شبكة ذي قار
عـاجـل










كانت الثورة حلماً كبيراً ظل يراود الشعب المصري منذ عقود طويلة ظل فيها تحت الأستبداد والظلم والقهر إلي أن تحقق حلم هذا الشعب في الخامس والعشرين من يناير وفيه أنتفضت الأرض من تحت أقدام الشعب المصري بكل أطيافه السياسية والأجتماعية حتي حانت اللحظة التاريخية لكي يتحرر وينطلق وينطق بل ويصرخ وبأعلى صوت معبراً عن سخطه وغضبه عن ما آلت إليه أوضاعه وأحواله وحياته، هكذا كان خروج هؤلاء المصريين من المطحونين والمقهورين وأبناء المنتحرين حرقا وغرقاً وكمداً ولأول مرة في تاريخ الحياة السياسية في مصر ، لقد جسدت هذه الثورة الشعبية المصرية لحظة تاريخية هامة في حياة الشعب المصري فالشعوب عندما تنهض من غيبوبتها وغفوتها وتلوح هبته في الأفق وعندما يقرر رفض الإستسلام للمزيد من الظلم والقهر والإذلال يصبح من الصعب أن يعود من جديد إلي داخل القمقم مهما كانت التضحيات إن الشعوب ليست بحاجة إلي من يقودها نحو التحرر من الظلم والقهر لأنها وببساطة شديدة مدعومة بمطالب سياسية ولابد الإستجابة لها وأن قيمة أي ثورة حقيقية بمدي شعبيتها وبمدي ما تعبر به عن الجماهير الواسعة وبمدي ما تهيئه من قوي هذه الجماهير لإعادة صنع المستقبل وبمدي ما يمكن أن نوفر لهذه الجماهير من قدرة علي فرض أرادتها علي الحياة وأن الديموقراطية هي تأكيد لسيادة الشعب ووضع السلطة كلها في يده وتكريسها لتحقيق أهدافه ،

 

أن مطالب الجماهير هي مطالب مشروعة مائة بالمائة وعمل إيجابي يستهدف إقامة أوضاع جديدة وان الأسلوب الإصلاحي الذي يكتفي بترميم البناء القديم المتداعي وصلبه بقوائم تسنده وإعادة طلائه لا جدوى في ترقيعه وإنما إحتياجات الوطن تتطلب بناءاً جديداً ثابت الأساس صلبا شامخا ، إن شعبنا قد عقد العزم علي أن يعيد صنع الحياة علي أرضه بالحرية والحق بالكفاية والعدل أن شعبنا يملك من إيمانه بالله وإيمانه بنفسه ما يمكنه من فرض أرادته علي الحياة ليصوغها من جديد وفق أرادته ، وأن التغيير المطلوب لايعني تغيير أشخاص لم يكونوا علي مستوي المسئولية سياسيا وتنفيذيا وابتعدوا عن الجماهير وعزلوا أنفسهم عن مشاكلها وتقضي المصلحة الوطنية أن يبتعدوا عن العمل تحقيقا لما جاء بمطالبهم لان القيادات حين تخلع جذورها من التربة الشعبية تحكم علي نفسها بالذبول والموت ، وان أهداف التغيير المطلوب في حقيقته فكرا أوضح وحشداً أقوي وتخطيطا أدق وبذلك يكون للتغيير معني وتكون للإرادة الشعبية مقدرة إجتياح كل العوائق والسدود نافذة واصلة إلي أهدافها وبذلك تكون قد تحققت للثورة أهدافها ولكن ما يجري الأن وبعد مرور كل هذا الوقت من عمر الثورة دون أن نحقق هدفا واحداً من الأهداف الثورية التي أنتفض من أجلها الشعب المصري فهذا هو مكمن الخطر و هناك مثل يقول "يا فرحة ما تمت ولكن نحن نقول يا ثورة ما تمت " فالأصل في الثورات هو رفض وتغيير الواقع من أجل إحداث إصلاح جذري وجوهري في أركان ومفاصل الدولة ،

 

وأن أي ثورة تستمد شرعيتها من أهدافها وأساليبها وإلتحام الجماهير بها وفرضها لإرادتها فالثورة لا تعرف الوقوف في منتصف الطريق وإلا تكون ثورة ضالة بلا هدف او مضمون وما يجري اليوم في مصر من إجراءات بها كثير من التباطؤ ولا تصل إلي طموحات الشعب المصري الذي ضحي بدمائة من أجل هذه اللحظة التاريخية وأن كل ما تحقق حتي الأن من هذه الثورة فقط هو إزاحة رأس النظام وغلق ملف التوريث وهو علي المستوي السياسي يرجع الفضل فيه الي الشعب المصري وليس المجلس العسكري وهذا ما دفع الكثيرمن الشعب المصري بالشعور بالإحباط والخوف والقلق علي هذه الثورة التي تحولت إلي ثورة كسيحة بعد أن تكالبت عليها الثورات المضادة من كل صوب وإتجاه في محاولة منهم لإجهاد هذه الثورة بل وإجهاضها أيضا والدلائل علي ذلك كثيرة لكل ذي بصيرة ولن نعددها الأن فالنظام مازال قائما بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني ، فقط بعض حركات التطهير هنا وهناك مع بقاء الحال علي ما هو عليه من الرئيس وأبنائه وحاشيتة من الذين أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية والأجتماعية دون الخضوع لأي مسائلة قانونية ،

 

أن عدم الإلتزام بتحقيق الثورة لأهدافها كاملة يؤدي إلي حالة من الأرتباك والبطء في إتخاذ القرارات والإعتماد علي نصوص مواد دستورية وإجراءات أسقطتها الثورة وأكبر مثال علي هذا التخبط هو الأستفتاء الذي أقره المجلس العسكري والذي عمل علي شق عصا الأمة بعد أن طرح هذا الاستفتاء علي مواد دستورية تم ترقيعها من قبل أكثر من مرة وما صاحب هذا الأستفتاء من عمليات طائفية غير مسبوقة ترافق معها تشويه صارخ للممارسة الديموقراطية عندما تلون هذا الأستفتاء بصبغة دينية وتوظيفه لخدمة مصالح طائفية أصلا غير مطروحة في هذا الأستفتاء والمفارقة العجيبة اننا لم نكن في حاجة الي كل ماحدث ومن دواعيه بعد أن قرر المجلس العسكري إصدار إعلان دستوري للعمل به بعد الغاء دستور 1971 فإذن ما جدوي هذا الترقيع ، هناك علامات إستفهام كبيرة حول أداء المجلس العسكري نتمني أن تكون سوء فهم وليست سوء نية والشواهد عديدة علي حالة الأرتباك والتباطؤ الشديد ولن يتسع المجال الحديث عنها اليوم فما يجري الآن علي أرض مصر ليس بالثورة وليس بالحركة ولكن ثورة جنس ثالث ، أن نجاح الثورة وثباتها ورسوخها في تحقيق أهدافها وأمتدادها إقليميا ولو أن الثورة المضادة نجحت أو أن النظام الجديد فشل في تحقيق طموحات الشعب فان الثمن سيكون فادحا والحساب عسيراً نحن نحتاج الي ثورة لان الثورة لم تبدأ بعد.

 

 





الاربعاء٢٥ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الـــوعـــي الـعـربـي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة