شبكة ذي قار
عـاجـل










تذكروا شعار ( أن لم تاتوا للديمقراطية – فان الديمقراطية هي ستاتي اليكم ) , الجميع يتذكر (جوليان أسانج) صاحب موقع (ويكيليكيس) المثير للجدل ، هذا الموقع وصاحبه والذي ينتسب الى الجهة ( المظلمة) اتهم ( الفيس بوك ) ووصفها بانها اعظم وسيلة للتجسس في التاريخ ، وبغض النظر عن مدى توافقنا او اختلافنا مع ( اسانج) في هذا الاتهام ، نقول لا شك في ان كل الابتكارات التكنولوجية ستستغل من قبل الدوائر الامنية والهئيات المرتبطة بها ، لذلك شهدنا خلال هذه السنه وماقبلها موجة فضائح وتسرب معلومات اسهمت الى حد بعيد في تأجيج الاوضاع في عدد من المناطق الملتهبة . واثر تسريب هذا الكم الهائل من المعلومات اسست ايضا صفحات على الفيس بوك واتبعتها رسائل هاتفية اسهمت في تاسيس( مجموعات مبدئية) تم تزويدها بافلام فيديو ومعلومات وتم تسجيل اغلب تلك المجموعات في ( غرف سوداء عالمية ) وبدؤا لعبة التظاهرات والاعتصامات ترافقها ( حرب اعلامية) مدروسه.، ومن خلال هذه الغرف السوداء والتدريب في مؤسسات مثل (كانفاس )و(هوتفورد)، تعم التظاهرات كافة ارجاء الدولة مع بداية نزف اول قطرات الدماء في الشوارع ، يبدأ الاعلام العالمي بنشر وتجيش وتضخيم هذه الاحداث ، وحتى ان خرجت الملايين رافضة لتلك المعارضة فان اخبارها لن تجد طريقها على تلك القنوات ، بينما نجد شبان معارضين من الذين تم اعدادهم نجدهم ضيوف دائمون في القنوات الاعلامية والنشرات الاخبارية . ثم تبدأ الخطوة الثانية بتجمع امام السفارات في دول العالم ،ثم تدويل القضية وتبدأ دول العالم تبدي انزعاجها وكما يبدأ العديد من الدول باعطاء اشارات امكانية التدخل العسكري ،واقعيا لم يعد مهما كل ما يقال أو كل ما قد يفعل لان المجتمع الدولي جهز نفسه لسفك الدماء . الهدف من هذا هو تقسيم الخريطة الجغرافية (( للنفط)) وجعل الدول صغيره يسهل ابتلاعها ,في البداية ستضيع معالم الحدود الجغرافية بسبب خشية الناس من القتل ،وعندها ستشكل ( مناطق رمادية) ، والتي ستشكل فيما بعد اسس التقسيم المنشود. وهنا تذكروا ما قاله الصهيوني ( جوزيف بارتسكي) وزير الطاقة للكيان الصهيوني ،الذي اعلن عن ( ضروروة احتلال سوريا بعد احتلال العراق لضمان انشاء خطوط نقل النفط من الموصل الى حيفا) هذا الاعلان هو بداية المخطط الجديد الذي يهدف الى تقسيم دول المنطقة استناداً الى ( المذهبية والعرقية والقومية ) ففي الشرق الاوسط ستكون هناك (مناطق شيعية تقابلها مناطق سنية) وستكون الاشتباكات بينهم هي السمة الرائجه ، وبالعودة الى الاستراتيجية الامريكية ومشروع الشرق الاوسط الكبير ، نلاحظ اشنطن بدأت بتنفيذ استراتيجية جيو ـ سياسة عالمية لتقسيم العالم الى قسمين يمثل احدهما نادي الدول المتطورة ، ويمثل الاخر بقية اجزاء العالم التي حكم عليها بموجب هذه الخطة بان تتحول الى جيوب تعاني من الحروب والانحطاط الاقتصادي.

 

هل تعتبر التحالف الغربي في ليبيا جزاء من هذه الخطة .؟ اذا ما كان الجواب ، عن ذلك بنعم ، فما هي الخطوات اللاحقة المحتملة في طريق رسم الخارطة الجديدة " للعالم على الطريقة الامريكية". يقول بعض المعلقين والمحللين ان تدخل الولايات المتحدة وحلفائها في الشأن الليبي خطوة هامة على طريق تنفيذ عقيدة عسكرية سياسية جديدة يعزون صياغتها الى فترة تولي روبرت غيتس مهام وزير دفاع الولايات المتحدة. وقد صيغت الأسس الأيديولوجية لهذه العقيدة في كتاب الخبير الاستراتيجي الأميركي المعروف والموظف السابق في البنتاغون ثوماس بارنيت تحت عنوان "خارطة البنتاغون الجديدة: الحرب والسلام في القرن الحادي والعشرين". وتفيد نظرية بارنيت ان من مصلحة الولايات المتحدة ان يكون العالم مقسما في القرن الحادي والعشرين الى شطرين غير متساويين . فمن جهة ثمة "النواة ُ" المستقرة التي تضم الولايات المتحدة نفسها وعددا من الدول المتعاونة معها من بين الدول المتطورة والنامية، ومن جهة اخرى هناك بقية العالم التي يخصص لها ما يشبه "منطقة الظل" ، اي المناطق غير المتطورة اقتصاديا وغير المستقرة سياسيا. ويتلخص دور القوة العسكرية الأميركية في هذا المخطط بتأمين وصول الموارد الطبيعية من الشطر الثاني الى الشطر الأول من العالم، لأن دول الشطر الأول بحاجة الى المزيد من تلك الموارد، فيما لا يجوز لدول الشطر الثاني ان تستفيد منها ويجب ان تخضع الى ارادة القسم الاول وبكل الوسائل المتاحة. والفارق بين هذه العقيدة وبين سياسة جورج بوش الابن ان الأولى لا تفكر بالاستيلاء المباشر على اراضي الغير وزرع الديمقراطية بهذه الفظاعة، بل تكتفي بضربات حربية محدودة وعمليات سرية لإضعاف وتجزئة الدول الكبيرة الغنية بالموارد الطبيعية ، كما هو الحال في مشروع "الشرق الأوسط الكبير".

 

ويعتقد أنصار نظرية المؤامرة ان هذه العملية بدأت في افريقيا بتقسيم السودان ، وهي مستمرة الآن في ليبيا ،ولاشك أن محاولات السيطرة على الوطن العربي والشرق الاوسط من قبل الادارات الامريكية ليست أول حالات استهداف الامبريالية للمنطقة ،ويقينا ولا هي (أول مساعي فرض تسلط " المركب الصناعي ــ العسكري") ،وحين نتابع التجارب الامبريالية عبر التاريخ ،يتضح ان الحرب النفسية تحتل حيزا كبيرا في جميع هذه التجارب ، بالثابت أن قوى الهيمنة العالمية كانت تبادر الى شن حرب نفسية على الخصم ، مستهدفة اشعاره بضآلة شأنه امام الامكانيات والقدرات التي تمتلكها قوى الهيمنة العالمية ،والقاء الرعب في أوساطه بالحديث المغالي به عما ينتظره من ويلات لا قدرة له على تحملها ، بحيث إظهار القوة والتهديد بها يؤدي الى ارباك الخصم وشل فعاليته لتسهيل استخدامها ، وبذلك تحقق القوة الاعظم نصرها المؤزر باقل التكاليف ماديا وبشريا. ومن خلال نتائج التجارب الامبريالية في العالم العربي والشرق الاوسط اصبح هناك قناعة يقينية بان المنطقة العربية فاقدة المناعة تماما .هذا هو المناخ النفسي الذي عملت قوى متباينة الدوافع والغايات على اشاعته ، غير أن من يقرأ معطيات الواقع عربيا وإقليميا ودوليا بموضوعية لا يفته ادراك الحقيقة الجوهرية التي اسهم ضباب الياس والاحباط في أن يجعلها عسيرة الرؤية لمن يركزون ابصارهم على قمة جبل الجليد وينسون جسده الغائر في الاعماق، ذلك لأن ما انقضى من عمر البشرية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار جدار برلين مطلع تسعينيات القرن الماضي لم يشهد فقط تفرد الولايات المتحدة الامريكية بالقطبية الاحادية ، وانما شهد ايضا انحناء دول ومجتمعات تملك امكانيات وقدرات بشرية ،غير انها رفعت الراية البيضاء التي استحال رفعها من قبل فئة محدودة من العرب ماتزال المقاومة خيارها الاستراتيجي ،وفي اسقاط المقاومة العراقية هيبة وجبروت الجيش الامريكي ومن معه، وكذلك صمود المقاومة الفلسطينية واللبنانية ، كل هذه الامثلة في زمن الياس والاحباط تعطينا الامل في المستقبل بالرغم من قتامة الصورة التي نعيشها في ظل الاحتجاجات والاضطرابات التي يشهده العالم العربي اليوم، وبحثنا هذا محاولة لفهم ما يجري حولنا . في اربعينيات القرن الماضي كان طموح الجماهير العربية هو التمسك بالمشروع الوحدوي التحرري للامة من اجل التخلص من التجزئة والتخلف والاستعمار.

 

وتصاعدت الثورات العربية لتعلن انتهاء فترة الاستعمار المباشر في الوطن العربي وبدء مرحلة التحرر الوطني والاجتماعي . إلا أن تجارب البناء السياسي والديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي التي شهدتها الأقطار العربية فشلت فشلاً ذريعاً في تلبية مطالب الجماهير في الديمقراطية الحقيقية والعدل والكرامة، بل رهن حكام العديد من تلك الأقطار إرادتهم بالقوى الكبرى التي حولت الدور القومي لتلك الأقطار إلى دور مناهض لمصالح الأمة، وخلقت فئات رأسمالية طفيلية، ترعرعت وازدهرت على حساب إفقار الجماهير ومصادرة حريتها وسلب كرامتها ومستقبلها.

 

لقد فشلت الدولة القطرية في تلبية طموحات الأمة، وهو ما دفع الجماهير للتمرد والثورة على أنظمتها، وخرجت تطالب بالحرية والكرامة والعدالة والخبز. مما لاشك فيه اتساع الاحتجاجات والانتفاضات العربية جاءت ضد الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، والتي تتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى معظم الأنظمة العربية العاجزة التي أفلست بسبب القمع والبيروقراطية والفساد، ورهن إرادتها بالقوى الأجنبية والتخلي عن النضال القومي. نعم، لقد كان للتخلي عن القضية الفلسطينية، ومساعدة أمريكا وحلفاءها في احتلال العراق، وتدمير دولته وقتل شعبه واغتيال رموزه، وتمزيق الصومال، وفصل جنوب السودان وتعريض بقيته للتفتيت وإثارة النعرات الدينية والطائفية والقبلية والجهوية، كان لكل ذلك أثره البالغ في نفوس الجماهير العربية إلى جانب قضاياها المطلبية الداخلية المشروعة في إشعال فتيل الثورة في وجه هذه الأنظمة المفلسة، والتي كان أول ثمراتها إسقاط النظام البوليسي لابن علي في تونس، ونظام كامب ديفيد في مصر والحبل على الجرار، حتى الانقلاب الكامل على الواقع العربي الفاسد، الذي وصل مرحلة الانسداد. إن نهاية هذه الأنظمة العربية الفاسدة على أيدي الجماهير العربية الثائرة يمهد الطريق دون شك للأمة العربية للانتقال إلى مرحلة جديدة، حتماً ستكون أفضل من سابقاتها، ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان .!

 

هذا ما تحاول ثورات الشباب التي تجتاح العالم العربي هذه الأيام أن تؤكّده من جديد، عبر انتفاضاتها على أنظمة التسلّط والظلم التي سلبت من شعوبها حق الحياة الكريمة، بكل ما تجسّده الحقوق الإنسانية الطبيعية التي بشّرت بها وكفلتها الرسالات السماوية• ما يجري في أكثر من دولة عربية من انتفاضات وثورات شعبية غاضبة، يواجه أصحابها العزّل من السلاح الرصاص القاتل والقذائف الحارقة باللحم الحي، والأجساد الطاهرة، لأن إيمانهم بوطنهم وبحقهم في العيش على ترابه أحياء وأصحاب قرار وكرامة، أثبتت المواجهات الدامية أنه أقوى من أي سلاح آخر• ما يجري ليس تغييراً لحاكم بآخر، ولا استبدال نظام بآخر، بل هي حركة تغيير شاملة للعقليات التي كانت سائدة في السلطة، تغيير للمفاهيم التي تربط الحاكم بالشعب، تغيير في السلوك اليومي للسلطة وأجهزتها المختلفة، وتغيير أكثر جذرية في الممارسة الشعبية الحقيقية للديمقراطية•

 

وكأني بهتافات الشباب ومعهم الملايين تدوي في المدن والساحات بشعار واحد: لا صوت يعلو فوق صوت الديمقراطية.! والمسألة لا تكمن برفع مثل هذا الشعار الثوري الحضاري، بقدر ما تعبّر عن عزم الشباب ومعهم المجتمعات التي ينتمون إليها بكسر قيود شعارات المراحل السابقة، ما قام به الشباب اليوم في تونس ومصر ، وعدد من البلدان الأخرى، هو (تغيير حركة التاريخ في المنطقة، بعد ركود طويل فرضته قبضة الأنظمة الاستبدادية، وممارسات الأجهزة القمعية التي كانت تمنع نور الشمس من الوصول إلى المؤسسات والبيوت، وإلى الزنزانات والسجون

 

• كان الحاكم يعتقد ان ليالي حكمه يمكن ان تطول وتطول وتطول

 

•• والشعب يبقى خانعاً في سباته العميق عقوداً ودهوراً، وان الوطن يبقى مزرعة للعائلة يتوارثها الأبناء والاحفاد)• قد يكون صباح الثورة قد تأخر عقوداً من الزمن، ولكن شمس الحرية التي اشرقت من أرض قرطاج، ومن بلاد الكنانة سرعان ما انتشرت في طول المنطقة العربية وعرضها، واخرجت الشعب العربي


من سباته العميق، واطلقت العنان لمسيرة الحرية والديمقراطية التي جرفت في طريقها انظمة التسلط والتفرد والتحكم بمصير البلاد والعباد ، حركة التاريخ لا تعود الى الوراء: انتهى زمن الدولة العسكرية والأمنية وبدأنا نعيش زمن الدولة المدنية، نعم المدنية، وليس الدينية، رغم مشاركة تنظيمات إسلامية فاعلة في صناعة هذا التغيير• ففي الوقت الذي تحذر فيه القوى الوطنية العربية من محاولة الدوائر الاستعمارية الغربية اليوم احتواء واختراق الثورات العربية بالتعاون مع بقايا الأنظمة الساقطة المتوارية خلف الستار بهدف إجهاضها أولاً وإعادة ترتيب الأوضاع بما يخدم مصالح تلك الدوائر مستقبلاً ثانياً، في الوقت نفسه ترفض الجماهير وقواها الوطنية رفضاً قاطعاً وتقاوم التدخلات الأجنبية في الشؤون العربية كافة وشؤون ثوراتها وانتفاضاتها المشروعة خاصة، كما ترفض استقواء بعض القوى السياسية التي ركبت موجة تلك الثورات والانتفاضات بالأجنبي ودعوته للتدخل العسكري كما هو حاصل اليوم في ليبيا، حيث تخلت جامعة الدول العربية عن أداء واجبها في إيجاد مخرج ديمقراطي سلمي للصراع في ليبيا وسلمت مقاليد الأمور للإمبريالية وحلف الناتو للعدوان على ليبيا،.( تحت ذريعة حماية المدنيين وهي ذات القوى المعادية للأمة العربية وللإنسانية والتي ارتكبت وترتكب بمشاركة الطغمة الحاكمة في إيران، جرائم غير مسبوقة في العراق حيث قتلت وهجرت الملايين من أبنائه وبناته فضلاً عن دعمها وتواطؤها مع العدو الصهيوني في اعتداءاته الوحشية على المدنيين داخل فلسطين وخارجه). وللحديث بقية

 

 





الاثنين٠٩ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب داود الجنابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة