شبكة ذي قار
عـاجـل










توالي الأحزاب الكردية في شمال العراق دورها التخريبي المتعمد في الإجهاز على ما تبقى من وحدة العراق شعباً وأرضاً وثروات منذ التاسع من نيسان 2003 مستغلة حالة الاحتلال الأمريكي ، ومتممة مشروعها القديم القائم على الانفصال عن الدولة العراقية ، وبناء مستوطنة كردية على أرض شمال العراق ، تمهيداً لإعلانها دولة مستقلة .


غالباً ما تستلهم الجماعات العنصرية ،أو الأقليات الانفصالية تجربة سابقة تستلهمها ، أو تحاول تقليدها ، لتحقيق أطماعها ، الحزبان الكرديان لم يخرجا عن هذه القاعدة ، استلهما النظرية الصهيونية في فلسطين التي على أساسها قامت ( دول إسرائيل ) ولا يخفي منظرو هذين الحزبين إعجابهم بتلك التجربة ، لذلك أخذوا يسيرون على هديها :


أولاً : الولاء المطلق للإمبريالية الغربية ، وتقديم كل الخدمات التي من شأنها تسهيل مهمة الدول الاستعمارية في المنطقة .
ثانياً : القضم الدائم والمستمر لأراضي الغير ، كما يحدث في ديالى وصلاح الدين ونينوى ، والمطالبة المستمرة بأراض جديدة تعتبرها حقاً طبيعياً لها .
ثالثاً : تسليح قطعان / البيشمرقة / بأحدث أنواع الأسلحة واعتماد سياسة التطهير العرقي والمثال على ذلك مدينة كركوك .


هذا الإعجاب بالدور الصهيوني ليس جديداً كما يظن البعض ، بل يعود إلى خمسينات وستينات القرن الماضي ، حين قام البرزاني الأب مع السيد محمود عثمان " فيلسوف الأحزاب الكردية " الحالي بزيارة إسرائيل ، واطلعا على التجربة الصهيونية ، وطلبا من زعماء اسرائيل " تدريب عناصر من / البيشمرقة / وتزويدهم بأحدث أنواع الأسلحة وهذا ما حدث .


ما أفشل تلك العلاقة بين الصهاينة والأحزاب الكردية في شمال العراق بعد زيارة البرزاني الأب عام 1964 أمران :


الأول : رفض الشعب الكردي لتلك الخطوة التي خرجت عن كل مبادئ وأعراف وأخلاق الأكراد ، واعتبروها ارتماء في أحضان الصهاينة الذين لا يضمرون للأكراد أو لغيرهم إلا مشاعر الحقد والكراهية ليس إلا .


الثاني : لقد جاءت زيارة البرزاني الأب إلى الكيان الصهيوني في زمن المد القومي الصاعد الذي قادته سوريا ومصر ، وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على رأس الأمة العربية يقودها نحو الوحدة العربية الشاملة ، ويرفض أي خطوة انفصالية مهما كان نوعها أو مكانها .


أمام هذين السببين الموضوعيين تراجع الصهاينة عن دعم البرزاني الأب ، واعتبروا أن دعمهم له نوع من المغامرة التي لا تفضي إلى أية نتائج .


أما وقد احتلت الجيوش الأمريكية بغداد ، فهذا يعني بالنسبة لمنظري الأحزاب الانفصالية الكردية تجديد الآمال بإحياء مشروعهم القديم الجديد ، تمزيق الشعب العراقي ، واللعب على الأحزاب والائتلافات الطائفية في الوسط والجنوب لإبقاء العراق في دوامة العنف ، وإطالة أمد الأزمة إلى ما لانهاية ، وهذا ما يخدم المشروع الكردي في تجزئة العراق والتجزئة تقود إلى كيان كردي في نهاية المطاف . لذلك نلاحظ أنه كلما لاح في الأفق أية بارقة لتشكيل حكومة احتلال جديدة تتقدم الأحزاب الكردية إلى الائتلاف الأضعف وإغرائه بدعم وهمي ، مما يفقد الائتلاف المهيأ لتشكيل الحكومة الأغلبية المطلوبة لتمرير هذه الحكومة فيما يسمى بمجلس نواب الشعب .


وضعت الأحزاب الكردية تسعة عشر شرطا لدعم أية لدعم أية حكومة جديدة ، تتضمن في بنودها الانفصال الكامل عن العراق تحت مقولة " حكم الأقاليم " ويعرف قادة هذه الأحزاب ضمناً أن أي ائتلاف من ائتلافات أحزاب الاحتلال غير قادرة على تلبية الطلبات الكردية ، ومع ذلك يواصلون أساليبهم في المكر والخديعة مستغلين حالة الاحتلال الأمريكي والأوضاع الغير مستقرة في العراق .


ما يلفت النظر في تصلب موقف الأحزاب الكردية ذلك الفكر الشوفيني الحاقد الذي يسعى إلى إقناع الغرب بأن العرب هم وحدهم الذين يمنعون تحقيق الحلم الكردي وتصويرهم على أنهم إرهابيون اجتثوا الأكراد من مناطقهم وأرضهم التاريخية في كركوك وديالى وصلاح الدين على نمط الأعلام الصهيوني الذي اتبع في الماضي ولا يزال الأسلوب ذاته والطريقة نفسها أمام الرأي العام العالمي .


الحقيقة أن العرب وبشهادة أهلنا من الأكراد هم الشعب الوحيد الذي اعتبر الأكراد جزءاً عزيزاً من أجزاء مكونات الأمة ثقافياً ودينيا ، واعترف لهم بكل حقوقهم واحترم شعورهم ، واجل تقاليدهم ، لذلك ترى الأكراد في العراق وسورية يتسلمون أرفع المناصب ويقودون أرقى الفرق العسكرية والأمنية دون تمييز بين عربي وكردي .


مشاكل الأكراد ليست مع العرب ، هي مع أنفسهم أولاً ،ومع الدول المجاورة ثانياً ، لأنهم جعلوا من أنفسهم أدوات رخيصة بيد أمريكا وإسرائيل ، واستغلوا استغلالاً بشعاً حالة الضعف والتمزق التي تمر بها الأمة العربية ، وهم يجاهرون بعدائهم للعرب بينما يصمتون أمام القنابل والصواريخ التي تسقط عليهم يومياً من الدول المجاورة الأخرى وهم يحاولون أن يتناسوا أن الجيش العراقي الباسل كان قد دخل شمال العراق عام 1996 وبلحظات طرد المعتدين وأعاد لأهلنا الأكراد عزتهم وكرامتهم .


الحل الوحيد أمام الأكراد في شمال العراق العودة إلى الحاضنة العربية الأخوية ، والعرب هم وحدهم القادرون على حماية الأكراد ، وضمان مصالحهم وفق مبادئ الأمة التي لا تفرق بين عربي وغيره إلا بالولاء للوطن وحمايته ، ومنع الخونة من الاستمرار في نهجهم الشوفيني الانفصالي الذي سيجر على أهلنا في شمال العراق المآسي والويلات .


أهلنا الأكراد مدعوون إلى لقاء المقاومة العراقية والتنسيق معها ، وتشكيل جبهة مقاومة للاحتلال وأعوان الاحتلال ضمن مشوع وطني يضمن للجميع حقوقهم الوطنية والإنسانية ، أما غير ذلك فهو لعب بمستقبل الأجيال الكردية والعربية وتمزيق لوحدة العراق الذي لا يفيد منه إلى أعداء الشعبيين العربي والكردي .

 

 





الثلاثاء٢٥ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢/ تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوسف الأسعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة