شبكة ذي قار
عـاجـل










في مقال سابق و على صفحات جريدة المستقلة في عام 2005 نشرت مقالا حول المسألة الدينية و تأثيرها في تقسيم دول الطوق العربي المحاذية للدولة الصهيونية اللقيطة و اعتماد مشروع تقسيم الدول العربية الذي وضعه بن كوريون رئيس وزراء إسرائيل عام 1954 لغرض ضمان بقاء و أمن هذه الدويلة المصطنعة و الذي اعتمد فيه الدين كأداة لهذا التقسيم حيث جاء في هذا المشروع تقسيم مصر إلى دولتين أسلامية و قبطية و السودان إلى دولتين أيضا إسلامية في الشمال و مسيحية في الجنوب و تقسيم لبنان إلى ثلاث دويلات إسلامية سنية في الشمال و إسلامية شيعية في الجنوب و دولة مسيحية في الوسط و كذلك تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات كردية في الشمال و سنية في الوسط و في الجنوب دويلة شيعية و تقسيم سوريا إلى خمس دويلات كردية و مسيحية و إسلامية سنية و أسلامية شيعية و دويلة علوية و كذلك العمل على تقسيم باقي الدول العربية وإثارة المشاكل و النعرات الطائفية في العدد الآخر منها و قد حضي هذا المشروع بمباركة أمريكية و تم ترشيح إيران للقيام بهذه المهمة في حينه .


و اليوم و بعد حوالي 57 عاما على إعلان هذا المشروع نرى أن معظم فقراته قد تحققت أو في طريقها للتحقق ، فالسودان قد تم تقسيمه كما جاء في هذا المشروع و لبنان مقسم فعليا و سوريا في طريقها للتقسيم و لأحداث الجارية في العديد من الدول العربية و التغييرات التي حدثت و تحدث ألان وما تشهده من تحركات شعبية و تغيير أنظمة مثل مصر و تونس و أحداث شغب وقد ينجر بعضها إلى حروب أهلية مدمرة كما يحدث الآن في اليمن و البحرين و ليبيا و سوريا .. و نشاهد التدخل الإيراني في العديد من هذه الأحداث واضحا كما أن الدعم الأمريكي لها قد يكون شاملا بالرغم من أن بعض هذه الدول تربطها بأمريكا و الدول المتحالفة معها علاقات جيدة ..


و لغرض إتمام هذا المشروع في العراق و لعدم تحقيقه خلال الحرب العراقية الإيرانية و الحصار الشامل عليه طيلة أكثر من 13 عاما فقد جاء الاحتلال لينجز هذه المهمة ، و بسبب تماسك الشعب العراقي بكافة أطيافه و رفضه للتقسيم على أسس عرقية أو طائفية .. لم يستطع المحتل أن يجزأ العراق رغم محاولاته العديدة و منها تأسيس نظام حكم يقوم على المحاصصة الطائفية و العرقية و حاول جر البلد إلى حرب أهليه لتنتهي بتقسيم العراق ، لكن عقلاء هذا الشعب و حرصهم على وحدة هذا الشعب و الوطن وقفوا ضد هذا المشروع و فشلت هذه الصفحة أيضا ، لتأتي تصريحات السيد أسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي لتبدأ بها صفحة جديدة في محاولة لإنجاز المشروع الصهيوني الخبيث ..


وقد جاء في تصريحات النجيفي أن السنة يشعرون بالإحباط و قد يفكرون بالانفصال و إقامة إقليم السنة .. و هكذا فأن النجيفي و بعد زيارته لوكر الشر خرج بهذا التصريح الطائفي بالرغم من أنه رئيس برلمان يمثل كافة أطياف الشعب العراقي و مكوناته .. و على أثر ذلك خرجت ردود فعل مختلفة من الكيانات السياسية و السياسيين و من كافة المحافظات التي ترفض هذا المشروع و أصوات أخرى تدعوا له و من هذه الردود تحذير التيار الصدري في تنفيذ مشروع الأقاليم قبل خروج المحتل و هذا يعني أن التيار الصدري لا مانع لدية من تقسيم العراق بحجة الأقاليم بالوقت الذي صرح فيه السيد صلاح العبيدي الناطق باسم التيار أن تقسيم العراق إلى ثلاث أقاليم له عواقب و خيمة على التكوين المذهبي للشعب و يمكن أن يسبب حربا طائفية ، كما خرجت تظاهرات في العديد من محافظات الجنوبية تطالب بإقامة فدرالية الجنوب و قد بين النجيفي أن لدى البرلمان طلبات من مجلسي محافظتي البصرة و الكوت بإقامة إقليمين منفصلين ، و تحدثت عضو مجلس محافظة البصرة زهرة البجاري و حسب ما نقلته الجزيرة نت أن مجلس المحافظة قدم طلبين إلى البرلمان العراقي لتشكيل إقليم خاص بالبصرة و ذكرت بأننا في صدد أجراء استفتاء شعبي لهذا الغرض و أوعزت سبب هذه المطالبة بأن المجلس يعمل على تحقيق مطالب المواطنين حيث يشعرون بأن هذه المحافظة الغنية بالنفط تعاني التهميش و عدم الاهتمام و تعاني من نقص الخدمات و المشاريع .


في حين ذكر السيد عوض العبدان رئيس حركة تحرير الجنوب للجزيرة نت أن هذا المشروع سبق و أن طرح مرات عديدة و جوبه برفض واسع من أهالي البصرة و فشل المخططون لهذا المشروع في جمع 10% من تواقيع المواطنين لغرض إجراء الاستفتاء و أكد أن العراقيين يرفضون أي توجه نحو الأقاليم و يعدونه خطا أحمر لأنه خطوة نحو التقسيم .. بينما أكد السيد عدي عواد النائب عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري للجزيرة نت أن الآلاف من أبناء المحافظات الوسطى و الجنوبية يعانون إهمالا كبيرا ولا يعطون الفرصة للنهوض بواقع مدنهم الخدمي و الصحي و التعليمي و الاقتصادي وهو ما سيدفع مواطنين كثيرين للمطالبة بأقاليم مستقلة .


كما التقينا بأعداد من المحافظات الوسطى ذات الغالبية السكانية من السنة بأن مناطقهم تتعرض إلى ضغوط أمنية شديدة و معاملة قاسية من قبل الأجهزة الأمنية و كثرة المداهمات و الاعتقالات بين أبنائهم و تلفيق تهم لهم من قبل المخبر السري بالإضافة إلى إهمال مناطقهم إهمالا كاملا حيث تنعدم فيها ابسط أنواع الخدمات بالإضافة إلى استشراء ظاهرة البطالة لانعدام التعيينات في دوائر و أجهزة الدولة المختلفة .


و من خلال ردود الفعل التي استعرضنا نماذج قليلة منها يتبين لنا أن هناك من يعمل على تحقيق هذا المشروع و ترويض الشعب العراقي للقبول به و جعله مطلبا شعبيا واجب التنفيذ حيث أن المحافظات الجنوبية قد يكون فيها الأمن مستقرا و عدم وجود الاعتقالات و امتصاص جزء من البطالة حيث تمكنت إعداد كبيرة من العاطلين عن العمل إيجاد فرصة لهم في أجهزة الدولة و كذلك في الجيش و الشرطة بمساعدة الأحزاب التي ينتمون إليها و المشاركة في قيادة السلطة لكنها في نفس الوقت تعاني نقصا كبيرا في الخدمات و الإهمال و يعيش فيها المواطن وضعا مأساويا و حسب ما أفاد به عدد من أهالي تلك المحافظات و ما تتناقله عنهم وسائل الإعلام المختلفة مما جعل المواطن يفتش عن بديل لهذه الحالة التي يعيشها و قد يرى أن نظام الأقاليم هو الأقل ضررا له و الأنسب في الوقت الحاضر .


أما المناطق الوسطى و بالإضافة إلى الوضع الأمني الصعب الذي يعانيه المواطن و أهدار كرامته من قبل قوات الأمن الحكومية و كثرة الاعتقالات و المداهمات فأن نقص الخدمات التي يعانيها قد يكون أكبر مما يعانيه المواطن في المحافظات الجنوبية و قد يتطلع يوما إلى القبول بمشروع الأقاليم بغية الخلاص من هذا الوضع المخزي .


و حذر عدد كبير من أهالي و شيوخ محافظة الانبار من مغبة الاستمرار في هذا المشروع و الداعين إلى أقامة إقليم الانبار و خرجت مظاهرات حاشدة تطالب بوحدة العراق ورفض مشروع الأقاليم و دعوة الشعب لرفضه بشكل قاطع .


و بالإضافة إلى ما تقدم فأن هناك الكثير من المتنفذين في السلطة و الكيانات السياسية يطالبون باستمرار تشكيل تلك الأقاليم بالرغم من معرفتهم التامة بخطورة هذا المخطط على وحدة العراق أرضا و شعبا و يعملون في النهاية على تقسيم هذا البلد تحت ذريعة الفدرالية التي يعرف نتائجها الجميع هو التقسيم و شرذمة العراق الواحد و إنهاء وجوده من على الخارطة السياسية كدولة و ذات كيان مستقل و سيادة تامة و هؤلاء يوجه لهم البعض أصابع الاتهام و يحوم حولهم الشك في تنفيذ هذا المخطط الصهيوني الأمريكي الإيراني لأن هذه الإطراف هي صاحبة المشروع و المستفيد الأول من هذا التقسيم .


بقى لنا أن نؤكد مرة أخرى و بغض النظر عن نية الداعين لهذا المشروع أو المعارضون له بأن أول من وضع تفاصيل تقسيم الدول العربية هو الكيان الصهيوني على لسان رئيس وزرائه بن كوريون عام 1954 و أيده في ذالك دهاقنة البيت الأبيض و قد جاء في هذا المشروع تكليف إيران لتنفيذه بواسطة استغلال الدين و استخدام الطائفة و العرق أداة للتقسيم .. و على المواطن الذي سيصوت أن يعرف هذه الحقيقة و أن يضع مصلحة العراق الواحد المعافى أرضا و شعبا في ضميره و أمام ناظريه و العمل على إيقاف هذا المشروع و التصدي له ليبقى العراق عرافا موحدا برجاله و خيراته .

 

 





الاحد٠٧ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احمد الدليمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة