شبكة ذي قار
عـاجـل










قال تعالى {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63

 

الفتن والملاحم معول عظيم يخرب به أهل الأهواء وأهل البدع جدران حصن وحدة المجتمعات ويهدون به كل خير ويحطمون به كل عدل ، يغيرون من خلاله سلوكيات الناس ، يقربون به البعيد ويبعدون القريب ، يهضمون به الحقوق ، وينشرون به العداوة والبغضاء ، يجعلون الناس حيارى ، يبيت الحليم حيرانا لايدري مايفعل وما يفعل به وينشط السفيه والعديم ومن ليس له أصل ، فتغير المعالم وتنشر المظالم ويقل العدل ويكثر الجور والله تعالى يقول {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال25

 

الناس في الفتن أشكال وأحوال .    

قوم يعتزلون الفتن مستعيذين بالله من شر الفتن وأهلها  .

وآخرون ينغمسون فيها ويروجون لهـــا .

وآخرون يبقون وسطا بين هؤلاء وهؤلاء.

الشريعة الإسلامية اعتنت بهذا الجانب عناية كبيرة وبينت للناس حال الفتن وأهلها وكيف التعامل مع المتغيرات التي تحدث وأعطى الإسلام العلاج الناجع والوصفة العظيمة التي يتحصن الناس بها أيام الفتن .

 

هذا الدين العظيم الذي وقف مع المسلم في كل مفاصل حياته ، علمه كل الجزئيات التي تنضبط الحياة بها سواء كانت في المعاملات أو العبادات ، أو في الحياة العامة ، والمتتبع للنظام الإسلامي يجد بكل بساطة أن النبي صلى الله عليه وسلم علم المسلمين كيف يستنجوا بعد قضاء الحاجة وكيف يأتي الرجل زوجته وكيف يحصن المال وتحقن الدماء .

 

وماتمر به امة الإسلام من الأزمات والفتن التي تعصف كل خير وتنشر كل شر ، يوضع فيها الصلحاء ويرفع فيها السفهاء ، تحتاج إلى وقفة عظيمة من العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ، الذين يتمسكون بمنهج الحق والعدل والإنصاف المنهج الذي ارتضاه الله وقبله لهذه الأمة ، لتعيش الأمة بأمان وسلام ، تحافظ على وحدة أبنائها وتديم شخصيتها بين أضدادها من الأمم الأخرى .

 

فيجب على العلماء الذين ينظرون إلى هذه الفتن بعين الشرع ، ويعلمون أن الفتن أبواب ولها مفاتح لاتغلق إلا بها ومفاتح الفتن ( الاحتكام إلى الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح ) العلماء الذين لايحسبون على فئات معينة أو ينتمون إلى فرق معينة ولا أحزاب ولا يميلون إلا إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، القيام بالواجب الرباني ، الاهتمام بأمر الأمة وإيقاف الناس على جادة الصواب بعيدين عن المجاملة والمغامرة يقولون الحق ولا يبالون قال تعالى {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً }الإسراء53

 

لذا  نبين طرق العلاج التي وقف عليها السلف الصالح وجعلوها مصدات قوية لاتخرق ولا تعصف ولا تكسر أمام الفتن السوداء والقائمون عليها من أهل الزيغ والهوى سائلين الله تعالى بعظمته وكبريائه وسلطانه أن يهيئ العلماء الأتقياء ليسيروا بالأمة إلى طريق الإنصاف والعدل ويكتب لنا أجره وخيره وبركته ويجعل قلوبنا تخافه وتخشاه الأدلة التي وردت في الشرع حول الفتن والتحذير منها :
قال الخطابي رحمه الله : العزلة عند الفتنة سنة الأنبياء وسيرة الحكماء فلا أعلم لمن عابها عذرا ولا سلم من تجنبها فخرا.

وبوب البخاري رحمه الله باب قوله تعالى : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ }البقرة193


ثم ساق الأحاديث :
*
حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن) صحيح البخاري:1/11.
قال بن بطال رحمه الله في شرح صحيح البخاري : هذا الحديث يدل على إباحة الانفراد والاعتزال عند ظهور الفتن ، طلبا لإحراز السلامة فى الدين ، خشية أن تحل عقوبة فتعم الكل ، وهذا كله من كمال الدين ، وقد جاء في الحديث : تمت أنه إذا فشا المنكر ، وكان بالناس قوة على تغييره ، فلم يغيروه امتحنهم الله بعقوبة ، وبعث الصالحين على نياتهم ، وكان نقمة للفاسقين ، وتكفيرا للمؤمنين - . وقد اعتزل سلمة بن الأكوع عند قتل عثمان ، وقال له الحجاج : ارتددت على عقبيك ، تعربت ؟ قال : لا ، ولكن رسول الله أذن لي في البدو . وقال أبو الزناد : خص الغنم من بين سائر الأشياء حضا على التواضع وتنبيها على إيثار الخمول وترك الاستعلاء والظهور ، وقد رعاها الأنبياء والصالحون ، وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : تمت ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم. وأخبر أن السكينة في أهل الغنم . شرح صحيح البخاري لابن بطال :1/71.


*
حدثنا الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا عبد الله بن يحيى ، حدثنا حيوة عن بكر بن عمرو عن بكير عن نافع ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما أن رجلا جاءه فقال يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه { {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الحجرات9.

 

فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه فقال يا ابن أخي أغتر بهذه الآية ، ولا أقاتل أحب إلي من أن أغتر بهذه الآية التي يقول الله تعالى : {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93 صحيح البخاري:6/78.


*
حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا بيان أن وبرة حدثه ، قال : حدثني سعيد بن جبير قال:( خرج علينا ، أو إلينا ابن عمر فقال رجل كيف ترى في قتال الفتنة فقال وهل تدري ما الفتنة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين ، وكان الدخول عليهم فتنة وليس كقتالكم على الملك). المصدر السابق.
يقول الإمام بن حجر رحمه الله في الفتح : وجواب بن عمر وقوله هنا وليس كقتالكم على الملك أي في طلب الملك يشير إلى ما وقع بين مروان ثم عبد الملك ابنه وبين بن الزبير وما أشبه ذلك وكان رأي بن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقة والأخرى مبطلة وقيل الفتنة مختصة بما إذا وقع القتال بسبب التغالب في طلب الملك وأما إذا علمت الباغية فلا تسمى فتنة وتجب مقاتلتها حتى ترجع إلى الطاعة وهذا قول الجمهور. فتح الباري شرح صحيح البخاري:13/47.
كما بوب رحمه الله (باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، ثم ساق رحمه الله :


*
حدثنا محمد بن عبيد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال إبراهيم وحدثني صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه فمن وجد فيها ملجأ ، أو معاذا فليعذ به).صحيح البخاري : 9/64.


وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم : فمعناه بيان عظيم خطرها . والحث على تجنبها والهرب منها ، ومن التشبث في شيء ، وأن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها . شرح النووي:9/263.


*
حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه فمن وجد ملجأ ، أو معاذا فليعذ به). المصدر السابق .


قال بن بطال رحمه الله في الشرح : قال الطبري : إن قال قائل : ما معنى هذا الحديث ، وهل المراد به كل فتنة بين المسلمين أو بعض الفتن دون البعض ؟ فإن قلت : المعنى به كل فتنة ، فما أنت قائل في الفتن التي مضت ، وقد علمت أنه نهض فيها من خيار المسلمين خلق كثير ، وإن قلت المعنى به البعض ، فأيتها المعنية به ، وما الدليل على ذلك ؟ قيل : قد اختلف السلف في ذلك ، فقال بعضهم : المراد به جميع الفتن وغير جائز للمسلم النهوض في شيء منها ، قالوا : وعليه أن يستسلم للقتل إن أريدت نفسه ولا يدفع عنها ، والفتنة : الاختلاف الذي يكون بين أهل الإسلام ولا إمام لهم مجتمع على الرضا بإمامته لما يستنكر من سيرته في رعيته ، فافترقت رعيته عليه حتى صار افتراقهم إلى القتال بأن رضيت منهم فرقة إماما غيره ، وأقامت فرقة على الرضا به ، قالوا : وإذا كان كل واحد من هذين المعنيين ، فهي التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم ) بكسر السيوف فيها ولزوم البيوت وهي التي قال ( صلى الله عليه وسلم  : القاعد فيها خير من القائم ) وممن قعد في الفتنة حذيفة ، ومحمد بن سلمة ، وأبو ذر ، وعمران بن حصين ، وأبو موسى الأشعري ، وأسامة بن زيد ، واهبان بن صيفي ، وسعد بن أبى وقاص ، وابن عمر ، وأبو بكرة ، ومن التابعين شريح والنخعي ،


وحجتهم من طريق النظر أن كل فريق من المقتتلين في الفتنة فإنه يقاتل على تأويل ، وإن كان في الحقيقة خطأ فهو عند نفسه فيه محق وغير جائز لأحد قتله ، وسبيله سبيل حاكم من المسلمين يقضى بقضاء مما اختلف فيه العلماء على ما يراه صوابا ، فغير جائز لغيره من الحكام نقضه إذا لم يخالف بقضائه ذلك كتابا ولا سنة ولا جماعة ، فكذلك المقتتلون في الفتنة كل حزب منهم عند نفسه محق دون غيره بما يدعون من التأويل ، وغير جائز لأحد قتالهم ، وإن هم قصدوا لقتله فغير جائز دفعهم بضرب أو جرح ، لأن ذلك إنما يستحقه من قاتل وهو متعمد الإثم في قتاله ، والواجب على الناس إذا اقتتل حزبان من المسلمين بهذه الصفة ترك معاونة أحدهما على الآخر وعليهم لزوم البيوت ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، أبا ذر ومحمد بن سلمة وعبد الله بن عمر ، وما عمل به من تقدم ذكرهم من الصحابة . شرح صحيح البخاري لابن بطال :10/20-21.


وبوب رحمه الله ( باب الفتنة التي تموج كموج البحر، ذكر فيه عن سفيان ابن عيينة تشبيههم بهذه الأبيات لامرئ ألقيس :
الحرب أول ما تكون فتيـــة ** تسعى بزينتها لكل جهــول
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها ** ولت عجوزا غير ذات حليـل
شمطاء ينكر لونـها وتغــيرت ** مكروهة للشـم والتقبيــل
ثم ساق رحمه الله :
*
حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثنا شقيق سمعت حذيفة يقول بينا نحن جلوس عند عمر قال :(أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة قال فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي ، عن المنكر قال ليس عن هذا أسألك ولكن التي تموج كموج البحر قال ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا قال عمر أيكسر الباب أم يفتح قال بل يكسر قال عمر إذا لا يغلق أبدا قلت أجل قلنا لحذيفة أكان عمر يعلم الباب قال نعم كما أعلم أن دون غد ليلة ، وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأله من الباب فأمرنا مسروقا فسأله فقال من الباب قال عمر ) المصدر نفسه .


قال بن حجر رحمه الله في الفتح : وقول عمر إذا كسر لم يغلق أخذه من جهة أن الكسر لا يكون إلا غلبة والغلبة لا تقع إلا في الفتنة وعلم من الخبر النبوي أن بأس الأمة بينهم واقع وأن الهرج لا يزال إلى يوم القيامة كما وقع في حديث شداد رفعه إذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة قلت أخرجه الطبري وصححه بن حبان وأخرج الخطيب في الرواة عن مالك أن عمر دخل على أم كلثوم بنت علي فوجدها تبكي فقال ما يبكيك قالت هذا اليهودي لكعب الأحبار يقول إنك باب من أبواب جهنم فقال عمر ما شاء الله ثم خرج فأرسل إلى كعب فجاءه فقال يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجة حتى تدخل الجنة فقال ما هذا مرة في الجنة ومرة في النار فقال إنا لنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنم تمنع الناس أن يقتحموا فيها فإذا مت اقتحموا . فتح الباري لابن حجر: 13/50.
*
حدثني بشر بن خالد ، أخبرنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن سليمان سمعت أبا وائل قال قيل لأسامة ألا تكلم هذا قال قد كلمته ما دون أن أفتح بابا أكون أول من يفتحه وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميرا على رجلين أنت خير بعد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون أي فلان ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى ، عن المنكر فيقول إني كنت آمر بالمعروف ، ولا أفعله وأنهى ، عن المنكر وأفعله) . المصدر نفسه69

 

وبوب الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه باب نزول الفتن كمواقع القطر،ثم ذكر رحمه الله :


*
حدثني إسحاق بن منصور أخبرنا أبو داود الطيالسي حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال - قال النبي صلى الله عليه وسلم « تكون فتنة النائم فيها خير من اليقظان واليقظان فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الساعي فمن وجد ملجأ أو معاذا فليستعذ » صحيح مسلم : 8/169.


*
حدثني عمرو الناقد والحسن الحلواني وعبد بن حميد قال عبد أخبرني وقال الآخران حدثنا يعقوب حدثنا أبى عن صالح عن ابن شهاب حدثني ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه ومن وجد فيها ملجأ فليعذ به ». المصدر السابق .


*
حدثني أبو كامل الجحدرى فضيل بن حسين حدثنا حماد بن زيد حدثنا عثمان الشحام قال انطلقت أنا وفرقد السبخى إلى مسلم بن أبى بكرة وهو في أرضه فدخلنا عليه فقلنا هل سمعت أباك يحدث في الفتن حديثا قال نعم سمعت أبا بكرة يحدث قال -قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها والماشي فيها خير من الساعي إليها ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه ». قال فقال رجل يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض قال « يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت ». قال فقال رجل يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بى إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني قال « يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار ».المصدر نفسه.


*
حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال زهير حدثنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس فى ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة. فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال « إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي. ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه. فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ». فدنوت منه فقلت له أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال سمعته أذناي ووعاه قلبي. فقلت له هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }النساء29

 

قال فسكت ساعة ثم قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله). صحيح مسلم :6/18.


وبوب الإمام أبو داود رحمه الله)  باب في النهى عن السعي في الفتنة والآخر في كف اللسان ،فذكر :
*
حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني ابن وهب حدثني الليث عن يحيى بن سعيد قال - قال خالد بن أبى عمران عن عبد الرحمن بن البيلمانى عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « ستكون فتنة صماء بكماء عمياء من أشرف لها استشرفت له وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف » رواه في السنن : 4/165.


*
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة عن زياد بن علاقة عن عرفجة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ستكون في أمتي هنات - وهنات - وهنات فمن أراد أن يفرق أمر المسلمين وهم جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان ». المصدر السابق:4/386.


*
أخبرنا إبراهيم بن المستمر قال حدثنا عمرو بن عاصم قال حدثنا معتمر عن أبيه عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول يا رب هذا قتلني فيقول الله له لم قتلته فيقول قتلته لتكون العزة لك فيقول فإنها لي ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول إن هذا قتلني فيقول الله له لم قتلته فيقول لتكون العزة لفلان فيقول إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه).المصدر السابق:7/84.


*
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم الأحول عن أبى كبشة قال سمعت أبا موسى يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسى كافرا ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ». قالوا فما تأمرنا قال « كونوا أحلاس بيوتكم ». سنن أبي دود : 4/164.


*
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبى حدثنا سليمان عن حميد عن نصر بن عاصم الليثى قال أتينا اليشكري في رهط من بني ليث فقال من القوم فقلنا بنو ليث أتيناك نسألك عن حديث حذيفة فذكر الحديث قال قلت يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر قال « فتنة وشر ». قال قلت يا رسول الله هل بعد هذا الشر خير قال « يا حذيفة تعلم كتاب الله واتبع ما فيه ». ثلاث مرات.


قال قلت يا رسول الله هل بعد هذا الشر خير قال « هدنة على دخن وجماعة على أقذاء فيها أو فيهم ». قلت يا رسول الله الهدنة على الدخن ما هي قال « لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه ».قال قلت يا رسول الله أبعد هذا الخير شر قال « فتنة عمياء صماء عليها دعاة على أبواب النار فإن تمت يا حذيفة وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم » المصدر السابق :4/155.


وروى الإمام أحمد في المسند قال:
*
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا هشام بن حسان عن حميد بن هلال عن أبي دهماء العدوى عن عمران بن حصين قال - قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :( من سمع بالدجال فلينأ منه ثلاثا يقولها فان الرجل يأتيه يتبعه وهو يحسب أنه صادق بما يبعث به من الشبهات ). مسند الإمام أحمد رحمه الله :4/441.


*
حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عمرو القسملي ، عن ابنة أهبان ، أن علي بن أبي طالب أتى أهبان ، فقال : (ما يمنعك من إتباعي ، فقال : أوصاني خليلي وابن عمك ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ستكون فتن وفرقة ، فإذا كان ذلك فاكسر سيفك ، واتخذ سيفا من خشب ، فقد وقعت الفتنة والفرقة ، وكسرت سيفي ، واتخذت سيفا من خشب ، وأمر أهله حين ثقل أن يكفنوه ، ولا يلبسوه قميصا ، قال : فألبسناه قميصا ، فأصبحنا والقميص على المشجب) . المصدر السابق:5/69.


اعتزال الأمة للفتن :

يجب على الأمة اعتزال الفتن جميعها وتطبيق وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم  وحسب الحال وهذه نماذج من فعل السلف الصالح ومعاملتهم للفتن عسى أن تكون منارا يضيء درب السالكين ودليلا ينقذ المتورطين والملتصقين بالفتن .
كل بحسب حاله وهاهنا ذكر بعض النماذج منهم رحمهم الله .


الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه قال : حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر . قال وأخبرني ابن طاووس عن عكرمة ابن خالد عن ابن عمر قال: دخلت على حفصة ونسوتها تنظف قلت قد كان من أمر الناس ما ترين فلم يجعل لي من الأمر شيء . فقالت الحق فإنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة ، فلم تدعه حتى ذهب فلما تفرق الناس خطب معاوية قال من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه فلنحن أحق به منه ومن أبيه ، قال حبيب بن مسلمة فهلا أجبته ؟ قال عبد الله (فحللت حبوتي وهممت أن أقول أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ويحمل عني غير ذلك فذكرت ما أعد الله في الجنان ، قال حبيب حفظت وعصمت). صحيح البخاري: :13/12.


قال العيني رحمه الله في عمدة القاري : قوله ويحمل عني غير ذلك أي على غير ما أردت قوله فذكرت ما أعد الله في الجنان يعني لمن صبر واختار الآخرة على الدنيا قال حبيب هو ابن مسلمة المذكور قوله حفظت وعصمت كلاهما على صيغة المجهول واستصوب حبيب رأيه على أنه كان من أصحاب معاوية. عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني:25/443.


الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنـه  فقد روى الإمام أحمد رحمه الله في المسند قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا كثير بن زيد الأسلمي عن المطلب عن عمر بن سعد عن أبيه أنه قال : جاءه ابنه عامر فقال :( أي بني أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسا لا والله حتى أعطى سيفا إن ضربت به مؤمنا نبا عنه وان ضربت به كافرا قتله سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إن الله عز و جل يحب الغنى الخفي التقي ) مسند الإمام أحمد : 1/177.


قوله رحمه الله فيه إشارة يقول فيها أريد سيفا عاقلا حتى أقاتل به ، حتى يكون السيف بعقله يفرق بين الحق والباطل وهذا رد على المستحيل أو إشارة عليه  .
روى مسلم في صحيحه قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعباس بن عبد العظيم واللفظ لإسحاق قال عباس حدثنا وقال إسحاق أخبرنا أبو بكر الحنفي حدثنا بكير بن مسمار حدثني عامر بن سعد قال كان سعد بن أبى وقاص في إبله فجاءه ابنه عمر فلما رآه سعد قال أعوذ بالله من شر هذا الراكب فنزل فقال له : أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم فضرب سعد في صدره فقال اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « إن الله يحب العبد التقي الغنى الخفي ». صحيح مسلم :8/214.


الصحابي الجليل عمران بن حصين رضي الله عنه  فقد روى الطبراني رحمه الله قال :(حدثنا بشر بن موسى، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: لما هاجت الفتنة، قال عمران بن الحصين لحجير بن الربيع ألعدوي: اذهب إلى قومك فانههم عن الفتنة، فقال: إني لمغمور فيهم وما أطاع، قال: فأبلغهم عني وانههم عنها، قال: وسمعت عمران يقسم بالله: لأن أكون عبدا حبشيا أسود في أعين حصيات في رأس جبل أرعاهن حتى يدركني أجلي، أحب إلي من أن أرمي في أحد الصفين بسهم أخطأت أم أصبت). المعجم الكبير للطبراني:12/486.


الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه ، فقد روى البخاري رحمه الله قال: (حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا حاتم ، عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع أنه دخل على الحجاج فقال يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك تعربت قال : لا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو وعن يزيد بن أبي عبيد قال : لما قتل عثمان بن عفان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة وتزوج هناك امرأة وولدت له أولادا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه ، فقد روى البغوي في معجم الصحابة قال:( حدثنا داود بن عمرو قال : نا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال : قال عبد الله بن عمرو : مالي ولصفين ومالي ولقتال المسلمين لوددت أني مت قبله بعشرين سنة أما والله أني على ذلك ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم وما كان رجل أجهد مني من رجل لم يفعل شيئا من ذلك وذكر أنه كانت الراية بيده). معجم الصحابة للبغوي :3/264.فلم يزل بها حتى قبل أن يموت بليال فنزل المدينة).صحيح البخاري:9/66.


الصحابي الجليل محمد بن طلحة رضي الله عنـه.
روى الحاكم في المستدرك قال :(حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني ثنا الحسن بن الجهم ثنا الحسين بن الفرج ثنا محمد بن عمر حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان ألحزامي عن أبيه كان هو و محمد بن طلحة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنهما و نهى علي عن قتله و قال : من رأى صاحب البرنس الأسود فلا يقتله يعني محمدا فقال محمد لعائشة رضي الله عنها يومئذ : يا أماه ما تأمريني قالت : أرى أن تكون كخير ابني آدم أن تكف يدك فكف يده فقتله رجل من بني أسد بن خزيمة يقال له طلحة بن مدلج من بني منقذ بن طريف).مستدرك الحاكم :3/423.

 

التابع الجليل بن مسلم بن يسار رحمه الله .
أورد بن منظور في تاريخ دمشق قال : حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب قال: قيل لابن الأشعث: (إن سرك أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول جمل عائشة فأخرج مسلم بن يسار معك. قال: فأخرجه مكرها: قال: حدث حماد بن زيد قال: ذكر أيوب القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث فقال: لا أعلم أحداً منهم قتل إلا قد رغب له عن مصرعه، ولا أحد منهم نجا إلا قد ندم على ما كان منه. قال: فصحب أبو قلابة مسلم بن يسار قال : فقال: يا أبا قلابة إني أحمد الله إليك إني لم أطعن فيها برمح، ولم أضرب فيها بسيف ولم أرم فيهم بسهم. فقال له: يا أبا عبد الله كيف بمن رآك واقفاً فقال هذا أبو عبد الله والله ما وقف هذا الموقف إلا وهو على الحق، فتقدم فقاتل حتى قتل؟ قال: فبكى حتى تمنيت أني لم أقل شيئاً).تاريخ دمشق : 7/286.


مطرّف بن عبد الله رحمه الله .
روى بن سعد في الطبقات قال : ( أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال : حدثنا أبي قال : سمعت حميد بن هلال قال : أتى مطرّف بن عبد الله زمان ابن الأشعث ناس يدعونه إلى قتال الحجاج ، فلما أكثروا عليه قال : أرأيتم هذا الذي تدعوني إليه ، هل يزيد على أن يكون جهادا في سبيل الله ؟ قالوا : لا قال : فإني لا أخاطر بين هلكة أقع فيها ، وبين فضل أصيبه) الطبقات لابن سعد :7/143.


وروى أيضا قال : (حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا أبي قال : سمعت حميد بن هلال قال : أتى مطرّف بن عبد الله الحرورية يدعونه إلى رأيهم قال : فقال : يا هؤلاء ، إنه لو كانت لي نفسان تابعتكم بإحداهما ، وأمسكت الأخرى ، فإن كان الذي تقولون هدى أتبعتها بالأخرى ، وإن كانت ضلالة هلكت نفس وبقيت لي نفس ، ولكنها نفس واحدة ، وأنا أكره أن أغرر بها). المصدر السابق.


وروى أيضا قال : (أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا عبد الملك بن شداد قال : حدثنا ثابت ألبناني أن مطرّف بن عبد الله قال : لبثت في فتنة ابن الزبير تسعا أو سبعا ما أخبرت فيها بخبر ، ولا استخبرت فيها عن خبر) المصدر السابق:7/142.
وروى أيضا قال: (أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا أبو عقيل بشير بن عقبة قال : قلت ليزيد بن عبد الله بن الشخير أبي العلاء : ما كان مطرّف يصنع إذا هاج في الناس هيج ؟ قال : كان يلزم قعر بيته ، ولا يقرب لهم جمعة ، ولا جماعة حتى تنجلي لهم عما انجلت.


لزوم جماعة المسلمين والصبر على أذى ولاة الأمور :
مذهب السلف الصالح هو لزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة لولاة أمورهم وإن تخلل ذلك شوائب اختلاف و فيه ظلم الولادة وجورهم  لما في ذلك من الحفاظ على وحدة  المسلمين وصون أعراضهم وحقن دمائهم وقوة شوكتهم و توحيد صفهم .

 

الأدلة من القرآن الكريم .
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء - 59قال القرطبي رحمه الله : (فيه ثلاث مسائل: الأولى لما تقدم إلى الولاة في الآية المتقدمة وبدأ بهم فأمرهم بأداء الأمانات وأن يحكموا بين الناس بالعدل، تقدم في هذه الآية إلى الرعية فأمر بطاعته عز وجل أولا، وهي امتثال أو أمره واجتناب نواهيه، ثم بطاعة رسوله ثانيا فيما أمر به ونهى عنه، ثم بطاعة الأمراء ثالثا، على قول الجمهور وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم. قال سهل بن عبد الله التستري: أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدراهم والدنانير، والمكاييل والأوزان، والأحكام والحج والجمعة والعيدين والجهاد. قال سهل: وإذا نهى السلطان العالم أن يفتي فليس له أن يفتي، فإن أفتى فهو عاص وإن كان أميرا جائرا. وقال ابن خويز منداد: وأما طاعة السلطان فتجب فيما كان لله فيه طاعة، ولا تجب فيما كان لله فيه معصية). تفسير القرطبي : 5/258.


وروى الإمام الطبري رحمه الله عن ألسدي قال:( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها خالد بن الوليد , وفيها عمار بن ياسر , فساروا قبل القوم الذين يريدون , فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا , وأتاهم ذو العيينتين , فأخبرهم فأصبحوا وقد هربوا غير رجل أمر أهله , فجمعوا متاعهم . ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل , حتى أتى عسكر خالد , فسأل عن عمار بن ياسر فأتاه , فقال : يا أبا اليقظان , إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله , وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا , وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غدا وإلا هربت ؟ قال عمار : بل هو ينفعك فأقم . فأقام , فلما أصبحوا أغار خالد , فلم يجد أحدا غير الرجل , فأخذه وأخذ ماله , فبلغ عمارا الخبر , فأتى خالدا فقال : خل عن الرجل فإنه قد أسلم , وهو في أمان مني . فقال خالد : وفيم أنت تجير ؟ فاستبى وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير . فاستبى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال خالد : يا رسول الله أتترك هذا العبد الأجدع يسبني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا خالد لا تسب عمارا , فإنه من سب عمارا سبه الله , ومن أبغض عمارا أبغضه الله , ومن لعن عمارا لعنه الله . فغضب عمار , فقام فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه , فرضي عنه , فأنزل الله تعالى قوله : {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}. تفسير الطبري:7/178.


وقال تعالى : {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103 - قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره : (وتفاصيل التقوى المتعلقة بالقلب والجوارح كثيرة جدا، يجمعها فعل ما أمر الله به وترك كل ما نهى الله عنه، ثم أمرهم تعالى بما يعينهم على التقوى وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله، وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين غير مختلفين، فإن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدها، من التعاون على البر والتقوى، كما أن بالافتراق والتعادي يختل نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدى إلى الضرر العام، ثم ذكرهم تعالى نعمته وأمرهم بذكرها فقال: { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء } يقتل بعضكم بعضا، ويأخذ بعضكم مال بعض، حتى إن القبيلة يعادي بعضهم بعضا، وأهل البلد الواحد يقع بينهم التعادي والاقتتال، وكانوا في شر عظيم، وهذه حالة العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فلما بعثه الله وآمنوا به واجتمعوا على الإسلام وتآلفت قلوبهم على الإيمان كانوا كالشخص الواحد، من تآلف قلوبهم وموالاة بعضهم لبعض). تفسير السعدي:1/141.


وقال تعالى : { {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46 - قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان  : (نهى الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التنازع ، مبينا أنه سبب الفشل ، وذهاب القوة ، ونهى عن الفرقة أيضا في مواضع أخر ، كقوله : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) ، ونحوها من الآيات ، وقوله في هذه الآية : وتذهب ريحكم ,أي : قوتكم ) أضواء البيان :2/102.


وقال تعالى : {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الحجرات9- قال القرطبي رحمه الله في تفسيره:( والأمر بالإصلاح مخاطب به جميع الناس من ذكر وأنثى، حر أو عبد فلم يرد الله تعالى بسابق قضائه ونافذ حكمه أن يقع إصلاح، ولكن جرت مطاعنات وجراحات حتى كاد يفني الفريقان، فعمد بعضهم إلى الجمل فعرقبه، فلما سقط الجمل لجنبه أدرك محمد بن أبي بكر عائشة رضي الله تعالى عنها، فاحتملها إلى البصرة، وخرجت في ثلاثين امرأة، قرنهن علي بها حتى أوصلوها إلى المدينة برة تقية مجتهدة، مصيبة مثابة فيما تأولت، مأجورة فيما فعلت، إذ كل مجتهد في الأحكام مصيب). تفسير القرطبي : 14/181.


وقال بن كثير رحمه الله : ( فعلنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا وكان الرجل يفتن في دينه: إما قتلوه أو عذبوه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة، قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال: أما عثمان فكان الله عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه، وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه، وأشار بيده فقال: هذا بيته حيث ترون) . تفسير بن كثير: 1/526.


وقال تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71وقال تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10 – قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره : (هذا متضمن لنهي المؤمنين عن أن يبغي بعضهم على بعض، ويقاتل بعضهم بعضا، وأنه إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين، فإن على غيرهم من المؤمنين أن يتلافوا هذا الشر الكبير، بالإصلاح بينهم، والتوسط بذلك على أكمل وجه يقع به الصلح، ويسلكوا الطريق الموصلة إلى ذلك) تفسير السعدي : 1/800 وقال الجزائري في تفسيره : من هداية الآيات :


1:
وجوب مبادرة المسلمين إلى إصلاح ذات البين بينهم كلما حصل فساد أو خلل فيها .
2:
وجوب تعاون المسلمين على تأديب أية جماعة تبغي وتعتدي حتى تفيء إلى الحق .
3:
وجوب الحكم بالعدل في قضية من قضايا المسلمين وغيرهم .
4:
تقرير الأخوة الإِسلامية ووجوب تحقيقها بالقول والعمل .
5:
حرمة السخرية واللمز والتنابز بين المسلمين .
6:
وجوب اجتناب كل ظن لا قرينة ولا حال قوية تدعو إلى ذلك .
7:
حرمة التجسس أي تتبع عورات المسلمين وكشفها وإطلاع الناس عليها .
8:
حرمة الغيبة والنميمة هي نقل الحديث على وجه الإِفساد ولذا يجوز ذكر الشخص وهو غائب في مواطن هي التظلم بأن يذكر المسلم من ظلمه لإزالة ظلمه ، الاستعانة على تغيير المنكر بذكر صاحب المنكر . الاستفتاء نحو قول المستفتي ظلمني فلان بكذا فهل يجوز له ذلك ، تحذير المسلمين من الشر بذكر فاعله قصد أن يحذروه ، المجاهر بالفسق ولا غيبة له ، التعريف بلقب لا يعرف الرجل إلا به .
9:
 حرمة التفاخر بالأنساب ووجوب التقارب للتعاون .
10:
لا شرف ولا كرم إلا بشرف التقوى وكرامتها). أيسر التفاسير للشيخ أبو بكر الجزائري: 4/124.


الأدلة من السنـة النبوية الصحيحـــة.
*
روى الإمام مسلم رحمه الله عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال اطرحوا لأبى عبد الرحمن وسادة فقال إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ). صحيح مسلم :6/22.


*
وروى في صحيحه عن زياد بن علاقة قال : سمعت عرفجة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهى جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان ) رواه مسلم في صحيحه : 6/23.


*
وروى عن أبي مالك الأشجعي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ) قالوا قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك قال ( لا ما أقاموا فيكم الصلاة لا ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولى عليه وال فرآه يأتى شيئا من معصية الله فليكره ما يأتى من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة ) رواه مسلم 6/24.


*
و عن أبى يعفور عن أبيه عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه ) رواه مسلم .


*
و عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ) . رواه مسلم .


*
و عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال : سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس وقال (اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ). صحيح مسلم : 6/19.


*
وعن أسامة بن زيد قال قيل له:( ألا تدخل على عثمان فتكلمه فقال أترون أنى لا أكلمه إلا أسمعكم والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه) رواه مسلم :8/224.


*
وعن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضى وتابع ) قالوا أفلا نقاتلهم قال ( لا ما صلوا ) رواه مسلم : 6/23.


*
وعن أبى سلام قال: قال حذيفة بن اليمان قلت يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر قال نعم. قلت هل وراء ذلك الشر خير قال : نعم , قلت فهل وراء ذلك الخير شر قال : نعم , قلت كيف قال ( يكون بعدى أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ، قال قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك قال ، تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ).رواه مسلم : 6/20.


*
 وروى البخاري رحمه الله في صحيحه : عن الزبير بن عدي ، قال :( أتينا أنس بن مالك ، فشكونا إليه الحجاج ، فقال : اصبروا ، فإنه لا يأتي عليكم يوم أو زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم) صحيح البخاري: 9/61.


*
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل حبشي كأن رأسه زبيبة) . رواه البخاري1/178.


*
وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر ، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية). البخاري : 9/68.


*
وعن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ، ولا طاعة) رواه البخاري .


*
وعن علي رضي الله عنه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأمر عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب عليهم وقال أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني قالوا بلى قال :( عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها) فجمعوا حطبا فأوقدوا فلما هموا بالدخول فقام ينظر بعضهم إلى بعض قال بعضهم( إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وسلم فرارا من النار أفندخلها ) فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال (لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا إنما الطاعة في المعروف). رواه البخاري .


*
وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( ستكون أثرة وأمور تنكرونها قالوا : يا رسول الله فما تأمرنا قال تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم) رواه البخاري  : 4/241.


*
وعن أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجرا وإن قال بغيره فإن عليه منه( رواه البخاري 4/60.


*
وروى البيهقي في سننه عن العرباض بن سارية قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال :( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ) السنن الكبرى للبيهقي : 10/114.


*
وروى الطبراني في المعجم عن سليم بن عامر أن أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه  حدثهم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه عند صلاة العتمة أن (احشدوا للصلاة غدا فإن لي إليكم حاجة) فقالت رفقة منهم: يا فلان دون أول كلمة يتكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت الذي تليها لئلا يفوتهم شيء من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من صلاة الصبح، قال:(هل حشدتم كما أمرتكم)قالوا: نعم يا رسول الله قال:(اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وهل عقلتم هذه هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه) قالوا: نعم، قال:( أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه) قالوا: نعم، قال:( اسمعوا وأطيعوا، اسمعوا وأطيعوا، هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه ) قالوا: نعم، فكنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتكلم كلاما كثيرا، ثم نظر في كلامه، فإذا هو قد جمع له الأمر كله. المعجم الكبير للطبراني:7/176.


*
وروى الإمام أحمد في المسند عن خالد اليشكري حديثا طويلا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن الني صلى الله عليه وسلم قال :(... فإن كان لله يومئذ في الأرض خليفة جلد ظهرك و أخذ مالك ، فالزمه...) مسند الإمام أحمد : ه/403.


نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجنبنا والمسلمين الفتن ماظهر منها وما بطن وأن يجعلنا من الذين يحكمون كتابه وسنة نبيه ، وأن يحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا ، ويكفينا شر المؤججين للفتن ، ويعصمنا من إراقة دماء المسلمين ويطهر سمعنا وبصرنا وأيدينا من كل مايغضبه ولا يرضاه ويجعلنا سعداء في دينا وفي أوطاننا ، ويحقن دماء المسلمين ويجعل بلاد المسلمين طاهرة نقية من أهل البدع والضلال ومن الذين أصابتهم فتنة المناصب والكراسي فغيروا معالم الحق واستحلوا المال والدم الحرام .

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم ..

 

 

جمعها وعلق عليها بتقدير

الشيخ مهدي الصميدعي

الجمعة ٢ رجب ١٤٣٢ هجرية ٣ حزيران ٢٠١١

 

 





الاثنين٠٤ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الشيخ مهدي الصميدعي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة