شبكة ذي قار
عـاجـل










توقفت طويلاً لأتأمل الخبر الذي سمعته عبر العديد من القنوات والمنابر الإعلامية عن طلب كل من القطرين الأردني والمغربي الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي , فللوهلة الأولى تشككت بنفسي بأني أصبحت أجهل خارطة وطني العربي وتقسيماته الجغرافية والسياسية فذهبت مسرعاً لأشاهدها فوجدت أن الخارطة المطبوعة بذاكرتي هي الخارطة الحقيقية وليس بها أي لبس , فتوقفت برهة من الزمن لأقلب الأمور رأس على عقب وابحث في هذا الخبر لعلني أصل إلى نتيجة منطقية, فتبادر إلى ذهني أحد الاحتمالات بأن مياه الخليج العربي قد طمرت كل الدول المجاورة للقطر الأردني ليصبح دولة خليجية أو لربما هاج المحيط الأطلسي فقتلع المغرب والحق به الأردن ليضعهما في نهاية المطاف على ضفاف الخليج !! .


لقد عاش المواطن العربي عقود طويلة من الزمن ينشد الوحدة العربية لأنه متقين بأن بهذه الوحدة سيتخلص من أمراض عديدة كالفقر والجهل والعزلة و بها أيضا الخلاص من التبعية للغرب ويعود بها المواطن العربي حر يملك قرار نفسه دون أن يملى عليه, ويحفظ بها سيادة وطنه وأمته, والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هي دلالات انضمام كل من القطرين الأردني والمغربي إلى مجلس التعاون الخليجي وهل هي حقاً الوحدة التي ينشدها المواطنون العرب ؟؟؟!!!!


فصدور هذا الطلب وبالتزامن مع الصيحات التي أخذت تعلوا بالأردن والمغرب العربي والتي تنادي بالثورة على الواقع الفاسد والمطالبة في تحسينه أو تبديله لم يكن محض صدفه أو مجرد تزامن عابر وإنما هو وأحد من أهم الأسباب القوية والدافعة إلى ذلك , وخصوصاً أن قطر اليوم تمتلك أكبر شبكة إعلامية تستطيع تسليطها على أي نظام وتضخم من الأمور أو تصغرها كيفما تشاء فكان ذلك دافع لبعض الأنظمة الى أن تهرول مسرعه للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي لتحمي بذلك عروشها مقابل أن تطلق هذه الأنظمة أيدي الشركات الأمريكية والغربية في هذه الأقطار لكي تمتلك كل شيء ويعيش المواطن العربي في هذين القطرين على بعض من فتات خيرات بلاده وبذلك يضمن الغرب حماية الكيان الصهيوني من أي ثورة ربما تنشب في الأردن و الذي يملك أطول حدود معه بعدما خسر مصر بسقوط نظامها الخائن والذي يجاوره من الجانب الأخر ليصبح فيما بعد الكيان الصهيوني في حالة من العزلة الجغرافية ومحاصر بملاين الثور العرب والذي يصبح عددهم بذلك يفوق ال95 مليون عربي على الحدود من كلا الجانبين وبالتالي سينتهي الكيان الصهيوني ويفقد الغرب سكينه المغروس في قلب امتنا ويصبح بذلك انهيار لأكبر عائق أمام الوحدة العربية وانهيار كامل لكل ركائز الغرب في الوطن العربي و بالتالي سيفقد كل مصالحه الغير مشروعه على ارض امتنا , ولكي يتفادى الغرب ذلك الكابوس المرعب سيعمل جاهدا من أجل تحويل المواطن العربي في الأردن والمغرب من إنسان يطالب بحقوقه إلى أله لا تعرف شيء غير السعي وراء الطعام كما هو قائم الآن في أقطار الخليج العربي من خلال تلك الشركات الأجنبية ومن خلال الغزو الثقافي والحضاري الممنهج.


وبالطبع وكما اعتدنا دوما على وسائل الإعلام الرسمية والتي تبث أفكار وتوجهات الأنظمة والتي أخذت تطبل وتتغنى بهذا الانجاز العالمي وكأن هذا النظام أو ذاك قام بتحرير فلسطين و العراق مثلاً !!!, أو لربما استطاع هذا النظام وبمعجزاته الخلاقة أن يلامس القمر و يحضره للأرض ليصبح أبناء شعبه فيما بعد اقرب إلى النجوم من ذلك !!! , وكذلك لا نغفل عن قيام بعض ما يسمون بعلماء الدين الذين ملئوا الشاشات العربية والذين هم يسكنون في بيوت السلاطين لا يطرقون أعتابها فقط , أخذوا يباركون و يهلهلون لهذه الوحدة المباركة على حد وصفهم لها, وكأنها هي الخير الأوحد الذي يطرق باب الأمة مما دفعهم ليدخلوا في سباق ماراثوني في إصدار فتاوى المباركة والتي أصدروها قبل أعوام بل وقبل أيام وبنفس النبرة والحماس في إباحة التعاون مع الغرب ضد العراق والعمل ضربة وتدميره وكذلك باركوا وأباحوا بها ضرب ليبيا تمهيدا لاحتلالها سواء كان ذلك في فتواهم العلنية أو في صمتهم عن قول الحق.


فلو كان الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بداية تحقيق الوحدة المنشودة فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا أين هي الخطة الإستراتيجية من حالة الصراع العربي الصهيوني ؟؟ وأين هي فلسطين القضية المركزية للعرب في أجندتها ؟؟ وأين هي مشاريع التنمية والتطوير التي تشمل بناء مجتمع عربي حر يسوده التكافل الاجتماعي؟؟ وأين هي خطط تأميم ثروات الوطن العربي الكامنة في هذه الأقطار لتحافظ على خيرتنا وتبقى رهناً لبناء المجتمع المتعافي من الأمية والتخلف؟؟!!!!!!!

 

 





الخميس١٦ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٩ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أسعد عطاري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة