شبكة ذي قار
عـاجـل










من العادات التي كانت متبعة في المجتمع العراقي (أيام الخير) هي تجمع العوائل في الحدائق العامة أيام العطل الرسمية والمناسبات التي كانت (فيما مضى) توحد العراقيين من الشمال إلى الجنوب!!،، وكان منظر المكان وهو يزدحم بالعوائل يعطي أنطباع عن أن المجتمع العراقي عبارة عن عائلة كبيرة واحدة يشترك أفرادها في كل شيء أبتداءاً من العادات والتقاليد وأنتهاءاً بالمصير الواحد ،، لاطائفية تفرق فئة عن آخرى ولاعرقية تمُيّز فلان عن علان!!،، ووسط ذلك الطيف العراقي الرائع يظهر (الرئيس) صدام حسين كفرد من الشعب ،، يلف رأسه بكوفية على الطريقة العراقية وهو يحمل كريمته الصغيرة على كتفه بصورة عراقية مميزة ،، وأقول عراقية مميزة لأنها طريقة ينفرد بها المجتمع العراقي عن غيره ،، ثم يفترش الأرض مع العوائل بكل تواضع وكأنه يعرفهم منذ زمن طويل ،، ويتناول معهم الطعام ويتجاذب أطراف الحديث الممزوج في بعض الأحيان بالمزاح ،، حتى عندما يزور المرضى في المستشفيات العراقية كان يزرع على وجوههم الابتسامة ويشعرهم أن صحتهم موضعاً للأهتمام ،، وفي المدارس والجامعات كان متواجداً للأطلاع على أحول الطلبة ومستلزماتهم ،، وليس في الأماكن العامة فقط كان يتواجد ،، بل كان يدخل البيوت ويتفحص أحوال المواطنين ولايتردد أبداً أن يجلس على سفرة أي عائلة عراقية ويتناول معها طعام الغداء ،، ففي البصرة أكل الشبزي (أكلة يعرفها أهل الجنوب) مع عائلة مسيحية متواضعة ،، وفي جبهات القتال ،، كان يتناول الطعام مع الجنود ويتبادل معهم الحديث لساعات ،، يقول الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد ،، عندما كنت في ضيافة الرئيس قدم لي (سيجار) ،، ثم وقف وقرب شعلة النار منها وأنا جالس!!،، فقلت ،، من سيصدقني لو أنني أخبرت أحداً بذلك!!،، هكذا كان الرئيس متواضعاً ،، بكل شيء ،، فمن يشاهد بساطة حفلة زواج قصي (رحمه الله) ويقارنها بحفلات أبناء رؤساء وملوك الدول الأخرى بما فيهم المسؤولون الصغار سيلاحظ الفرق الشاسع بين البساطة والترف المبالغ فيه ،، على سبيل المثال ،، زواج أبنة خالد مشعل كلف أكثر من مليون دولار أمريكي!!،، ومن سمات الرئيس صدام حسين (رحمه الله) أنه لم يركن لفئة أو طائفة أو يعلن أنتماءه وولاءه لغير العراق ،، فعندما يذهب لزيارة شمال العراق يرتدي الزي الكردي ،، وهو يجتهد لتعلم اللغة الكردية وتعليمها بالمدارس لأبناء الشعب العراقي بأعتبارها اللغة الثانية في العراق ،، وعندما يزور مناطق الأهوار يصطحب معه زوجته لتدخل بيوت القصب وتجالس نساء تلك الأمكان المتواضعة ،، وفي كربلاء كتب بماء الذهب أسماء شهداء معركة الطف حول ضريح الأمام الحسين (رض) ،، وعندما تزوجت كريمته الصغيرة طلب من القاضي أن يعقد لها على المذهب الجعفري!!،، فهل هناك شك بأن هذا الرجل قد مثل العراق بكل أطيافه !!،، في الريف يكون سباقاً ليحصد المحصول مع الفلاحيين بالمنجل ،، ونراه في نهضة الأعمار يشارك بالعمل فيحمل الأسمنت ويضع الطابوق ،، هكذا كان الرئيس صدام حسين يعمل في دولته ،، يقاتل أعداء العراق ،، يبني الصروح ،، يُعلـّم الأجيال ،، يجمع العراقيين بوطن واحد ،، ذاب في العراق واذب العراق به كما ذاب الفنان حسين نعمة عندما قال (العزيز أنته) ،، رحم الله (العزيز) صدام حسين.



بلال الهاشمي
باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي
http://bilalalhashmi.blogspot.com/

alhashmi1965@yahoo.com

٢٨ / نيسان / ٢٠١١

 

 





الجمعة٢٥ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة