شبكة ذي قار
عـاجـل










حذر الإعلامي العراقي الخبير بالشؤون الإيرانية صافي الياسري من أن فشل إيران في البحرين دفعها إلى التحرك من الشمال للضغط على الحدود السعودية والكويتية من جنوب العراق، مع إدامة تطوير الأمور سلباً في البحرين، عبر تفخيخ وتفجير مشروع الحوار الوطني وإجهاضه من الداخل، ووضع البلاد مرة أخرى على شفا حرب أهلية.

 

وقال في حوار جديد متمم للحوار الذي أجرته معه ''الوطن'' في الأول من الشهر الحالي: إن ذلك كله يتم بمعاونة خارجية شهدناها اتخذت مظهر سفينة أقراريان الانتحارية وسفينة مساعدات المختار التي كان مقرراً أن تنطلق من البصرة، لكن هذا السيناريو سيتخذ شكلاً آخر، في مقبلات الأيام والشهور، موضحاً أنه ستكون هناك مثلاً تهيئة إعلامية، وعقد مؤتمرات، منها مؤتمر لندن المزمع عقده تزامناً مع موعد بدء الحوار الوطني، إلى أمور أخرى تتصاعد بالتدريج خلال شهور هذين العامين.

 

وفيما يخص الاستهداف الإيراني للكويت والسعودية، قال الياسري: إن فيلق القدس الإرهابي الإيراني، يحشد، الآن، عسكرياً على الحدود العراقية السعودية، والحدود العراقية الكويتية. ونقل إلينا عن كاتب أمريكي قوله: ''إن مافيا الصحراء بإمكانها أن تمرر جيشاً مزوداً بالدبابات والمدرعات أوله في السعودية وآخره في الزبير''.

وأكد الياسري أن الكونفدرالية الخليجية هي الحل الأمثل لمواجهة التهديد الإيراني، وقال: إن على عرب الخليج أن يغيروا عقيدتهم السياسية والعسكرية في نظرتهم إلى إيران خميني كدولة عدوانية. وحذر من أن عامي ١١٠٢-٢١٠٢ هما عاما شروع الإمبراطورية الخمينية بتنفيذ خطوتها الأولى فوق الأرض، موضحاً أنها انتقلت من أسلوبها السراديبي الذي استخدمته ثلاثين عاماً في التآمر والسعي للهيمنة وفرض النفوذ على شعوب ودول الخليج.

 

وشدد الياسري على أن هذه الخطوة يجري توفير مستلزماتها في الجنوب العراقي للهجوم على عنق السعودية بعد أن فشل الهجوم على خاصرتها في البحرين، ولكنه استدرك: أنا على يقين أن النظام الإيراني يرتكب خطأ انتحارياً بهذا التصرف، إذ إن فرص نجاح خطوته ليست معدومة وحسب وإنما سترتد وبالاً عليه.

 

وفيما يأتي نص الحوار الجديد:

 

''أم القرى'' محور العالم

●  أرجو أن توضح لنا قولك إن الإمبراطورية الخمينية ستجعل عامي 2011-2012 موعداً لتنفيذ خطوتها الأولى فوق الأرض؟ - نعم أولاً الإمبراطورية الخمينية مشروع استعماري استحواذي لا علاقة له بالإسلام وغايته تجديد أمجاد الأكاسرة والهيمنة ليس فقط على الإقليم، وإنما على الأمة الإسلامية بعامتها، وربما على العالم، من خلال المشروع الخميني الذي يحمل اسم (أم القرى) والأرض العربية أول أهدافها على وفق نظرية المجال الحيوي الأقرب فالأقرب الهتلرية، وكان العراق والبحرين ومازالا أول أهداف هذه الأرض وبتزامن يمكننا ملاحظته الآن بوضوح، لأنهما مفاتيح خطوته فوق التراب العربي، ولا أريد الخوض في غمار تفاصيل هذا المشروع، فهي معروفة، إنما يمكن تلخيصها بالقول: إنها تعني السعي لجعل طهران عاصمة الأمة الإسلامية ومحور العالم، والسعي لتوفير ما يجعل ذلك ممكناً من دون اعتبار لسيادة البلدان وخصوصية الأمم والشعوب!! وقولي -فوق الأرض- يعني الانتقال من الخطوات السراديبية التي سلكتها منذ قيامها جمهورية خميني، في ما تعده مجالها الحيوي، الخليج والبحرين خاصرة السعودية من الجنوب، والعراق وعنقها، الحدود السعودية الكويتية من الشمال، إلى العمل شبه المباشر (بالنيابة) أو المباشر، وأن يكون عاماً 2011ـ2012 موعد تنفيذ الخطوة على الأرض لاستهداف هوية الخليج كخطوة في مشروع أم القرى آنف الذكر، فتحرك ابتداء، الأوضاع اضطراباً في البحرين، وهو ما حصل في الأشهر الأولى من هذا العام، وما بلغ قمة التفعيل في العراق هذه الأيام ويمضي إلى ما هو أبعد، وتملأ الحدود العراقية الكويتية ـ السعودية بالمعسكرات، وتجهزها بأحدث الأسلحة، بانتظار الإشارة التالية، لكني على يقين أن النظام الإيراني يرتكب خطأ انتحارياً بهذا التصرف، إذ إن فرص نجاح خطوته ليست معدومة وحسب، وإنما سترتد وبالاً عليه لأنه ليس في وضع يمكنه من تحمل ما يترتب على خطوته من أعباء وأن ينتظر إلى حين جني المحصول إذ إن البعد الزمني في الصبر والمطاولة ليس في صالحه، فهو ضعيف اقتصادياً ومحاصر ومعزول دولياً ومكروه شعبياً، والاقتصاد في الزمن بعد حاسم، فضلاً عن الدور القومي والإقليمي والدولي الذي سيقف مانعاً لأسباب عديدة ضد تفجير صراع طائفي في المنطقة غطاء لتحقيق أغراض سياسية، بات من المستحيل القبول بها إقليمياً ودولياً، وأثبت فشل نهج الحرب بالنيابة ومن الداخل وتأجيج نيران الفتنة والعنف بين الأنظمة الحاكمة والشعوب من الخارج -في البحرين- أنه ليس صالحاً في كل وقت وكل مكان، لا بل أثبت أنه صار في خبر كان.

 

تفجير الحوار بالبحرين

●   لكن إيران فشلت في البحرين فشلاً ذريعاً، والبحرين الآن متجهة فعلاً إلى حوار وطني يتوافق فيه الجميع..

 - قولك صحيح جداً لكن هناك إشارة ثانية ستأتي، بعد ذلك، تلي توفير مستلزمات القفز وتوجيه الضربة. والإشارة التالية تتلخص بالقفز على المناطق ذات الأغلبية الشيعية وإلهابها كسوح قتال وحرب داخلية أهلية، وأدوات هذا المخطط، كما قلنا، تم تحريكها في البحرين إلا إن فشلها دفع إلى التحرك من الشمال، مع إدامة تطوير الأمور سلباً في البحرين، عبر تفخيخ مشروع الحوار الوطني وتفجيره وإجهاضه من الداخل، ووضع البلاد مرة أخرى على شفا حرب أهلية بمعاونة خارجية، شهدناها اتخذت مظهر سفينة أقراريان الانتحارية وسفينة مساعدات المختار التي كان مقرراً أن تنطلق من البصرة، لكن هذا السيناريو سيتخذ شكلاً آخر، في مقبلات الأيام والشهور، ستكون هناك مثلاً تهيئة إعلامية، وعقد مؤتمرات، منها مؤتمر لندن المزمع عقده تزامناً مع موعد بدء الحوار الوطني، إلى أمور أخرى تتصاعد بالتدريج خلال شهور هذين العامين.

 

جواسيس يجوبون الصحراء

* أنت قلت إن إيران تتحرك لاستهداف عنق السعودية من الشمال، فما سيناريوهات هذا التحرك وما أدواته وكيف سيتم؟

- هذا التحرك، في الحقيقة، لا يتم بمعزل عما يجري في البحرين، وإنما بتعضيد وجدلية مترابطة، قد تهدأ هنا زمناً وتشتعل هناك، وقد تلتهب في الشمال والجنوب مرة واحدة، إنما بحسب ما يقتضي الظرف، لكننا سنتحدث عن أدوات الهجوم من الشمال، والتهيئة له، على سبيل المثال كشف مجلس محافظة الأنبار الأسبوع الماضي عن أن ستة أشخاص كانوا يتجولون في مناطق أسفل الرطبة في الصحراء الغربية بسيارات من نوع الدفع الرباعي، وهي التي رصدنا الإيرانيين وعملاءهم يستخدمونها على الحدود العراقية السعودية الكويتية، كما إنهم كانوا مسلحين، وكانت سلوكياتهم تثير الريبة، ونحن نعرف أن الصحراء الغربية هي الأرض المفتوحة الحدود من الأنبار إلى البصرة مع السعودية والكويت، وعليه فإن وجودهم في هذه المنطقة مسلحين ويستخدمون هذا النوع من السيارات مكشوف الهدف، وألقى أبناء العشائر في المنطقة القبض عليهم واستجوبوهم فاختلفت إجاباتهم عن سر وجودهم وغاياتهم، بين الادعاء أنهم يبحثون عن أقارب لهم ضاعوا في المنطقة، وبين القول إنهم من صيادي الطيور، وكشفوا أيضاً عن أنهم استوطنوا قاعدة عراقية مهجورة، وأنهم يخططون لجعلها فندقاً سياحياً يقصده طلاب متعة الصيد من أمراء الخليج وشيوخه وكبار أثريائه.. إلى غير ذلك من الأقوال المتضاربة، فقام أبناء العشائر بتسليمهم إلى مركز الشرطة هم وأسلحتهم، وهناك فقد أثرهم، إذ تدخلت حكومة بغداد وتسلمتهم، ويؤكد أحد أعضاء مجلس محافظة الأنبار أنهم كانوا يتكلمون لهجات خليجية، ولو كانوا أبرياء لسلكوا الطريق الشرعي في دخول العراق، بخاصة وأن الحكومة لم تعد تمانع من دخول الصيادين ضمن شروطها.. وقبل هؤلاء ضبطت شرطة الحلة ـ مركز محافظة بابل ـ عدداً من الإيرانيين بحوزتهم ملابس عسكرية عراقية وأسلحة، وبعد هذه الحادثة اشتبكت شرطة الديوانية (مركز محافظة القادسية) مع مجموعة كانت أقوى من المجموعة السابقة تسليحاً وتستقل سيارات دفع رباعي أيضاً على مشارف الصحراء في حدودها، واضطرت لعدم ملاحقتهم، وحدث الأمر نفسه في السماوة (مركز محافظة المثنى) وادعى المتسللون أنهم من صيادي الطيور كذلك، وفي حديثه غرباً حصل الأمر نفسه، ومن الواضح أن هذه الحوادث تقع على مشارف الصحراء الغربية، وفي مدن أو أراضي غرب العراق لها امتدادات إليها، وهو ما يفصح ولا يوحي فقط بالكثير، وفي الحقيقة فإن هذا الأمر ليس بجديد، فقد راقبته بنفسي في مناطق الغربية من الأنبار نزولاً إلى الحدود السعودية والكويتية زمناً طويلاً وراكمت الأحداث والمعلومات عنه مدوّناً وموثقاً، وكانت كلها تؤكد أن شيئاً مريباً يجري هناك أو أنه باختصار عملية تحشيد وعسكرة المنطقة إيرانياً، واكتشفت حقائق ومعلومات مثيرة نشرت قسماً منها قبل سنوات في عدد من الصحف العراقية والمواقع الإلكترونية الوطنية، وعلى سبيل المثال نشرت تحقيقاً ميدانياً موثقاً قبل خمس سنوات عن التوغل الإيراني في البصرة ثم موضوعاً آخر بعنوان البصرة جسر الخليج الذي تحتله إيران، في مصادمة إعلامية علنية مع سفير طهران ببغداد دنائي فر الذي أنكر التدخل الإيراني في الشؤون العراقية وهدد بمقاضاة من يتكلم عن هذا الموضوع والحادثة مشهورة ومنشورة في مواقع إلكترونية عدة.

 

فرق موت في الزبير

* لكن معلوماتنا تقول إن إيران نفذت فعلاً عمليات تطهير عرقي في مدينة الزبير، لإفراغها من السكان، فما هدفها؟

- هذا مشروع خطر وكنت شاهداً فيه على أحداث ووقائع مؤلمة وتفاصيل خطرة، وهدف إفراغ هذه المدينة كان لجعلها مثابة للقفز على الحدود السعودية الكويتية، والزبير واحدة من مدن العراق العريقة، حملت اسم الصحابي الجليل الزبير بن العوام ابن عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحد العشرة المبشرين بالجنة، الذي قتل في واقعة الجمل وقتل معه ودفن إلى جانبه الصحابي الجليل طلحة بن عبيدالله وقد رثاهما الإمام علي (عليه السلام) وأسف لمقتلهما، كما دفن إلى جوارهما الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنهم جميعاً وقبورهم قائمة إلى الآن في المنطقة، وتقع الزبير بين جغرافيا موقع المربد الأثرية التي كانت سوق الشعر العربي المعروف والبصرة، وهي لا تبعد عن البصرة (المدينة) أكثر من خمسة عشر كيلومتراً، واستوطنتها على مدى عمارها عائلات نجدية معروفة هاجرت بسبب الجفاف من هضبة نجد وكانت وجهتها العراق بينما اتجهت عائلات نجدية أخرى صوب الشام وفلسطين، والزبير بموقعها على مشارف الحضر والبادية شكلت بيئة جاذبة للعائلات النجدية التي استمرت ترقى إليها من نجد ما يقرب الخمسمائة عام، وقد ازدادت هجرة هذه العائلات إليها بعد أن بنى السلطان العثماني سليم بن سليمان الثاني ضريحاً على قبر الشهيد الزبير بن العوام (رضي الله عنه) تعلوه قبة، ما حول المدينة إلى مزار، فضلاً عن كونها سوقاً وسيطاً بين الحضر المديني البصري والبادية، إذ كان البدو يألفون المدينة التي احتفظ أهلها بطابعهم البدوي النجدي لهجة وعادات وتقاليد، وكنا نعرف الزبيري من ثلاث، أولاً زيه المميز: (يشماغه الأحمر بنحو خاص ودشداشته الشكري أو البيضاء، وزبونه الأبيض الطويل) ولهجته النجدية البدوية المميزة، وعشقه للموسيقى والإيقاع والرقص، وبخاصة الهيوه التي اشتهر بها أبناء الزبير وهي رقصة ذات أصول أفريقية، كما أظن كانت شائعة بين الرقيق الذين كانوا خدماً للعائلات النجدية، لكن الفن الزبيري البديع مزج بمهارة عالية بين جذوره البدوية وتحضر المدينة التي اتصل بها عن قرب وإن ظل محتفظاً بطابعه الخاص، ولكن الزبير التي بلغ عدد نفوسها أكثر من 750 ألف نسمة منتصف العقد السادس من القرن المنصرم، وتوالت على حكمها عائلات آل زهير وآل إبراهيم والسعدون وشهدت هجرة عكسية وعودة العائلات النجدية إلى منابتها بعد ثورة 14 تموز نتيجة ما تعرضت له تلك العائلات من اضطهاد لأسباب تتعلق بالفكر الشيوعي الذي أريد له أن يعم العراق بينما ناقضه الزبيريون بتمسكهم بدينهم وبداوتهم وعراقتهم، ومن شخصياتهم التي برزت في السعودية والكويت التي هاجروا إليها: الدكتور عبدالرحمن السويلم عضو مجلس الشورى السعودي والدكتور الشهير محمد بن راشد الفقيه ورجل الأعمال عبدالعزيز سعود البابطين ورجل الأعمال عبداللطيف سعود البابطين والدكتور علي عبدالرحمن أبوحسين في البحرين، والدكتور مهندس عبدالرحمن الربيعة ووزير المالية محمد أبوالخيل ورجل الأعمال سليمان عبدالقادر المهيدب وأخوته وعبدالله خليل الجدعان المستشار وعبدالله العقيل وآخرون. وفي الحقيقة فإن هجرة الزبيريين أوائل الستينيات من القرن الماضي كانت حركة بسيطة وبأعداد قليلة، لكن جريمة التهجير الحقيقي هي تلك التي شهدتها المدينة المنكوبة على أيدي عملاء النظام الإيراني وعصاباته، وبخاصة بعد أحداث سامراء عام 2006 إذ هجمت فرق الموت على أهل المدينة ونشرت فيها عمليات القتل والتدمير وانتهاك الأعراض والخطف والتهجير والاستيلاء على الأملاك والبيوت الأمر الذي دفع أهلها إلى ما يشبه الهجرة الجماعية إلى الكويت والسعودية وبقية دول الخليج والنزوح شمالاً إلى الموصل والأنبار وكركوك، وبعض أحياء بغداد، وكردستان بأعداد قليلة حتى خلت المدينة تقريباً من أهلها الأصليين، وتقول إحصاءات شبه رسمية أجراها مجلس محافظة البصرة السابق إن أعداد سكان الزبير الأصليين لم تعد تتجاوز الـ15٪ مما كانت عليه!! وأغلبهم ليسو من سكانها الأصليين، الذين مازالوا يتناقصون بسبب الضغوط اليومية التي يتعرضون لها وضيق ذات اليد وإغلاق أبواب الرزق في وجوههم، وعلى الرغم من أنهم استبشروا خيراً بما سمي ''صولة الفرسان'' التي أرهصت بعودة هيمنة الدولة على البصرة وتوابعها والخلاص من الميليشيات ذات التبعية الإيرانية الطائفية، إلا إنهم أصيبوا بخيبة أمل مرة أخرى، إذ إن مجلس المحافظة لم ينظر إليهم إلا كما نظرت تلك العصابات وبدفع وضغوط إيرانية، وعلى وفق مخطط إيراني مدروس يهدف إلى إفراغ المدينة من سكانها الأصليين لتوفير بيئة ديموغرافية يمكن التحرك فيها بين الحدود السعودية والكويتية من دون مشقة أو عارض أو خوف انكشاف، بل وتحويلها إلى محطة تجهيز لوجستي وخط ثان ظهير للخطوط الأولى على الحدود، ومع الأسف لم تربط دول الخليج بين الاستهداف الإيراني لها وبين عملية التغيير الديموغرافي والعسكري تلك في الزبير، وفي هذه الأيام تشهد البصرة وتوابعها عودة هذه الميليشيات وبصفة أقوى مما كانت عليه سابقاً، فضلاً عن دخول المئات من المسلحين الإيرانيين الذين وافقت الحكومة المركزية وكذلك الحكومة المحلية، على منحهم إجازات حمل السلاح كشركات أمنية لها مقراتها العلنية، وهؤلاء في حقيقتهم جنود في الخطوط الخلفية، يمكنهم القفز في أية لحظة إلى مثابات الحدود، وهم مدربون على أنواع القتال واستخدام أنواع الأسلحة بما فيها الصواريخ ووجودهم لا يقتصر على البصرة، وإنما هم يوجدون أيضاً بأعداد كثيفة تقدر بما يزيد على ثمانية آلاف حارس، في بغداد وكربلاء والحلة والنجف، وهي مدن لا تبعد كثيراً عن مسالك الغربية.  ومن المؤلم أنك لم تعد تعرف صاحبك الزبيري القديم، فقد خلع يشماغه الأحمر لأنه علامة فارقة تميزها عصابات وأجهزة مخابرات النظام الإيراني، كما إنك لم تعد تسمع لهجة نجد وجرسها البدوي المميز في أسواق المدينة وشوارعها التي استبدلتها العصابات الإيرانية باللغة الفارسية، واستبدلت الدشداشة الزبيرية الشكري بجبة وعمامة ومداس ملائي كريه ثقيل الظل كتم أنفاس أهل الزبير الأصليين، ولم تعد تسمع غناءهم ولا تشاهد رقصاتهم المميزة، بل ستجد شوارع ترابية وأسواقاً مقفرة وأجواءً مكفهرة يخيم عليها شبح الموت، وأعترف أني بحكم عملي كإعلامي شهدت حملة تطهير طائفي ولن أصدق أن الذين نفذوها من العراقيين، وبخاصة من أهل البصرة الذين تربطهم بالزبيريين وشائج وعرى لا تنفصم اجتماعياً وتاريخياً، ولن أتهم غير أولئك الوافدين موجات دفع بها النظام الإيراني إلى البصرة والزبير، بعد احتلال العراق ففجروا ضريح الصحابي الجليل الزبير بن العوام، وزمر ولاية الفقيه مشهورة بعدائها للصحابة الذين يجلهم العراقيون، أيما إجلال، ولم نعرف في تاريخنا حادثة واحدة قبل الاحتلال الأمريكي الإيراني تجرأ فيها عراقي على سب خليفة راشد أو صحابي، بينما يثقف الملالي على هذا النهج ويعدونه طقساً دينياً، نعم أشهد أن تطهيراً طائفياً شهدته الزبير ومازالت، فقد كانت جثث المغدورين تلحق بها جثث ذويهم الذين يراجعون دائرة الطب العدلي لتسلم جثث أبنائهم، وكانت دائرة الطب العدلي بيد الميليشيات الإيرانية التي تسلمت جميع دوائر وزارة الصحة وسخرتها لارتكاب جرائم التطهير، ولا أدري أهي مصادفة أن تستهدف عصابات النظام الإيراني أيضاً المستشفيات في البحرين، أم أنه مخطط واحد جرى تنفيذه في البصرة والزبير وأريد له أن ينفذ في البحرين لولا حكمة البحرينيين وشجاعتهم إذ تصدوا له تحت لواء قيادتهم وأفشلوه.. وكان المخطوفون في الزبير ينقلون إلى سراديب خاصة بسيارات الإسعاف، تماماً كما جرى استخدام سيارات الإسعاف في البحرين لأغراض غير الأغراض الطبية!! الأمر الذي جعلني أحكم أن اليد الفاعلة واحدة! يستجوبهم فيها محققون تابعون إلى المخابرات الإيرانية، بل إن بعضهم نقل إلى إيران لاستجوابه هناك، وبعضهم مات تحت التعذيب وخلال عام 2008م تم العثور على عدد من المقابر الجماعية لضحايا العنف الطائفي من أهالي مدينة الزبير، كما إن ما سمي بـ''صولة الفرسان'' التي تم فيها إلقاء القبض على العديد من المجرمين الذين شكلوا فرق الموت، وكانت الزبير إحدى ساحات نشاطهم الإجرامي، كشفت اعترافات مرعبة لهؤلاء المجرمين الذين أكدوا أنهم كانوا يتلقون أوامرهم ومكافآتهم من النظام الإيراني، بل إن بعضهم أكد أنه كان على اتصال بالقنصلية الإيرانية في البصرة، ومنها كان يتلقى أوامره بالقتل والخطف، في مناطق عديدة من البصرة من بينها أبوالخصيب والزبير، وقد أطلق سراح العديد من هؤلاء المجرمين وعاد آخرون من رفاقهم ممن هربوا إلى إيران ليجدوا الملاذ ومكان التدريب وإعادة التأهيل وليعودوا أشد إصراراً على معاقبة الذين أفلتوا في السابق من عملياتهم الدموية، واختفى تاريخ أسر وبيوتات زبيرية عريقة مثل الذكير، والمنديل، والعون، والعوجان، والزهير، والدغمان.. والأمر على جلال رزئه لم يتوقف عند التطهير الطائفي الإيراني للزبير، فقد حولها النظام الإيراني إلى محطة استخباراتية متأخرة لمحطاته المتقدمة في الصحارى المتاخمة للسعودية والكويت وهو يعترف بذلك علناً على ألسنة معمميه، وهنا يحضرني تصريح تحت عنوان طائفي لخّصه المعمم محمد علي الشيرازي أستاذ الحوزة العلمية في مدينة مشهد لجريدة القبس الكويتية في عددها 11262 السنة 33 بتاريخ 15,10,2004 في الصفحة الرابعة من الجريدة إذ قال: ''إن من حق إيران أن تتدخّل في شؤون الشيعة في كلّ مكان لأنها هي ولية الشيعة ووجود عناصر استخبارات إيرانية في العراق ليس جريمة سياسية لأن العراق بلد شيعي وتوجد به العتبات المقدسة والمرجعية الدينية''!!!!!  ولعمرك هل سمعت أوقح من هذا كلاماً؟؟

 

الأمريكان أهملوا الحدود

* ما المصادر التي يمكن الاعتماد عليها لإثبات ما ذكرته للمشككين؟

- سأطلعك على هذا التقرير الذي يحوي أخطر المعلومات عن التوغل الإيراني المخابراتي في المنطقة والمعلومات الواردة فيه مصادرها شتى، فهي تستقى من ينابيع المعارضة الإيرانية، ومن العراقيين في ديارهم وقراهم وتجمعاتهم على الحدود الإيرانية العراقية، والعراقية العربية، ومن المحافظات الجنوبية، إذ يتأكد التوغل الإيراني لبناء مثابات إيرانية على الحدود العراقية السعودية والعراقية الكويتية، انطلاقاً من الزبير، واستغرقني وقتاً طويلاً وإثر نشر بعضه حصدت تهديدات عدة من واجهات اطلاعات الإيرانية، ومنها منظمة هابليان التي نشرت هذه التهديدات على موقعها علناً، ويمكن قراءتها حتى الآن بمجرد الدخول إلى الموقع المشار إليه، وعرف بها مكتب رئيس الوزراء ونشر خبرها قسم الرصد الإعلامي فيه، من دون اتخاذ أي إجراء ولا حتى التحقيق معي حول صحة المعلومات التي نشرت!!، والمنظمة مازالت تعمل بحرية وتتلقى جميع التسهيلات في العراق!! وتتعدد أساليب بناء محطات التجسس والوثوب وتجنيد العملاء وتوطيد النفوذ لتحقيق أغراض آنية ومستقبلية تتراكم من دون أن يتصدى لها جهد رسمي عراقي أو عربي، فالعراق ساحة مفتوحة، والحدود العربية معه منشغلة باهتمامات أخرى، وحيث انعدم الجهد الأمني العربي والعراقي، فتحت الأبواب أمام حلقات أجهزة المخابرات الإيرانية ووزارة اطلاعات، ليس بالنشاط على الأرض العراقية وحسب، وإنما على أراضٍ تطل مراصدها الاستخبارية على الأراضي السعودية والكويتية كمنافذ إلى الجزيرة العربية ودول الخليج كلها، من على الأرض العراقية. وعلى الرغم من أن المثابات التي أوجدتها أجهزة النظام الإيراني في عمق الصحاري والبيد العراقية، وعرة وصعبة المسالك والاستيطان، إلا إنها استغلت هذا الواقع لترسيخ مجال حيوي لحرية الحركة مستفيدة من تعاون عملائها الذين اخترقوا أجهزة الجيش والشرطة العراقية والحكومة المركزية والحكومة المحلية بصفة واسعة ومؤثرة جداً، وإغفال الأمريكان والبريطانيين قبل انسحابهم حدود غرب العراق لأسباب تتعلق بجهلهم بالجيوبوليتيكيا العراقية العربية الإقليمية، ومفرداتها المفصلية التفصيلية في المواضيع المخابراتية والنشاط على جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية أخرى، أو عدم اهتمامهم ولا مبالاتهم والاستهانة بسيادة البلد وأمنه. مافيات تبعد البدو ؟ سألتك عن مصادر المعلومات وأخذنا الحديث إلى مسار آخر.. طبعاً هذه المعلومات كلها مهمة وقيمة..  - صحيح، مصادر المعلومات كثيرة منها إفادات العراقيين والمعلومات الأخرى التي أوردتها وثائق غير رسمية، لكنها معبرة، وهي في مصاف الوثائق الرسمية بما تحويه من معلومات باتت تحديداتها الجغرافية، غائبة عن السلطات العراقية المشغولة بأزماتها الداخلية، وعن الأرشيفات التي كانت تحويها والتي أتلفت بفعل تسلل عناصر من أجهزة المخابرات الإيرانية وتمكنها من الاستيلاء على هذا الأرشيف وإتلاف محتوياته أو مصادرتها، وتصفية عناصر الأمن والمخابرات العراقية الخبيرة والعارفة بها. وعلى هذه الخلفية فليس غريباً علينا أن نعرف خرائط جديدة -مصورة- لطرق صحراوية وعرة تمتد من كربلاء إلى النخيب، ومن السماوة والنجف والناصرية إلى المنطقة نفسها -النخيب- ثم رأس الشنانة فالبريت وهي خرائط مرسومة ومكتوب عليها شروحات بالفارسية ترجمها لنا أصدقاء، لطبيعة الأرض بين البريت والأراضي النجدية، مروراً بمحطة الزبير وما حولها وأسماء العملاء وأرقامهم، والبنوك التي يتقاضون رواتبهم منها، ونوعية المهام التي يقومون بها، والتي تتغطى بغطاءات عدة منها - تهريب المخدرات، مافيات عدة لتهريب السلاح والذخيرة والتكنولوجيا والبشر-نساء وأطفال- وأعضاء بشرية، والتظاهر بصيد الطيور والحيوانات النادرة، مافيات أبعدت حتى البدو من رعاة الإبل عن مواقع رعيهم وربيعهم وبيدهم، ولم تعد اللهجة البدوية هي السائدة في المنطقة، فثمة لغة أخرى هي الحاكمة اليوم الفارسية إذ تتوغل قوافل الإبل إلى جانب طرقات اللاندكروز الرباعية الدفع عبر الخطوط الحمر المرسومة على أوراق (ظهور نجد) جنوب غرب الزبير امتداداً إلى السعودية ونزولاً إلى الإحساء والقطيف، وأسماء مشايخ القرى والعيون والواحات هناك، وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وكيفية الانطلاق نحوها -خبيئة- أوخفية أو بالمستور وبالمكشوف الآن، من محافظات كربلاء والنجف والسماوة والناصرية والبصرة والزبير، كما إنك تجد أوراقاً مطبوعة على -برنتات- المولدات في الخيم الموزعة على الطريق بين النخيب وجديدة عرعر، وهي تصف لك من ستلتقي وكيف؟ وتجد من يخبرك خلال مسارك عن أصدقاء في -واكعنة والشيحة والحوارة والصفاوي والشبكة والسلمان وعيدها- يملكون خياماً خاصة تزودك بالماء والوقود وتوفر لك الطعام والمبيت والحماية والمعلومات، وتخفي الأجهزة والأشخاص والأسلحة وما تريد أن تخبئ شرط أن تحمل هوية تؤكد انتماءك إلى أحد أجهزة النظام الإيراني، أو أن يتلقون أوامر منها بخصوص التعاون معك.. وثمة طريق يمتد من الزبير إلى -الركعي- وهو موازٍ لظهر الباطن عبر وديان وظهور البرجسية - البرتك - الهليبة - جريشان - ثم طريق البصية واتجاهه نحو شمر في وادي الباطن ثم إلى عذيبة والرحيل، في حين يتجه طريق آخر إلى برك الحبارى والشكاية والعبيد والعرجة ومن ثم إلى خرجة المقابلة للركعي في نجد ومن الركعي يمكن التوجه مباشرة إلى الرياض!! نعم إلى الرياض! وتزودك وريقات الصحراء هذه بمعلومات كتبت بالعربية والفارسية عن عدد الساكنين في هذه المناطق وطموحاتهم وانتماءاتهم العشائرية والمذهبية وعدد حيواناتهم وقدراتهم المالية واستعداداتهم ومدى تعاونهم وأسماء شيوخهم ووجهائهم، بل إنك يمكن أن تجد أقراصاً مدمجة مسجلاً عليها دروس تعلمك اللهجة البدوية السائدة ومفرداتها الشائعة، ويقول الكاتب الأمريكي مايكل ليدين في وصف مافيا الصحراء الحدودية العراقية العربية الغربية -إنها تستطيع أن تمرر إلى الخليج جيشاً كاملاً مزوداً بالدبابات والمدرعات أوله في الأراضي السعودية وآخره في الزبير، وإن ما يسمى بفيلق القدس، هو الذي ينشط بصفة رئيسة في المنطقة. هل من سامع ندائي؟ ؟ هل يعلم سكان المنطقة بذلك كله، وأين يخبئ هذا الجيش أسلحته في هذه الصحراء الجرداء البيداء المحلاء الجدباء؟ - في الحقيقة فإن سكان وعمار هذه المناطق يعلمون أن فيلق القدس نشر مثاباته وقواعده وثكناته فيها منذ الأيام الأولى لاحتلال العراق. ويمكن القول الآن إن هذه الصحاري وكهوفها، وهي مليئة بالكهوف والمغارات، والشقوق التي تصلح مخابئ، من خلال استفادة أجهزة المخابرات الإيرانية من الخبراء بها، قد تحولت إلى مواقع لخزن الأسلحة، لتجهيز الخلايا النائمة التي يدعمها النظام الإيراني بما تحتاجه في ساعة الصفر التي يحددها، بل إن هذه المثابات يمكن أن تركب فيها وعلى عجل أجزاء الصواريخ المفككة وقواعد الإطلاق لتطلق على أي مكان في الجزيرة والخليج، من دون أن يتحمل النظام الإيراني مسؤولية إطلاقها، وثمة أمر آخر هو أن بعضها تحول إلى مدافن لإخفاء الأسلحة ومغادرتها مع وضع علامات على أماكنها لا يعرفها إلا المتخصصون بجغرافيا المنطقة من عناصر اطلاعات، وهذا، في الحقيقة، موضوع خطر يلغم مستقبل أمن السعودية والكويت، بل والخليج كله، إذا لم يلتفت إليه وتجري معالجته، فأين نقف من هذا نحن العراقيين وما الذي يتوجب علينا فعله أمام صمت الجهات المسؤولة؟؟ إن المأساة الرمزية لليشماغ الأحمر الزبيري الذي مزقته العصابات الإيرانية لم تعد تخص الزبيريين ولا العراقيين وحدهم أمام المعلومات التي أدرجتها، بل تخص كل عربي بدءاً من أهل السعودية والكويت والخليج إلى أهل تطوان بالمغرب العربي، فهل من سامع ندائي؟؟ أو هل من عربي قارئ فاعل؟؟ غسل الدماغ ؟ والمثابات الداخلية الإيرانية.. ما الذي يمكن أن تخبرنا عنها؟ - يمكنك تخيل نقاط حمر منتشرة ما بين الأحواز وبوشهر والمحمرة وعبادان والخفاجية وتوغل صعوداً إلى طهران، وحتى شمال إيران وانزل إلى شط العرب، ثم اعبره إلى أبوالخصيب وانتقل إلى الزبير وإلى الحدود التي ذكرت، وارسم خطوطاً توصل بينها ونوعها من معسكرات تدريب إلى مخازن لوجستية إلى كراجات إلى ما يلزم وما لا يلزم مثل السبح والترب ومفاتيح الجنة، تكون الصورة واضحة أمامك باختزال.  ومهامها ووظائفها تتنوع بتنوع الحاجة والغاية والهدف، في المنطقة التي تنشأ فيها، أو بعيداً عنها وتأخذ أشكالاً عدة هي الأخرى، تجنيد الميليشيات الطائفية ذات الهوية العربية للتمويه على جنسيتها وليسهل عليها التحرك في بيئة عربية، وهؤلاء خليط من الأقطار العربية ـ العراق والكويت من غير الكويتيين الأصلاء ومن السعودية والبحرين- في الخطوة الحالية بسبب مستلزمات تجانس أو تقارب لهجات هذه الدول، ولأن المطلوب وضع الخطوة فوق الأرض على ترابها، وهي هدف سهم عنق السعودية فضلاً عن الكويت، الذي نتحدث عن أدواته، ولهؤلاء ديوان عملهم المتضمن بعد مرحلة التجنيد، الإعداد وبضمنه صفحة غسل الدماغ ثم التمويل والتدريب والتجهيز والنقل والإيواء والاتصال والتوجيه حسب الخطط بأوامر مشفرة أو مكشوفة، مع تنويع مهماتهم بحسب كفاءاتهم، وفي أعلاها مهمة الاستكشاف والتجسس ثم إعداد مثابات القفز، تليها المهمات الأخرى بحسب أهميتها في ظرف العمل، ثم قوة الضربة، وتعضيدها وإدامة زخمها، وتنويع سيناريوهاتها، وإعداد الخطط البديلة تحسباً للفشل، وبعض الصفحات تتضمن قتل العناصر العاملة ضماناً لعدم الانكشاف في حال التعثر، وطرق إعادة التنظيم، وإعادة الانتشار، وكل ما يدخل في حرب العصابات، مع تبني إعداد تشكيلات للمهمات القذرة. هذا هو المسرب الشمالي إلى دول الخليج أو كعب أخيل الخليجي في قبضة إيران وإن لم يكن كعباً في الجسد الخليجي وإنما هامة.

 

المشروع النووي والفضائي

●  وماذا يجري في الداخل الإيراني، إضافةً إلى ما ذكرت؟ - في الداخل الإيراني أيضاً يجري البناء العام للمؤسسة العسكرية والاستخبارية، ومشاريع الفضاء والنووي، والصواريخ وتطويرها، التي تشكل ثلاثة رؤوس للتنين الحربي الإيراني، وصحيح أنها لا يمكن استخدامها بسهولة كما هو الحال مع المقاتلين بالنيابة إلا إنها، في الحقيقة، ظهير معنوي وسياسي يستخدم بفاعلية ليس في الحرب النفسية وحسب، وإنما أيضاً في توفير المعلومة، وإمكانية التهديد بالحصول على أسلحة خطرة وعلى سبيل المثال يمكنني أن أورد مقتطفات من تقرير للمؤسسة الأحوازية القومية عن التهديد الإيراني للأمن القومي العربي، إذ تقول المؤسسة في تقريرها محذرة من نوايا إيران وطموحاتها التوسعية العسكرية الجديدة المتمثلة بثلاثة محاور حيوية، مترابطة وخطرة في مشروع هيمنتها العسكرية على المنطقة العربية إذ يرتكز المحوران الأول والثاني على تطوير دائم ومستمر لمشاريع تصنيع الصواريخ بعيدة المدى وتطوير قدراتها التدميرية التقليدية والبيولوجية - الكيميائية وحتى النووية بالتزامن مع تطوير مكوكي لمشروعها النووي السري، مع تسريبات الغارديان البريطانية في تشرين الثاني 2009م عن قرب الكيان الإيراني من تجربة رؤوس نووية ثم كشف ''ذي تايمز'' اللندنية قبل مدة عن وثيقة سرية إيرانية تشير إلى نية طهران اختبار رأس نووي عام 2011 م وهو العام ذاته الذي يرتكز عليه المحور الثالث بصفة كبيرة (لاحظ ترابط الخطوة الإيرانية فوق الأرض وتزامنها مع توفير قوة تهديد متنامية في هذا العام!!) مع تأكيدات مختلفة من معارضين إيرانيين لوجود ترابط وثيق بين المشروعين الصاروخي والنووي الإيرانيين وهذا ما يفند ادعاءات طهران بسلمية مشروعها الذري، والمحور الثالث والأهم استراتيجياً لطموحات إيران التوسعية والذي نود تسليط الضوء عليه هو مشروع الغزو الفضائي الجاسوسي الإيراني وتهديده الجدي للأمن القومي العربي وهو المشروع الذي وصل إلى مراحل متقدمة ونهائية وينذر بفتح معركة إيرانية جديدة مع العرب لم يتهيأ لها الدفاع العربي بعد، وما توصلت إليه مؤسسة الدراسات القومية الأحوازية هو إن المشروع النووي والفضائي الإيراني جزء أساس من منظومة التسلح الإيرانية الهجومية وإن إيران تحاول نقل المعارك إلى الفضاء في حين لا يوجد للعرب حتى الآن مشروع موحد للوقوف بوجه الأطماع الإيرانية في هذا الجانب، ويقول اللواء الدكتور محمد جمال محفوظ في دراسة منشورة له إن إيران تتطلع من خلال هذا البرنامج بالأساس إلى التجسس على دول الجوار العربي وخاصة دول الخليج العربي.

 

الحوار الوطني سينجح

●  وما هو الرد الذي ترون أنه يحفظ لدول الخليج سيادتها واستقلالها ووجودها وأمنها؟

- الرد في رأيي يقوم ابتداء على أن تغير دول الخليج عقيدتها السياسية والعسكرية في النظر إلى إيران، وأن تبني هذه العقيدة على مبدأ أن إيران مصدر خطر وتهديد بنظامها الحالي، وبعد ذلك يمكن مناقشة التفاصيل التي أرى أنها تقوم على جملة محاور أو أبعاد أو خطوط أو قواعد، سأسلسلها لك كالآتي:

 

●  أولاً: أ- البعد الداخلي ـ وأقترح هنا بناء أسس قوية للسلام الاجتماعي، وتماسك المجتمعات الخليجية، وبناء نظام ديمقراطي حقيقي وأحسب أن هذا الأمر أدركته البحرين وهي تتوجه نحوه، وأنصح بقية دول الخليج أن تحذو حذوها لأن أمنها واحد وتلك حقيقة لا تقبل الجدل، صحيح أن الحوار الوطني الذي اقترحه ملك البحرين سيواجه عقبات ومحاولات إجهاض، إلا إني أظن أنه في النهاية سينجح وسيوفر على البحرينيين متاعب كثيرة.

 

●  ب- الانصراف السريع، إن لم أقل الفوري، إلى تأسيس وحدة خليجية قادرة على امتلاك قوة ردع العدو، وينصرف ذهني هنا إلى طروحات الكونفدرالية الخليجية كشكل وحدوي، على أن يبدأ بين البحرين والسعودية عاجلاً ثم تنضم إليه بقية دول مجلس التعاون الخليجي.  ويعد الدكتور عبدالله النفيسي أبرز المنظرين والمبشرين بها حلاً لمواجهة الخطر الإيراني  وهو -كما نقل عنه الكاتب محمد عثمان- يرى أنه ''لابد من عقد قمة استثنائية خليجية في البحرين للنظر إلى ما وصل إليه الحال، ووضع خارطة طريق تشمل الحالة الدفاعية (وزارة دفاع موحدة)، ولإرسال رسالة قوية لإيران عبر إرادة سياسية مع وجود متحدث رسمي خليجي بصفة مستمرة''، وفي موضع آخر يقول: ''الحل الوحيد للنجاة من المؤامرات الصفوية هو توحيد وزارات الدفاع والخارجية والنفط خليجياً''، وهو هنا يطالب بنوع من الاتحاد الكونفيدرالي، في أدوار متعددة، وتحت ضغوط وأنواء متعرجة، كان المفكرون والباحثون الاستراتيجيون وقادة الرأي وأهل العلم والدراية والإعلاميون يطرحون موضوع الوحدة الخليجية خياراً استراتيجياً ينأى بالمنطقة عن تدخلات إيران التوسعية، ويبعد شبح الاستيلاء بالقوة وإسقاط الأنظمة السياسية بالأحابيل والحيل الفارسية المتجددة على الدوام والمتربصة من غير انقطاع نفس، وهو طرح منطقي وعملي كما أرى، أما الاعتراض لأسباب وتخوفات مذهبية، أو لأي سبب كان، فلا قيمة له، لننظر إلى الاتحاد الأوروبي، شعوبه تتكلم 23 لغة وتضم خليطاً غير متجانس من العقائد والأعراق، ومع ذلك فهو ينمي خطاً وحدوياً متسارعاً، وثمة الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس لكنهم رعايا الاتحاد، و27 دولة، تبنت 13 منها عملة واحدة هي اليورو، وهو بناء مؤسساتي، على ثلاثة أعمدة مجلس الاتحاد الأوروبي، والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي، وله سياسات مشتركة إعلامياً وزراعياً واتفاقات وبروتوكولات شملت ميادين عدة وهي تتطور وتنمو يومياً، ودول الخليج على سبيل المثال لديها مجلس دول التعاون الخليجي ولديها درع الجزيرة وجملة اتفاقات أخرى يمكن البناء عليها وتطويرها، ولا أحسب أنها صعبة أبداً، وكما قلنا يمكن أن تبدأها البحرين والسعودية بصفة عاجلة لعجالة الخطر الإيراني ولا أظن أن أحداً سيعترض عليها وإذا جرت مناقشات ودراسات جادة وعلمية وبنوايا تسعى لخدمة شعوب دول الخليج فأنا أظن أنها ستوفر حلاً أمثل لمسألة التهديد الإيراني والأمن والسلام الاجتماعي للشعوب الخليجية.

 

●  ثانياً: البعد القومي -تحشيد الرأي العام العربي الشعبي والرسمي للوقوف مع شكل الوحدة والعمل من شتى ومختلف المواقع لإفشال الهدف العدواني- دفاعياً ـوتفعيل دور الجامعة العربية كقوة ذات جهد مؤثر مضاف إلى جهد الردع العربي الخليجي، وأحسب أن إصلاح نظام الجامعة كفيل بتحقيق مثل هذا الهدف كذلك تنشيط أداء القمم العربية، وهنا لابد من الحديث عن المصالحة العربية ـ العربية، وتقديم بعض التنازلات لإتمامها لأنها في المحصلة النهائية، تصب في مصلحة الجميع. ثالثاً: البعد الدولي - تحشيد الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي ضد النوايا العدوانية الإيرانية ونقل صورة التهديد الإيراني إلى العالم من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومطالبته بضمانات عدم العدوان واحترام استقلال هذه الدول، والتحرك لقلب صفحة الاحتواء التي التزمها الغرب في تعامله مع النظام الإيراني والتي أثبتت فشلها واستبدالها من دون تردد بصفحة تغيير النظام.

 

●  رابعاً: إيجاد أوراق في الداخل الإيراني ولعبها، ودعم المقاومة الإيرانية، ومن المهم أن أذكر أن السيدة مريم رجوي زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، طرحت قبل ما يقرب من شهرين على الأنظمة العربية المناهضة للتوجهات الإيرانية نوعاً من التعاون أو التضامن، وأدعو إلى عدم التردد في مناقشة هذا الطلب تحت ذريعة عدم التدخل في الشأن الإيراني فإيران تتدخل بنحو مكشوف في شؤون جميع العرب، وتفهم عدم مقابلتها بالمثل عربياً نوعاً من الخنوع والاستسلام.

 

 خامساً: دعم المقاومة العراقية والمشروع الوطني العراقي لقطع أذرع النظام الإيراني في العراق وتحجيم نفوذه حماية للثغر الشمالي للجسد الخليجي.

●  سادساً: دعم القطاع الاقتصادي، تنمية واستقلالاً واستثماراً في دول الخليج وبخاصة في البحرين.

 

●  سابعاً: الانتباه لأخطبوط شبكة الشركات الخدمية الإيرانية والبدء بتقليص هيمنتها، كذلك الانتباه للزحف الإيراني الديموغرافي، والتشبث بالطابع الخاص للثقافة والخصوصية والعادات والتقاليد، وكل ما يمت بعلاقة للهوية الوطنية الخليجية، ومحاربة الأمراض الاجتماعية الوافدة من إيران.

 

●  ثامناً: الحد من النفوذ المالي الإيراني، وتحجيم نشاطه المصرفي وتقنينه.

●  تاسعاً: محاربة نزعة كراهية العرب والعروبة، وتقديم العربي على الأجنبي في العمل والعقود.

 

●  عاشراً: تحجيم العلاقات التجارية وربطها بحسن سلوك النظام ومواقفه السياسية.  وهناك تفاصيل أخرى كالحوافز والمكافآت التي يمكن إضافتها، لتشجيع النظام الإيراني على التفكير بأن سبيل المصالح المشتركة هو الذي يخدمه وليس التوجهات العدوانية، وإبعاد اليد الإيرانية العدوانية، عن أدواتها والحيلولة بينها وبين تنفيذ مآربها.

 

 





الاثنين١٨ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة