شبكة ذي قار
عـاجـل










 

( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) البقرة ٤٢

 

 

 

 

يكثف العملاء والإعلام المستأجر هذه الأيام طرح مشاريع للأقاليم، فقد طرح أبوريشة ومجموعة من المعروف ولائهم ومرجعيتهم إقامة إقليم الأنبار وكأنهم خسئوا يتصرفون بإسم أهلنا في الأنبار، ويطرح مرتزقة أخرين معروفي الولاء والإنتماء ولصالح من يعملوا مشاريع إقليم البصرة وإقليم الوسط (كربلاء بابل واسط) من قبل آخرين، ففي البصرة كان أتباع حزب الدعوة هم المطالبون بالإقليم، وفي محافظات الوسط لا يختلف الأمر فهم جمعا لماَ خونة مأجورين. إن الله سبحانه وتعالى عندما نهى أهل الكتاب عن تلبيس الحق بالباطل لا يعيد النهي لمجرد الإعادة بل هو نهي ممتد ومفروض علينا وعليهم، فالله عز وجل يؤكد النهي عن ذلك بقوله بقوله المقدس الذي ورد في الأية 42من سورة البقرة، والذي إستخدمته فاتحة لمقالي، ويكرره في الآية 71 من سورة آل عمران (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون). وهنا أؤكد عليكم ياأهلنا إياكم أن يفتنكم الشيطان وجنوده بدعواتهم الباطلة التي تدعوا لذهابكم وذهاب دينكم ودنياكم.

 

 لكن هنا لابد من التفكر في أسباب ذلك التكرار من قبل الخونة وأُجراء الإحتلال، وهذا ليس رأي الشخصي بل هو قول الله وتقويمه للإنسان فقد قال تعالى: )إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) سورة الإنسان 2، فحكموا عقولكم وأسماعكم وأبصاركم وإدركوا ماذا يريد الإحتلال وعملائه بكم من خلال الدعوة المستمرة للتقسيم والأقاليم؟ وحددوا وسائل التصدي والمواجهة وضعوا كلكم الشعب والعقلاء وأصحاب الرأي والحل والعقد والتأثير وسائل ناجعة لمواجهة غايات هؤلاء المأجورين وأسيادهم؟ فهم يعلموا أن دعواتهم تلك تنافي الشرع والعقل ويرفضها الشعب، فما الذي يجعلهم يعيدون المحاولات مرارا؟ إن أسيادهم يدفعونهم لذلك في محاولة وضيعة لعل الأمر يمر، ويمرر الناس مشاريع التقسيم عبر ضغوط نفسية وأمنية يتعرض لها الناس وتحت ضغوط إقتصادية يعيشها الناس في المحافظات وتحت نموذج مشوه في معنى الفدرالية والأقاليم يرعاه الأمريكان والصهاينة ليمثل أغواءا وإغراءا للناس في العراق، هو التقسيم غير المعلن لأسباب داخلية وخارجية في شمال العراق، فأطراف الإحتلال تدفع العملاء الموجودين بالسلطة (حكومة الإحتلال برآسة المالكي) وقيادات الأجهزة الأمنية التي هي في أغلبها قيادات مرتبطة بأطراف الإحتلال أو هي من العناصر التي تآمرت وغادرت العراق قبل الإحتلال أو هي عناصر خانت وهربت من العراق أو هي عناصر سقطت في الخيانة وجندت بعد الإحتلال، نعم كل هذه العناصر تستخدم القوات الأمنية الحالية في الضغط على أبناء الشعب كي تصل الناس لحد الكفر بكل شيء عبر ما تتعرض له يوميا كما يجري في مناطق كثيرة من العراق أبو غريب مثالا، وديالى، ونينوى، والتأميم، وبابل، والأنبار، وعبر سياسة التجويع والترويع والبطالة لتيئيس الشعب من الخلاص فيلجأ الناس لقبول أي شيء تحت ضغط تلك الظروف تماما كما يقول المثل العراقي (الغركان يتعلق بقشة)، هو بعقله وإدراكة يعرف أن القشة لن تنقذه بل هي ستغطس معه ولكنه تحت معانات الغرق يتشبث بها علها تنفع، يا أهلنا الغيارى في العراق وبالأخص في الأنبار والبصرة مدينة المدن وبابل الحضارة وواسط الرباط وكربلاء الرمز والشرف والشهداء والمقدسات إن الله سبحانه خلق لنا السمع والبصر ليبتلينا أينا أحسن عملا، ونحن جميعا تربينا على تراث وقيم أسلافنا الأماجد إن لا عز للرجل إلا بأهله وجمعه وقومه فمن يريد أن يشتت جمعكم ويجعلكم أشتاتا لا يريد لكم إلا السوء والضياع، هل من أحد منكم أيها العراقيون الغياري لا يعرف قصة الأب الذي جمع أولاده وأعطاهم حزمة عصي خشب وقال لهم أريد أن أرى من منكم يستطيع أن يكسر هذه العصي، فقال له أبناءه لن يستطيع أي منا أن يكسر هذه الحزمة المتماسكة، ولكن لو أخذنا كل واحدة منها على حدة لكان الأمر سهلا، فقال لهم وهذا ما عنيته وقصدته، أنا سأغادركم لربي فإن حافظتم على وحدتكم كأخوة كنتم حزمة متماسكة لن يستطيع أحد أن يكسركم وإن تفرقتم ستضعفون ويسهل كسركم والتغلب عليكم، فعليكم أن تتعاونو وتتسامحوا وتتواصلوا وتحبوا لبعضكم كما يحب كل منكم لنفسه، إياكم والشتات والفرقة فإنها كفيله بضياعكم وذهاب هيبتكم، وقد أكد الله ورسوله والمؤمنين ذلك في آيات وأحاديث كثيرة وأثبتت الوقائع والسير ذلك، فقد قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون* ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وألئك هم المفلحون* ولا تكونوا كالذين تفرقوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب أليم) آل عمران 103-105.

 

 لا تيأسوا من رحمة الله ونصره، ولا يجعلكم الجوع والمعانات وممارسات الإحتلال ومرتزقته توافقون على المعصية للرب ولدمار البلاد وتفرقة الشعب فقد بشركم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: (ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولاهم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلاّ كفر الله بها من خطاياه ) متفق عليه.


وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:)  ما من مسلم يصيبه أذى، شوكة فما فوقها إلاّ كفر الله بها سيئاته، وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها) متفق عليه. إن الله عز وجل إذا ابتلى المؤمن فصبر على بلواه لا تكفر عنه سيئاته فحسب، بل يجزل الله له الثواب، ويعظم أجره، ويرفع مكانته بين الناس ويدخله الجنة. فأطلبوا الأجر والجزاء من الله وإحفظوا بلدكم وأنفسكم بالعمل على التصدي للفاسدين والخونة من دعات التقسيم بإسم الفدراليات والأقاليم. فهو إختبار لكم من ربكم ليعرف من منكم المؤمن ومن هو الكافر ، قال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) 155-157 سورة البقرة. وقال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) آل عمران186.
(يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) آل عمران200.

 

إن ما تعانوه من قوات الإحتلال ومرتزقتهم لا يتعدى كونه إبتلاء لكم من ربكم ليخفف عنكم، وإياكم أن تستهويكم الدنيا ومغرياتها فإن الصبر من عزم الأمور، فقد قال الله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (2-3) سورة العنكبوت.  وعن أنس أبن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلاّ الشهيد، يتمني أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يري من الكرامة ) متفق عليه. فقاوموا المجرمين من قوات الإحتلال ومرتزقتهم، فهم يريدون بكم الشر والضياع (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون). ولا تصدقوا دعات الشر والكفر والمرائين، فقد قال صلَّى الله عليه وآله وسلم: (الإيمان معرفة بالجنان وإقرارٌ باللسان وعملٌ بالأركان) (الجنان تعني القلب والعقل). فلا يغركم ويضلكم الباطلون واللاهثون وراء المال والسلطة، فهذا قول خير خلق الله يعلمكم أن الإيمان ليس كلام بل هو قناعة بالعقل والقلب ودعوة بالسان وعمل بذلك، وبدون ذلك فالأمر لغو ورياء ونفاق. وكذلك هي الوطنية قول وعمل، وليس إدعاء كاذب وقول زائف، وهذا سيدنا الامام علي عليه السلام يقول: (لو كانَ الإيمان كلاماً، لم ينزلْ فيه صومٌ، ولا صلاةٌ، ولا حلالٌ، ولا حرام)، كذلك حب الوطن (وهو من الإيمان) ليس كلاما وإدعاءا وتظاهر مرائين بل هو عمل وجهاد وتضحيات، أولها رفض دعوات التقسيم والتجزئة والفرقة والتشتت والتناحر.

 

يروى أن رجلاً قال للإمام علي عليه السلام: أمن شهد أن لا إله إلاّ اللهُ وأنّ محمّداً رسولُ الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ كانَ مؤمناً؟ قال الإمام: (فأينَ فرائضُ الله)؟ أي أن لا إيمان دون عمل، وكذلك الوطنية ليست بطاقة أحوال مدنية وجواز سفر بل هي عمل يجسد الإنتماء للوطن والحرص عليه.

 

إن بلاد الرافدين وكما هو معروف مهد أول حضارة على الأرض، ومنطلق أول مدنية في تاريخ البشرية فهنا خط أول حرف في تاريخ البشرية وهنا وضعت الأبجدية وبدأت الكتابة والتدوين ومن هذه الأرض أنطلقت الحياة مرتين في بداية الخليقة وبعد الطوفان، وفيها وضع أول قانون للبشرية ليعلن أسس العدالة وحقوق الإنسان ووضع الشرائع والروادع والحقوق والواجبات، ومن هنا أنطلقت أول قوانين البيئة والفلك والرياضيات والعلوم والصناعة، وهنا أكتشف الإنسان النار، وغرس الشجر وزرع وأنتج القوت ودجن الحيوان وبدأ الفنون كالنقش والرسم والنحت والموسيقى، وهنا صنعت وركبت أول عجلة وأول باخرة وأول أمبراطورية وأول ملحمة هنا كتبت قصة البشرية وتاريخها، وكل شيء في تاريخ تطورها بدأ من هنا، فمن يعادي العراق ويستهدفه عدو للبشرية عموما ولكل قيمها وإرثها وحضارتها وأعرافها ويعادي قيم وشرائع السماء ويستهدف ويستبيح الإرث الإنساني منذ الخليقة ولحد هذا اليوم، لأن العراق رائدها ومهدها ومغذيها وراعيها وممثليها.

 

وهنا أذكركم بقول الله ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبوُّنَ اللهَ فَاتَّبِعُوني يُحبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم) آل عمران 31، وانا اقول لكم ما امر به الله ورسوله لا تتبعوا الخونة والمنافقين فقد نهانا ديننا عن ذلك.

 

 





الخميس٠٤ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد أبو رغيف نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة