شبكة ذي قار
عـاجـل










يمثل يوم 15 ماي من كل عام ذكرى النكبة التاريخية للعرب والمسلمين ولأصحاب الضمير الحي في الإنسانية، ذكرى قيام ما يسمى ب"دولة إسرائيل"، ذلك الكيان الصهيوني الاستعماري الغريب النشأة والسلوك حيث تشكّل من مجاميع استيطانية لقيطة أتت من جميع أنحاء العالم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا ومن انتماءات قومية متعددة. كانت هذه المجاميع منبوذة ومرفوضة أينما كانت وحلت في أصقاع أوروبا منذ قرون مضت. وسبب ذلك انغلاق تلك المجموعات اليهودية الصهيونية على نفسها في تلك البلدان ونهجها المشبوه والمتعالي على الجميع باعتبارها (شعب الله المختار)، حيث كانت تشكل أقليات مريبة بل دولة داخل الدولة، مما أدى إلى تعرضها للازدراء وللاضطهاد في ظل الأنظمة الأوروبية المتعاقبة الأمر الذي دفع دهاقنة الصهيونية العالمية إلى استغلال أوضاع اليهود المتردية وعلاقاتهم المتوترة بالمجتمعات الحاضنة لهم لجمع المتطرفين منهم وخصوصا أنصار (العقيدة التوراتية العنصرية وفكرة أرض الميعاد) لعقد أول مؤتمر صهيوني استعماري في مدينة بازل السويسرية سنة 1897 برئاسة هرتزل وأنصاره وبدعم من أرباب التوسع الاستعماري.


وقد انتهى هذا المؤتمر إلى إقرار مشروع الاستيلاء على أرض فلسطين لتوطين يهود العالم فيها تحقيقا لفكرة دولة الميعاد وتحقيق حلم بني صهيون في إيجاد دولة تستوعبهم. وعليه شرعت وكالات الحركة الصهيونية في لم شتات اليهود وتهجيرهم نحو فلسطين معتمدة في ذلك أسلوب الترهيب والتهجير للسكان الأصليين من العرب. ولما حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها كانت المجاميع اليهودية قد تمكنت من التوطن في فلسطين ومن تشكيل منظومة من العصابات العنصرية المسلحة لحماية المستوطنين الجدد برعاية من بريطانيا وغيرها من القوى الاستعمارية والتي لم تتأخر في الاعتراف بحق اليهود المهاجرين في إنشاء كيان سياسي بقرار أممي منحاز للمستوطنين الغرباء على حساب أصحاب الأرض من الشعب العربي الفلسطيني الذي وجد نفسه في غفلة من الزمن بين خياري الإبادة التدريجية أو التشريد خارج وطنه التاريخي.


هكذا عملت الصهيونية على سلب فلسطين بإنشاء دولة الاحتلال اليهودية وانتزاع الاعتراف الدولي بها في 15 ماي 1948 بتآمر القوى الإمبريالية وقوى ما يسمى حينها بالأممية الشيوعية وتآمر الأنظمة الرجعية المتخلفة والعميلة. فحصلت النكبة، نكبة استلاب فلسطين تحت أنظار ومسامع المجتمع الدولي. وبفعل عجز النظام العربي الرسمي المتواطئ ومنعه للقوى الشعبية من المشاركة الفعالة في المعركة، كانت هزيمة الجيوش العربية سببا حاسما في التسليم بأمر احتلال فلسطين والقبول بقرار التقسيم (رقم 191) وقرار قيام دولة العصابات الصهيونية الاستعمارية.


نستذكر تلك النكبة لنعبر عن إرادة لا تلين في مقاومة الاحتلال وصبر لا ينضب في إدامة الجهاد وتصعيد المواجهة ضد جرائم الكيان الصهيوني والتنديد بتخاذل وتواطؤ القوى الغربية والرجعية المحلية التي بقدر ما تتهاون في نجدة الشعب الفلسطيني وغض الطرف عما يتعرض له من عدوان وقتل وتنكيل متواصل نجدها تتعامى عما يرتكبه الكيان الصهيوني من جرائم واعتداءات يومية ضد السكان الأصليين وإن لامته عن الإفراط في الجريمة فلا تتورع عن تبرير حقه في الدفاع عن وجوده وأمن مستوطنيه.


ولا شك أن ذكرى النكبة هذه السنة تختلف عما سبقها لأن ثمة تطورات خطيرة جدت بالمنطقة حيث فقد الكيان الصهيوني البعض من أصدقائه من الأنظمة العربية الرسمية المتواطئة مما يضف حزامه الواقي ليجد نفسه في مواجهة مباشرة مع إرادة القوى الشعبية العربية وتحركاتها المتصاعدة. إذ كلما سقط نظام عربي فقد الكيان الصهيوني سندا له واشتد عليه الخناق. فالثورة العربية الشعبية الممتدة والزاحفة على أنظمة الفساد والاستبداد هي معركة سوف لن تستثني الاحتلال أينما كان من الأرض العربية. وإذا كان الاحتلال الصهيوني يستفيد من عجز الأنظمة العربية وانقسامها واستسلامها له فإنه سوف يصطدم بقوة الشعب العربي وتلاحم قواها الثورية التحررية التي لم يغب عن تفكيرها ووجدانها ومنظومة شعاراتها الأساسية مطلب (الشعب يريد تحرير فلسطين).


لقد عبر الشعب والشباب خصوصا عن وعي قومي تحرري عميق يدرك معنى معركة المصير المشترك من خلال التواصل والتنسيق لتجسيد وحدة النضال ونضال الوحدة والتحرير لتكون فلسطين حاضرة في مسيرة التحرك الشبابي والنضال الثوري الشعبي في كل جزء من الوطن العربي. ولم يكن ذلك محض صدفة بل هو الإيمان العميق بأن معركتنا ضد الأنظمة الرسمية الفاسدة والمستبدة والقوى الاستعمارية الداعمة لها لن تكتمل إلا بتحرير فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة في العراق والأحواز والجولان وغيرها.


وإن كنا نستذكر اليوم نكبة فلسطين فإننا نريد من هذه الذكرى التعبير عن إرادة عربية لا تقبل بالاحتلال مهما طال أمده واشتدت قسوته مثلما نؤكد بأن المقاومة العربية بعد إزالة بقية الأنظمة المتخاذلة ستكون بملء إرادة الشعب الحرة وبكامل طاقة الأمة من المحيط إلى الخليج العربي. وحينها سوف لن يجد الشعب الفلسطيني نفسه وحيدا في مواجهة الصهيوني المحتل والنظام الدولي المختل.


وعليه لا نريد للذكرى أن تمر دون الدعوة إلى التفكير في فتح أفق جديد للنضال القومي الوحدوي جدير بضمان استمرار الثورة العربية حتى تحقق أهدافها النبيلة في الوحدة والحرية والعدالة والكرامة القومية. وباعتبار مركزية القضية الفلسطينية في النضال الشعبي العربي لا بد من:


1. التأكيد على المساندة المطلقة للمقاومة العربية الفلسطينية المتمسكة بحقها الكامل في وحدة الوطن والتحرير الكامل.
2. الإصرار على ضرورة توحيد فصائل المقاومة الفلسطينية باعتبارها الضمانة الوحيدة لصدق النضال والوفاء للشهداء والمنهج القويم للصمود وللتحرير.


3. التنديد بتخاذل المجتمع الدولي وتواطؤ النظام العربي الرسمي إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حصار وتنكيل وتقتيل والمماطلة في إقرار حقوقه ومصيره.


4. دعوة كافة القوى الحية في الأمة العربية إلى تكثيف الجهود من أجل بناء الجبهة العربية الموحدة لدعم المقاومة والتحرير في العراق وفلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة.


وختاما لما سبق، يحق القول:


• الخزي للاحتلال الصهيوني والمتواطئين معه.
• عاشت فلسطين حرة عربية موحدة كاملة السيادة.
• تحية للمقاومة العربية في العراق وفلسطين والأحواز.
• الرحمة لمن هم أكرم منا جميعا شهداء الثورة العربية.

 

 





الاثنين١٣ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الهادي المثلوثي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة