شبكة ذي قار
عـاجـل










أولا

أمريكا والغرب

 

حشدت أمريكا دول الغرب خصوصا دول قارة أمريكا الشمالية وأوربا في العدوان الفاشي اللاشرعي واللاقانوني على العراق في 17/1/1991والذي سبقه حصار جائر، وهو يمثل حرب إبادة وقتل جماعي لشعب العراق وتدمير للعراق، فرض بمجموعة من القرارات الدولية صدرت من مجلس الأمن، بناءا على مشاريع قرارات أمريكية مقدمة للمجلس، وفي حقيقة الأمر أنها كانت أوامر لمجلس الأمن من الإدارة الأمريكية بغية شرعنة تلك قرارات أمريكية صهيونية أصدرتها الإدارة الأمريكية المنفردة بالعالم، بعد تفكك الإتحاد السوفيتي وإنهيار حلف وارشو، وإنكفاء روسيا والصين داخليا متخلين عن دورهم في السياسة الدولية، في بداية عدوانها على العراق، تحت ذريعة الدفاع عن الشرعية وتحرير الكويت.

 

بعد ( حرير الكويت )!!؟؟ في 28/2/1991 وإنسحاب جيش العراق منه، أستمرت أمريكا وتحالف دول الإرهاب العالمي من دول الإستعمار القديم وعملائها من الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية، في مخططها ومنهجها في محاصرة شعب العراق والعدوان عليه بوسائل عديدة، ظل أخطرها وأكثرها عدوانية ووحشية ومعاداة للحياة وكل الكائنات الحية وليس الإنسان لوحده الحصار الجائر، ويزامنه عدوان عسكري كانت باكورته صفحة الغدر والخيانة التي قامت بها مجاميع من الخونة التي أعدت كمليشيا عراقية وشكلت كقواة مهيئة لتكون مظلة لغزو العراق من قبل النظام العدواني في إيران، عززها بالمسفرين من الفرس الذين كانوا في العراق ونتيجة عملهم كطابردور خامس وقاعدة وجواسيس للمخابرات الفارسية في العراق للقيام بعمليات تخريبية وجمع معلومات كما جرى في عهدي الشاه والخميني، ومولها وسلجها وبإسناد ومشاركة قوات عسكرية إيرانية بإمرة وإشراف ضباط المخابرات الإيرانية (إطلاعات) وحرس خميني كما يعرف العالم تفاصيل أحداث صفحة الخيانة والغدر.

 

ثم الرجعات المتعددة  للقوات الأمريكية بالقوة الجوية والصواريخ لقصف العراق، وفرض مناطق حظر الطيران شمال خط العرض 36 وجنوب خط العرض 32، وإقامة منطقة آمنة كما أسموها للأكراد في محافظات شمال العراق - ( والحقيقة إقامة منطقة آمنة لعمل المخابرات الغربية خاصة الأمريكية والموساد الصهيوني في محافظات الحكم الذاتي وتشكيل نظام خياني مرتبط بأمريكا ومحالف ومدعوم من الكيان الصهيوني، وإتخاذ المنطقة والنظام كنقطة تجنيد للعراقيين كمرتزقة ) - . يرافق كل ذلك حملة إعلام معادي ومضلل مكثف، هُيُئت له إمكانات تقنية ومالية وفكرية ضخمة، تعادل موازنة دول كبرى لجيوشها أثناء خوضها حروب، حتى بلغ حجم الإعلام الأمريكي الموجه ضد الشعب العرقي وقيادته ( 400 ساعة بث إعلامي معادي يوميا )، يضاف له إعلام دول عربية وإقليمية معروفة ومحالفة للغزاة لا يقل حجما عن الأمريكي، أول سؤال يمكن أن يطرح: إن كانت غاية أمريكا وحلفها في عام 1991قد شن عدوانا على العراق دفاعا عن الشرعية التي أنتهكت بغزو العراق للكويت، وقد تم تحرير الكويت!!؟؟ وعادت لتكون معسكرا وقاعدة ضد العراق والمنطقة عموما.

 

فلماذا أستمر الحشد الارهابي الشرير وإستمر العدوان على العراق أليس ذلك عدوانا على الشرعية لدولة عضو مؤسس في هيئة الأمم المتحدة وجميع منظماتها؟ أليس هذا سقوط أخلاقي؟ ونفاق سياسي ؟ وكيل بمكيالين؟ وتحريف وتشوية للمعاني والغايات وفق الأهواء؟ فماذا يسمى هذا أليس سقوط أخلاقي وإنحراف قيمي؟ ومن يقوم به ساقط ومنحرف.

 

  لماذا إستمر الحصار وحرب الإبادة على الشعب العراقي بمنع الدواء والغذاء والحاجات الأساسية للحياة؟ أليس هذه حقوق أساسية من حقوق الإنسان في القانون الدولي والأعراف البشرية؟ ومن يمنعها مجرم؟ فكيف عندما يكون من دعاة حقوق الإنسان بل يعتبر نفسه مدافعا عنه؟ أليس هذه جرائم ضد الحياة ومن يفعلها متخلي عن آدمته وإنسانيته ، وفعلا يكون قد سقط في كونه إنسانا. وقد فعلت أمريكا وحلفائها ذلك.

 

  لماذا شمل الحصار كل شيء حتى مستلزمات الأمومة والطفولة واحتياجات أقسام الخديج من الأطفال الذين يولدون قبل موعد إكتمال نموهم ؟ وشمل أيضا لقاحات الاطفال وعلاجات الأمراض المتوطنة كالملاريا والتيفوئيد وكل أنواع الحمى، وعلاجات الأمراض المزمنة كضغط الدم والسكري والأورام السرطانية وأمراض القلب، وشمل لقاحات الأمراض الوبائية كالكوليرا والجدري وشلل الأطفال والتدرن، أليس هذه جرائم حرب وعدوان على الحياة وجرائم ضد الإنسانية؟ أليس من يفعل ذلك معادي للحياة ومجرم بحق الإنسانية وساقط ومنحرف وقاتل عمد يامنظمة الصحة العالمية ومنظمات حقوق الإنسان؟ وقد فعلت أمريكا وحلفائها ذلك.

 

لماذا شمل الحصار مستلزمات التعليم كافة حتى الورق وأقلام الرصاص والطباشير ومستلزمات التعليم للمدارس والتلاميذ؟ أليس هذه جريمة ضد الإنسانية وعدوان على الحضارة وحقوق الإنسان في التعليم والمعرفة؟ ومن يفعل ذلك ساقط ومنحرف في نظر القانون والأعراف، أليس هكذا يا منظمة اليونسيف وكل المنظمات المعنية بالتراث والعلوم والتعليم، وقد فعلت أمريكا وشركائها وحلفائها ذلك.

 

ولو أطلقت لقلمي العنان لتعداد ماذا شمل حصار أمريكا وحلفاءها على شعب العراق لكتبت صحفا ومجلدات، لقد شمل الحصار حتى أكياس نقل الدم للجرحى والمرضى في المستشفيات، وخيوط إجراء العمليات الجراحية. فكم أمريكا وإداراتها ساقطة أخلاقيا ومنحرفة قيميا؟ هذا في الجانب المدني للمرحلة 1991ولغاية 20/3/2003 .

 

أما في الجانب البشري والتعامل مع الإنسان فقد كذبت أمريكا وأعلامها ووظفت رؤوس أموال وأستخدمت لصوص منحرفين وتجار وسماسرة في بضائع الأسواق السوداء وتجارة الممنوعات كالإتجار بالبشر وأعضاء جسم الإنسان، الى زراعة وتهريب وبيع المخدرات، والتجارة بالجنس وغسيل الأموال وتهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية ومحترفي الجريمة المسلحة والقتل مقابل المال والشاذين أخلاقيا وكل أنواع المتخلين عن بشريتهم وإنسانية الإنسان كجواسيس وسماسرة لغايتها الشريرة لتجنيد الشباب العراقي كمرتزقة ضد بلدهم، وأستدل ببعض الأمثلة:

 

  أثناء العدوان والغزو وبعد دخول قوات التحالف عام 1991 الحدود العراقية سقط عدد كبير من الجنود العراقيين أسرى لدى قوات التحالف، والسبب معروف وهو إصرار القيادة على عدم الإنسحاب في بداية الأمر وتعرض محطات الإذاعة والتلفزة العراقية والإتصالات عموما للتدمير الشامل مما جعل عملية التبليغ بقرار الأنسحاب من الكويت تعتمد على التبليغ المباشر عبر المراسلين وزضباط الإرتباط وهذا جعل كطثير من الوحدات الفرعية لم يصلها التبليغ أو لم تتأكد من صحته فلم تنسحب وظلت في مواقعها في الكويت، أو تأخر إنسحابها ولم يتح لها وقت كاف للإنسحاب، اضافة الى ضرب طيران التحالف لجميع الجسور الرابطة بين المنطقة الحدودية الجنوبيةعلى ضفة نهر الفرات أو شط العرب وتدميرها بالكامل، وعدم القدرة على نصب جسور هيكلية أو عائمة بديلة على النهرين مما جعل الإنسحاب صعبا لحد الإستحالة نتيجة كثافة الطيران المعادي، كل هذه الاسباب مجتمعة أدت لوقوع أعداد كبيرة في الأسر، وطبعا نقل كل الجنود الذين لم يقتلوا أو يدفنوا أحياء كما جرى للجنود العراقيين في حفر الباطن، نقلوا الى معسكرات في المملكة العربية السعودية، أضيف لهم من شارك في صفحة الغدر والخيانة عبر التضليل والجهل للأعلام المعادي ودخول قوات ومرتزقة إيران الى بعض المحافظات الجنوبية والشمالية ومحافظات الفرات الأوسط مما جعل بعض الشباب الذي تورط وشارك في الجرائم التي أرتكبتها القوات الإيرانية ومرتزقتها للهرب الى قوات التحالف التي لم تستطع اجتياز نهر الفرات نتيجة المقاومة العراقية لتلك القوات الغازية، كل هؤلاء تعرضوا لإرهاب نفسي وجسدي وفكري ووإغراءات مادية لطلب اللجوء في دول التحالف على أن يقدموا تطوعا بأن يتدربوا ليكونوا قوة عسكرية للقتال تحت أمرة الجيش الأمريكي ضد لإحتلال العراق حين الطلب منهم وصدور الأوامر بذلك، ومن يرفض من العسكريين سيتم مبادلته مع أسرى قوات التحالف عند الجيش العراقي، أما من غير العسكريين فسيسلم للعراق وأبلغوهم بأنهم سيعدمون فورا أو يسجنوا في تلك المعسكرات لأنهم دخلوا الحدود السعودية بشكل غير مشروع، ولجهلهم بالحقيقة والقانون الدولي فقد وافق حوالي أربعة آلاف منهم وجندوا كمرتزقة وجواسيس. هذه أخلاق الجيش والإدارة والمخابرات الأمريكية، فهل هناك سقوط أخلاقي وقيمي أكثر من هذا؟؟ إرهاب الإنسان وتدميره نفسيا وتضليله فكريا لأجل تجنيده في مسائل منافية للقانون الدولي والأعراف البشرية والوطنية، وأغرتهم بأنها ستتعهد للموافقين على قبول التجنيد كمرتزق بمنحه راتب من الأمم المتحدة وتهيئة فرصة توطين له في أمريكا أو أحد البلدان الأوربية وكل ما يحتاجه المهاجر. هذا كان واحداَ من وسائل أمريكا لتضليل وتجنيد الشباب في العراق. أليس هذا سلبا لارادة الإنسان وعبوديته وهو ما ينافي بنود قوانين حقوق الإنسان؟ وهو جريمة ضد الإنسانية تضاف لجرائم أمريكا وإداراتها الفاشية.

 

  ومن ثم ونتيجة للحصار وما نتج عنه من تقليص لفرص العمل وتوقف لمشاريع التنمية وتوقف المعمل والمصانع وغيرها فقد سمحت الدولة بخروج كل راغب من المهندسين والكوادر الفنية الراغب بالعمل خارج العراق إذا أيدت دائرته موافقتها الإستغناء عن خدماته أو منحه إجازة عمل طويلة لا تقل عن سنة، فخرج كثير من كوادر العراق المهنية وعماله الفنيين، وكثير من الخريجين الجدد من الجامعات والمعاهد الفنية العراقية، وهنا تحركت المخابرات الأمريكية بإتجاهين، الأول: هو دعم اللصوص والمنحرفين وأحزاب التطرف الذين سمتهم معارضة ووفرت لهم الأموال لإغواء الشباب العراقي العامل في الخارج، والثاني إستخدام ممثليات الأمم المتحدة عبر ما سموه طلب اللجوء اإنساني للعراقيين وإعادة توطينهم في دول تهيئها المخابرات الأمريكية بصورة غير مباشرة؟ فهل هذا إلا هو السقوط في مستنقع الرذيلة السياسية القذرة والإنحراف القيمي والأخلاقي لتجار الديــــــــمقراطية المحرفة؟ وهو ما ينطبق على النفاق السياسي والإنحراف القيمي والأخلاقي لأمريكا وحلفاءها الغربيين دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

  في تشكيلها لما سموه مجلس المعارضة العراقية تبنت أمريكا صيغ شاذة في تشكيله وهي نفسها إعتمدتها بعد إحتلال العراق وتنصيب بول بريمر كمندوب سامي للإمبراطورية الأمريكية في العراق (الحاكم المدني الأمريكي للعراق) وهي توزيع المناصب وتقسيم الشعب وفق الطوائف والمذاهب والأعراق والملل والنحل وهذا ينافي أخلاق وقيم وحقائق الواقع لشعب العراق وينافي القوانين والمعاهدات الوطنية والدولية في تعامل الدولة مع مواطنيها، والتي تنص على أن يكون التعامل على أساس المواطنة والمساواة والكفاءة بغض النظر عن الدين والمعتقد والعرق والمذهب. أليس هذا إنحراف وهو النفاق والسقوط بعينه.

 

وبعد الإحتلال كل العالم يعرف ما فعلته أمريكا من خروقات للقانون الدولي والمعاهدات الدولية، بشأن حماية المدنيين أثناء الحرب ومعاهدات شؤون الأسرى والمسجونين، وحماية المال العام والثروات، والمسؤولية القانونية والأخلاقية لدولة الإحتلال عن البلد المحتل، وما قام به جنود وجنرالات ومخابرات دول الإحتلال، وبالأخص القوات الأمريكية والبريطانية في العراق بشأن حقوق الإنسان وما ظهر في الإعلام لا يشكل إلا غيض من فيض مما جرى في السجون والمناطق من إستباحة لأبسط حقوق الإنسان وما فضائح سجن أبو غريب وبوكا وكوبر، وقتل وإعدام الأسرى وقتل المدنيين بلا وازع من ضمير وشن الغارات بالطائرات المقاتلة والصواريخ العابرة للقارات على المناطق الآهلة بالسكان، وقتل المدنيين في السيطرات في الطرق العامة، وتهجير العراقيين بسبب العنف والإرهاب والإغتيالات التي تعرض لها كل العراقيين علماء وطيارين ومقفين وقادة وشعراء وفنانين بحيث كانت الهجرة للعراقيين أكبر هجرة في التاريخ الحديث، وما جرى للمؤسسات العلمية والثقافية والتراثية والصحية يوضح حقيقة أمريكا وعدائها للحياة والحضارة والقانون، ونشر وتغذية وتمويل الفتن الطائفية والعرقية وتفجير المساجد والكنائس ومراقد الأولياء والصالحين من قبل عناصر المخابرات الأمريكية والموساد الصهيوني وحليفهما إطلاعات الفارسية أو عن طريق العملاء والمرتزقة بغية الفتنة والعمل لنشوب حرب أهلية أطفئها الله وحده في أن نور عول وقلوب عباده، وما حدث في سامراء بتفجير مرقد الأمامين على الهادي وحسن العسكري عليهما السلام إلا مثالا على ذلك.

 

هذا شيء من دلالات سقوط أمريكا والغرب الأخلاقي والقيمي والحضاري المتبجحين بأن بلدانهم واحات الديمقراطية وحقوق الإنسان، أليس ما فعلوه في العراق دليلا على سقوطهم وكذبهم وإنحرافهم، والله لا يضرب بعصا ولكنه يكشف كيد البغاة ويفضح المنافقين، ويسلط جنوده التي لا تعد وما زلزال اليابان وتبعاته إلا أحدها وشكلاَ من قوته. اللهم أنصر جندك وعبادك المؤمنين وأخذل أعداءك وأعداء الإنسانية أجمعين يا ذا الجلال القوي المكين.

 

 





الاحد٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة