شبكة ذي قار
عـاجـل










من منجزات ومفاخر العراق العظيم أنه كان المساهم الرئيسي في تأسيس جامعة الدول العربية التي كان الهدف الأول منها جمع العرب تحت مظلة واحدة بعيدا عن الانصياع والانبطاح والالتحاق بهذا الركب أو ذاك ..  مظلة تتخذ فيها قرارات الأمة وتكون قرارات عربية خالصة لا إملاءات خارجية من هنا وهناك ..

 

كان العراق هو الدولة العربية شبه الوحيدة صاحبة القرار السيادي، وكان للجامعة دور لا يمكن اغفاله وقتها، صحيح لم تكن أدوارا على المستوى المطلوب والمراد، إلا أنه بأسواء الأحوال كانت الأمور في تلك الأيام أفضل مما هي عليه حاليا بكثير ..

 

ولعلني لا آتي بشيء جديد حين أقول إن العراق افاد الجامعة العربية منذ تأسيسها ولم يستفد منها، وكان الدولة العربية الوحيدة التي لم تتأخر يوما ما عن سداد مستحقاتها رغم الجور الذي لحق بالعراق من جراء تلك المهزلة ..  فيما بعد ..  ومع ذلك لم يتأخر العراق يوما عن السداد رغم ما حل به من سنوات الحصار الظالم الجائر ..

 

أثناء الحصار الذي استمر خلال سنوات ما قبل الاحتلال، كان على رأس ما يسمى الجامعة العربية في تلك الايام شخص يحمل نصف واحد بالمليون من الرجولة، اسمه عصمت، كشفت الايام أن حفيده كان من ضمن المجموعة التي أطلق عليها اسم عبدة الشيطان والتي أوقفتها السلطات المصرية وقته ..  وحاكمته ..  وصعق أفراد الأمن المصري يومها من وجود من يطلق عليهم في مصر أبناء الذوات وكان من بينهم حفيد شبه الرجل ذاك ..

 

المهم .. هذا الشخص حضر يوما ما إلى الجنوب العراقي، وبالتحديد إلى القطعة المسلوخة منه والمسماة الكويت، وأمضى يومين أو ثلاثة أيام ضيفا على شيوخ آل الانبطاح، أتدرون ما الهدف من تلك الزيارة ؟ كان الهدف منها حضور حفلات لختان الأطفال هناك !!!تصوروا المأساة ..  شخص يدعي أنه يمثل جامعة عربية تضم عشرين دولة عربية يحضر حفلة ختان أطفال ..  وفي الطرف المجاور، كان يستشهد يوميا أكثر من طفل بفعل القصف الاجرامي الامريكي البريطاني المنطلق من أراضي نفس الجزء المسلوخ من العراق أو من أراضي دولة أخرى مجاورة فيها أطهر مكانين في الدنيا على الاطلاق!!

 

وذهب ذلك المخنث غير مأسوفا عليه، وجاء بعده شخص توسم فيه بعض العرب الخير لاسيما وأن بعض من مواقفه تجاه الدولة الصهيونية كانت إيجابية نوعا ما، ما دعا المسحوق رابين لأن يقول يوما ما إن الرياح القادمة من وزارة الخارجية المصرية دائما ضدنا!! لكنه حين تولى أمر الجامعة العربية انقلب اكثر من مائة وثمانين درجة وازدادت هزالة ومياعة الجامعة العربية عما كانت عليه من قبل ..

 

كنا – كعراقيين – نتوقع من عمرو موسى أنه حين سيذهب إلى بغداد فإن أول ما سيقوم به هو زيارة زميل له، كان يوما ما يرأس اشرف وأنزه وأطهر وزارة خارجية عرفها العرب في عصرهم الحديث، ويسأل عنه وعن أحواله، ويطلب من جلاديه الافراج عنه فورا وبدون تأخير، بل ويطالب بأنه لن يغادر بغداد إلا وطارق عزيز ورفاقه بصحبته، وفاءا لجلسة جلساها يوما ما سوية، ولكنه لم يفعل، بل ذهب لزيارة الصنم الخسيستاني وليخرج بعد تلك المقابلة بتصاريح عجيبة غريبة جعلت من ذلك الصنم إمام العصر والجماعة ..

 

كذلك توقعنا أنه حين لقاءه بالهالكي سيطرح معه موضوع الميليشيات الارهابية الصفوية الكسروية التي تعيث الفساد والقتل والنهب والسلب والترويع في بغداد، ولكنه ايضا لم يفعل، وكأن الامر لا يعنيه وكأن من تزهق أرواحهم ليسوا بشرا – وحاشاهم – وكأنه كان يعيش في كوكب آخر غير الكوكب الذي نعيش عليه ..

 

كان أولى بهذا الشخص أن ينزل إلى شوارع بغداد لا إلى المزبلة الخضراء ليرى بأم عينه ما حل بالعراق والعراقيين بعد الاحتلال ..  وكيف حول الاحتلال الصهيوصفوي مغولي أعرق بلاد الدنيا إلى واحة من الخراب والدمار والفساد ..

 

هذا الشخص يزور أحقر واسفل وأنجس خلق الله الذين تسلطوا على أعرق بلاد الدني ..  وهو يعلم هذا الأمر جيد ..  فكيف طاوعته نفسه بأن يضع يده في أيديهم ويمتدحهم ويصرح تصاريح كاذبة وهمية لا أساس لها ؟؟

 

إن من يشاهد عمرو موسى ممسكا بيد الهالكي ويضحكان سوية سيظن للوهلة الأولى أن بينهما صداقة طويلة الأمد وأنهما كان صديقي العمر ..  ولا أدري إن كان موسى يدري أو لايدري أن عقلية وعقيدة مجرم مثل المجوسي الصفوي الهالكي تجعله يتمنى سحل عمرو موسى فيما لو سنحت له الظروف، فهو أولا يحمل إسم عمرو، وهو من اكثر الاسماء كراهية لدى الصفويين المجوس الكسرويين الانجاس، وثانيا إنه مسلم من أهل السنة والجماعة، أي ألد أعداء الصفويين الخمنيين ..  فهل يدرك عمرو موسى والمحيطين به هذا الأمر ام لا؟ أم أن الرواتب الخيالية التي يتقاضونها كل شهر تجعلهم ينسون دينهم ويركزون على دنياهم فقط غير عابئين بما يحصل في أرض الرافدين؟

 

إن الموقف الغريب الذي سجله هذا الشخص بزيارته لبغداد يجعل القناعة تزداد يوما بعد يوم أن هذه المؤسسة باتت هزيلة مهترئة ميتة لا وجود لها إلا لجني الأموال والتآمر على العراق خاصة والعرب بشكل عام، وأن عدم وجودها بات مطلبا ملحا ليس للعراقيين وحدهم فحسب، وإنما أنا على يقين أنه لكل عربي من المحيط إلى الخليج ..

 

فهذه الجامعة الهزيلة هي التي شرعنت العدوان الثلاثيني المجرم على العراق العظيم الذي ابتدأ في مثل هذه الايام تماما من عام 1991، وهي التي حاصرت الوفد العراقي في السنة التي قبلها وأسكنته في مكان بعيد عن العرب كي لا يلتئم شمل بعض المخلصين ويحلوا الأزمة التي نشبت في عام 1990 وهي التي كانت طوال فترة الحصار الجائر الظالم على العراق خرساء لم تقم بعمل شيء لا للعراق ولا لشهداءه الذين كانوا يرتقون كل يوم ..

 

أقول هذا الكلام وربما قلته من قبل مرات ومرات ..  والله لو أن الأمر بيدي بعد التحرير، لألغيت على الفور عضوية العراق من هذه المؤسسة الهزيلة التافهة، ولسحبت أي ممثل للعراق موجود في أية دولة عربية، ولأبعدت كل سفير أو مندوب لهذه الجامعة من العراق ..  وكذلك نفس الشيء مع منظمة المؤامرة على الاسلام ..  فيكفي هاتان المنظمتان أن أكبر خطأ ارتكبتاه هو ضم دولة المجوس كمراقب الى الجامعة، وضمها كعضو إلى المنظمة ..  فمنذ تأسيسهما لم نستفد ولم يستفد العرب منهما بشيء ..  بل كانت كلتاهما حربا على العراق خصوصا وعلى العرب عموم ..  والتاريخ والافعال والأيام خير شاهد على هذ ..

 

يا أيها العراقيون .. 

 

في مثل هذه الأيام كان الشعب العراقي العظيم والقيادة العراقية الوطنية الشريفة البطلة تواجه عدوانا ثلاثينا غاشما حقير ..  واجهناه بصدور مؤمنة وبقلوب ملؤها الايمان بالله مع ثبات على المباديء لا مثيل له ..  لم يعرف التاريخ الحديث عدوانا مجرما كالعدوان الثلاثيني الذي وقع على العراق العظيم، ولم تعرف شعوب الارض قاطبة شعبا مغوارا صابرا صامدا مثل الشعب العراقي العظيم الذي أفشل العدوان الثلاثيني، ولم تعرف جيوش العرب في عصرها الحديث ولا أي جيش من جيوش العالم كالجيش العراقي العظيم الذي واجه العدوان لمدة ثلاثة وأربعون يوما أذاق فيها الويل لأعداء العراق ..

 

لقد كانت أم المعارك ملحمة بطولية فريدة من نوعها تبارى فيها أبناء العراق الغيارى على تسجيل البطولات والملاحم الاسطورية التي لو كان هناك تاريخا عربيا منصفا، ولو كان هناك إعلاما غير مسيرا من قبل الاعداء لأبرز هذه البطولات ولجعلها تدرس في المدارس والاكاديميات والكليات العسكرية العربية ..  ليعرف العالم أجمع قوة الجيش العراقي العظيم وثبات المقاتل العراقي البطل، الذي بصموده الاسطوري الباسل، أثبت أنه حفيد من أحفاد أبطال القادسية الأولى وعمورية وحطين وغيرها من المعارك الكبرى في تاريخنا المجيد، وأن صلاح الدين الايوبي جد العراقيين جميعا، وأن هؤلاء الاشبال هم نسل أولئك الأسود ..

 

كذلك لا بد من استذكار ملحمة البناء البطولية التي قام بها شعبنا العظيم بعد العدوان، حيث عاد كل شيء إلى طبيعته بفترة وجيزة أذهلت العالم أجمع، فعمل المهندسون والبناؤون والعمال العراقيون الغيارى على بناء وترميم كل ما دمره العدوان المغولي الهولاكي الهمجي من محطات كهرباء وماء وجسور ومرافق وبينة تحتية ..

 

وفي هذه المنازلة التاريخية الكبرى أيضا قام رجال الجيش العراقي العظيم بمعركة بطولية خاطفة جعلت أمريكا والغرب يفركون عيونهم من الدهشة لهذه المباغتة البطولية العظيمة التي أثبتت مقولة أن الجندي العراقي جندي شجاع مغوار بطل ..  لايهمه لا شوارزكوف ولاغيره ..  ولايهتم لمسميات وألقاب وأوسمة ونياشين ..  فكلها تحت بسطاره ..  فالمسمى الحقيقي هو في قلب المعركة ..  لا خارجه ..

 

لقد كانت معركة الخفجي البطولية حدثا عراقيا خالصا أعاد إلى الأذهان البطولات التي سطرها رجال جيشنا العظيم في القادسية الصدامية المجيدة ..  وكانت مفخرة تضاف إلى مفاخر هؤلاء الرجال العظام وهذه القيادة الوطنية الشريفة التي كانت تقود العراق ..

 

فالرحمة والمغفرة والرضوان لقادة جيشنا الابطال الكرام الذين كانوا في ساحات البطولة في تلك الفترة ..  وعلى رأسهم الشهيد صدام، رضوان الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى كل إخوانه شهداء العراق الأبرار جميع ..

 

وتحية لكل جندي عراقي كائنا ما كانت رتبته شارك في الدفاع عن عراقنا العظيم المنصور بالله ..  ومن قضى منهم شهيدا أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعله في جنان عرضها السموات والأرض

 

تحية قلبية لكل عراقي مدني ..  صحفي ..  إعلامي ..  سياسي .. دبلوماسي ..  موظف ..  عامل ..   تاجر ..  شارك وساهم حسب موقعه في تلك الأيام العصيبة التي مرت على العراق ..

 

تحية لرجال الدفاع المدني الابطال الذين أبلوا بلاءا عظيما لافتا للنظر في تلك الفترة ..  

والله أكبر وعاش العراق حرا أبيا كريما عزيزا شامخا مثل النسر المحلق في الفضاء ..

 

 





الخميس١٦ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. صباح محمد سعيد الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة