شبكة ذي قار
عـاجـل










الاتّهام الأميركي الأخير "لإيران" بشأن "محاولتها التخطيط لاغتيال السفير السعودي , عادل الجبير , داخل مطعم في واشنطن" وبهذه المباشرة الفظّة من الاتّهام , المرتبك , وبمثل هذا الوضوح الفجّ في المناورة يعبّر أشدّ التعبير , في محصّلته النهائيّة , عن إفلاس سياسي وأخلاقي كبير ومعتم يحوم حول البيت البيضاوي وفوق رأس رئيسه المخادع "أوباما" .. وهذه العتمة التي تحوم حول السياسة الأميركيّة الفاشلة بمجملها في الاونة الأخيرة ازدادت صعوبة بشكل كبير بعد الفيتو "المزدوج" لجمهوريّة الصين الشعبيّة الاشتراكيّة ولجمهوريّة روسيا الاتّحاديّة والذي لم يقلب هذا الفيتو المزدوج وجوه ساسة الأبيض الأميركي وحدهم , ابتداءً من كبيرهم أوباما وانتهاءاً بأصغر سياسي يجلس عند باب "استعلامات" هذا البيت , بل قلب مجمل مسار السياسة الدوليّة في أرجاء المعمورة ودوله كافّة ومبشّراً بعالم آخر عالم قادم متعدّد مصادر الفيتو بعد أن كان العالم قد عاش فوضى خلاّقة تحت ضلّ عالم أحاديّ الفيتو لأكثر من عشرين عاماً لا زالت رحا تلك الأحاديّة تستعر راح ضحيّتها خلال تلك الحقبة الملايين من البشر وهدّمت صروح دول بأكملها ولا زالت .. كان من إحدى ردّات فعل هذا الفيتو القاسي على الغرب عموماً وعلى الولايات المتّحدة خصوصاً سلسلة تداعيات على الساحة الدوليّة , الأمنيّة , بشكل خاص , متماشياً مع "الطبخة" الأمنيّة العالميّة التي أصبحت صبغتها تلوّن أمن العالم كان ضحيّتها كرد فعل غربي انتقامي سريع للفيتو اغتيال الناشط الكردي "المتوافق" مع النظام السوري "مشعل تمّو" لتلحقها بهذا الاتّهام الواضح المقاصد والمؤشّر باتّجاه إيران الطموحة هي الأخرى لاستعمار المنطقة ...


ربّما لا نكون مغالين إذا ما قلنا أنّ القصد من وراء اتّهام أميركا لإيران بمحاولة اغتيالها السفير السعودي في واشنطن هي محاولة للضغط على إيران بكلّ قوّة هذه المرّة من أجل إخضاعها عنوةً للإرادة الغربيّة بقبولها النأي بنفسها عن مساندة سوريّا أو الوقوف بجانبها , في "أزمتها" الحاليّة الدائرة في فلك إعصار "الربيع العربي" كما أطلق عليه الرئيس الأميركي أوباما..وبالطبع "سيتكهرب" بقرار إيران هذا إذا ما اتّخذ من قبل إيران الجوّ على حكومة المنطقة الخضراء ببغداد ممّا سيعزّز أكثر فرص تفتّح "زهور" الربيع العربي بشكل أكبروتقطف لتضيف "زهرة" عربيّة أخرى إلى باقة مجموع الزهرات الربيعيّة التي انتظمت داخل "مزهريّة" طاولة البيت الأبيض .. لذلك .. وفي نفس السياق وجدنا مؤخّراً , وهو امر متوقّع وليس بالمستغرب , ركب شيوخ "دول" مجلس التعاون الخليجي العربي , وكعادته , وقد التحق بركب السياسة الغربيّة بعد أن وجدنا دعوته "العاجلة" تأخذ صداها في وسائل الإعلام المختلفة لاجتماع عاجل لوزراء خارجيّة الأقطار العربيّة قد جائت بالتزامن مع هذا الاتّهام الأميركي لإيران والذي بدا مفبركاً أكثر من اللازم وبشكل فاضح , وذلك بدعوة هذا المجلس لهذه الأقطار العربيّة للاجتماع من أجل "بحث ـ الأزمة ـ السوريّة !" بحسب زعم المجلس ! وهي دعوة بلا شكّ واضحة أسبابها ومن يقف ورائها بكلّ تأكيد ومعروفة الأغراض المرجوّة من هذه الدعوة .. "اتهام أميركي سعودي لإيران ثمّ مباشرةً الدعوة لاجتماع شيوخ الخليج لمناقشة ازمة سوريا ! .. العلاقة واضحة" , فسوابق هذا المجلس المتناغمة على طول الخطّ مع الرغبات الغربيّة عموماً في منطقتنا والعالم , كثيرة ومتعدّدة , كان آخرها وقوفه وراء استصدار قرار من الجامعة العربيّة يبيح للامم المتّحدة ومجلس الأمن تبرير الهجمة الغربيّة الجويّة الاستعماريّة الوحشيّة الجارية بكل شراسة منذ ثمانية أشهر ولحدّ هذه اللحظة على ليبيا وإسقاط نظامها الشرعي تحت الضربات هذه "أو محاولة إسقاطه بالأحرى" بشكل نهائي على وقع الضربات وليس على أيدي "الثوّار" الذين كان بإمكان العقيد "خرطهم" في ليلة واحدة من دون غطاء جوّي , لإسقاط ورقة نفطيّة "ممانعة" أخرى غير العراق في يد الغرب يضمّها لمجموع أوراقه النفطيّة الأخرى في المنطقة والعالم لزيادة إمكانيّة تحكّمه بمصائر دول واعدة كالبرازيل والهند والصين والضغط عليها متى شائت المصالح الأميركيّة ذلك أو المصالح الغربيّة عموماً ..


الولايات المتّحدة الأميركيّة قد ترائى لها أمام عينيها الفشل الكامل في حملتها الربيعيّة على سوريا والتي راح ضحيّتها "بضعة آلاف لا غير!" من أبناء سوريا , ومن الطرفين , "ثوّار" ناتو سوريّا , وقوّات الأمن السوري وأفراداً من جيشه علاوة على آلاف المدنيين المسالمين , خاصّة بعد فشل أميركا والغرب الذريع في مجلس الأمن نتيجة قرار الفيتو الروسي الصيني بوجه مشروعها الربيعي الذي كان من المؤمّل له سيتيح للغرب في نهاية تداعياته اللاحقة لو تحقّق ؛ التصرّف بسوريا على غرار تصرّفه في ليبيا , وهذا الفشل الذي لاحت ملامح تأثيراته العنيفة على السياسة الغربيّة قد ألهب حفيظة الساسة الغربيّون جميعاً لخطورته على مستقبل "القوّة" التي طالما يهدّد باستخدامها الغرب ضدّ الدول المستباحة الأضعف منه , وقد جاء هذا الاتّهام الأميركي ضدّ إيران باتّهامها بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن بمثابة اللعب في الوقت الضائع من قبلها ومن قبل أوروبّا والتي ربّما قد تفظي إلى "ضربات جزاء" تكون إحداها المغامرة بفتح التحقيقات من جديد في قضيّة "حلبجة" العراقيّة التي راح ضحيّتها كما هو "معروف" أو غير معروف ! ؛ الـ"آلاف" من العراقيّون الأكراد الأبرياء , والتي اتّهم الغرب فيها في حينها العراق زوراً وبهتاناً بتلك العمليّة الإجراميّة , رغم أنّ الدلائل تشير جميعها إلى براءة العراق من تلك التهمة الشنيعة والغير أخلاقيّة ــ "على الأقل بالنسبة لي بعد ان كنت قد علمت ببراءة العراق من تلك التهمة مبكّراً عن لدن المرحوم أخي الذي كان أحد المنادين بسيّارة الشرطة من على ناصية ضواحي حلبجة يدعو فيها بمكبّر الصوت الجنود الإيرانيّون المتسللّون لتلك المدينة أو من يأوونهم والذين كانوا ينوون بالأساس تدمير سدّ دربندخان المائي تسليم أنفسهم خلال 72 ساعة وبعكسه ستقتحم المدينة" ــ وأنّ التهمة بحسب ما هو معروض في جميع وسائل الإعلام بحسب ما اطّلع الكثير أن إيران هي التي قامت بقذف مادّة "السيانيد" ــ على مدينة حلبجة والتي كان العراق لا يمتلك مثل تلك المادّة .. لذلك .. وبناءً على الحرج الكبير الذي تمرّ به السياسة الغربيّة فمن غير المستبعد إن فشلت الهجمة الشعواء على إيران , المتّهمة بقضيّة السفير السعودي لغرض دق إسفين بينها وبين سوريّا , أن يقوم الغرب والولايات المتّحدة الأميركيّة بعدها بتوجيه أصابع الاتّهام بعد ذلك مرّة أخرى إلى إيران في قضيّة حلبجة بشكل أقوى وأشدّ هذه المرّة ــ والتي كان الغرب لا يرغب بتحديد الجاني الحقيقي أمام العالم في حينها رغم علمه جيّداً بمنفّذها الحقيقي وقد وجدنا مثل تلك التصرّفات الإجراميّة ماثلةً لجميع العراقيين عند تلاميذ أميركا المتمثّلين بأعضاء حكومة المنطقة الخضراء ببغداد في قضايا إجراميّة كجسر الأئمّة وتفجيرات النجف والمسيّب وابو غريب وكربلاء والزركه وأيأم الأسابيع الدامية وغيرها بالمئات ولحدّ اللحظة لم تفتح ملفّات التحقيقات فيها سوى بالوعود الكاذبة التي تعوّدنا عليها من أفواه هؤلاء التلاميذ ــ لتكون بيده ورقة ضغط قويّة ضدّ إيران يستخدمها ضدّها وقت ما يجد نفسه محتاجاً إليها .. وليس هنالك أوقات حرجة يمرّ بها الغرب وأميركا من المفترض أن تستخدم فيها أوراق اللعب الخطرة والسرّيّة لإنقاذ سياسة الهيمنة المطلقة على العالم أشدّ عليها من هذا الوقت لتستخدمها ضدّ إيران وغيرها خاصّة والحرج يلتف على مطلق سياساته الاستعماريّة في هذه المنطقة والعالم .

 

 





الاحد٢٥ ذو القعدة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة