شبكة ذي قار
عـاجـل










تحدث العديد من المسئولين العراقيين ممن جاءوا على ظهور دبابات أسيادهم الغزاة عن المصالحة الوطنية وأهميتها لطي صفحات الماضي وفتح صفحة جديدة من الأخاء الوطني تحت شعار العراق لكل العراقيين. واستخدموا هذا المصطلح الشفاف في برامجهم الانتخابية السابقة ومازالوا يتشدقون به في تصريحاتهم الاعلامية لحد الآن بكل وقاحة وصلافة. رغم إنهم في واقع الأمر يوإدوه وهو في طوره الجنيني لم تتضح بعد ملامحه! مما يجعلنا ندور في كواكب هذه الحكومة الطفيلية المعقدة دون أن نتمكن من سبر أغوار متاهاتها ومسالكها الشاذة وما تهدف اليه حقا.

 

فهذه الحكومة التي يصفها الشعب العراقي في تظاهراته الاسبوعية بحكومة الكذاب لا تحاول مطلقا أن تنزع عنها صفة الكذب بل إنها إستساغت طعمه وتعمل بكل جهد للمحافظة عليه بلا مبالاة لرغبة الشعب وإرادته. فقد بات إحترام الشعب ومراعاة حقوقه أوعلى أقل تقدير مشاعره آخر ما تفكر فيه حكومة الكذب والدجل.

 

خلال تصفحنا للأخبار يوم 24 من الشهر الحالي تفاجئنا من درج خبرين متناقضين على الصفحة الرئيسية من الأخبار أولهما: منسوب إلى اللوء طلال القيسي الذي يشغل منصب المستشار العسكري لرئيس الوزراء حيث أكد على ترحيب الحكومة بعودة كافة ضباط الجيش العراقي السابق إلى الخدمة العسكرية مجددا. مضيفا بأن " نوري المالكي أمر بإرجاع كافة ضباط الجيش السابق ودمجهم بالجيش الجديد خلال الفترة المقبلة".

 

وفي معرض إجابته على سؤال بشأن الحملة الحكومية الجديدة لملاحقة الضباط القدامى وإعتقالهم على أيدي الجيش الجديد والأجهزة الأمنية - التي تجري في جميع المحافظات العراقية بإستثناء محفاظات شمال العرق- أبدى اللواء الفطين إستغرابه من هذه الحملات وإستنكاره لها وتعهده بملاحقة المجرمين الذين يقومون بها. وهذا الكلام فيه إعتراف خطير وصريح بصحة تلك المداهمات والإعتقالات مما يجعل الجهات التي تقوم بها تحت طائلة القانون المحلي والدولي !

 

ونتساءل بدورنا عن المجرمين الذين يقفون خلف هذه الحملة الشعواء الذين تعهد اللواء القيسي بمحاسبتهم؟

هذا ما يوضحه الخبر الثاني الذي يزاحم الخبر الأول على مكانه ويشاكسه.

 

حيث جاء فيه" تتواصل حملات اعتقال ضباط الجيش والمخابرات السابقين بشكل لاهوادة فيه.  فقداعتقلت قوات من الأجهزة الأمنية الحكومية (86) مواطناً خلال حملات دهم وتفتيش نفذتها  يوم22 الشهر الجاري. ومازالت الحملات مستمرة في عدة محافظات منها صلاح الدين، وديالى، ونينوى، والتأميم وواسط وصلاح الدين".

 

فقد اعتقلت قوات كبيرة من الشرطة الحكومية(30) شخصا من بينهم  كبار الضباط في الجيش السابق. ففي محافظة ديالى(15) ضابطا. وفي محافظة نينوى (8). وفي محافظة التأميم(11) وفي واسط (65). وقد تضاعفت الاعداد فبلغ عدد المعتقلين أكثر من (3000) شخص خلال ثلاثة أيام والحملة متواصلة بهمة الارهابيين الرسميين! إذن الحملة يقوم بها الجيش الجديد والشرطة والأجهزة الأمنية وليس قوات جاءت من جهنم لتصفية ضباط الجيش السابق. فهل يجهل اللوء القيسي هذه الحقيقة أم يتجاهلها وكلا المبررين غير مرحب به؟

الا من وخزة في ضمير وهو يدفع زملائه وأقرانه من الضابط القدامى ممن قضى معهم اكثر سنوات عمره وشاركهم السراء والضراء الى فخ المالكي؟ اليست العمالة أشد أنواع الارهاب فتكا وضررا من بقية الجرائم؟

 

لننعطف قليلا على برلماننا المحتشم الذي يتورد خجلا من نظرات حكومة المالكي! ونكشف موقفه من هذه الحملات المسعورة. سيما إن العديد من النواب قاموا بسعي غير مبارك وحج مغدور لامبرور الى بيت الله الحرام ليكفروا عن كبائرهم إتجاه الشعب العراقي من قتل وإرهاب ونهب وسلب وكذب ودجل ودعارة ونفاق وظلم وفتن طائفية وكبائر ما أنزل الله بها من سلطان. بحيث أمسى أقوام لوط وعاد وأصحاب الفيل يشعرون بالغيرة منهم ويستعظمون أفعالهم. فالبرلمان ليس بعيدا عن حملات الحكومة الجديدة. ولكن أقسم نوابه في باحة مكة المكرمة بأن يصطفوا دائما وأبدا إلى جانب الظلم.

 

النائب حامد المطلك عن القائمة العراقية صرح بأن العودة إلى ملاحقة ضباط الجيش السابق والبعثيين السابقين " بدون أوامر قضائية وبدون ذنب ستدفعهم الى العداء وهذا الأمر سيسبب الهدم بدلا من البناء". النائب المتذاكي لا تهمه أرواح الناس الابرياء وملاحقتهم بلا ذنب ودون موافقة السلطة القضائية كما صرح. وإنما من شأن هذه الحملات ان تؤدي إلى العداء! موحيا بوجود صلح أو صداقة ومحبة أو هدنة بين الحكومة الحالية والضباط القدامى! وليس اغتيالات وملاحقات وإعتقالات مستمرة طوال سنوات الغزو.

 

الأمر المحير إن إنفلات الحكومة الحالية وأجهزتها الأمنية وصل ذروته في ظل وجود قوات الاحتلال فكيف سيكون الأمر بعد إنسحاب هذه القوات؟ وهل هذه الحملات تغمز إلى ضرورة إبقاء بعض هذه القوات بحجة تعسف الحكومة مما يستدعي وجود جهة تردعها وتجرها من اذنها إذا عصت؟ كيف نبرر تزامن هذه الحملات المسعورة مع قرب موعد إنسحاب قوات الاحتلال؟ إسئلة كثيرة تدور في فلك الحيرة.

 

الخبر الثالث جاء فيه بأن" عدنان الزرفي محافظ النجف ترأس قوات الشرطة والأمن خلال حملة المداهمات والإعتقالات، سيما في ناحية العباسية، وقد أثارت هذه الحملات حفيظة الناس سيما بتوقيتها والهدف من ورائها وهذه الحملات تأتي تنفيذا لأوامر مباشرة من نوري المالكي". فهل سيجرأ اللواء القيسي على إعتقال الزرفي؟ الجواب معروف سلفا.

 

اليس غريبا أن اللواء القيسي وهو كمستشار عسكري للمالكي ويعمل في مكتبه داخل القلعة الخضراء لايعرف بأن المالكي أصدر أمرا الى جميع الدوائر الأمنية والعسكرية لإعتقال جميع البعثيين داخل العراق؟ كي يتعهد بمحاسبة من يقوم بها؟ هل يجهل حقا بأن سيده المالكي برر إجرائه العدائي هذا " بأن البعثيين هم أعداء العراق مما يستوجب إعتقالهم ومحاربتهم بشتى الطرق"؟  فإن جهل فتلك مصيبة وان كان يعرف فتلك كارثة لأنه يشترك مع المالكي في مؤامرة خسيسة.

 

أن دعوة اللواء القيسي هي بلا شك فخ لإصطياد الضباط القدامى ممن تجهل الحكومة مقر إقامتهم. وليس لغرض دمجهم مع الجيش الجديد الذي أثبت فشله وعدم جدارته وضاعت المليارات من الدولارات التي صرفت على اعداده وتدريبه وتسليحه ليكون أداة قمع بيد الحكومة الارهابية. أليس هو نفس الجيش الذي اعترف الرئيس الطالباني بانه غير قادر على حماية البلاد جوا وبحرا وبرا؟ وإنه مؤهل فقط لحماية الامن الداخلي. أي بتعبيرآخر مؤهل لقمع أبناء الشعب والتنكيل بهم.

 

وربما الغرض من هذا التصعيد هو محاولة من المالكي لصرف انظار العراقيين عن تدهور الوضع الأمني الذي يتبجح كذبا بأنه إنجاز حكومته اليتيم، بعد التفجيرات الأخيرة التي طالت معظم المحافظات؟

 

هناك ملاحظة أخرى فقد جرت قبل هذه الحملة، حملة أخرى مشابهة في وزارة التعليم العالي حيث أوعز الوزير علي الزندي- ايراني الجنسية- بأجتثاث المئات من اساتذة الجامعات العراقية وتعويضهم ب(2000) من أساتذة معممين- ساخت ايران- ليلوثوا عقلية الشعب العراقي بأكسير الدجل والشعوذة. وهذا الإقصاء يؤكد ان لنظام طهران دورا في توجيه عملائها في العراق بإثارة الاضطرابات والنعرات الطائفية مجددا. فهذه الورقة تمثل الجوكر لها في مساومة قوات الغزو الامركي على ملفاتها المهمة.

 

الحقيقة التي نستشفها في العراق الجديد هي ان مفاتيح الجنان ومفاتيح الجحيم لأبواب العراق اصبحت بيد الخامنئي. وهذا ما يجب ان تفهمه قوى الاستكبار العالمي.

من جهة اخرى تزامنت هذه الحملات مع قدوم (مارتن كوبلر) ممثل الامين العام للامم المتحدة للعراق. وهي رسالة واضحة من المالكي لكوبلر تتضمن جملة واحدة فقط( طز فيكم وفي هيئتكم الدولية) . إنه عراق المالكي يفعل به ما يشاء ولا سلطة عليه الا من قبل الولي الفقيه في طهران.

 

 





الجمعة٠١ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ضحى عبد الرحمن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة