شبكة ذي قار
عـاجـل










عار علينا أن نسمع ونقرأ كل يوم عن أحداث ومواضيع تحذرنا وتصف لنا كيف سيكون مستقل الوطن العربي ومن سيسيطر على منطقتنا دون أن نتخذ الإجراءات اللازمة لتوحدنا من أجل حماية أمننا القومي وأمن شعبنا من المحيط الى الخليج. وعار علينا أيضا أن نصبح مطايا للقوى الخارجية ونقمع شعبنا ونستغفله من خلال إعلامنا المضلل الكاذب الذي يساهم في إبقاء الظلم والجهل في المجتمع العربي.

 

الأمة العربية المشتتة بأقطارها أمة ضعيفة ومريضة منخرة العظام والقوى ينهش لحمها حكامها المارقين وأبنائها من الجهلة والعملاء والخونة الأرذال الذين أنهكوها وتركوها ممددة تحتضر على فراش الموت دون إحساس بمصيرها ومصير أجيالها القادمة رغم وجود كل العناصر الذاتية من طاقات بشرية وموارد طبيعية لا تعد ولا تحصى لإنعاشها وبعث الروح فيها وإرجاعها الى عنفوانها كما كانت عليه سابقا أمة عظيمة حية ساهمت في تطور الحضارات البشرية بشكل إيجابي. شخصنا الكثير من الأسباب التي أوصلت الأمة العربية الى ما هي عليه الأن في مقال سابق نشر تحت عنوان "الأمة العربية المشتتة بأقطارها مريضة وتحتضر .. لماذا والى أين؟!!!". تلك الأسباب لم تكن غامضة وغير معروفة بالنسبة للمثقفين العرب التي أخذت بالتفاقم وزيادة التعقيد والتي أدت أيضا الى التدهور المستمر لوضع الأمة العربية المشتتة، لكن مع هذا لم نشاهد أو نتلمس ومنذ بداية العقد الثامن من القرن الماضي أي محاولة عربية لإنقاذها من وضعها المزري الذي قد ينتهى الى كارثة إنسانية لا يعرف عقباها مستقبلا. العكس كان هو الصحيح، لقد عايشنا ظروف التأمر العربي- العربي والإنحياز الى خنادق أعداء الأمة العربية والتموضع فيها وتمييع القضية الفلسطينية وإحتلال وتدمير العراق والتدخلات الصهيوأمريكية - الفارسية في الكثير من الأقطار العربية.   

 

الذي دعانا لكتابة هذا المقال المجرد من العواطف والتطبيل والرياء الإعلامي - الذي إشتهرت به وسائل الإعلام العربية بغض النظر عن تواجدها الجغرافي او خضوعها لنظام حكم معين – هو إطلاعنا على ثلاث مقالات إحداهما نشر في موقع الجزيرة الأليكتروني والأخرين وصلاني عن طريق البريد من مجلة الطليعة القومية العربية.

 

1- مقال موقع الجزيرة

 

نتناول أولا المقال الذي نشر في موقع الجزيرة تحت عنوان "الهند مؤهلة لخلافة أمريكا بالخليج" والذي ينقل أراء المؤرخ الأمريكي الدكتور جوزيف كشيشيان الذي طرحها في محاضرة ألقاها في النادي الثقافي العماني في العاصمة مسقط تحت عنوان "عوامل الإستقرار وعدمه بمنطقة الخليج العربي". الدكتور كشيشيان وحسب الخبر المنشور في موقع الجزيرة حصل على شهادة الدكتوراة في الشؤون الخارجية من جامعة فرجينيا، وعمل كخبير مساعد في الشؤون السياسية بمؤسسة راند الأمريكية بكاليفورنيا، ومحاضرا في جامعة كاليفورنيا، وكذلك ألف مجموعة من الكتب من بينها كتاب عن الخلافات بالمملكة العربية السعودية.

 

يتوقع الدكتور كشيشيان بأن الهند ستسيطر على منطقة الخليج العربي مستقبلا بعد الإنسحاب الإفتراضي المتوقع للولايات المتحدة منه بسبب تفاقم ضغوط أزماتها الإقتصادية. الأسباب التي دعته للتوصل الى هذا الإعتقاد هي أن الهند من الحلفاء المقربين لأمريكا والغرب بشكل عام وعليه ستكون مقبولة من قبل الغرب للعب هذا الدور، وكذلك أنها تعد قوة إقتصادية صاعدة وأنها تقوم ببناء إسطول بحري قوي وضارب من خلال شرائها غواصات نووية جديدة، ويتوقع ان عدد القطع البحرية الهندية ستصل الى أكثر من 200 قطعة بحرية خلال الخمس الى العشر سنوات المقبلة. العامل الأخر المهم الذي يرجح سيطرة الهند على منطقة الخليج هو التواجد الكثيف لحوالي سبعين مليون هندي بالمنطقة. الدكتور كشيشيان يستبعد ان يكون للصين دور مؤثر في الخليج العربي على الرغم من سرعة نموها الإقتصادي وقوتها العسكرية لأنها تعاني من مشاكلها الداخلية التي قد تحد من قدرتها على لعب دور فيه بعد رحيل الأمريكان. على الرغم من وجود بعض من هذه الإحتمالات على أرض الواقع للسيطرة الهندية الإفتراضية على منطقة الخليج العربي إلا أن وحسب إعتقادنا أن الدكتور جوزيف كشيشيان تناسى أو تغاضى ذكر المشاكل الداخلية في الهند في ولاية أسام وولاية كشمير إضافة الى النزاعات الطائفية والأثنية داخل المجتمع الهندي. إضافة الى ذلك، أنه تغاضى عن ذكر مشاكل الهند الجيوستراتيجية والسياسية الحاضرة والمستقبلية مع الصين والباكستان وأفغانستان، وتغاضى أيضا عن ذكر الدور الإيراني الصفوي أو حتى الدور التركي المستقبلي في المنطقة وما هي ردود أفعال الأقطار العربية المطلة على الخليج العربي وتحالفاتها مع فرنسا وحلف الناتو، ولم يتطرق الى دور الكيان الصهيوني في حالة إستمرار الإنبطاح العربي ولم يتطرق أيضا الى الدور الروسي المحتمل في منطقة الخليج العربي الغنية بالنفط. ولم يعزي أي إهتمام لما سيكون عليه الحال في العراق إن تحرر وتعافى وإسترجع دوره الطليعي في المنطقة.

 

دولة ملالي قم وطهران الطموحة ببناء الإمبراطورية الفارسية مسلحة بأحدث الأسلحة الدفاعية والهجومية ولها إسطول بحري قوي ومتمكن في الخليج العربي ولها طموح إمتلاك السلاح النووي لا يمكن أن تسمح لدولة أخرى مثل الهند أو غيرها بعد الإنسحاب الإفتراضي للولايات المتحدة من الخليج العربي أن تسيطر على منطقة الخليج ليس فقط بالوسائل العسكرية بل ايضا من خلال إمتداداتها الطائفية والأثنية في الأقطار العربية المطلة على الخليج العربي حيث أن أكثر من نصف مليون إيراني يسكن في هذه الأقطار وقد يكون لهم نفوذ يسهل من عملية سيطرة إيران على منطقة الخليج برمته وذلك بسبب التشرذم العربي ووجود من يؤيد هذه النزعة الفارسية بين المثقفين العرب. في هذا السياق يجب أن لا ننسى أن إيران محتلة للأحواز العربية ولثلاث جزر عربية في الخليج العربي وهي جزيرة أبو موسى وجزيرتي طنب الصغرى وطنب الكبرى إضافة الى مطالبتها بدولة البحرين وسيطرتها على الحكومة العراقية العميلة ونفوذها الواسع في قصبة كاظمة وشمال اليمن والساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية، وقد إمتد نفوذها الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط عن طريق العراق المحتل وسوريا وحزب الله الشيعي الصفوي في لبنان.

 

الدكتور كشيشيان يعزي أسباب عدم الإستقرار في منطقة الخليج العربي الى الصراعات والمشاكل الداخلية التي عصفت بدول المنطقة ومنها الحرب العراقية الإيرانية ومحاولة إسترجاع قصبة كاظمة الى الوطن الأم وأعتبر أن الشهيد صدام حسين وقع في فخ دون أن يوضح من أوقعه في ذلك الفخ على الرغم من علمه كمؤرخ أن بلاده والحركة الصهيونية العالمية هي التي جلبت الدجال خميني الى الحكم في إيران لإشعال نار الحرب مع العراق ومن ثم تأمرت على العراق مع حكام الخليج والسعودية بعد إنتصاره في حرب الثمان سنوات وتجريع الحاخام خميني سم الهزيمة حينما تطاول أقزام آل النباح على أشراف العراق وأغرقوا الأسواق العالمية بالنفط وسرقوا نفطه من أجل تدمير الإقتصاد العراقي، ولم يتطرق الى الدور القذر الذي لعبه الجنرال نورمان شوارتسكوف في التخطيط السياسي التمهيدي للمؤامرة ومن ثم التخطيط العسكري قبل دخول العراق الى قصبة كاظمة وقيادته للحرب الكونية الثالثة ضد العراق بمشاركة عربية واسعة. ولم يتطرق أيضا الى الدور الإيراني في حرب 1991 أو في عملية إحتلال وتدمير العراق عام 2003 بمشاركة وتأمر عربي وعالمي واسع النطاق.

 

عنصر الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي مهم جدا لدرء خطر التدخلات الأجنبية في المنطقة العربية وخصوصا في منطقة الخليج العربي.  السؤال الذي يطرح نفسه آنيا هو: كيف سيتم الوصول الى حالة الإستقرار السلمي التام في الوقت الذي فيه الأقطار العربية في الخليج مازالت منقسمة على نفسها ودائما في تناحرة مغلف ومستمر وتتأمر بعضها على البعض وحكامها يتصرفون بالعقلية القبلية المتقوقعة ولهم تحالفات سرية مع قوى أجنبية وعلاقات مشبوهة مع الكيان الصهيوني وإيران؟!!! العامل الأخر الذي سيؤثر على إستقرار دول الخليج وهويتها العربية هو عامل الهوية السكانية حيث أن الأقطار العربية الخليجية تحتوي على أعداد هائلة من المهاجرين الأجانب من غير العرب الذين يشكلون نسبة 85% الى 90% من مجموع السكان. هذه المجاميع السكانية الغير متجانسة قد تطالب مستقبلا بحقوق المواطنة وبناء نظام ديموقراطي تعددي يؤمن حقوقهم وحقوق أجيالهم وبهذا ستكون الهوية العربية قد محيت من الوجود وخصوصا اللغة العربية التي تعاني حاليا من مزاحمة اللغة الإنكليزية والفارسية لها في التعامل اليومي في هذه الأقطار. العامل الثالث الذي من المحتمل أن يزعزع الإستقرار في هذه الأقطار العربية هو العامل الطائفي الواقع تحت تأثير إيران الصفوية التي تستغله بين الحين والأخر ضمن مخططها الطويل للسيطرة على المنطقة وبناء الإمبيراطورية الفارسية الجديدة. العامل الرابع الذي قد يكون له أثر في عدم إستقرار منطقة الخليج العربي هو العامل الديني حيث أن أعداد كبيرة من المهاجرين الى منطقة الخليج هم من غير المسلمين وفي حالة حصولهم على حقوق المواطنة والإستقرار سيكون من ضمن ذلك حقهم في ممارسة طقوسهم الدينية الغير إسلامية وبهذا فقد محيت الهوية الإسلامية المطلقة لشبه الجزيرة العربية. العامل الخامس الذي قد يكون له أثر على عدم إستقرار منطقة الخليج هو العامل الإجتماعي والثقافي والأخلاقي حيث أن العادات والتقاليد العربية تفنى من الوجود حينما يكون عدد السكان العرب اقل من 10% في هذه البلدان المنفتحة على الغرب وغير الغرب والتي تأثرت حاليا بشكل أو بآخر بما جلب مع المهاجرين خصوصا الأوربيين منهم. سواحل وبلاجات الخليج العربي تنعم بكثرة الملاهي والمراقص والحانات وأماكن لعب القمار والدعارة الجنسية الإنثوية والذكرية. ثقافيا وسلوكيا يختلف السكان العرب عن المجاميع المهاجرة وفي حالة نقصان نسبة المواطنين العرب في بلدانهم ستتغير مع ذلك سلوكيتهم وثقافتهم العربية وبهذا ستولد صراعات نفسية وسلوكية داخل الأسر العربية. العامل السادس الذي قد يكون له أثر سلبي على عدم إستقرار منطقة الخليج العربي هو زيادة عدد السكان وزيادة عدد العاطلين عن العمل خصوصا المهاجرين منهم. يعتمد إقتصاد منطقة الخليج العربي بشكل مطلق على تقديم الخدمات وتصدير الغاز والنفط الخام ويتميز بإنعدام وجود المعامل الصناعية الخفيفة والثقيلة التي يمكن أن تستوعب الزيادة السكانية، وفي حالة الإفتقار الى وجود حلول لهذه الزيادات ستكون هناك مشاكل إجتماعية وسياسية كبيرة لا يمكن السيطرة عليها لا بواسطة العنف ولا بواسطة تقديم المساعدات الإجتماعية.

 

الدكتور جوزيف كشيشيان يعتقد بأن بناء دولة المؤسسات وتحقيق العدالة والأمن الإقتصادي سيحقق الإستقرار الداخلي وسيمنع التدخلات الخارجية في منطقة الخليج خصوصا في البلدان العربية. نعم هذا صحيح يجب بناء دولة المواطنة، ولكن في خضم ما ذكرناه أعلاه كيف سيتم بناء دولة المؤسسات وتحقيق عدالة إجتماعية في دول وإمارات الخليج العربي حينما سيكون بناء هذه الدول أو الدولة إن إتحدوا في وجود أعداد هائلة غير متجانسة من المهاجرين الغير العرب؟!!! هل بالإمكان الإحتفاظ بالهوية والثقافة العربية والإسلامية في هذه الدولة؟!!!

 

المثير للإهتمام هنا هو كيف يفكر أو سيفكر الحكام العرب في هذه الإمارات لإيجاد الحل الناجع للمشكلة التي يعيشونها مع الإحتفاظ بالهوية العربية الإسلامية؟!!! كيف سيتم إستقرار منطقة الخليج في وجود الصراعات الداخلية والأطماع الخارجية للإستحواذ على الموارد الطبيعية فيها؟!!! هل ستبقى الأمة العربية مشتتة وضعيفة ومنخورة القوى ومستهلكة الى يوم الدين أو قبل أن تنقرض بسبب عوامل حركة التاريخ يتحكم بها ومثلما يقول المثل العراقي "شعيط ومعيط وجرار الخيط"؟!!! متى سيعي الشعب العربي من غفوة نوم أهل الكهف؟!!! ألم تكن معاناة 700-800 سنة من الإحتلالات والظلم والجور كافية لدغدغة المشاعر ورمي لحاف الذل والعار والجهل والهزيمة والإبتعاد عن جنجلوتية المظلومية والخنوع والإنبطاح للأجنبي؟!!! هل بقت لنا كرامة بعد إغتصاب فلسطين وإحتلال وتدمير العراق؟!!! هل ستبقى لنا مشاعر العزة والكرامة إن هزمت المقاومة المسلحة العراقية الباسلة والمقاومات العربية الأخرى في فلسطين ولبنان؟!!! الى متى يبقى 350 مليون عربي في العيش في قوقعة التشرذم وتقبل الخنوع والأنصياع وعدم الإنفعال لما يحدث حولنا؟!!! هل سيتم تحرير الإنسان العربي وأراصيه بعد تحرير شبه الجزيرة العربية والحرمين الشريفين من أيادي عوائل العصابات القبلية العميلة والخنوعة لإملاءات الأجانب؟!!! كيف يمكن تغيير بنية تربيتنا العائلية الإنسانية الفردية والجمعية لكى يكون بإمكاننا أن نرفض الخنوع والذل والكذب والنفاق والتحايل والسرقات وكل ما يمت الى الصفات القذرة التي يتحلى بها الكثير منا والتي أوصلتنا الى الإنحدار والوقوع في بئر المذلة العديم القعر؟!!!

 

بإعتقادنا أن الحل الوحيد الذي لا يمكن تحقيقه في هذه الحقبة الزمنية من تاريخنا هو الثورات على الظلم وإزاحة كل ما هو غريب عن جسد الأمة العربية وتوحيد الشعب العربي في وطن واحد موحد يحكمة نظام المواطنة تسوده العدالة الإجتماعية والشفافية ديموقرطي الخواصل والفواصل.

 

2- مقالي مجلة الطليعة القومية العربية

 

قبل البدأ في التعقيب على المقالين نود القول أنه من المعروف عن الإعلام العربي بشكل عام هو كحكام الدول العربية غير مستقل مؤدلج ودائما تابع وموجه من قبل قوى محلية أو إقليمية أو دولية وكلاهما يتميز بخاصية قمع وطمس الحقائق والتغطية عن العورات المفضوحة من خلال التدليس والكذب والمواربة والتضخيم وكأن الشعب العربي بأكمله مازال قابع في الظلمات في عصر الإنتيرنيت والتسريبات الإعلامية.

 

المقال الأول الذي نحاكيه للكاتبة والإعلامية السورية بثينة شعبان نشر تحت عنون "كشف للحقائق أم تكريس لها؟" بينما المقال الثاني للكاتب علي جمالو نشر تحت عنوان "ويكيليكس وسورية". كلا المقالين يتحدثا عن التسريبات الجديدة التي أطلقها موقع ويكيليكس والتي تخص التقارير التي أرسلتها السفارات الأمريكية حول العالم الى وزراة الخارجية الأمريكية.

  

بعد مقدمة مختزلة حول لغز تسريبات ويكيليكس والبركان الإعلامي الذي أحدثته هذه التسريبات، وبعد وصف قصير لجرائم حروب الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وزعزعة إستقرار البلدان العربية وإضعاف نظمها، تنتقل الدكتورة بثينة شعبان الى حيز نظرية المؤامرة لتضع علامات الإستفهام حول مقصد وغايات هذه التسريبات وشخصية مسربها مؤسس موقع وكيليكس جوليان أسانج الذي تعتبره لغز آخر وتتسائل لماذا وضعت هذه التسريبات وكيف؟ تركز الدكتورة بثينة شعبان على التسريبات التي تخص الدول العربية خصوصا القضية الفلسطينية وإسرائيل وإيران وتتغاضى عن ذكر باقي الملفات المسربة حول جرائم الإحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان وعن جرائم النظام الإيراني وعصاباته في العراق وتدخله في الشؤون الداخلية في عراقنا المحتل. تقول الدكتورة بثينة شعبان "وكأن الموضوع الطاغي في هذه البرقيات، هو التلاقي بين آراء بعض المسؤولين العرب والإسرائيليين بما يتعلق بإيران، والتركيز في هذه الوثائق على أن الخوف من إيران، وليس مقتصرا على إسرائيل، بل إن عددا من زعماء الدول العربية يشارك إسرائيل هذا الخوف ويدعو الى وضع حد للطاقة النووية الإيرانية. فهل المطلوب هنا أن نطبق مقولة عدو عدوي صديقي؟". كذلك أنها لم تتطرق الى باقي الملفات التي تخص دول عربية أخرى وعلاقاتها بالولايات المتحدة وإسرائيل.

 

الدكتورة بثينة شعبان تقول أيضا أن اللافت في هذا الموضوع هو أن معظم السفارات الأمريكية في المنطقة قد سربت محاضرات جلسات وأخبار تهدف في مجملها الى تشوية صورة العرب. ذكرت هذه العبارة الغير صحيحة على الرغم من معرفتها "كما نظن" كمستشارة إعلامية في القصر الجمهوري السوري بأن التسريبات التي حصلت ليس عن طريق السفراء بل عن طريق موقع وكيليكس وأن المتهم بتسريب هذه المعلومات وحسب ما نشر في كل وسائل الإعلام العالمية هو برادلي ماننغ محلل الإستخبارات في الجيش الأمريكي المسجون سابقا في سجن إنفرادي في الكويت والأن هو مسجون في سجن إنفرادي في قاعدة عسكرية في ولاية فرجينيا.

 

الدكتورة بثينة شعبان الحاصلة على شهادة الدكتوراة في اللغة الإنكليزية من جامعة يورك البريطانية وكانت تتبوأ منصب وزيرة المغتربين في حكومة بشار الأسد تعيد وتطرح السؤال "كيف يمكن لسفراء الولايات المتحدة في دول عدة أن يسربوا مئات الآلاف من الوثائق السرية والبرقيات بالغة الأهمية الى جهة تدعي حكومتهم أنها خصم لها دون أن تثير أي تساؤل أو قضية ضد هؤلاء السفراء ودون أن تحاسبهم على إخلالهم بأمانتهم الوظيفة؟" يبدو من هذا السؤال أن الدكتورة بثينة شعبان لم تطلع بنفسها على تسريبات ويكيليكس وكيف حصلت، وتتهم بالمقابل السفراء الأمريكان بأنهم من سرب المعلومات بشكل مباشر الى موقع وكيليكس أو الى جوليان أسانج وتطلب من الحكومة الأمريكية محاسبتهم. هذا السؤال مع الأسف يدل إما على السذاجة والجهل الإعلامي والإعتماد على ما يوفره لها موظفيها الصغار أو أن الإعلام السوري الرسمي هو إعلام تطبيل وتحريف الحقائق.

 

السؤال الثاني البسيط الذي تطرحه الدكتورة بثينة شعبان يدل إما على عدم دراية موسعة وعميقة حول علاقة الكيان الصهيوني بالولايات المتحدة ومدى تأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية أو أنه موجه لتبرئة دور حزب الله  اللبناني المتهم ضنيا في عملية إغتيال رفيق الحريري، وكذلك النيل من بعض الأنظمة العربية  الغيرمتعاطفة مع إيران فيما يخص مشاريعها النووية وتدخلها في الشأن العراقي  والدول العربية الأخرى حيث انها تسأل "لماذا لم نقرا تسريبات ضد جرائم جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) المعروف بعمليات الإغتيال والتعذيب التي يرتكبها ضد قادة ونشطاء الشعب الفلسطيني الأعزل والتي تشير الدلائل الى تورطه بإغتيال الشخصيات السياسية اللبنانبة لتحقيق أهداف إسرائلية معروفة ومعلنة، بل إن ما قرأناه من إيجازات عن هذه التسريبات يتجنب النيل من إسرائيل وجرائمها، بل يعمد على تسليط الضوء الساطع على أن إسرائيل ليست وحيدة في رؤيتها للمنطقة، بل أن الكثير من زعماء العرب أنفسهم يشاطرونها الرؤية والهدف ويعملون في السر مع الإدارة الأمريكية لتحقيق ذلك ولكنهم وبسبب أوضاعهم في سدة الحكم وبسبب الظروف القائمة بين العرب وإسرائيل غير قادرين على الإفصاح عن ذلك، فهم يقولون في العلن مالا يفعلون في السر". يمكننا في هذا السياق أن نسأل الدكتورة بثينة شعبان "لماذا تتوقعين من سفراء الولايات المتحدة في الكيان الصهيوني ومعظمهم أن لم نقل كلهم من الصهاينة اليهود أن يكتبوا تقارير سلبية عن هذا الكيان المسخ وجرائم جهازه الإستخباري الذي هو ذرع من أذرع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والـ "إف. بي. آي." في منطقة الشرق الأوسط وأماكن أخرى متفرقة حول العالم؟!!!".

 

نظرية المؤامرة الغير منطقية التي تطرحها الدكتورة بثينة شعبان حول موقع وكيليكس وغايته من نشر الكنز المعلوماتي عن المراسلات بين السفارات الأمريكية حول العالم التي أدت الى إحراج الإدارة الأمريكية نفسها أمام العالم جعلها أن تربط بين تاريخ توقيت تسريب المعلومات وتاريخ التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف يوم 29/11 من كل عام، وتربطه أيضا مع تزامن إعتقالات وتهديدات إسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين ومعانات فلسطني الداخل من السياسات القمعية الصهيونية وكأن التسريبات قد حصلت فقط للتغطية على الأعمال القمعية التي تقوم بها السلطات الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني المقهور. نؤكد للدكتورة بثينة شعبان أن ليس هناك أي ربط بين تسريب هذه المعلومات والوضع في الشرق الأوسط خصوصا القضية الفلسطينية أو إيران وإنما هذا التسريبات تشمل معلومات واسعة صدرت من سفارات أمريكية حول العالم وأرسلت مباشرة الى وزارة الخارجية الأمريكية وأحتفظ بها في مجمع المعلومات السرية وليس عن طريق السفراء الى موقع وكيليكس.  

 

نود في هذا السياق أيضا أن نزيد الدكتورة بثينة شعبان علما بأن ما نشره موقع وكيليكس لحد الأن حول المراسلات الدبلوماسية الأمريكية هو أقل من 1% من ألـ 250000 ألف وثيقة التي سينشرها بإستمرار. إضافة الى ذلك، لو أتعبت الدكتورة بثينة شعبان نفسها قليلا دون الإعتماد على موظفين صغار وفتحت موقع ويكيليكس ستجد أنه نشر أولى هذه التسريبات في يوم 28/11/2010 وليس في 29/11 المصادف مع تاريخ التضامن مع الشعب الفلسطيني وأن الموقع مستمر في نشره للمعلومات وأخرها كان في 7/12/2010 ويوجد هناك الكثير من التسريبات من السفارة الأمريكية في دمشق. نتصور أن على المواطن العربي العادي أن يكون ممتنا لهذه التسريبات من قبل موقع ويكيليكس لأنها تكشف المخفي والمستور في سياسات الحكام العرب القمعية داخليا والمنبطحة والخنوعة خارجيا والتأمر العربي- العربي. إن هذه التسريبات أحدثت مشاكل سياسية داخلية في جميع البلدان الديموقراطية التي تمتلك صحافة حرة وشفافة وأوضعت المسؤولين السياسيين في موقف حرج أمام شعوبهم خصوصا أولئك الذين يسربون معلومات الى الولايات المتحدة عن خطط وإسترتيجيات أحزابهم في الإنتخابات أو في التعامل التجاري مع الولايات المتحدة أو غيرها. كشف المستور عن السياسات الفاسدة القمعية داخل أقطار الوطن العربي وفضحها أمام الشعب العربي قد يكون درسا لهؤلاء الحكام. الذي نحتاجه في الوطن العربي هو صحافة حرة ومسؤولة ونزيهة تستطيع فضح المستور وليس صحافة تلف وتدور في فلك الحكام والسياسيين تكذب وتدلس وتضخم وتتلاعب في مشاعر المواطنين. لولا تسريبات موقع ويكيليكس هل كان بإمكان قناة الجزيرة معرفة بأنها كانت معرضة لمساومات سياسية بين النظام المصري والنظام القطري؟!!! لولا تسريبات ويكيليكس هل كان بإمكاننا مشاهدة فيديو الجرائم الأمريكية ضد المواطنيين الأبرياء في العراق في مذبحة بغداد الجديدة؟!!!

 

المقال الثاني الذي كتبه علي جمالو ونشر تحت عنوان "ويكيليكس وسورية" يقع أيضا ضمن منطق نظرية المؤامرة والتشكيك في غايات نشر تلك الوثائق ويطرح تقريبا نفس الأسئلة التي طرحتها الدكتورة بثينة شعبان حول لماذا لا تكشف هذه التسريبات جرائم الكيان الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني، ولماذا التركيز على الوثائق التي تكشف عن الآراء السلبية للبعض من الحكام العرب إتجاه إيران وبرنامجها النووي، ويزيد متسائلا لماذا تصور البعض من تلك الوثائق رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردغان بالرجل الفاسد والمرتشي أهذا بسبب موقفه من الصراع العربي-الإسرائيلي والتعاون الإقليمي مع دول المنطقة؟ السيد على جمالو يذهب ابعد مما ذهبت إليه الدكتورة بثينة شعبان حينما تسائل "ماذا عن ويكيلسكس وسورية..؟". في هذا السياق أخذ علي جمالو بمدح سياسة النظام السوري وطريقة تعامله في حواراته مع الوفود الأجنبية وأطرى عليه بشكل غريب وكأنه يشعر بالخوف من نشر بعض المعلومات التي قد يكون لها أثرا سلبيا على سياسة النظام حيث قال "حسب معرفتي بدوائر صناعة القرار في سورية فإنني أجزم – سلفا – أن دمشق ليست قلقة البتة من أي وثيقة تسرب حول سياساتها المعلنة وحواراتها مع الوفود الأجنبية أو حول طرق تعاملها مع الأحداث في المنطقة لأنه لا فروقات تذكر بين ما تقوله دمشق في السر وما تقوله في العلن ...الخ" وراح يستشهد بإستفتاء قامت به فضائية الـ "سي. ن. ن." وتقرير صحيفة الواشنطن بوست حول شعبية الرئيس السوري بشار الأسد، وبناءاً على ذلك كتب "لا أتوقع أن يصدر عن دمشق أي رد فعل رسمي عن تسريبات نشرت أو ستنشر في المستقبل حول سياسات أو لقاءات مسؤولين فيها مع ضيوف أو شخصيات رفيعة لأنها في الأساس تعرف ماذا لديها وتعرف ماذا قالت وكيف قالت عن هذا الأمر وذاك".   

 

من وجهة نظرنا يجب أن يكون هذا النمط من العمل الصحفي وكتابة المقالات السياسية نمط مرفوض ويجب ان يقلع من الجذور اذا اردنا أن نمتلك صحافة شفافة وجريئة تستطيع مجابهة السلطة وتعريتها لا مدحها أو الدفاع عنها بهذا الشكل المفضوح وكما فعل علي جمالو وحسب إعتقادنا قبل أن يطلع على الوثائق المسربة التى تخص المباحثات بين المسؤولين السوريين والمسؤولين الأمريكان حول قضايا عديدة تهم سوريا ودورها في المنطقة وعلاقاتها مع إيران الصفوية وتركيا ولبنان والعراق والكيان الصهيوني. نؤكد لعلي جمالو أن الوثائق المسربة التي تخص سورية التي إطلعنا عليها لم تتطرق الى التعاون بين المخابرات السورية والـ "سي. آي. أي." خصوصا في مسألة سجن وتعذيب المتهمين بالإرهاب الذين نقلتهم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الى السجون السورية السرية وكما حصل للمواطن الكندي السوري الأصل المهندس ماهر عرار.

 

رابط مقال الجزيرة:

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F7B53DAF-10BC-47CD-8D03-53FEFC9580C1.htm?GoogleStatID=9

  

رابط مقال الدكتورة بثينة شعبان:

http://www.jpnews-sy.com/ar/news.php?id=15760

  

رابط مقال السيد علي جمالو:

http://www.champress.net/index.php?q=ar/Article/view/77687

 

 





الخميس٠٣ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة