شبكة ذي قار
عـاجـل










في غمرة التصعيد الإعلامي بين إيران والكيان الصهيوني، وتهديد النظام الإيراني بتدمير "إسرائيل" وإزالتها عن الخارطة، تبين أن ما تروجه البروبغندا الإعلامية غير ما هو قائم من علاقات بين الطرفين. وآخر ما كشف النقاب عنه هو الصفقات التجارية بين الطرفين والتي بلغت مئات الملايين من الدولارات. والأمر لا يقتصر على بيع الشركات الإسرائيلية سفناً تجارية لإيران، بل تبين أيضاً أن ثمة صفقات تناولت الجانب العسكري من خلال شراء إيران لست طائرات مروحية من "إسرائيل" مخصصة للنقل العسكري عبر "المحطة" الإسبانية.


هذه الوقائع لم تعد سراً، بل كانت سراً، عندما كانت تتم تحت شعار الحملة الإعلامية عبر رفع وتيرتها بين الطرفين.


وإذا كان هذا الذي كشف النقاب عنه وعرف "بعوفر غيت"، لم تخفه الدوائر الصهيونية لأنها دخلت السجال السياسي حوله ووصلت إلى الحلقات الدائرة العليا في مراكز اتخاذ القرار في الكيان الصهيوني، فإن النظام الإيراني ما يزال يلتزم الصمت، فهو لا يستطيع النفي، لأن الوقائع تدحض أي إدعاء معاكس، ولا يستطيع التبرير، وهو الذي يرفع شعار محاربة الصهيونية وتدمير "إسرائيل"؟


وهنا يطرح تساؤل أساسي، كيف يستقيم التوفيق بين شعار تدمير "إسرائيل"، وحقيقة الصفقات التجارية والعسكرية بين الطرفين؟


إن هذا التساؤل ليس موجهاً للنظام الإيراني؟ لأن هذا النظام يتصرف وفق ما تمليه عليه مصالحه، لكنه موجه للذين يعتبرون هذا النظام رأس حربة في مواجهة الكيان الصهيوني. إن من يقيم علاقات تجارية وتسليحية مع الكيان الصهيوني، لا يمكن أن يكون رأس حربة في تدمير هذا الكيان وإلا لما قام بنسج مثل هذه العلاقات. لقد حصل في السابق وفي العام 1986، ان كشف النقاب عن صفقات تسليحية بين النظام الإيراني والكيان الصهيوني، وقد عرفت حينذاك "بإيران غيت" وقد حاول البعض إعطاء تبريرات لهذا التعامل بأن ضرورات الحرب مع العراق يتيح تجاوزات المحظورات في اختراق المحرمات. كما عمد الإعلام الإيراني آنذاك أن يلطف من وقع إيران غيت، باعتبار أن النظام لم يعرف أن السلاح كان مصدره "إسرائيل"، لكن هذا التضليل الإعلامي لم يستطع أن يصمد أمام الحقائق الدامغة .ولو كان هذا التسليح قد مرر عبر طرق ثالث. و"عوفرغيت" التي تشغل الأوساط الإعلامية والسياسية والتي لم يستطع أن تحجب الاهتمام بها أخبار الحراك الشعبي العربي، تعطي مثلاً حسياً جديداً، بأن التضليل الإعلامي وأن أستطاع أن يحجب الحقيقة لفترة، إلا أنه لا يستطيع حجبها إلى الأبد. فالوقائع الثابتة هي أدلة قاطعة على أتيان أمر ما أو نفيه، ووقائع التعاون بين تل أبيب وطهران وأن كان عبر شركات تجارية، هو ثابتة لا يستطيع أي من الطرفين أن ينفيها.


كنا دائماً نقول حبذا لو كان الموقف الإيراني صادقاً ومنسجماً مع نفسه في معاداة "إسرائيل"، لأن العرب بحاجة إلى أي رفد سياسي او عسكري في مواجهة هذا الكيان الغاصب. وكنا نطرح بذلك بصيغة الثمني لأننا نعرف أن المصالح أقوى من التمنيات في علاقات الدول، أما وأن تأتي الواقعة تلو الأخرى لتكشف طبيعة التعامل فهذا يؤكد بأن العلاقات السياسية وان قطعت بين تل أبيب وطهران، إلا أنها لم تنقطع في الجانب الاقتصادي بدرجة أولى والجانب العسكري بدرجة ثانية وعوفر غيت خير شاهد على ذلك وان العثور على عوفر مقتولاً في تل أبيب لا يغير من واقع الامر شيئاً،بل يخدم سرية العلاقة ويحول دون الوصول الى ملفات أخرى في شريط هذا التعامل

 

إننا لم نفاجأ "بعوفرغيت" كما لم نفاجأ سابقاً بإيران "غيت" لأن من يكون شريكاً موضوعياً للاحتلال الأميركي للعراق ويعمل على تكريس واقع تقسيمي فيه تحت عناوين ومسميات مختلفة، ويسعى لتوظيف الحالة السياسية لبيئات شعبية في أقطارها العربية خدمة لأهدافه ومصالحه الخاصة لا يمكن أن يكون شريكاً موضوعياً في عملية تحرير فلسطين، وحاضر الأيام وقادمها يكشف ذلك وآن للحقائق أن تقال كما هي لأن إيران تتصرف وفق ما تمليه عليها مصالحها، لكن يبقى علينا نحن العرب أن نتصرف وفق ما تمليه مصالحنا.

 

 





الاثنين٠٤ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة