شبكة ذي قار
عـاجـل










التزوير كلمة قاتلة وجريمة مدمرة للبلاد في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخُلقية، ويقع التزوير في الانتخابات وفي التلاعب بالماركات التسويقية العالمية عبر عصابات متخصصة، وكذلك في الشهادات الدراسية العليا والمتوسطة، وكل ذلك من أجل تحقيق مآرب شخصية ساقطة.


وفعل التزوير هو نشاط آثم جرمته الهيئة الاجتماعية، وعلى وفق أحكام المواد (286- 299) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل، والذي عرف التزوير في المادة 286 منه بقصد الغش في سند، أو وثيقة بإحدى الطرق المادية والمعنوية، من خلال وضع إمضاء، أو بصمة إبهام، أو ختم مزور، أو تغيير إمضاء وبصمة إبهام، أو ختم صحيحة، أو الحصول على حقيقة مسك ورقة ممضاة، أو مبصومة، أو مختومة على بياض بغير إقرار صاحب الإمضاء، أو البصمة، أو الختم، أو إساءة استعمال الإمضاء، أو البصمة، أو الختم، أو إجراء تغيير بالإضافة، أو الحذف، أو التعديل، أو اصطناع محرر أو تعديله، ولم يكتف المشرع العراقي بتجريم هذا النشاط وإنما عد مرتكبه مرتكب جريمة مخلة بالشرف على وفق أحكام الفقرة (6) من المادة (21) من قانون العقوبات العراقي، وذلك يدل على أن هذا الفعل له آثار جسيمة على البنية الاجتماعية ما دعاه إلى تغليظ العقوبات الأصلية والتبعية.


وجاء في المادة (289) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1989 يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمسة عشر عاما كل من ارتكب التزوير في محرر رسمي، ولا يهم متى تم اكتشاف الجريمة المهم أن الجريمة واقعة فتكون الإجراءات القانونية ساعة اكتشافها ويطبق القانون وفقاً لذلك.


وتعرف جرائم التزوير المادي بأنها تلك الجرائم المتعلقة بكل عبث وتغيير الحقيقة في محرر تاركاً أثرا يتبين بالحواس المجردة، أو الخبرة الفنية من مظاهر مادية نتيجة كشط، أو محو، أو طمس، أو تقليد خط الغير، أو إنساب كتابة، أو إمضاء لغير صاحبها.


والعراق يعيش اليوم مرحلة يمكن تسميتها مرحلة مزورة من تاريخه العريق؛ وذلك لأن اغلب ساسته يملكون شهادات مزورة، وهذا الكلام ليس تجنياً على احد، وليس سراً اكتشفته بهذه المقالة، وإنما هي حقيقة ذكرها العديد من رجال المنطقة الخضراء.


وفي يوم 27 تموز/ يوليو 2009، كشفت وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقية عبد ذياب العجيلي عن وجود أكثر من ثلاثة الآلاف شهادة المزورة في مختلف التخصصات والدرجات العلمية، من الليسانس إلى الدكتوراه.


وفي يوم 25/3/2011، قال المتحدث باسم القائمة العراقية حيدر الملا إن هناك شكوكا بوجود شهادات جامعية مزورة للبعض من الوزراء، ومن حق العراقية التأكد من صحة صدورها.


وفي يوم 2/8/2011، أفاد مقربون من الدكتور داود سلمان رحيم مدير عام تصديق الشهادات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الذي اغتيل بأسلحة كاتمة أمام باب منزله في ساعة مبكرة من 31/7/2011، أن المغدور قد أبلغهم بقلقه البالغ من أن يصفى جسديا، وذلك بعد مقابلة أجراها مع وزير التعليم العالي علي الأديب، وهو من قيادات حزب الدعوة التابع للمالكي.


وقال المقربون إن مخاوف المغدور تصاعدت بعد أن قامت عناصر من أمن الوزارة الخاضعين لسلطة على الأديب بزيارة مفاجئة إلى بيته طالبين منه البطاقة التموينية ورقم سيارته وبشكل مستفز قبل يومين من مقتله.


أما دور الحكومة فكان دوراً مخيباً للآمال كالعادة حيث أصدرت بتاريخ 11 /12/2010 قرارا يقضي بتشكيل لجنة لتقديم مقترحات بشأن العفو عن الموظفين الحكوميين الذين ارتكبوا جرائم تزوير الشهادات والوثائق الرسمية .


ونسبت المصادر الصحفية التي نشرت ذلك اليوم إلى الناطق باسم الحكومة الحالية ( علي الدباغ ) قوله: " إن مجلس الوزراء أمر بتشكيل لجنة برئاسة المستشار القانوني وعضوية مدير الدائرة القانونية في الأمانة العامة وممثل عن وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى ، لتقديم مقترحات بشأن العفو عن الموظفين الذين قاموا بتزوير شهادات ووثائق على أن تقدم مقترحاتها خلال أسبوعين.


وينص مشروع القانون المذكور على العفو عن مرتكب جريمة التزوير لأغراض التعيين بدرجة اقل من مدير عام فما دون، الأمر الذي فسره المراقبون بأنه قانون صيغ لرغبات جهة سياسية واحد!!!


وفي يوم 11-7-2011 اتهم النائب احمد الجبوري عن لجنة النزاهة البرلمانية كتلة الأحرار بالوقوف وراء الترويج لقانون العفو عن مزوري الشهادات المزمع تقديمه من قبل لجنة النزاهة البرلمانية للبرلمان الحالي من اجل الموافقة عليه، وأكد أن هذا القانون هو مقدم من قبل كتلة الأحرار وليس من لجنة النزاهة ونحن نعارض تشريع مثل هكذا قانون كونها تضر بالصالح العام (على حد تعبيره).


وكان رئيس لجنة النزاهة البرلمانية النائب عن كتلة الأحرار بهاء الاعرجي قد ذكر في وقت سابق عن قرب الانتهاء من مشروع قانون يمنح العفو عن مرتكبي جريمة تزوير الشهادات الدراسية لإغراض التعيين في دوائر الدولة، فيما وصف النائب عن القائمة العراقية زهير الاعرجي مشروع القانون بأنه يؤسس لجيل من المزورين لا جيل للكفاءات.


وفي يوم 27 /02 /2011 كشفت لجنة النزاهة في البرلمان الحالي النقاب عن أن معظم أعضاء مجلس النواب السابق يحملون شهادات مزورة، وأنها ستفتح الملفات المتعلقة بمجالس المحافظات والبلدية، بهذا الشأن.


ونقلت الأنباء الصحفية عن (عثمان الجحيشي) عضو اللجنة المذكور قوله في تصريح صحفي إن اللجنة لديها معلومات عن شهادات مزورة لأعضاء مجلس النواب السابق، وانه تم مطالبة المدراء العامين والوزراء والرئاسات الثلاث وأعضاء البرلمان الحاليين، تقديم شهاداتهم، خلال فترة محدودة، وفي حال اكتشاف أي فساد مالي أو إداري سيتم فضحه أمام وسائل الإعلام.


وحقيقة الأمر أن هذه اللجنة لم تتخذ أية إجراءات قانونية بحق هؤلاء المزورين، بل اكتفت بالاستعراضات الإعلامية وذلك لأن التوافقات السياسية بين الكتل المختلفة، تمنع مثل هذه اللجان من اتخاذ أي إجراء بحق المزورين والمتلاعبين بكل القيم والأعراف الإنسانية والقانونية.


وبتاريخ 18/3/2011 أكد عضو "لجنة النزاهة" البرلمانية عمار الشبلي أن اللجنة اتفقت على عدم إعطاء معلومات عن ملفات التزوير لأسباب وصفها بالأمنية، ولعدم احتياط المزورين الآخرين غير المكتشفين إلى الآن، وأن الشهادات المزورة المكتشفة موزعة بين وزارات ومؤسسات الدولة كافة، وأن نسبها عالية قد تصل إلى 10% من عدد الموظفين الإجمالي في كل دائرة حكومية، وأن معظم الشهادات المزورة هي من البكالوريوس فما فوق، وأن الصادرة من الداخل أكثر من الشهادات القادمة من خارج البلاد.


وفي يوم 18/4/2011 كشفت مصادر مطلعة في "لجنة النزاهة" بمجلس النواب الحالي عن ورود وثيقة إلى اللجنة تؤكد أن احد الوزراء السابقين زور قرارا لمجلس الوزراء بشمول احد الموظفين المقربين منه بالاستثناء، وان هذا الوزير هو من الوزراء السابقين في إحدى الوزارات المهمة جدا التي لها تأثير كبير في العملية السياسية.


هذا هو حال الوزراء فكيف بحال العاملين تحت أيديهم، لا همّ لهم إلا التزوير والظلم، والمصالح الحزبية والشخصية؟!!


والطامة الكبرى أن التزوير موجود في ما تسمى هيئة النزاهة حيث أعلنت الهيئة بتاريخ 30/9/2009 اتخاذ إجراءات العزل والإحالة إلى المحاكم بحق (38) موظفا في الهيئة بينهم مدير عام بسبب تزويرهم للوثائق الدراسية، وان قائمة المزورين تضمنت الوثائق من المنتسبين السابقين في الهيئة والذين تم عزلهم وإحالتهم إلى المحاكم المختصة وإصدار إقرار بتضمينهم للمبالغ المالية التي تقاضوها كرواتب ومكافآت وغيرها.


هذه التصريحات اللامسؤولة تسبب بردود فعل شعبية كبيرة برزت عبر المواقع التابعة للقوى الوطنية المناهضة للاحتلال وعمليته السياسية، وكذلك عبر المواقع الالكترونية المختلفة، مما اضطر البرلمان بتاريخ 20/7/2011 للتراجع عن هذا القرار، وقال عضو اللجنة القانونية البرلمانية النائب مشرق ناجي إن قانون العفو عن مزوري الوثائق الدراسية سحب لغرض تضمينه ضمن مبادئ وفقرات قانون العفو العام الذي عرضته كتلة الأحرار على مجلس النواب!!!


فهل من مخرج من هذه الدوامة التي لا يعرف مصير من فيها من المغلوب على أمرهم من العراقيين، الذين لا حول لهم ولا قوة؟!!


هؤلاء هم اغلب رجال العراق الجديد مجموعة من القتلة والمزورين والظلمة، فكيف يمكن أن تبنى البلاد على يد هذه العصابات الخارجة عن القانون والنظام والأعراف !!


jasemj1967@yahoo.com

 

 





الجمعة١١ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / أيلول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جاسم الشمري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة