شبكة ذي قار
عـاجـل










يرى المراقبون المتابعون للشأن التونسي بأن مخاطر جمة بدأت تلوح في الافق لتطويق واحتواء الثورة الشعبية التونسية في مرحلة اولى ثم الانقضاض عليها واجهاضها لاحقا. وتؤكد العديد من التقارير الصحفية والاستخباراتية الاوربية بشكل عام والفرنسية بشكل خاص والمطابقة في تحاليلها واستنتاجاتها ان دولا عديدة اوربية وحتى تلك الواقعة في الجوار التونسي ناهيك عن الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة تنظر بعين الارتياب وعدم الارتياح الى رياح التغيير التي اطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي ونظامه


وتوضح هذه المصادر الديبلوماسية الرفيعة المستوى ان صمت الرئيس سركوزي بشكل خاص ازاء ما كان يجري في تونس هو افصح بلاغة ويقول الكثير حول موقف فرنسا التي فاجأتها تطورات هذه الانتفاضة التونسية الشعبية ، وما اقتراح ميشيل اليو ماري وزيرة الخارجية الفرنسية لتقديم الخبرات الفرنسية البوليسية للرئيس التونسي المخلوع بن علي لقمع انتفاضة الشعب التونسي الا تجسيدا لذلك الموقف وتصب في نتيجة واحدة مفادها ان فرنسا سركوزي قلقة تماما لما يجري في تونس . اما التصريحات الفرنسية الخجولة بصدد اختيارات الشعب التونسي وحقه في التعبير وما الى ذلك ،فما هي الا اعلانات انشائية و كلام خشبي كما يقال


ان قلق حكومة سركوزي والكارتيلات المستفيدة من الحكم الذي كان قائما في تونس لاكثر من عقدين يمكن تفهمه الى حد ما. ذلك ان العلاقات المالية والبنوكية التي كانت تربط حكومة بن علي وعائلته والاوليكارك – الاثرياء الفرنسيين من كبار رؤوساء الاعمال – كانت على اعلى المستويات وتشمل جميع توجهات الساحة الفرنسية السياسية وبكافة اطيافها . فالحزب الاشتراكي الفرنسي المعروف بصهيونيته – الناعمة- اذ هو لايظهر بما يضمر، ودعمه المطلق للكيان الصهيوني المحتل فلسطين كان قد دعم حزب التجمع الدستوري الديمقراطي حزب الرئيس المخلوع بن علي ليكون عضوا في الاشتراكية الدولية الذي ينتمي اليها حزب شيمون بيريز الصهيوني وحزب جلال الطلباني الانفصالي


اضافة الى ذلك فان العديد من الوزراء و السياسيين ورجال الاعمال الفرنسيين يعتبرون تونس حديقتهم الخلفية يقضون فيها عطلاتهم الصيفية وبحماية فرق مسلحة تابعة للرئيس المخلوع بن علي كما هو الامر بالنسبة لعمدة باريس دولانوا وبيير لولوش المقرب من سركوزي والمعروف بصهيونيته العاتية ومرورا بوزيرة الخارجية الانفة الذكر اليو ماري

 

ويشير المحللون السياسيون الى ان المخاطر الجدية التي باتت تحيق بالثورة الشعبية التونسية هي التلويح بالفزاعة الاسلامية والتي بدأت ماكنة الصحافة الرسمية الاوربية بترديد اصدأها عقب محاولة الرئيس التونسي المخلوع بن استخدامها لتبرير قمع الانتفاضة الشعبية في احد خطبه والتي كانت موجهة ايضا وبشكل غير مباشر الى اصدقائه الاوربيين والامريكان لاستجداء الدعم الضروري لنظامه


فللوهلة الاولى لم يشتر الغرب الكولونيالي بضاعة الفزاعة الاسلامية لانه كان يظن بان الانتفاضة التونسية ماهي الا غمامة صيف وان بن علي رجل الغرب في تونس مسيطر على الوضع . من جهة اخرى لم تصمد هذه البضاعة التي حالما كنسها الشارع التونسي موضحا للعالم بان ثورته الشعبية عفوية خالصة لاتنتمي الى اي حزب او تنظيم سياسي


ومما يؤكد هذا التوجه الاوربي لاستخدام الفزاعة الاسلامية هو تصريحات سركوزي الاخيرة لحلقة مغلقة من المقربين اليه اكد فيها ان ما يجرى في تونس ليست ثورة شعبية كما يقال وانما هو انقلاب عسكري قام به الجيش التونسي الذي تخلى عن الرئيس زين العابدين بن علي ثم ارغمه على امتطاء الطائرة ومن ثم طرده الى خارج البلاد


اضافة الى ذلك عدم رغبة بقايا حكومة بن علي بتسليم مقاليد الامور الى المعنيين الحقيقيين بالامر وباتوا – اي بقايا حزب الرئيس التونسي المخلوع ، يلعبون على ورقة الفوضى والتعفن والمماطلة في تشكيل حكومة تونسية تمثل حقيقة الشعب التونسي وطموحاته المشروعة،


ويتردد في الاوساط الصحفية المقربة من اجهزة المخابرات الفرنسية ان باريس وتونس قلقتين من امكانية ان يقوم تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي في استغلال الوضع الغير المستقر في تونس – لتصدير خبراته – على حد تعبيرالمصادر عينها والتي تؤكد ان فرع القاعدة في المغرب الاسلامي يحاول استغلال الوضع في تونس للقيام بعملياته


ويشدد المراقبون على التوقف وهلة وتحليل معنى هذه الاخبار خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار ان المحتل الامريكي في العراق ينعت كل ما له صلة بالمقاومة في العراق او كل من يعارض سياساته الكونية التي تصب كلها في صالح الكيان الصهيوني وبما يسمى مشروع الشرق الاوسط الكبير ، بالارهاب وينسبه الى تنظيم القاعدة ، فلنا من الاسباب ما يجعل القلق يراودنا بشكل جدي حول امكانية تحوير او اختطاف الثورة الشعبية التونسية
 

وتقول مصادر في جهاز المخابرات الفرنسية الذي يقع تحت امرة رئاسة اركان الجيش المباشرة ان هناك عدة تقارير تشير الى وجود تهديدات جدية على الحدود التونسية ، وباختصار، والكلام لازال لمصادر المخابرات ، فان انصار الرئيس بن علي المتشددين و المتواجدين في المنطقة وبفضل بعض العلاقات مع السعوديين ، ينوون زعزعة امن تونس بالتعاون مع ميليشيات الرئيس المخلوع و الاسلاميين الراديكاليين القادمين من ليبيا. وتوضح المصادر ان امريكا كانت على علم ومنذ زمن بأن اموالا سعودية خاصة تدعم منظمات اسلامية راديكالية . وتقول مصادر مطلعة انه بالرغم من ان المخابرات الفرنسية لاتشاطر كليا وجهة النظر الامريكية بخصوص الدعم السعودي الا ان احد المحللين السياسيين الذي يعمل مستشارا في رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية الفرنسيتين اشار الى ان فرنسا تحلل وتدرس بشكل دقيق البرقيات الديبلوماسية الصادرة عن سفاراتها في كل من تونس والجزائر وطرابلس وانه – والكلام لازال للمستشار الفرنسي الرفيع المستوى- يتحتم علينا توخي الحذر الشديد اذا اردنا غدا تجنب اخطاء الامس


وتقول المصادر نفسها بأن العقيد القذافي يقف بالمرصاد لما يجري في تونس فهو الذي آوى ميليشيات وحرس الامن التابعين للرئيس بن علي وعليه فان الانتقال السياسي في تونس سوف لن يكون طريقا محفوفة بالورود.


ويشير المراقبون ايضا الى ان للاليزيه هو الاخر ما يقلقه على المستوى الداخلي اذ انشأ سركوزي مؤخرا خلية استخبارات يديرها برنارد باجوليه السفير الفرنسي في بغداد ما بين عام 2003 و 2006 والذي تم تعيينه مؤخرا سفيرا في كابل وهذه الخلية تتكون من عناصر تابعة لجهازالمخابرات الفرنسية -الامن الداخلي- وعناصر من مكافحة التجسس وجهاز المخابرات العسكرية الفرنسية والذي يؤكد بدوره على ان فرنسا اصبحت الهدف رقم واحد بالنسبة لارهابيي القاعدة في المغرب الاسلامي والذين يتوقع ان يعيثون فسادا في فترة الانتخابات الرئاسية المقبلة عام2012 وان يقومون باختطاف رهائن فرنسيين جدد بهدف ارغام فرنسا على الخروج من افغانستان


من ناحية اخرى يربط المراقبون مايجري في تونس وتعيين بوريس بوالون سفيرسركوزي السابق في بغداد ، في تونس خلفا للسفير بيير مينات الذي عاقبه سركوزي بنقله الى لاهاي لانه وفق مصادر مطلعة لم يقرأ الحالة التونسية بشكل صحيح


ان تعيين بوالون المقرب جدا من سركوزي في تونس قد لايصب في مصلحة الثورة التونسية الفتية وقد ينبئ بتدخل فرنسي سافر في شوؤن هذا البلد العربي أو على الاقل بتحوير مسار الانتفاضة عن اهدافها الحقيقية واستخدام مساحيق تجميلية ليتسنى لنظام بن علي الاستمرار دون بن علي . اذ يتردد في تونس ان الحرامي الاول قد فر فعلا الا ان عصابته من الحرامية مازالت هي متواجدة وحية ترزق في تونس. والسفير الجديد بوريس بوالون هو كما اسلفنا من اشد المقربين الى سركوزي وقد ورد اسمه مؤخرا ليكون وزيرا للداخلية وهو يعتبر من عتاة المدافعين عن الاحتلال الامريكي اللاشرعي للعراق وهو من المنادين بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان لاخرى لاغراض انسانية- وذلك يعني هو يؤمن بمذهب ممارسة المذابح الانسانية تحت ذريعة التدخل الانساني في العالم الثالث وابدا في فلسطين المحتلة.. تماما على خطى برنارد كوشنير الغني عن التعريف لصهيونيته الفائقة . وبوريس بوالون يكره كل ما هو عربي او عروبي وهو ما فتئ يصف المقاوميين العراقيين الذين يسعون الى طرد الاحتلال الامريكي من بلدهم ، بالارهابيين

 

ويجمع المراقبون على ان بوريس بوالون يعتبر في الحقيقة ممثلا للكارتيلات الفرنسية الرأسمالية وبائعا متنقلا للمنتجات الاستهلاكية ، اكثر من كونه سفيرا لدولة مثل فرنسا لها وزنها الثقيل و ذات ارث ثقافي وحضاري معروف ورسالة انسانية تريد نقلها الى العالم


والسؤال الذي يطرح نفسه ويطرحه جميع من يحبون الشقيقة تونس ويتمنون نجاح ثورتها العملاقة هو : هل سيكون بمقدور الثوار التونسين افشال محاولات امريكا والكيان الصهيوني وحليفهما الخاص سركوزي في اوروبا للالتفاف على ثورتهم وحرفها عن مسارها واختطاف دماء شهدائهم


،نحن نبقي ايادينا على قلوبنا ونتمنى ذلك فالثورة العراقية المستمرة لتحرير العراق من براثن الاحتلال وعملائه الصغار بحاجة الى زخم الثورات العربية في كل مكان

 

 





الخميس٢٣ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. بهنام نيسان السناطي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة