شبكة ذي قار
عـاجـل










انتفاضة الثورة المصرية المليونية انطلقت بعد أن بلغ السيل الزبى وما عاد الشعب المصري يتحمل بقاء الطاغية حسني مبارك في موقعه ماسكا بزمام الأمور في جمهورية مصر العربية. لقد نطق الشعب العربي المصري صارخا بأعلى صوته وقالها بأوضح التعابير ارحل ومن معك قبل فوات الأوان وليس هناك بديل عن رحيلك وإنهاء فترة حكمك المظلمة والفاسدة التي أحدثت شرخا واسعا داخل المجتمع المصري بين طبقة الأغنياء وساكني القصور الفارهة المنتفعين من النظام الفاسد وطبقة المحرومين والجياع والعاطلين عن العمل. الشعب المصري رفض بقاء الطاغية الفرعوني المحنط في دفة الحكم ليرث فيما بعد كرسيه الى ولده المدلل.


الانتفاضة الثورية التي بدأت على شكل احتجاجات سلمية قد تنتهي وتتحول الى كارثة إنسانية بسبب تعنت المحنط حسني مبارك الذي يعيش داخل فقاعته الفرعونية منعزلا عن الجماهير ورفضه سماع نداء الشعب بالتخلي عن منصبه والرحيل الى مزبلة التاريخ. المحنط حسني مبارك يرفض التخلي عن منصبه لأنه يعرف أن حساب الشعب قادم وحساب التاريخ قادم لأنه طغى وأغنى نفسه ومن حوله بأموال الشعب وعلى حساب الشعب، ولأنه خيب أمال الشعب المصري في العيش في حياة حرة كريمة، ولأنه كذلك تأمر على العراق والقضية الفلسطينية من أجل إرضاء أسياده الأمريكان والصهاينة الذين حموه وأبقوه في منصبه لمدة ثلاثين عاما. المحنط حسني مبارك بدلا من أن يترك منصبه ويرحل بعيدا وكما طلبت منه الجماهير المصرية المحتشدة في ميدان التحرير في القاهرة وباقي المدن والقصبات المصرية أطلق كلاب البلطجة التابعة لوزارة الداخلية لإشعال حرب أهلية دامية. عصابات المحنط حسني مبارك التابعين لسلك الشرطة وعناصر الأمن السري المرتدين الملابس المدنية والمسلحين بالعصي والأسلحة البيضاء قامت بمظاهرات استفزازية مضادة للحشود المعارضة للطاغية المتجمعة في ميدان التحرير في القاهرة وحاولت تفرقتها من خلال إرسالها عناصر راكبة على ظهور الخيل والجمال. وحينما فشلت تلك المحاولة أخذوا برمي الجماهير المحتشدة بالحجار والهجوم عليهم واستعمال السلاح الأبيض في الاشتباكات مما أدى الى جرح العشرات من العناصر المناوئة لحسني مبارك المعتصمة في ميدان التحرير اعتصاما سلميا. بعد ذلك وفي المساء أخذت هذه العصابات رمي قنابل المولوتوف الحارقة على المواطنين المصريين المتواجدين هناك. كل ذلك حصل أمام مرأى ومسمع العالم والجيش المصري المنتشر في وحول ميدان التحرير لم يحرك ساكنا ولم يتدخل بشكل جدي لمنع تلك الاعتداءات سوى انه أطلق بعض العيارات النارية في الهواء وأخمد حرائق قنابل المولوتوف بخراطيم المياه لأنه كان واقفا على الحياد.


سياسيا كانت هناك خلافات بين قادة الأحزاب والتجمعات السياسية المختلفة المشاركة في الانتفاضة المليونية حول ما العمل بعد الخطاب المراوغ العاطفي والملتوي الثاني الذي ألقاه المحنط حسني مبارك والذي أعلن فيه بأنه سوف لن يرشح نفسه في الانتخابات الرأسية القادمة المزمع إقامتها في شهر أيلول/سبتمبر القادم وأنه سوف لن يتنحى عن منصبه قبل انقضاء فترة ولاية حكمه الحالية التي وعد بأنه سيعمل خلالها على إجراء تغيرات مهمة في الدستور وعمل إصلاحات سياسية وديمقراطية تتجاوب مع مصالح الجماهير. بينما قسم من قادة الانتفاضة ومن جملتهم محمد ألبرادعي يطالبون باستمرار الانتفاضة كما هي عليه الآن لحين رحيل حسني مبارك من منصبه بغض النظر عما سيحدث من فوضى خلاقة أو مشاكل أمنية وحروب أهلية دامية بين المعسكر المناهض لحكم حسني مبارك والمعسكر المؤيد له، يتطلع البعض الأخر الى إعطاء حسني مبارك الفرصة لتحقيق الوعود التي قطعها على الشعب في خطابه الثاني والرحيل بصورة سلمية بعد انقضاء مدة ولايته تجنبا لحدوث حرب أهلية دامية والتي قد تؤدي الى كارثة إنسانية في مصر.


محمد ألبرادعي - الذي يتطلع الى ترشيح نفسه للرأسة في سبتمبر القادم أو في المرحلة الحالية الى قيادة حكومة انتقالية بعد إجبار حسني مبارك على التنحي – يحاول الاستفادة من الوضع المضطرب الحالي وسرقة الموقف من خلال دعوته للجيش بالتدخل في حسم الموقف لصالح الجماهير المنتفضة ضد نظام الطاغية حسني مبارك وكذلك من خلال تحفيز المجتمع الدولي الى التدخل المباشر في الوضع المصري حيث أنه - وحسب اعترافه - على اتصال دائم مع بعض القادة والسياسيين الأوربيين والأمريكان. هذه التحركات تعني أنه يحاول كسب نقاط سياسية على حساب منافسيه المشاركين في الانتفاضة وإبراز نفسه على أنه قائد لهذه المرحلة التاريخية وقبوله مستقبلا رئيسا لجمهورية مصر العربية. من ناحيته يحاول عمرو موسى أيضا ترشيح نفسه للرأسة خصوصا وأن مدة ترأسه للجامعة العربية ستنتهي وحسب المعلومات المنشورة بعد شهرين من الآن.


من وجهة نظرنا أن كلا هذين الشخصين لا يصلحان لقيادة جمهورية مصر العربية الآن أو مستقبلا لأن كلاهما ضعيفي الشخصية ولا يستطيعان اتخاذ قرارات حاسمة ذات أهمية قصوى تخدم الشعب المصري أو أمتنا العربية، هذا ما برهنت عليه تحركاتهما في مجالات عملهما داخل وخارج الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو الجامعة العربية. بالنسبة لمحمد ألبرادعي - الذي قضى سنين طويلة من عمره خارج مصر وبعيدا عن مشاكلها الاجتماعية - أنه فشل في منع الحرب على العراق من خلال تردده بالوقوف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والإعلان على الملأ بصراحة وصدق المهنة بأن العراق كان خاليا من أسلحة الدمار الشامل وأن العراق كان على حق حينما كان يدعي بذلك لأنه كان يعلم علم اليقين بأن العراق كان حقا خاليا من تلك الأسلحة. كذلك فشل محمد ألبرادعي في التعامل مع قضية إيران النووية، وفشل أيضا في إقناع المنظمة بتفتيش المفاعلات النووية الإسرائيلية ومخزونها من الأسلحة النووية. أما فيما يخص عمرو موسى فحدث ولا حرج حيث أنه فشل في كل المهمات المناطة له في الجامعة العربية خصوصا تلك التي تهم القضية الفلسطينية وقضية احتلال العراق. عمرو موسى تآمر على العراق من خلال تسليم كرسي العراق في الجامعة العربية الى ممثل حكومة الإحتلال وكذلك ساعد على شرعنة الإحتلال والاعتراف به وأخر ما قام به هو محاولة فتح مكتب للجامعة العربية في شمال وطننا المحتل القابع تحت سيطرة عصابات الأحزاب الكردية العميلة وكذلك تشجيعه وإصراره على إقامة مؤتمر القمة العربية القادم في بغداد المحتلة.


أخيرا وليس آخرا ندعو الجماهير العربية المنتفضة والثائرة على نظام الطاغية حسني مبارك تجنب الدخول في حرب أهلية دامية مع العناصر البلطجية المأجورة التي لا تخدم سوى المصالح الصهيوأمريكية في المنطقة العربية وكذلك أخذ الحذر من اختراقها من قبل عناصر مهزوزة وأنانية لا تخدم إلا مصالحها الشخصية.


نتمنى أن نرى نفس التجحفل الجماهيري أن يحصل في عراقنا المحتل كي يتخلص وطننا المغتصب من قوات الإحتلال وعملائها لأن الظروف التي يعاني منها شعبنا العراقي هي أقسى وأعمق بكثير من الظروف التي يعايشها شعبنا العربي المصري المنتفض حاليا على نظام الطاغية حسني مبارك.
 

 

 





الاربعاء٢٩ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة