اصدر تعميما داخلياً على كوادره بضرورة إعداد هتافات تليق بالحدث المتوقع قريبا ( هدم المسجد الأقصى )، ولا تعليق.


ليس العراق أو فلسطين أو الاحواز أو الصومال ليست الأرض العربية المنسية لأجل أجندات لأنظمة تعيد أولويات الحكم بزيادة الترسانة حول عروشها خوفا، بل حتى تفاصيل يومنا المثقل بهموم الأمن الغذائي والاجتماعي والأخلاقي، هي المصائب التي تعيد تشكيل شخصيتنا الحضارية والتي تؤثر بالنتيجة على فهمنا بتحقيق أهداف الأمة جمعاء .


تقسم الأمة العربية اليوم ثلاثاً، مجموع يؤيد الأنظمة وتوجهاتها وأقلامها ومثقفيها وديمقراطيتها وانتخاباتها تحت عناوين شتى منها الخاص ومنها العام، القطر أولاً، التنمية الداخلية ، الهوية القطرية ، ومنها العام ،السلام الشامل ، تغليب الحوار ، إسلام المساواة، المبادرة العربية ، والقائمة تطول بين العام والخاص . ومجموع المعارضة التقليدية المتشكل من الأحزاب والتنظيمات واللجان والهيئات والمثقفين والأدباء والنشطاء ، وشعاراتهم المتفق عليها ، حق المقاومة المشروع، فلسطين التاريخية ، الوحدة العربية ، العدالة الاجتماعية ، تداول السلطة ، وغيرها من الشعارات. والثالث هو الأغلبية الساحقة الصامتة الرافضة لكلا المجموعتين بأسلوبهما في تحقيق الشعارات وان كان المجموع الثالث يرفض أصلا أي شعار لا ينسجم مع تراثه العربي النضالي الأخلاقي.


الأول يتخذ من السلطة طريقا لتحقيق أهدافه بالقمع والتجيش الجماهيري بإعلام موجه متخذا من الأمن الاجتماعي ذريعة ومن الدين غطاء، والثاني من الاحتجاج والاستنكار والشجب والبيان اتخذ طريقا للتغير ويقرأ جهرا على مسامع الأمة تاريخ تضحياته دون أن يكررها.
الثالث استمع للخطابين وصفق للموكبين واصطف طويلاً في طوابير الحصول على أرغفة الخبز وصحف المعارضة.


المواطن العربي في كل الأقطار أحجم عن المشاركة في الانتخابات وأيا كان نوعها أو الهدف منها وهي ظاهرة لم تتوقف عندها أي المجموعتين. والمواطن العربي أيضا لا يشارك في أي نشاط ترويجي للسلطة وشعاراتها أو احتجاجي للمعارضة، فالمناسبات الرسمية تحشد لها السلطة وأدواتها الطلاب والموظفين، والنشاطات للمجموع المعارض وجوه تتكرر وتتناقص يوما بعد يوم.


ظاهرة عزوف الجماهير عن النشاطات والبرامج بنوعيها تستحق التوقف لدراسة هذه الظاهرة التي أنتجت فهما جديدا لمعنى الوطن والأمة وبالضرورة فهما عقائديا جذريا للنضال التحرري.


تندفع الجماهير لمقاطعة السلطة دون تنسيق ودون قيادة واضحة وان كان هناك توجيه بلا عنوان لبيان الرؤيا بالموقف من بعض النشطاء الغير حزبيين ومن خارج بيت السلطة ، وهؤلاء لا يعرفون حجم صدى مقالهم أو موقفهم والجماهير لا تلتف حولهم ظاهرياً.


وعموم الجماهير العربية لا تثق بأي سلطة وتشكك بأي مشروع أو موقف أو تصريح أو انجاز، وتندفع بتأيد أي عمل فيه طابع العنف الثوري من أي طرف قومي أو إسلامي ، فحجم تأيد تنظيم القاعدة في الشارع العربي حسب إحصائيات مراكز الدراسات المختلفة يفوق بعشرات المرات من حجم تأيد أي نظام عربي ، وأيضا متابعة الجماهير لعمليات المقاومة العراقية وتأيدها والبحث عنها لمشاهدتها يفوق بمئات المرات عدد المطلعين أو العارفين بإستراتيجية المقاومة، لم تهتم الجماهير بالمسمى التنظيمي للمقاومة في غزة أو لبنان بقدر الاهتمام بالمقاومة وعنفها وصمودها ضد المحتل.


الذاكرة الشعبية لأي مجتمع إنساني تحتفظ دائما بصور لنماذج مقاومة تعيد إنتاجها في زمن الذل والهوان لتتغلب على الهزيمة فتشرع في مورثها المقاوم سرقة الأغنياء من اجل الفقراء وبإبداع تنتج أبطال أنصاف ملائكة بلا أخطاء .


ولأننا عرب ولنا هوية تراثية حضارية متميزة لها عناوينها وصفاتها وملامحها الخاصة والتي لا يمكن أن تتغير ولأننا أمة قادة أعظم ثورة ضد الجهل والتخلف والظلم والاستبداد فتشكلت هويتها بفطرة سليمة برفض المحتل ومقاومته واستخدام اعنف الوسائل لطرده باستبسال أنتج ظاهرة الاستشهاديين، وسمو روح المناضلين على رغبات أنفسهم الدنيوية اخرج لنا ظاهرة أصحاب الرسول الكريم والتابعين الزاهدين وعمر المختار وصدام حسين والقائمة بينهم تطول .


فالمجموع الثالث هو الجندي البطل احمد الدقامسة والجندي البطل سليمان خاطر وهي الجماهير العراقية التي شكلت المظلة الحاضنة للمقاومين وهي الجماهير التي تهتف كلما ضاقت بها جغرافيا الوطن للقائد جمال عبدالناصر وثورة يوليو، هذا المجموع الثالث لا يمكن أن يتخلى عن فلسطين التاريخية أو عن ثوابت الثورة لا يمكن أن يتخلى عن مشروع الوحدة لا يمكن أن يصافح المحتل أو أن يعترف بشرعيته مهما طال زمن مكوثه في الأرض.


هو مجموع له ثوابت جذرية لا تقبل القسمة فلن يثق بسلطة تستقوي بالمحتل أو تسير بركبه ولن يكترث لمواقف أو بيانات أحزاب المقرات المرخصة.
فالمجموع الأول مستعربين والثاني عرب مؤلفة قلوبهم والثالث هم الأمة العربية الأصيلة.
 

Etehad_JO@yahoo.com

 

 





السبت١٥ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الصباحين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة