شبكة ذي قار
عـاجـل










 

في ظل التطورات السياسية التي تشهدها العديد من الساحات العربية، ارتفعت وتيرة التوتر السياسي بين بعض الدول العربية والنظام الإيراني، لأن هذا الأخير يعمل لأن يكون لاعباً في الساحات المتفجرة والمأزومة حفظاً لدور له في ترتيبات سياسية وأمنية على مستوى المنطقة برمتها. وهذا ما أعاد للعلاقة العربية الإيرانية إشكاليتها. وهذه ليست أمراً طارئاً على طرفي هذه العلاقة، بل هي قديمة قدم الصراع بين موقعين متخامين في الجغرافيا، متخاصمين في الاستراتيجية والسياسة.

 

إن بلاد فارس التي فقدت كيانيتها السياسة بعد الفتح الإسلامي، وألحقت بمرجعية الادارة السياسية العربية طيلة فترة الخلاقة الإسلامية بعهودها الثلاثة / الراشدية والأموية والعباسية، استعادت هذه الكيانية بعد سقوط الخلافة العباسية والتي أصبحت أحد عناصر القوة التي استند إليها الطموح الفارسي الجامح.

 

لقد استفاد الموقع الإيراني من ميزة وحدة كيانيته السياسية فكان طرفاً واحداً في مقابل فريق عربي آخر متعدد الطرق.

 

وهنا يجب الإقرار أن الإدارة السياسية للموقع الإيراني استغلت ميزة مركزية القرار بكفاءة عالية، وعمدت إلى توظيف عناصر القوة لديها لأجل تأمين عبور سياسي إلى شواطئ المتوسط. وهذا ما كان ليتحقق دون توفر ثلاث حالات : الاولى،  أن يكون الموقع الإيراني جزءاً من منظومة دولية إقليمية مشاططة سياسياً وجغرافياً للمتوسط كما كان الحال في عضوية حلف بغداد في الخمسينيات: والثانية ،أن تكون معطيات الموقع العربي ضعيفة بحيث لا تقوى على صد الجموع الإيراني المشرئبة أنظاره إلى الغرب. والثالثة، هي حضوره عبر بعض البيئيات الشعبية والسياسية حيث يرى في وجود هذه البيئات مرتكزاً لمواطئ قدم يستطيع من خلالها توظيف حراك هذه البيئات بما يخدم أهدافه الاستراتيجية.

 

إن ما جعل العلاقة العربية الإيرانية محكومة بشكل عام بالتوتر السياسي وعلى تبدل طبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة في إيران، هو أن الموقع الإيراني يرى حدود طموحه السياسي أبعد من حدوده  الجغرافية، وأن المدى الحيوي لهذا الطموح هو المدى العربي من العراق شرقاً إلى المتوسط غرباً. وهو أدرك في وقف مبكر أنه لا يستطيع عبور هذا المنبسط الجغرافي، إلا إذا تحققت له أرجحية تأثير في معادلة موازين القوى في العلاقة العربية الإيرانية. ولهذا كان يعمل دائماً لأن يبقى الموقع العربي ضعيفاً .وأبرز عنوان لضعف هذا الموقع هو تجزئته. ولهذا كان الموقع العربي يقع تحت تأثير ضغطين، أحدهما من المداخل الشرقية والثاني من الداخل المشاطط للمتوسط. وأن كلا من هذين الضغطين كان يعي جيداً أن تحقيق أهداف أحد طرفيه لا يمكن أن يحصل إلا بأضعاف العازل العربي وتشتيت إمكاناته.

 

إن الدور الإيراني الذي أنتفخ في الآونة الأخيرة فإن انتفاخه لم يكن بسبب ما يملكه من عناصر قوة وحسب ،بل بسبب ضعف الموقع العربي وتقاطع المصالح الايرانية مع أميركا ،خاصة بعد الدور الذي لعبته الأخيرة في حربيها على العراق. ولهذا اندفع  النظام الايراني للعب دور يفوق قدرة إيران كدولة ونظام أن تلعبه بدون رعاية دولية وخاصة أميركية.

 

 لقد فتح الاحتلال الأميركي لأفغانستان والعراق شهية النظام الإيراني للعب دور كبير في منطقة تعيش فراغاً سياسياً انتقالياً، فعمد إلى رفع سقف الخطاب السياسي إعلامياً ضد الكيان الصهيوني بهدف دغدغة المزاج الشعبي الفلسطيني والعربي، علماً أن من يسعى لتدمير "إسرائيل" لا يعمل على تفتيت العراق وتطييف حياته السياسية، ولا يعمد إلى التدخل عبر بعض البيئات الشعبية في بعض الأقطار العربية لدفعها إلى صدامات عبر محسوبة وجعلها تدفع أثماناً باهظة في الأرواح  والمصالح لا لشيء، إلا لظن منه إلى ذلك سيحفظ له موقعاً على طاولة البحث السياسي في الترتيبات الأمنية والسياسية.

 

لكن ما لم يقدره جيداً النظام الإيراني، حجم الاعتراض السياسي والشعبي في الداخل العربي والمحيط الأسيوي على دوره بعدما ثبت أن دوره تحكمه ثابتان، الأولى: التخريب في بنى المجتمعات العربية وثانياً التعطيل في البحث عن حلول الأزمات.

 

إن انكشاف الدور الإيراني على حقيقته بعد أحداث البحرين واليمن وكل دول الخليج العربي والدور الخطير في العراق، ومحاولة تطويع الوضع السياسي اللبناني والدخول على خط الانقسام الفلسطيني اصبح عبئاً عليه. لأن من يتواجد في منطقة تختلج بالأزمات، وتتعرض لزلازل سياسية لا يمكن أن يكون بمنأى عن هزاتها الارتدادية. وإذا ما أراد النظام الإيراني أن يقلع عن سياسية التعطيل والتخريب فما عليه إلا أن يتوقف عن سياسية التدخل في الشؤون العربية، بدءاً من العراق. وتحت أية مسميات كانت.

 

لقد قال  أحمدي نجاد أن أميركا تسعى لإثارة نزاع سني - شيعي والى خلق الفوضى في

المنطقة. أن هذا الكلام صحيح جداً . لكن ماذا عن الدور الإيراني في هذا المجال؟ الا يكمل السلوك الإيراني السياسي والأمني نتائج الدور الأميركي؟

حبذا لو كان النظام الإيراني ذو صدقية في تعامله مع القضايا العربية من موقع التعاضد والمساندة، لكن في السياسية لمكان  للتمني لأن من يتحكم بها هو المصالح...

 

 

Hasan_bayan@hotmail.com

 

 





السبت٠٥ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة