شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد تجاربنا المعاصرة مع الغرب خلال العشر سنوات الأخيرة شهدنا تدخل دوله قاطبة في تفاصيل شأننا وان كان تدخلهم هذا بنسب متفاوتة حسب مصالحهم إبتداءا من القضية الفلسطينية والعراق ولبنان ولا ادري لماذا سكتوا عن موريتانيا إثناء ثورة الشعب الأخيرة وفي السودان وفي مصر وفي ليبيا وسوريا واليمن ولا يمكن لأحد أن ينفي هذا التدخل وحجمه ففي اقل تقدير لا يخلو يوم من تصريح لهذا المسئول الغربي أو ذاك في كل وسائل الإعلام لينبأنا بحجم هذا التدخل واصبح البعض من مدعي الثقافة أو السياسة والمنظرين يجاهر بلا تردد أننا اليوم كأمة عربية ذات معالم واضحة ومحددة فهمنا مغزى هذا التدخل وان الغرب صديق لنا ولا يهدف إلا إلى إسعادنا وتنمية مصالحنا واهم من كل شيء أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الغرب الذي تقوده أقاموا فينا أنظمة حكم ديمقراطية جديدة منفردة وغاية في التطور ومراعاة الحرية الفردية والرأي الجماعي يشارك فيها كل مواطن وكل الأطياف الجماهيرية دون استثناء خالية من الاجتثاث للرأي المخالف على طريقتهم خلصتنا من دكتاتورية حكامنا وظلمهم وحررتنا من احتلال حكامنا العرب لنا حتى أصبح يتوجب على الساسة الجدد من خريجي الحوزات وأصحاب التجارب النضالية في الاستخارة وفي بيع السبح والحابس ومن كان يبيع كارتات الاتصالات ورواد القتل الجماعي بالمفخخات أن يعلنوا شكرهم وتقديرهم للغرب في كونغرساتهم وبرلماناتهم على الطريقة الرائدة التي ابتكرها فطاحل السياسة وعبقري العراق نوري المالكي وأياد علاوي وصالح المطلك وغيرهم للخدمات الجليلة التي قدموها لنا على شكل تضحيات في دماء شبابهم الذين حرموا من الحياة وسط عائلاتهم وعلى شكل أموال أنفقوها في بلادنا ليصلحوا أحوالنا بل صار يتوجب على هؤلاء الساسة أن يترحموا على أرواح جنود الغرب ويضعوا أكاليل الزهور على قبورهم كما فعل المالكي في أواخر حكم جورج بوش الابن بل ويتطرف إلى ابعد من هذا في الشكر والعرفان بالجميل وراح يقرأ سورة الفاتحة على من يسميهم الشهداء الأمريكان الذين حرروا الشعب العراقي من نظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين .


هذا ما توضح وأعلن لنا الآن كشعب عربي وسنسلم به فلا عرب أعانوا في عملية تحريرنا ولا أموالنا وعائدات نفطنا استخدمت وسحبت بالقوة تحت تأثير العصا الغربية أو طوعا لتحقيق هذا المشروع الذي سيرفعنا إلى مصاف الدول المتقدمة من خلال امتلاكنا لثاني اكبر دولاب هواء في الشرق الأوسط ولا مصالح للغرب في بلادنا إنما هي إنسانية الغرب وحبهم لشعبنا هو الدافع الأكبر والمهم والمحرك لهذه العملية وشعبنا العربي في كل أقطاره قبل هذه الحقبة الزمنية أي طيلة القرن العشرين كان غبيا إلى حد الانتحار تحت عنوان المقاومة والتحرر ومات منا الملايين ظلما لأنفسهم ليجعلونا نعيش تحت ذل اليتم بأحضان أرامل وأمهات ثكلى ورسخوا في أذهاننا شعارات ومفاهيم كاذبة استمدوها من أدياننا السماوية التي عرفنا بفضل التحرير الغربي أنها الأخرى كانت خطأ وربما أضاف من أضاف إليها آيات ودسها بين سور قرآننا أو الإنجيل وربما كانت مسألة الرسل والأنبياء بذاتها فرية انتشرت بين أبناء البشرية وتبين مؤخرا أن مفاهيم الحرية والعدالة الغربية لنا هي الأصح والأصلح .


طيب وفق هذا المنطق الذي فهمناه متأخرين مع شديد الأسف وبالتطور الغربي وحضارته التي وصلتنا متأخرة أيضا بفضلهم والتي جعلت العالم قرية صغيرة بحيث أصبحنا نسمع كلمات خطاب الرئيس المبجل أوباما لحظة ما ينطق بها كأننا في حضرته كما أصبحنا بفضل هذا الانجاز العظيم وعبر الأقمار الصناعية نرى أين تقع القذيفة التي أنتجتها الحضارة الغربية وكم طفل من أطفال فلسطين أو لبنان أو العراق يذبح بها إذا لم نكن نحن جزءا من الضحايا أو إذا لم نشاهد بأم أعيننا أشلاء أجسام شبابنا الأبرياء الآمنين في وطننا تتطاير في الفضاء وتنتشر على أرضنا التي حررها الغرب لنا من أنفسنا وإذا لم نلاحظ أن بنانا التحتية تتهدم ولم نكتشف أن ثرواتنا تسرق من بين أيدينا وأننا نعيش مجاعات وعوائلنا تستجدي القليل لتسد به رمق عيشها .


كل هذا غير مهم لأننا امة ارتضت أن يكون الإنسان فيها ارخص من الجلدة التي رميت بعد ختان ابن ملكنا فيطلق سراح أكثر من سبعة آلاف سجين في المغرب فرحا بالختان الميمون وغير مهم لأننا سمحنا بتشريد ملايين منا ثمن للحرية الأمريكية والغربية التي انعموا بها علينا وغير مهم لأننا وعينا متأخرين وفهمنا أن الخدمات شيء غير مهم لان أجدادنا كانوا يعيشون في الصحاري والبوادي وأننا امة لا تتعلم بسهولة وغير مهم لأننا فهمنا أن ثمن تفجيرات برجي التجارة العالمية في نيويورك الذي لا ذنب لنا فيه عشرات الملايين من العرب الأبرياء قتلى أو مشردين وان دمائنا رخيصة .

 

ألان وبعد أن فهمنا متأخرين معنى الحرية والديمقراطية وبعد معاناة كبيرة وجهد عظيم بذله الغرب وتضحيات جسام قدموها من اجل أن نفهم ونتذوق طعم الحرية  في سجون سرية تتوزع بعدالة أمريكا في كل مدننا ويمارس فيها كل أنواع التعذيب أصبحنا نعرف أن لنا أخوة دمائهم من دمائنا ويشتركون معنا في كل شيء إلا في الحرية التي حصلنا عليها متأخرين فأنهم تحت ظلم الفرس في الأحواز يذيقونهم ما كنا نتذوقه أيام أنظمة حكمنا السابقة يملؤون فيهم السجون ويدمون منهم كل يوم بلا سبب يمارسون معهم الاستعباد ويذلونهم بكل الوسائل فهل يتحرك ضمير الغرب لينقذهم مما هم فيه من ظلم ويهيئون لهم ثورة شعبية كتلك التي حصلت في ليبيا وتحصل الآن في سوريا .


الآن وقد فهمنها ما فهمنا عن أنظمة حكم وطنية قامت برعاية صاحب الرحمة والإنسانية الغرب المتحضر  فان لنا أخوة مثلهم مثلنا في الصومال يموتون جوعا ويقبعون في دهاليز من التخلف لا يريدون خدمات ولا كهرباء كتلك التي رحمتنا فيها إنسانية الغرب فقط يريدون ماء ولقمة عيش فأين منهم الغرب المتحضر .


الآن وقد فهمنا الحرية على طريقة الإنسانية الغربية المتحضرة نريد أن يعيش أبناء لأخواننا في غزة كما يعيش شركائهم في الأرض اليهود بأمان ويدرسون في مدارس كتلك التي يدرس فيها الأطفال اليهود .


الآن وقد فهمنا معنا الحرية الغربية رغم أن ذلك حصل متأخرا نريد ما اقره أوباما لإخواننا في ليبيا وسوريا ونريد من سيد الحرية العالمية أوباما أن يقف أبنائنا في الجيش العراقي في ساحة التحرير كما وقف الجيش المصري من المتظاهرين في ميدان التحرير ونريد سحب سيارات مكافحة الشغب وان تستعمل سيارات الإسعاف لنقل المرضى لا للاعتقالات ونريد أن ترفع الكتل الكونكريتية التي تقسم أوصال مدننا .


الآن نريد من الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية  أن يسمع أصواتنا كما سمعوا صوت شقيقنا المصري والليبي والسوري ونريد أن يخرج سفرائهم في بغداد معنا في تظاهرات أيام الجمعة إلى ساحة التحرير كما فعلوا في سوريا أم أن للحرية معاني مختلفة ومقاييس لكل شعب في كل قطر تختلف عن الآخر.


تعسا لحرية لا تصنعها سواعد الأبطال ببندقية الجهاد وتعسا لاوباما وغربه ووعودهم وما ارخص دمائنا ثمنا لحرية أبنائنا وطهارة أعراضنا ، لاح فجرنا الموعود واهتزت عروش الطغاة بعون الله ومدده .

 


Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





الثلاثاء٢٣ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة