شبكة ذي قار
عـاجـل










لا نريد أن نذهب بعيداً في بطون التأريخ لو قلنا أن الشيعة في العراق أثناء العهد العثماني الذي استمر لمدة 384 سنة وأنتهى بأحتلال العراق من قبل القوات البريطانية عام 1917 في أواخر الحرب العالمية الاولى , كانوا يعيشون حياة مشابه تماما لحياة بقية ابناء الشعب العراقي بكافة اطيافه وتنوعاته .


فالهموم والآمال واحدة والمشاكل متشابه والاهداف واحدة, ولا فرق بين هذا وذاك عند الوالي العثماني في العراق أو الباب العالي في الاستانه في تلك الايام الخوالي التي أرخها بكل براعة ودقة علي الوردي وعبد الرزاق الحسني شيخا المؤرخين العراقيين.


والدليل الدامغ على ذلك هي تلك الانتفاضة الجماهيرية العفوية الجبارة التي إجتاحت كل مدن العراق ضد الاحتلال البريطاني فيما أشتهر على تسميتها بثورة ١٩٢٠ والتي توّجت بتنصيب ملكا عربيا هاشميا هو الملك فيصل الاول وأعتبار العراق دولة تحت الانتداب وليس مستعمرة تابعة للتاج البريطاني في لندن.


وأثناء تأسيس الدولة العراقية الحديثة بشقيها الملكي والجمهوري ، أزدهرت الحركة الثقافية والعلمية في كافة مدن العراق ومنها المدن ذات الكثافة الشيعية وبرز منهم العلماء والمهندسون والسياسيون والكتاب والادباء والمبدعون في شتى مجالات الحياة أٌسوة ببقية اخوانهم من اطياف الشعب العراقي.


غير إن الجارة إيران وللاسف أستمرت على نهجها وسياستها التي كانت سائدة أثناء الصراع العثماني الصفوي على أرض العراق. ( حكم الصفويون من عام 1502م ولغاية 1722م ) كما أن الخلافات العثمانية الصفوية فتحت بابا لظهور النفوذ الأجنبي، لا في إيران فحسب وانما في منطقةالخليج العربي ايظا، وألحقت ضررا بالإسلام بعد تصعيد حدة الصراع بين العثمانيين والصفويين، وتحول الخلاف المذهبي بين الصفوية الشيعة من جهة وبقية المسلمين الذين يصفونهم بالسنة من جهة أُخرى إلى صراع مسلح وبالخبث والتآمر البريطانيين آنذاك, خسر العراق كدولة إطلالته البحرية الاستراتيجية بأستقطاع أرض الكويت منه وخسر العرب أرض الاحواز لتهيمن عليه إيران البهلوية. حيث دخل الجیش الایراني بقيادة رضا خان مدینة المحمرة عاصمة الاحواز عام 1925 لإسقاطها وإسقاط آخر حکام الکعبیین وهو الشيخ خزعل جابر الکعبي .


فإيران كانت وأستمرت تدغدغ مشاعر الطائفية وتغذيها بين أطياف الشعب العراقي وغالباً ما تتحرش بالعراق بحجة خوفها ودفاعها عن- الشيعة - والمراقد الدينية المقدسة ولا أدري من أين جائت فكرة ان الائمة من نسل علي بن أبي طالب- رض- هم من حصة – الشيعة - وليس هم رموز دينية يعتز بها كل عربي ومسلم على السواء .


غير ان الباحث في الفكر الصفوي لا يجد صعوبة كبيرة في معرفة دوافع هذا الادعاء والاهداف المرجوة منه، فهي بإختصار دعوى ترتكز على قصص وهلوسات مفبركة تقول بأن صحابة رسول الله (ص) قد خذلوا آل البيت وحاربوهم وأغتصبوا الخلافة منهم وبالتالي فأن شيعتهم يجب ان ينتفضوا ويرجعوا حقهم المغصوب، وتولدت وتعززت هذه المعتقدات في ظل الدولة الصفوية وأخذتها شعاراً سياسيا ذو أطماع توسعية وتسلطية وأنتقامية تكفّر وتلعن بقية المسلمين على المذاهب الاخرى غير المذهب الصفوي (الشيعي).


علماً أن سواد الشيعة وعامتهم لا يدينون بهذا المذهب الخطير والجهنمي بل أنهم أتباع مذهب الامام جعفر الصادق الذي أنطلق من بغداد كما هي بقية المذاهب، والذي لايختلف أبداً عن بقية مذاهب الاسلام الاخرى إلا في قضايا المعاملات والعبادات.


لكن الامر برز بشكل ملفت للنظر بعد ما يسمى بالثورة الايرانية عام ١٩٧٩ التي اطاحت بالشاه ونصبت الخميني والمؤسسة الدينية على رأس السلطة في طهران. هنا الامر اختلف واخذت الدعاية الايرانية تركز ومنذ الايام الاولى على مظلومية ) الشيعة( في العراق وان نظام البعث الكافر يظطهدهم وان أيران تدافع عن حقوقهم وحقوق )الشيعة (في كل مكان وخاصة البلدان العربية وعلى ضرورة تصدير الثورة الخمينية ومبادئها .


وقد رافق ذلك تحرشات أيرانية وقصف مدفعي وغارات جوية على طول الحدود مع العراق حتى وصل الامر الى اسقاط احدى الطائرات الايرانية المعتدية وأسر طيارها من قبل الجيش العراقي قبل اندلاع الحرب بصورة علنية بأشهر عديدة في أيلول ١٩٨٠.


كل ذلك تمهيداً لغزو العراق واستباحة أرضه وشعبه وحرماته . وبالفعل شنت حكومة إيران حرب ضروس ضد العراق وشعبه الآمن دامت ثمان أعوام قاتل فيها العراقيون النشامى جميعاً وبلا استثناء قتال الابطال حتى مكّنهم الله تعالى على دحر العدوان المتغطرس وإعلان الانتصار العظيم في يوم الايام ٨-٨-١٩٨٨ .


غير ان الدور الايراني المشبوه في تصدير الثورة الطائفية الى دول الجوار استمر بخطى مدروسة ومتأنية وعلى أستيحاء أنتظاراً للفرصة المناسبة ليظهر الى العلن وبقوة المال والسلاح وبدعم من قوى الظلام التي لا تريد للعرب الاستقرار والتنمية والتقدم.


وقد اعتمدت أيران على حزب الدعوة الاسلامي والمجلس الاسلامي الاعلى) العراقيين( في تسويق المفاهيم الطائفية والعنصرية في العراق الذي كان يعاني الحصار الاممي غير الشرعي الذي فرض عليه بسبب أزمة الكويت والذي أستمر -بالرغم من انسحاب الجيش العراقي من الكويت بعد العدوان الثلاثيني - من آذار ١٩٩١ حتى توج بإحتلاله في نيسان ٢٠٠٣ .


إنّ المشروع الإيرانيّ الطائفي الذي يتغلغل أصحابه في أرض العرب وبقية بلاد المسلمين، هومشروع قوميّ صفويّ فارسيّ، يتخذ الدين ستاراً له من خلال استحواذه وهيمنته على المذهب الشيعي العربي الجعفري بحجة المظلومية وفقدان الملك الإلهي والدفاع الباطل عن آل البيت وكأن آل البيت من صلب فارس وليس هاشمي قرشي، من أجل تأسيس إمبراطورية فارسية طائفية عدوانية تعادي العرب وتتوافق أهدافها مع اليهود الصهاينة الذين أغاضهم خروج نبيْ ورسول هو خاتم لرسالات السماء من بين هؤلاء البدو الاعراب سكان الصحراء.


وكان لتواطئ إيران واعوانها في حزب الدعوة الاسلامي والمجلس الاسلامي الاعلى وبقية العملاء في المجاميع الاخرى مع قوات الاحتلال الاميريكة والبريطانية ودول أخرى منافقة السبب الرئيسي والحاسم في الانفراد بالعراق وشعبه وقتله وذبحه وأحتلاله في أخس واحقر وأجبن عدوان عرفه التأريخ.


والصفحة الاخرى بعد الاحتلال ومآسيه هو في كيفية شرعنته وتسويقه للعالم ، وانبرى لهذه المهمة غير الشريفة عملاء المحتلين ومناصريهم ومنهم حزب الدعوة الاسلامي والمجلس الاسلامي الاعلى الطائفيين الذين إدعيا زوراً وكذباَ بأنهما يمثلان الشيعة المظطهدون في العراق وبالتالي فهما احق بحكم العراق لاعادة حقوقهم المسلوبة.


والمتابع للعراق المحتل يرى وبوضوح شديد ان هذه القوى الظلامية الطائفية وبتخطيط شيطاني اميريكي أسرائيلي وإيراني صفوي قد مارست التهديم والتمزيق والقتل والتشريد وأصبح العراق اليوم بلد مهشم ومنكوب ومرشح للتمزق الى عدة محميات ودويلات والدليل على ذلك هو ما نتج عن مخاض مزيّف دام تسعة أشهر من ما يسمى بالانتخابات التشريعية التي جرت في آذار الماضي لشعب جائع وممزق وتعبان لا حول له ولا قوة غير تصديق ولو واحد بالمائة من وعود المعممين والافندية المتمنطقين والطائفيون مزدوجي الولاء والعمالة .


نتج عن ذلك حكومة توافق وطني أو إتفاق لتقاسم السلطة تتألف من ٤٢وزيراَ و٣ نواب لرئيس الوزراء وهي بالحقيقة حكومة تقاسم طائفي عرقي مترهلة وأُميِّة وليس على أساس المواطنة العراقية يشارك بها كل الكتل والتجمعات الطائفية والعرقية وستسقط من ثقلها لانها ستفشل في تحقيق أي شيئ مفيد للعراق والعراقيين.

 

 





الخميس٢٣ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صباح الخزاعي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة