شبكة ذي قار
عـاجـل










ألطف ما في آذار، هو تذكيره الناس بهذا الكائن المنسي الذي ارتضى دور الشمعة التي تنير لإضاءة دروب الآخرين .. إلا ان ما ينغص لطفه هذا هو الدعوات المنادية بكسر القيود التي فرضها الدين على هذا الكائن، وكأن الدين الذي يقول نبيه "ما أكرمهن إلا كريم وما ظلمهن إلا لئيم" هو من يظلم المراة .. لا الرجل والمجتمع الذي دفعه حب السيطرة والتسلط، الى تفسير الآيات التي تتناول تفاصيلها الخاصة على هواه .. فعمد بعد أن منعه الدين من وأدها والتخلص منها بالطريقة المعتادة .. الى وأد صوتها وآرائها لتحويل المجتمع الى مجتمع ذكوري يعشق في المرأة الجسد دون الرأس .. والأمومة بمفهوم الحمل والرضاعة وتلبية احتياجات البيت والمطبخ دون حسٍ او نفس ..


واستعان بالإعلام سلاح القرن الجديد للانتقاص منها، فحولها الى جسد يباع ويشترى حسب الأهواء لا شريك يحبه ويحترمه ويتقاسم معه الأعباء .. وشوه صورتها فيه بطريقة لا يرجى لها شفاء .. حين حصرها بين لاطمة الخدود ساعة الانفجارات، والبرتقالة ومثيلاتها اللاتي اقترن ظلماً وبهتاناً اسم العراقيات بهن ..


اما العراقية التي أشبعت العالم بثقافتها ونقاشاتها ومشاركتها الرجل في البناء والتطوير .. فقد أصبحت في خبر كان .. وما عاد لها وجود لا في العراق ولا في فضائياته الكثيرة .. رغم احتلالها حيزاً في الفضائيات العالمية، في إشارةٍ الى اخذها الثقافة من الغرب الذي احتضنه .. وبات ديننا الذي أنصف المرأة في كثير من الأمور، يضرب بتهمة تحقير المرأة ..


وما أكذبها من تهمة .. فكل ما يمكن تفسيره في القرآن كظلم وتحقير .. إنما يأتي من سوء التفسير .. بدليل كون المرأة مقدرة ومحترمة عند رجال الدين الحقيقيين، أكثر من رجال المدنية والتحضر .. ولن أنس ما حييت الاحتجاجات التي ملأت القاعة يوم ناقشنا موضوع المراة والرجل في برنامجي التلفزيوني آراء مختلفة .. ساعة وضح رجل الدين مكانة المرأة في الاسلام .. فغضب من كلامه كل المتحضرين الذين كانوا داخل القاعة، وبدأوا بمحاججته فيما اذا كان يقدم ما يقوله لزوجته هو .. وحين رد بأنه كرجل دين ملزم بإيضاح رأي الإسلام، أما ما يقدمه أو يقصر فيه فذاك أمر سيتولى الله محاسبته عليه .. ثار الحاضرون عليه بطريقة اضطررت معها لإيقاف التصوير، لحين العودة الى هدوء القاعة والرجال الذين اعتادوا على التزام حتى المرأة العاملة بما اعتبره المجتمع مسؤوليتها داخل البيت، في تلبية احتياجات الأسرة الى جانب وظيفتها الأصلية في الحمل وتنشئة الجيل الجديد .. مقابل الرجل الذي على رأي يونس شلبي: داخل بمجهوده ..


ولعل في هذه الثورة الدليل على انصاف المجتمع الاسلامي للمرأة أكثر من مجتمعنا المتحضر .. ولكن رغبة الرجل في التفرد بالسلطة والقرار، والحملة الشعواء التي يشنها العالم ضد الاسلام وتعاليمه التي يجهلها الناس .. هما سبب إخراس المرأة بحجة الـ ناقصات عقل التي وردت في القرآن لوصفها والانتقاص منها كلما دعت الحاجة .. وهما من رسم لها في عراق اليوم، الصور التي أوقفت النظر اليها كأنثى يعلو هامتها رأس يفكر .. أو ككيان له القدرة على ان يبني ويعمر ..


متناسين أن عبارة ناقصات العقل التي يعيرونها به .. لا تشير الى خلل في قدرة عقلها في التفكير .. بقدر اشارتها لعاطفتها التي ترفض ترك الحلبة له في مواجهة مواقف الحياة .. كونها تؤثر دقات قلبها على عقلها الذي يزعجها احترافه قتل العواطف، بمقاييس المنطق والمثالية التي لا يتخلى عنها أبد ..


وبما إننا في شهر آذار الذي يستحق لقب شهر المرأة .. فلنحاول تذكير العالم بان المرأة التي شوه صورتها الاعلام والمجتمع، ما هي إلاّ حواء التي أراد الله أن يكتمل الكون بوجوده .. حواء التي تكره السلطوية التي يخشاها الرجل، مثل كرهها للعبودية التي تخشاها المرأة عند من يحاول وأدها على الطريقة الحديثة .. حواء التي لم تخلق من رأس الرجل لتقوده .. لا ولا من قدمه ليدوس عليه .. بل من ضلعه .. القريب الى قلبه ليحبه .. من تحت ذراعه ليحميه .. وأولى خطوات هذه الحماية تتلخص في تذكر أنها نصف المجتمع الذي اختار له الله أن يتولى تنشئة ورعاية النصف الآخر.

 

 





الاثنين١٦ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. بلسم عبد الكريم هانئ نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة