شبكة ذي قار
عـاجـل










الشهادة رسالة نضالية احتضنتها منظمة مجاهدي خلق منذ فجر تأسيسها ويوم بعد آخر تتعزز قافلة الشهداء. فالشهداء ضريبة الثورة التي لابد من تسديدها مهما غلى ثمنها. والشهادة نسق روحي متناغم مع الإداء الثوري ومهما حاول الطغاة إسكتاه بطرقهم الملتوية فأنه يراوغهم بذكاء ويرتفع شاهقا ليطال أعنان السماء ليسمعه من في السماء ومن في الأرض. صحيح إن إستشهاد المناضلين المدافعين عن حرية بلدهم أمر مؤلم لكنه كلسعة النحلة يبقى لعسلها حلاوته ومذاقه الخاص.
للنضال مراتب إبتداءا من إعلاء كلمة الحق بوجه الطغاة والمفسدين وكشف حقيقتهم أمام الملأ والرأي العام، أي كسر حاجز الخوف بلا تردد. إلى فضح الخفايا والمخاطر التي تحيق بالبلد والشعب نتيجة للعبث بمقدراته وثرواته لصالح الطبقة الحاكمة المستبدة. من ثم تأمين إستحضارات الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم. وإنتهاءا بالإستشهاد وهو أعلى مراحل النضال الثوري الديني والدنيوي.


والنضال الثوري يرتصف دائما إلى جانب الإعلام الصادق الذي يرفض الإستكانة لصوت الطغاة مهما بالغوا في تهورهم وطيشهم. فهي السلطة الرابعة التي توصل صوت الحق والضمير إلى الآخريين مهما بعدت المسافات. وتصقل الحقائق وتفضح المتلاعبين بعقول الشعوب وثرواتهم بما في ذلك أساليب نقيضه الإعلام المسيس الذي يدور في فلك الحكام ويحظى بإمتيازات كثيرة.


بهمن عتيقي كان الشهيد رقم (35) في مجزرة مخيم أشرف التي أمر بها نوري المالكي تنفيذا لتوجيهات وليه الفقيه في قم. فقد أوعز لأزلامه الزعران من عناصر الميليشيات الإرهابية التي لا حدود لجرائمها والمنطوية تحت جناح الجيش والشرطة بالتعاون مع فيلق القدس الإرهابي بشن هجوم مدرع ضد المدنين العزل في مخيم أشرف، بما يتعارض مع اتفاقية جنيف الرابعة لحماية اللاجئين. خرج الشهيد عتيقي من بوابة أشرف إلى جنات الخلد تاركا الباب خلفه مفتوحا على مصراعيه لخروج كوكبة قادمة من مشاريع الشهادة ربما اليوم أو غدا أو بعده.


مواكب شهداء المعارضة الإيرانية مستمرة بلا إنقطاع في ظل الخرس الإقليمي والدولي إتجاه هتك حقوق الإنسان الإيراني والعراقي التي يمارسها نظام الملالي بخبرة ومهارة عالية في البلدين. لاشك أن هذا الصمت الدولي المحير هو الدافع الأساسي لإستمرار تلك الإنتهاكات المريعة. فحقوق المواطن العراقي والإيراني المنتهكة من قبل حكامهم لا تحظى إلا بهامش يسير من الإهتمام الدولي. ولاسيما منظمات حقوق الإنسان كمراقب حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وغيرها ممن أصدعتنا بالإنتهاكات المزعومة خلال الحقبة السابقة. فبتنا نشك كل الشك بنزاهتها ومصداقيتها وحيادها إتجاه قضيانا الرئيسة.
في المجزرة الأخيرة التي ارتكبتها قوات المالكي- ولا يصح أن نقول القوات العراقية فذلك دنس بشرف العراقيين البريئين من هذه الأفعال الجبانة التي لا صلة لها بدينهم واخلاقهم وأعرافهم وتقاليدهم المعروفة للجميع- كانت الحصيلة النهائية من الضحايا تدعو للأسف فقد أسشهد(35) شهيدا وجرح(346) آخر من بينهم(225) جريحا بالرصاص الحي وشظايا الرمانات اليدوية. إن إستخدام المدرعات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة ضد أناس مدنيين عزل سلاحهم الإيمان بعدالة قضيتهم وإعلانها كحرب. هي إبادة جماعية بكل المقاييس والإعتبارات.


لا أعرف أية رجولة للقوات المالكية البربرية وهي تقتل(8) نساء بسحقهن تحت سرفات المدرعات, كيف تصف القوات المهاجمة: شياطين، إرهابيين، مجرمين، كفار، أنذال، مأبونين! إنهم بجميع هذه الصفات وغيرها. والحق إننا نشك بعراقيتهم. فالشعب العراقي يتعفف عن إستخدام السلاح أمام المدنيين العزل، والجيش العراقي لا يرفع السلاح بوجه إمرأة بغض النظرعن أمرها. فمن هؤلاء المجرمين وما حقيقة أمرهم؟ بلا شك إن هذا النهج هو نفسه الذي يمارسة الحرس الثوري الإيراني وهو جدير بأن يسمى( الحرس الثوري الإرهابي).


أمام هذه المجزرة الإنسانية كانت تصريحات الحكومة العراقية مدعاة للسخرية فناطقها علي الدباغ الخبير بالشئون الحوزوية صاحب الدكتوراة المزيفة. ذكر بأن هذا الأمر مرتب من قبل الأشرفيين أنفسهم فهم من أطلق النار على أخوانهم في المخيم لأن القتلى كانوا يهمون بالخروج من المخيم على زعمه! ولا أعرف كيف يدعي- دكتور الجهل والحمق -هذا الإدعاء الساذج! من أين جاءوا بالسلاح الذي قتلوا به أخوانهم في المخيم؟ وكلنا يعلم بأنه لا توجد قطعة سلاح واحدة في المعسكر. والدليل إنه رغم الهجمة الشرسة عليهم لم يظهر أي سلاح بيد الأشرفيين. ثم كيف يفسر علامة الجهل فقدان ازواج لزوجاتهم وزوجات لأزواجهن؟


من جهة أخرى هل لدى الأشرفيين مدرعات دهسوا بها أخوانهم في المخيم؟ فآثار الدهس بالسرفات المدرعة واضحة على أجساد الشهداء. الم يشاهد دكتور الجهل والحمق أفلام الفديو التي سربتها وسائل الإعلام؟ حيث إندفعت مدرعات الخزي والعار إلى عمق المعسكر كالخنازير البرية لتفتك بالأبرياء؟ لماذا يستهينوا هؤلاء الجهلة بعقولنا كل هذه الإستهانة؟ هل يخيل للأحمق إن الناس جميعا حمقى مثله فيتصرف على هذا النحو؟


الأنكى من هذا كله الفرقعات الإعلامية التي لا تسمن ولا تغني اطلقها عدد من المسئولين ولا سيما الأمريكان والمنظمات الدولية بشأن المجزرة. فالسيدة(نافي بيلاي) من المفوضية العليا للأمم المتحدة صرحت تصريحا مثيرا لا يقل عبقرية عن تصريح الخبير الحوزوي، فقد ذكرت" ليس من مبرر معقول كل هذا العدد من الضحايا". يعني حضرتها لا ترى ضررا لو كان عدد الضحايا أقل, والأنكى منه إنها طالبت الحكومة العراقية- الجاني- بإجراء تحقيق شفاف يذكرنا بشفافية إبراهيم الجعفري! ماذا تتوقع المسئولة الدولية عندما يكون المجرم نفسه قاضيا؟


قبل هذا كله. لماذا لا تطالب هذه المسئولة حكومة المالكي بنتائج التحقيق السابق أثر المجزرة التي قامت بها قوات المالكي في شهر تموز عام 2009؟ وقد طالبت المنظمة الدولية نفسها بإجراء تحقيق شفاف أيضا. وشكل المالكي حسبما صرح آنذاك لجنة تحقيقية بشأن المجزرة، ثم أطمست أوراق التحقيق ببصاق المالكي وحكومته فغرقت مع غيرها من التحقيقات وهذا ديدنها.


أما السيناتور الأمريكي( جان كيري) رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي فقد صرح في 14 نيسان الجاري" إن ما قام به الجيش العراقي في مخيم أشرف مرفوض بتاتا ولابد من القيام بإجراء تصحيحي لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث الشنيعة". يبدو إن كيري نسى أو تناسى بأن قواته الغازية هي التي نقضت إتفاقها المبرم مع معسكر أشرف الذي تعهدت بحماية السكان مقابل نزع سلاحهم! ثم أليس في كلامه هذا تحميل قوات المالكي مسؤولية المجزرة. وهذا تفنيد ونسف كامل لإدعاء الفهامة العلامة علي الدباغ الذي إتهم الأشرفييين بفبركة المجزرة؟ أما قوله بإجراء تصحيحي. فهذا الأمر في غاية السذاجة فهل يمكن إعادة الحياة للشهداء فيصحح بذلك الخطأ أم ماذا يقصد؟


أظن إن إجابة مواطنه الأمريكي(دانيل بنجامين) منسق مكافحة الإرهاب فيها الجواب الشافي لمنطق كيري فقد ذكر بصراحة" إن حكومة الولايات المتحدة قد أغمضت عينيها عما حدث في مخيم أشرف. او ربما هي التي مهدت الطريق له". وهذا كلام معقول فامريكا هي التي قايضت – من جملة أشياء- قضية أشرف بالإتفاقية الأمنية التي عقدتها مع حكومة المالكي.


أما الناطق بإسم وزارة الخارجية الأمريكية(تونر) فقد صرح يوم 12 نيسان الجاري بمطالبته الحكومة العراقية بإجراء تحقيق شامل عما جرى في مخيم أشرف. ولا أعرف كيف يثق هذا الناطق بحكومة المالكي؟ وإنها ستحقق جديا في المجزرة وهي التي أوعزت بإرتكابها. أما عن ملاحقة الجنود الذين ارتكبوا المجزرة فهذا أمر يدعو للسخرية! كمن يأتمن الكلب عظمة! فالأوامر العليا لذلك العمل الأرهابي- كما مثبت في الوثائق الرسمية التي عرضتها منظمة مجاهدي خلق على الشرعية الدولية - صدرت من المالكي شخصيا. فلم نترك اللص ونركض وراء جاره؟


لماذا لا تأخذ الإدارة الأمريكية على عاتقها مسئولية التحقيق في المجزرة الأشرفية طالما إنها تحتل العراق؟ وهي الطرف الذي عقد إتفاقية مع أشرف وتعهدت بحماية المدنيين بعد نزع سلاحهم. أليس مثل هذا التحقيق يكون أكثر شفافية من قضاء المالكي المسيس كليا لخدمة الحاكم الأوحد؟ علما بأنه كافة مؤسسات السلطة القضائية تخضع حاليا لأمرة مجلس الوزراء أي المالكي.


وأننا لنستغرب من مطالبة منظمة الأمم المتحدة لحكومة المالكي بإجراء تحقيق شفاف بشأن المجزرة التي أرتكبتها! فإن عجزت قوات الإحتلال الأمريكي عن هذا الأمر بفعل التقارب والتناغم الأمريكي الإيراني في العراق. ولعدم إحراج الشريك في الاحتلال - بإعتباره من يقف وراء الجريمة وهذا أمر مكشوف- فلماذا لا تتولى المنظمة الدولية مسئولية التحقيق كما جرى في عملية أغتيال الحريري في لبنان؟


لماذا لا تطالب المنظمة الدولية الحكومة العراقية بفتح بوابة مخيم أشرف أمام المنظمات الدولية ووسائل الإعلام لتظهر الحقيقة كاملة أمام الملأ؟
لماذا لا تأخذ المنظمة الدولية على عاتقها تعيين منسق خاص يشرف على معسكر أشرف. سيما أن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق تحوم حوله الشكوك بأنه باع ضميره لنظام الملالي وزيارته الأخيرة لطهران لمناقشة أوضاع العراق سابقة خطيرة لا نظير لها في عمل المنظمة الدولية.

 

 





السبت٢٦ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الكاش نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة