شبكة ذي قار
عـاجـل










مما لا شك فيه أن الحدث السياسي اليومي بات أكثر تأكيداً في تعزيز المشهد لتحالف تيارات الإسلام المعتدل مع قوى الهيمنة، وتسويق مشاريع التفكيك والمصالح الغربية ضمن اطر أكثر شعبية وقبول جماهيري.

 

ففي الوقت الذي أفلست فيه الأنظمة القمعية على توفير أرضية تخدم فيه المصالح الغربية، تحول التحالف لإيجاد قوى سياسية أكثر جماهيرية وفي الوقت ذاته أكثر قبول لإعادة تشكيل الإقليم ضمن مصالح الطرف الأمريكي الصهيوني. هنا جاءت ورقة  تيارات الإسلام المعتدل والأخوان المسلمين بالتحديد لتعبر عن رغبة وتوجه الإدارة الأمريكية الجديدة ضمن شكل أكثر ديمقراطية والتزاماً بالنصوص والمعاهدات الدولية ولعب دور وظيفي سياسي أكثر قذارة.

 

وهذا ليس بالغريب فصفحات التاريخ ما زالت شاهدة على الدور الذي لعبته هذه الجماعات في مواجهتها المد القومي و اليساري على مدى عقود وما زالت، إضافة إلى التعويم الذي لعبته لإضاعة الصراع. والتناقض الرئيسي مع الطرف الأمريكي الصهيوني، وحذقت أنظمة بائدة على التمترس خلف حدود التجزئة في أحسن الحالات.

 

هذه التيارات اليوم ذات النفس البراغماتي والانتهازي التي امتهنت سرقة انجازات الاخرين والتخبط في المواقف السياسية، أضافت إلى غياب برنامج سياسي حقيقي ورؤى لتغيير الواقع, تعود من جديد لصيغات وعباءات مزركشة بعضها مصبوغ بعبارات ثورية وبعضها يحمل ملصقات (لحلف الناتو) والأخر يحتفي بالحماية الدولية...الخ.

 

المثير هنا أن (البرنامج الغائب) وجد من يخطه ويقدمه للعلن بما يتوافق مع مصالحه ومشاريعه لإعادة تشكيل المنطقة وتفكيكها.

إذن يصبح لدينا جماعة واحدة تمتلك ايدولوجيا إسلامية واحدة. لها برنامج سياسي واحد تخدم هدفاً واحداً  تلعب ادوارً مختلفة بما يخدم البرنامج الجديد، الذي تم خطه بأيدي السياسيين الغربيين لخدمة مصالح الامبريالية العالمية و خدمة مصالح رأس المال العالمي الذي جد وعمل طويلاً لرسملة وعولمة الدين الإسلامي والذي نراه الان يتجلى عند احزاب الإسلام المعتدل وفي فكرهم الذي كان يخلو من برنامج سياسي واضح وحتى نهضوي او ثقافي محدد.

 

ولم يكن لدى الغرب سوى تبنى الإسلامين المعتدلين هم وأحزابهم وتحديداً (الإخوان المسلمين) بما إنهم يمثلون القوى الاكثر جماهيرية في الشارع العربي والأكثر تنظيماً وقبولاً.

 

من هنا استطاع الطرف الأمريكي الصهيوني العبور إلى الشارع العربي من خلال ما يسمى (الربيع العربي) كما قلنا سابقا أن هذه التيارات امتهنت سرقة منجزات الاخرين.، فما شهدناه من موقف إخوان مصر من أحداث الثورة المصرية، والذي بدأ بالرفض إلى الحياد إلى ركوب الموجة والتحدث باسم الثوار وصولا إلى حادثة اقتحام سفارة الكيان الصهيوني وحرقها وعدم مشاركتها إلا بعد انتهاء الحادثة للوصول إلى الشاشات العربية و المواطن العربي البسيط. يظهر هنا للجميع براغماتية هذه التيارات وعدم مبدئيتها والتخبط عند مواجهة المواقف السياسية الحرجة. هنا تكمن خطورة هذه التيارات فهي متغلغلة في الشارع العربي ومقبولة نسبيا لدى المواطن العربي الكادح، ولا يوجد لها منازع بين الأحزاب العربية المعارضة خصوصاً إذا نظرنا إلى حجم التمويل و الدعم الذي تتلقاه من هنا ومن هناك, والأخطر هنا في هذه المرحلة هو سقوط أول دولة عربية في أحضان هذه التيارات، هنا نقصد ليبيا احد دول الممانعة في المنطقة. رأينا صور قادة ثوار الناتو مع أصدقائهم الأوروبيين والأمريكيين وحتى الصهاينة من ساركوزي إلى كلينتون ومن ثم برنارد ليفي الصهيوني احد مؤسسيين مشروع الشرق الأوسط الجديد الرامي إلى تفكيك المفكك من الوطن العربي أو ما تبقى منه. هللت هذه التيارات و شيوخها وعلى رأسهم القرضاوي باشا بالقصف الجوي للناتو على رؤوس الشعب الليبي بحجة حقوق الإنسان التي رأينا تطبيقها عملياً عند اغتيال القائد الشهيد معمر القذافي وصحبه!!!.

 

المشكلة تكمن في تقبل المواطن العربي لفكرة التدخل الغربي من اجل إسقاط الأنظمة الديكتاتورية. مع غياب البديل القومي أو الوطني في الساحة السياسية العربية، قامت جهات سياسية ودول إقليمية بمحاولة ملء هذا الفراغ، عبر شاشات التلفزة العربية المخترقة والمؤدلجة سياسيا لتدمير الروح العربية والأخلاق العربية، التي اشتهر بها العرب تاريخيا، وعبر الأحزاب السياسية الممولة أجنبيا، التي مولت من اجل تفكيك الدول العربية والقضاء على أخر أمل للوحدة العربية. وكان على رأس هذه الأحزاب، أحزاب وجمعيات الإسلام المعتدل. باسم الدين وحقوق الإنسان تم بيع ليبيا للناتو وثواره وباسم الدين يتحالف الإسلاميين مع الامبريالية على حساب الأرض والعرض والكرامة والمرؤة العربية، ويتكلم الإسلاميين ألان كأنهم منزلين من السماء لا يعلوا على خطابهم خطاب، باعوا أنفسهم ودينهم من اجل السلطة والمال تنازلوا عن أهم ثوابتنا باسم الدين وباسم الوعد ألاهي الذي يدعون بأنهم ملاكه و أصحابه. وكل الفضل في ذلك هو غياب البديل الجذري العربي في الساحة السياسية، والذي أدى إلى انصياع العقل العربي بملء إرادته إلى خطاباتهم ودعواهم المحرضة والمفككة للأمة العربية. وبسبب هذا الغياب السياسي للبديل العربي الجذري احتل العراق و ليبيا ومزق السودان والصومال،مع التذكير بخضوع الشارع العربي لهذه المؤامرة بكل بساطة بل يتم دعم هذا الخطاب الإسلامي المفكك والمضلل. ولا يبقى لنا سوى أن ندعو المعارضة العربية القومية والوطنية واليسارية الشريفة في جميع الأقطار العربية إلى توحيد الصفوف في مواجهة مشاريع التفكيك والهيمنة المباشرة و غير المباشرة، والنهوض بالشارع العربي إلى مستوى الحدث السياسي والوعي للذات العربية الضائعة في خضم هذه الفوضى.

 

 





الاحد٢٤ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الشامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة