شبكة ذي قار
عـاجـل










عُرفَ العراقُ واحداً موحداً أرضاً وشعباً منذ أن وجد ووعاه الناس في ماضٍ ساحقٍ وتاريخ مجيد وذكرى عطرة ، ما أنفك العراق إلا أن كان واحداً في شعبه وأرضه .

 

أحب الله تعالى العراق  فجعل منه موطن الانبياء ومبعث الرسالات ، فتلك آثار نبيي الله تعالى يونس وشيت لا زالت شاخصةً للعيان تحكي قصة الايمان في هذا البلد الكريم ، إن الله تعالى أودع في ارض العراق خزائن علمه  وخزائن رحمته ، وما ذلك بالادعاء أو الافتراء ، فتلك القصة المروية عن سيدنا حبيب الحق محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم عندما كان يوماً يحج البيت العتيق ( بيت الله الحرام ، وكما هو معلوم أن للبيت أركاناً أربع وهي اليماني والشامي والعراقي والحجازي ) فكان سيدنا رسول الله تعالى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى آله يدعوا الله تعالى عند كل ركن ، ولكل ركن كان دعاء ، الا عند الركن العراقي فلم يكن يدعوا بأي دعاء ، وكان يتبعه رجل عراقي يَعقبُ دعوة الرسول الكريم بقوله (( يا رسول الله وعراقنا ؟ )) فلم يرد عليه رسولنا الكريم ، ولكن عندما أكمل و أنتهى من طوافه نادى على الرجل وسأله أعراقي أنت ؟ فأجابه بنعم ، فقال له : عندما أراد العراقيون أن يَحرقوا إبراهيم على رسولنا الكريم وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، أراد أن يَدعوَ الله عليهم ، ولو دعا الله عليهم لاستجاب ،  فبعث الله له جبريل عليه السلام وقال له ، قل له : يا إبراهيم ربك يقول لا تدع على أهل العراق ، وقد جعلت فيهم خزائن علمي وخزائن رحمتي .. أي كل علوم الأرض في هذه البقعة ، وكل خيرات الأرض فيها ، صدق رسول الله وهو الصادق المصدوق ، وفي حديث آخر (( لا تقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبل من ذهب ))  وهذا ما يفسر تكالب دول العالم على احتلال العراق والبقاء فيه لأطول مدة ممكنه .

 

كان العراق قبلة الوافدين من الدارسين وطالبي العلم على مد الازمنة والدهور التي مرت ، فكانت مدارس البصرة والكوفة وبغداد زاخرة بمنابر العلم والعلوم الشرعية والدينية أو العلوم الطبيعية وما رافقها من مدارس فقهية واكتشافات علمية لا زالت أسسها لحد اليوم تعتمد في جامعات العالم الحاضر المتمدن .

 

وما المدرسة المستنصرية عن السائلين ببعيد ، كانت علوم الرازي وأبن سينا والفارابي وأبن خلدون والخوارزمي وجابر بن حيان وأبن الهيثم وسيبويه قد شقت عباب السماء في صيتها وما قدموه من أسس علمية مختلفة كانت ولا زالت محل احترام وإجلال وتقدير من لدن العلماء والمكتشفين الغربيين لما كان لها من فضل كبير وأثر عظيم في أرساء وتدعيم النظريات الحديثة في مختلف أصناف العلم والمعرفة . هذا هو العراق وشعبه أو ممن أستوطن فيه وعاش على خيراته ينعم فيها شاكراً الله تعالى عليها .

 

تم احتلال العراق مرات عدة ، وكان أشهرها احتلال هولاكو لبغداد ( 9 صفر 656 هـ  الموافق عام 1258 ميلادية أي قبل 753 سنة من اليوم ) تبعته احتلالات عدة من أقوام وأجناس شتى ولكن إيمان الشعب العراقي بالله تعالى وحتمية نصره وأصالته حالت دون استمرار احتلاله ، وسيقدم اليوم الذي يتحرر فيه العراق مما علق به من درن ورجس بعون الله تعالى وهمة الغيارى والحرائر من شعبه ، وما ذلك على الله بكبير وما هو عن شعب العراق بغريب .

 

لنستمر بتقليب صفحات التاريخ الحاضر لنصل إلى نتائج الحرب العالمية الأولى وما ترتب عليها من تقسيم إرث الدولة العثمانية لدخولها الحرب إلى جانب ألمانيا وما آل أليه وضع العراق بعد الاحتلال البريطاني للعراق الذي بدأ في 4 ت1 1914 حيث أحتلت قواته منطقة الفاو، واستمرار قواتها في التقدم ليتم  احتلال بغداد  في 11 آذار  1917 ثم واصلت زحفها نحو مدينة الموصل وانتزعتها من أيدي الأتراك في 8 تشرين الثاني 1918 ، بقي العراق وحدة واحدة رغتم التقسيمات الادارية التي جرى استحداثها واطلاق التسميات عليها بتشكيلته السكانية التي هو عليها وكما كانت عليه في سابق العهد والزمان من الترابط والتماسك والالتحام والتفاعل الايجابي .

 

ومما يشار له في واحدة من الحالات النادرة في تشكيل جيش وطني لدولة محتله ، هو أن يتشكل جيش العراقي في 6 ك2 1921 والعراق لا زال تحت الانتداب البريطاني وكان له دور وطني إيجابي في معارك الشرف عام 1948 في فلسطين ، وكان لهذا الجيش الاثر الكبير والدور الايجابي في معركة قومية تركت بالغ الاثر في نفوس الشعب العربي الفلسطيني رغم النتائج التي حصلت لاحقاً خارج الحسابات والتوقعات التي أُُريدت لها .

 

تتعاقب السنوات لنصل إلى ما قدره الله تعالى على هذا البلد العظيم دون عظمة الله تعالى ويحل الذي أبكى العيون دماً بدل الدموع بإطفاء ضياء شمسه وإجلاء زمن حريته لتعشعش أسراب الخفافيش محل صقوره والشواهين التي كانت ماسكة ارجاء ملكه . تتوالى المصائب عليه فيما قدر الله عليه من امتحان صعب تجلى فيه الاصيل من سواه والتبر من الخبث ، وفي خضم تصارع الاحداث وتسارعها يظهر علينا من ينادي بتقسيم العراق ضمن فيدراليات كما تم اقحام هذه المادة في دستور العراق الجديد الذي فُرض على شعبه ومُرر عليه بطريقة احتيالية معروفة من الجميع .

 

كان أول من دعا للفيدرالية أو حكم الاقاليم هو الهالك ( عبد العزيز الحمير ) في دعوة منه إلى اقليم الجنوب بتحريض ودفع كويتي ليتسنى لها كسب وضمان نسيان أي مطالبة مستقبلية في ضمها إلى البلد الام العراق ( خابوا وخاب فألهم القذر ذلك وغداً يا حكام الكويت لناضره قريب ) انتهى هذا المطلب لعدم اقتناع الشرفاء من شعب العراق الاصلاء رغم تأكيد هذا الامر من قبل الدعي وائل عبد اللطيف وفشله في الاستفتاء الذي دعي إليه .

 

لماذا الدعوة إلى الفيدرالية  ؟

يبررها الناعقون بها والداعين لها بالممارسات التعسفية للسلطة المركزية والديكتاتورية التي يتزعمها الهالكي في أسلوبه للإدارة المستبدة للبلاد وانفراد حزب الدعوة العميل بالسلطة ، وفشل العملية السياسية التي ظهر جلياً بطلان دعواها في أسلوب تداول السلطة الذي حاولوا أقناع الشعب بها واستمرار عملية التوافق السياسي دون مصلحة البلد وشعبه في حالة من غياب الخدمات واستشراء الفساد بكافة انواعه وأشكاله وإشاعة التعسف وامتهان كرامة المواطن وغياب سيطرة أجهزة الدولة التي أقروها  في آلية جعلت من محافظات العراق سجون امتلأت بالشرفاء من شعب العراق والرافضين للاحتلال وما نتج عنه .

 

هذه هي الاسباب الظاهرية للدعوة إلى الفيديرالية . ولكن الأسباب الحقيقية لهذا الاسلوب من الحكم وإدارة البلاد هو التقسيم ومحاولة تفتيت وحدة البلد وأبعاده عن محيطه العربي وتأثيره الاقليمي ، استئثاراً بالموارد الطبيعية في كل إقليم ، غذ إن جميع المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات من الذين سرقوا الموارد واستأثروا بالمكاسب ونسوا الشعب الذي تسلقوا على جثامينه إلى كراسيهم .

 

كل المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات هم ممن وردت أسماءهم في قضايا فساد مالي بأرقام فلكية من ملايين الدولارات وتعمد في إهمال الخدمات للمواطنين وسرقات غريبة وتهريب أوال هائلة ولم يستثنى منهم معمم أو سواه ( وردت هذه الاتهامات في تصريحات هيئة النزاهة البرلمانية وما ذلك بالادعاء على أحد أو القول عليه ) ، مما لاشك في كل ذلك هو الاهمال الذي تتقصده الحكومة في ملاحقة السراق لأن الجميع مشتركون في هذه الممارسات فيتم تسوية القضايا القانونية بالتوافق . هذا حال المحافظ وأعضاء مجلس المحافظة في ظل ما يسمى دولة القانون فهم من الفاسدين المفسدين والسراق والمهربين للعملة وسواها فماذا سيكون حال الامور عند انفراد هؤلاء في سلطة أقاليم مستقلة خارج السيطرة المركزية للحكومة ورئيسها ؟ ما هي الضمانات التي ستحدد عمل هؤلاء في أطار القانون إذا ما استحوذوا على سلطة إقليم ،  وما هي الضمانات التي يمكن افتراضها في تحسن مستوى الاداء والحصول على مكاسب بدل ترجع شديد وأسف شديد على ما كان من حال رغم فساده ؟  لا شيء أبداً ،  ما هي بالإجابة المفروضة ولكنها الحتمية بظل الوقائع الملموسة والقرائن المادية .

 

ستكون الاقاليم بذرة الضياع الذي يسعى إليها أعداء العراق سواء الخارجيين منهم أو الذين قدموا مع المحتل وأسسوا كيانه ودعموا وجوده ، إنها البداية في ضياع العراق بشكل كلي عمومي وفقدان هويته العربية والقومية والاسلامية وتمييع دوره الاقليمي .  إنها خيانة عظمى سواء الدعوة للفيدرالية أو تأييدها ، لأنها ستؤدي إلى تفتيت العراق وضياعه وتهميش كيانه العظيم .

 

ما هو الحل الذي ينبغي اللجوء ألية أو اعتماده أذن  ؟

رفض هذه المشاريع والتمسك بوحدة العراق الجغرافية والديمغرافية واعتباره وحدة واحدة دون تفريط باي مكون أو بقعة أرض حتى يقضي الله تعالى أمراً .

 

كيف يتم ذلك  ؟

كما أسلفت في مقدمة هذا الموضوع أن الله تعالى قد جعل في العراق الخير كله وأودع فيه خزائن علمه ورحمته ، فليس في الامر سوى الايمان المطلق بأمر الله تعالى والالتفاف حول القوى الخيرة التي ترفض الاحتلال وما ترتب عليه والمضي بالمشروع الجهادي الصادق مع الله ومقاومة المحتل إي كان شكله أو طائفته وما ترتب على ذلك من أوضاع غير قانونية أو دستورية أو سواها من التغيرات التي حصلت ، بإمكان الخيرين اللجوء إلى المحاكم الدولية في أثبات حق العراق والعراقيين المتضررين من الوضع الشاذ الغير قانوني و التي أوجدتها الظروف الحالية ومتابعة السراق والفاسدين والمفسدين والقتلة والمجرمين من كل اللذين تلطخت أيديهم بدم العراقيين من المجرمين سواء المحتل منهم وأفراد جيشه أو من أولئك الذين تعاقبوا على حكم العراق في سنيي ما بعد الاحتلال  وكل من فرط بحق الشعب العراقي بقضايا قانونية في محاكمة العدل الدولية أو سواها من المحاكم .

 

سيبقى العراق ويمضي اعداءه إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم تلاحقهم اللعنة إلى يوم الدين .

الرحمة لشهداء العراق والمسلمين جميعاً .

أللهم إنا نتعلق بقدرتك التي قدرت بها على كل شيء في أن تُرينا بالمحتلين جميعاً ومن والاهم أو أعانهم يوماً أسود كيوم عاد وثمود ، وتعيين الصادقين في سعيهم ومسعاهم خدمة للعراق وشعبه .

أللهم وحد صف الخيرين واجعل فيهم وفي مسعاهم الخير للعراق وشعبه .

 

 





الاحد٢٤ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب غريب في وطنه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة