شبكة ذي قار
عـاجـل










برهنت تجربة نظام الحزب الواحد على الاحتكار المقيت والإقصاء وبرهن النظام الرئاسي على هيمنة الرأي الواحد وصولا إلى الاستبداد الفردي بالحكم وتأبيد النظام وانفراده بالقرار والتسيير إلى حد التمسك القطعي بكرسي الرئاسة وامتلاك الدولة بلا رقيب ولا حسيب من خلال تحويل البرلمان إلى جهاز لحماية الرئيس ووضع اليد على جميع السلطات على حساب مصالح الشعب وإرادته وتطلعاته. وبقيام الثورة الشعبية المباركة لم يعد ممكنا الإبقاء على أساليب الحكم القديمة.

فلا مجال بعد اليوم لهيمنة الحزب الواحد مهما كان حجمه. ولا مجال للربط بين رئاسة الحزب ورئاسة الدولة. نعم لفصل السلطات واستقلال القضاء. لا للوصاية والإقصاء. نعم للديمقراطية والتعددية والشفافية والمحاسبة. نعم للتداول السلمي على السلطة. لا للتطرف مهما كان لونه ومبرراته. نعم للتعايش السلمي بين مكونات المجتمع السياسي والمجتمع المدني.

نعم للدور الكامل للشعب في اختيار نوابه بكامل الحرية والشفافية حتى نبني المجتمع الديمقراطي الحقيقي والنظام السياسي الذي يعكس حكم الشعب نفسه بنفسه من خلال برلمان ممثل لإرادة الشعب ومن خلال انتخاب المسؤولين على المستوى المحلي مثل رؤساء البلديات والعمد والمعتمدين والولاة. وعلى المستوى المهني لا بد من انتخاب مديري ورؤساء المؤسسات من قبل الموظفين المعنيين مثل انتخاب مديري المؤسسات التعليمية في مختلف مستوياتها وصولا إلى انتخاب رؤساء الجامعات بالنسبة للتعليم العالي وكذلك رؤساء المنظمات والجمعيات والاتحادات والتعاونيات المهنية والخدمية. فلا وصاية بعد اليوم على الشعب ومصادرة إرادته وتزييف خياراته والتلاعب بمقدراته ومكتسباته.

عندما تصبح "لا" أو "نعم" صادرة عن وعي سياسي صحيح وعن نضج اجتماعي سليم وعن إرادة حرة ومسؤولة، لا بد أن نكون قد حققنا مكسبا وطنيا غير قابل للانتكاسة إذا ما كانت دعامته الديمقراطية الناضجة والحرية المسؤولة وإذا كان للشعب دور فيه كمراقب ومحاسب من خلال نوابه الحقيقيين والقوانين الشفافة والقضاء النزيه والمستقل. فهل بلوغ هذا المستوى من التطور السياسي المثمر أمر صعب المنال بعدما قال الشعب كلمته من خلال ثورته المتميزة ومنظومة المطالب والشعارات التي رفعها الثائرون؟. إن لم تحقق الثورة هذا الهدف الأساسي فلن يكون للشعب إرادة حرة ولن يمارس سيادته الكاملة ولن ينال ما يصبو إليه من حقوق وحريات وعدالة اجتماعية واقتصادية. وأخيرا كفى لنظام رئاسي خبرنا مآسيه وكفى للوصاية والتنصيب والتعيين الفوقي وكفى للإقصاء والاحتكار و للسياسات التي تصادر إرادة الشعب وترتهن مصيره. ولا شك أن القطع مع النظام السابق واستبعاد مخلفاته وتتبع ومحاسبة المذنبين فيه هو السبيل لاستئصال جذور الردة والشروع في بناء تونس الجديدة على أساس نظام حكم برلماني لا تفرد ولا فوقية ولا وصاية ولا تأبيد فيه.


Hedi_mathlouthi@yahoo.fr

 

 





السبت٣٠ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الهادي المثلوثي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة