شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يسعنا أكثر من أن نقول بأن من حق الشعوب كل الشعوب اختيار قادتها وأنظمتها السياسية بإرادة ديمقراطية حرة دون أي تدخل خارجي ويجب التعاطف مع كل الحركات التحررية الحقة التي تبغي إرساء العدل والحرية والمساواة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مجتمعاتها. أن ما حدث ويحدث في مصر وتونس استقطب عطفا وتأيدا واسعا عربيا وعالميا وباعتقادنا ان كل الشرفاء الأحرار في وطننا العربي الكبير شدتهم الغبطة والفرحة حينما هرب زين العابدين بن علي من تونس وحينما سقط الطاغية المحنط حسني مبارك من على كرسيه المهزوز لا أسف ولا حسرة عليهم وعلى مصيرهم المخزي. ما يزال أحرار العرب ينتظرون بفارغ الصبر تحقيق المطالب الملحة للجماهير المنتفضة التي سالت من أجلها الكثير من الدماء ألا وهي التغيير الجذري للأنظمة العفنة واستبدال وجوهها القبيحة التي ما تزال متلكئة وعالقة في حيطان معبد السلطة كمخاط لزج والتي تحاول بشتى وسائل المراوغة الالتفاف على تلك المطالب وإبقاء الأنظمة بلا تغيير جدي من خلال عامل الزمن الذي قد يعمل لصالحها. بمعنى آخر أن الأنظمة لم تتغير جذريا لحد الآن وإنما الذي حصل هو ترقيع تجميلي لبعض الأوجه والإتيان بأوجه أخرى من الخط الثاني أو الثالث المولية لتلك النظم الفاسدة وللغرب المتصهين. على الرغم من خيبة أملها من البطء المحسوب في تحقيق المطالب الجماهيرية الذي تمارسه السلطات الانتقالية في مصر وتونس إلا أن الواعين من المشتركين في الانتفاضتين الشعبيتين مازالوا جادين في إصرارهم على حتمية التغيير الجذري. هؤلاء الثوار لم يستنجدوا أبدا بقوى خارجية من أجل تحقيق مطالبهم وأحلامهم المشروعة على الرغم من الممارسات القمعية الدموية التي مارستها السلطات العفنة وبلطجياتها المجرمة والمأجورة ضدهم ومحاولة الدول الغربية الميل الى جانبهم وكسب ودهم حينما شعروا بأن العروش التي كانت تحت سيطرتهم ويسيرونها حيثما شاءوا أخذت بالتهاوي والسقوط.


الانتفاضة الشعبية الليبية أيضا كسبت عطفا واسعا في مختلف أرجاء الوطن العربي والعالم على إثر النشر الإعلامي الدعائي العربي والعالمي لأخبارها وأخبار تعامل السلطة الليبية معها في بداية التصدي لها آخذين بنظر الاعتبار خلفية السلوكية السياسية الغير متوازنة والمتقلبة لمعمر ألقذافي في كثير من مجالات اتخاذ القرارات عربيا أو دوليا. لكن تبين فيما بعد أن الكثير مما نشر وقيل في الفضائيات العربية والغربية ومواقع التدوين التي تديرها عناصر ليبية منشقة في أوربا والولايات المتحدة كان تلفيقا وأكاذيب وتحويرا للتصريحات الرسمية الليبية وتضخيما للأحداث بعيدا كل البعد عن ذكر حقيقة الواقع. العنف المسلح لم يكن قط من جانب واحد حيث أنه استعمل أيضا من قبل عناصر من داخل حركة التغيير خصوصا بعد استيلائها على أسلحة الجيش ومشاجب عتاده. لقد شاهدنا الكثير من الأسلحة الثقيلة وعتادها التي استولت عليها تلك العناصر واستعملت ضد القوات الموالية للدولة التي يديرها معمر ألقذافي. عرضت القنوات العربية فلم تحريضي قصير وكاذب كان يصور أحد العناصر المسلحة المناوئة للقذافي في مشجب كبير للأسلحة يصف القنابل الموجودة فيه على أنها أسلحة كيمياوية مخزونة في مكان قريب من سكن المدنيين وكان يشجي ويتساءل كيف تسمح السلطة تعريض المواطنين الى الخطر بهذه الصورة. ولكن تبين أن تلك القنابل كانت قنابل مدفعية عادية في معسكر للجيش، وفي هذا السياق يجب ذكر أن معمر ألقذافي قد سلم الأمريكان منذ عام 2003 كل شيء يخص الأسلحة الكيمياوية والجرثومية ومعدات البحوث النووية. سمع وقرأ الكثير أيضا عن أخبار قصف الطائرات الحربية الليبية لمواقع "الثوار" وقتلت وجرحت الكثير منهم ولكن الجيش الروسي الذي كان وما زال يراقب الأحداث في ليبيا عن طريق الأقمار الاصطناعية نفى حدوث مثل هذه الغارات ( راجع رابط الفيديو والمقال باللغة الإنكليزية المكتوب أدناه ).

 

القنوات العربية حورت أيضا خطاب معمر ألقذافي وجعلته وكأنه يقول "أن من لا يحبه لا يستحق الحياة" والحقيقة هي انه قال لو أن الشعب الليبي والشعوب الأفريقية وغيرها لا تحبه فإن معمر ألقذافي لا يستحق الحياة بل يستحق الموت (راجع رابط فيديو خطاب معمر ألقذافي المكتوب أدناه). هذه الأكاذيب والتلفيقات الإعلامية التحريضية إضافة الى الدور التآمري الذي لعبه بعض الدبلوماسيين الليبيين المعتمدين في الغرب وخصوصا فيما يسمى بـ "ممثلي" ليبيا في الأمم المتحدة قد اعتمدت من قبل مجلس الأمن الدولي لإصدار قراره السيئ الصيت رقم 1970 الذي وضع ليبيا تحت البند السابع والذي يعرض ليبيا الى التدخل والاحتلال العسكري ونهب خيراتها مثلما حصل في العراق.


مطالبة الأمم المتحدة من قبل "ممثلي" ليبيا فيها وغيرهم من السياسيين والدبلوماسيين الليبيين المنشقين وأصحاب مواقع التدوين في الشبكة العنكبوتية بإصدار قرار أممي يحظر الطيران في الأجواء الليبية وكذلك الحث على التدخل العسكري الغربي لحسم الصراع على السلطة الى جانبهم لا ترتقي إلا الى مكانة التأمر والخيانة العظمى بحق ليبيا وشعبها. وهكذا تتحول الانتفاضة الشعبية المطالبة بإجراء تغييرات مشروعة بعد اختطافها من قبل عناصر موالية للغرب الى مؤامرة ضد الشعب والوطن وسلامة وحدة أراضيه وعليه تفقد مصداقيتها ومصداقية وجودها خصوصا إذا ربطنا التسارع في اتخاذ الإجراءات القاسية ضد نظام معمر ألقذافي من قبل أمريكا والدول الغربية وتجميد الأرصدة الليبية في بنوكها والتي سيكون من الصعوبة استرجاعها كما حدث مع الأرصدة الإيرانية التي استولت عليها الولايات المتحدة منذ سقوط نظام الشاه. أن إعادة انتشار القوى البحرية والجوية الأمريكية في منطقة البحر الأبيض المتوسط والدول المحيطة بليبيا والتحضيرات العسكرية التي تقوم بها قوات حلف شمال الأطلسي إضافة الى تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حول العمل على فرض منطقة الحظر الجوي في ليبيا وإمكانية التدخل العسكري فيها يدل على أن هناك مؤامرة مخطط لها سابقا ومبيتة لتغيير النظام الليبي والاستيلاء على خيرات ليبيا النفطية.


كما ذكرنا سابقا أن رفع علم النظام الملكي السنوسي من قبل المتظاهرين في ليبيا وتعليقه على بنايات بعض السفارات الليبية المنشقة في الدول الغربية يعني أن هناك تخطيط مسبق لإرجاع ليبيا الى الوراء الى عهد ما قبل الثورة عام 1969، عهد التبعية والقواعد العسكرية الأمريكية ومنظوماتها التجسسية ونهب الخيرات النفطية. من منا لا يتذكر قاعدة هويلس الجوية ودورها القذر في حرب الخامس من حزيران عام 1967 التي فيها هزمت الجيوش العربية وأدت الى احتلال كامل الأرض الفلسطينية والجولان وسيناء؟!!! هل طلب الشعب العربي الليبي من المنتفضين إعادة هذه القاعدة الى القوات الأمريكية ثانية أو وضعها تحت تصرف حلف شمال الأطلسي لو لا سامح الله غزيت ليبيا من قبل الولايات المتحدة ودول حلف الناتو تحت ذريعة وغطاء حماية الشعب الليبي من نظام ألقذافي أو نشر الديمقراطية فيها؟!!! هل طلب الشعب الليبي من هؤلاء الذين يحاولون وضع مقدرات ليبيا واستقلالها وحريته بيد الإمبريالية الصهيوأمريكية؟!!! هل طالب الشعب العربي الليبي تقسيم بلاده ووضع خيراتها بيد الشركات النفطية الاحتكارية الكبرى؟!!!


نكتب ليس للدفاع عن معمر ألقذافي أو عن أي نظام عربي قمعي ولكن نكتب من أجل وضع النقاط على الحروف والتحذير من مغبة محاولة خلق حالة جديدة في ليبيا مشابهة لما يمر به العراق المحتل. بودنا أن يستجيب النظام الليبي للمطالب الشعبية الحقة والملحة من خلال اللجوء الى حكمة العقل والابتعاد عن النرجسية والتعالي المقيت. بالمقابل نود القول أيضا كم كان بودنا أن تعصف رياح التغيير الجذري والانتفاضات الشعبية في كل ممالك وإمارات الخليج العربي لتخلص الشعب العربي من بؤر الخيانة والتأمر عليه الجاثمة هناك والقضاء أيضا وبشكل كامل على كل عملاء إيران الصفوية والتجمعات والأحزاب الموالية لولاية الفقيه.


رابط خطاب معمر ألقذافي :
http://www.youtube.com/watch?v=e3pTzrAxfx0


رابط فيديو نفي حدوث غارات جوية ليبية على المحتجين :

http://www.informationclearinghouse.info/article27594.htm

 

 





الخميس٢٨ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة