شبكة ذي قار
عـاجـل










إن الثورة الشعبية التي قام بها الشعب العربي التونسي ومن ثم شعبنا العربي الاصيل في مصر العروبة , مصر الابطال والتضحيات والقلب النابض للامة العربية , لم تكن بسبب تأثرها بأي أنواع من الافعال التغيرية التي حدثت في العالم أو بفعل تأثير ثقافي أو خطاب لايمس الواقع القطري أو القومي , فهي لم تكن نتيجة حدث معين أو حرق مواطن لنفسه إحتجاجاً على الوضع المعيشي السئ سواء في تونس أو في مصر بل هي نتيجة تراكمات مأساوية تحملها الشعب وعلى مدى عقود من الزمن ,  ومجموعة التراجعات السياسية واقتصادية والاجتماعية سواء على المستوى الوطني بالدرجة الاولى أو على المستوى العربي بالدرجة الثانية , وأعود للسيد خامنئي ولك مني الاحترام والتقدير وهما لكونك تمثل شكلياً لمذهب من أنقى المذاهب في الاسلام الحنيف ,  وإني أعترف بأن الصور لها من الاعتبارات عند البعض لذلك نقدم الاحترام له ,  ولكن أن تقفز وبكل بساطة وتصرح بل تنسب ثورة شعبنا في تونس ومصر لما سميته بالثورة الايرانية فهذا تعدي سافر على الروح الثورة العربية التي تتمتع بها كل الاجيال العربية , وأيظاً هي جهالة أو إلغاء للثورة العربية والتي أخذت أشكالاً مختلفة في التأريخ العربي القديم والمعاصر وهي الان في صيرورتها الجديدة , الم تكن ثورة الحسين(ع) العربي الاصل تشكل إنتفاضة بوجه الظلم والقهر الاجتماعي والسياسي , وأبطال تونس ومصر هم أشبالاً من ذلك الاسد , الاتعرف أن تاريخ مغربنا العربي الحديث يعج وتزدحم به أسماء من القادة الثوار اللذين وقفوا بوجه الاستعمار الايطالي والفرنسي والانكليزي ويتقدمهم البطل عمر المختار وعبد القادر الجزائري وبن بيلا وجميلة بوحيرد وسعد زغلول والبطل التاريخي جمال عبد الناصر .. يحق لنا يا سيد خامنئي أن نتفاخر بهذه الكواكب عندما نرى ونسمع بمن يتجاهل ثورتنا العربية المستمرة.وفي نفس الوقت ولكي لا أكون متجنياً أو كاشفاً لوجه من أوجه هذه الامة العظيمة أُمتنا العربية أقول أن هذه الامة أنجبت أفكاراً وتيارات وأحزاباً يشهد لها التأريخ العربي المعاصر لما قامت به من تغيرات في الواقع العربي سواء في مجابهتها لكل اشكال الاستعمار والانظمة القمعية الديكتاتورية , وأيظاً إذكاء لروح الثورة العربية وديمومتها وجعلها تصطف وبكل زهو بين ثورات العالم بل تكون رائدة في الكثير من المواقف الثورية لحركة الثورية العالمية , فالعرب ياسيد خامنئي ثوار وبالوان الثورة العالمية ففيهم ماركسيين حقيقين وفيهم ماركسيين لينينين و ماويين وفيهم إسلاميين ولكنهم يفهمون الاسلام على حقيقيته وفيهم قومييون وفيهم قومييون إشتراكيون , فهولاء ثوار عروبيون كما علمتني ألايديولوجية العربية الثورية أن أحسبهم وأن أسميهم لانهم رفاق المسيرة الثورية للطريق الثوري العربي الجديد , نعم فالماركسيين وعلى تصنيفاتهم هم عروبيون والاسلاميون عروبيون أيظاً بقدر تثويرهم للواقع العربي وبدون تصنيف ديني أو مذهبي لان العروبة هي حب إنتماء قبل كل شئ.

 

ولكن لكل واحد من هذه الاتجاهات طريقة خاصة في تحقيق الثورة , أي بمعنى أدق لكل من هذه الاحزاب والتيارات مداخلها الخاصة في قراءة التجارب الثورية لان تجربة الثورة من الاتساع الزمني والجغرافي والتعددية والتنوع في عناصرها وفي مسبباتها وظروفها يجعل قرائتها ومراجعتها وصياغتها متعددة ايظ , فلا يمكننا أن ننكر مساهمة غالبية هذه الاحزاب بشكل أو اخر في تنضيج الواقع العربي ليكون بمستوى الأفكار العربية الثورية سواء التي تتعلق بحقيقة هذه الامة الواحدة وبإيمانها بحرية الانسان والمجتمع وبالمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية.  , ولا يعني تعدد هذه المداخل الا على حيوية هذه الامة في فهم الواقع والتأريخ والحدث المتحقق ,  وإن لاحزابها وتياراتها مواقف وحضور في تثوير الفعاليات والمواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية كلُ وحسب فلسفته وطريقة قرائته للتاريخ وتطور المجتمعات.ولكن الذي أُريد أن أقف أمامه هو دور الفكر القومي الاشتراكي وأحزاب هذه الفكر والحركة في الفعل الثوري العربي .

 

وهنا لايسعني إلا أن أقول إن البداية كانت في أول الاتجاهات للقومية العربية في بلاد الشام الغالي علين ,  فبعد حملة محمد علي وتدخل الاستعمار الاوروبي كانت مطالب للقوميين العرب محدودة وتمثلت بإجراء أصلاحات داخل الدولة العثمانية وبينها التوسع في إستخدام اللغة العربية في مجال التعليم والتبادلات الادارية المحلية , الا إنه في ثورة 1908 شدد القوميين العرب من مطالبهم في التصدي للبرنامج الاستعماري المتمثل بالتتريك والذي كانت قد فرضته حكومة جمعية الاتحاد والترقي التركية , وكانت حركة القوميين العرب تتمثل ببعض الجمعيات والتشكيلات ومن هذه التشكيلات العقائدية القومية مثل جمعية العربية للفتاة والجمعية العلمية السورية والجمعية القحطانية وغيره ,  وكانت هنالك عقائد أُخرى تنافس حركة القوميين العرب ,  فقد كانت أنذاك الجامعة العثمانية والرابطة الاسلامية , ولكن بعد تصاعد القمع العنيف والقاسي للجمعيات القومية العربية من قبل جمال باشا وحملات الاعدام بحق الوطنيين والقوميين وخاصة خلال عامي 1915 و1916 ومع إنهيار السلطة العثمانية تزايدت المشاعر ضد الاتراك.فكانت البدايات الحقيقية للفكر القومي العربي المعاصر في القطر السوري وكان زكي الارسوزي و ساطع الحصري و عبد الرحمن الكواكبي و قسطنطين زريق.و كان ميلاد الفكر القومي المعاصر الثوري هو جزء من ردة فعل على فشل الرابطة الاسلامية وإنهيار رمزها المتمثل بالدولة العثمانية وإن إندفاع الفكر القومي وظهور المشاريع القومية أيظاً كان بسبب فشل الحركات القائمة على الرابطة الدينية في بلورة الهوية القومية العربية في إضهار العرب أصحاب مساهمة فعلية في الحضارة الانسانية لانهم قدموا الكثير لها بدءاً من الحضارة السومرية والبابلية والاشورية والفرعونية والفينيقية والعربية قبل الاسلام ومن ثم توجوا عطائهم برسالةالاسلام.فأرجوا أن تتوضح الصورة للسيد وخاصة فيما يخص الدور الحضاري والثوري العربي لحركة القوميين العرب.

 

 





الاربعاء٠٦ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة