شبكة ذي قار
عـاجـل










● واليوم الكثير من المظاهر في الحياةالعربية تثبت توسع وتمدد هذا التيار كفلسفة وقاعدة جماهيرية فهو له حضور قوي في إنتفاضة الشعب المصري في 25 كانون الثاني ونجاحاته في الانتخابات المصرية الاخيرة, وكذلك الانتخابات التونسية الاخيرة وكذلك في المغرب وبروزه بل تقدمه في التغير الذي حصل في ليبيا إلا دليلاً على تقدمه على باقي الاحزاب و القوى وحتى الثورية منها بالرغم من قناعتي بأن الواقع العربي وفي كل اقطاره لن يتحول لحاضن لهذا التيار لامد طويل لسبب بسيط ومهم إنه لا ينتمي إنتماءاً حقيقياً لا لفلسفة أو سلوكية الدين الحنيف الذي ديدنه التطوير في حياة الانسان وإقامة المجمع الذي تتحق فيه العدالة الاجتماعية,وفي نفس الوقت لايستطيع هذا التيار أن يقاوم التيار القومي الذي يوحد الامة ويجدد رسالتها الخالدة,الرسالة التي صاغها بمفاهيم وقيم إسلامية تنويرية بحيث أبرز الحالة الحضارية والانسانية في هذا الدين الحنيف,وقدمه للعالم بصورته الحقيقية الثورية الخلاقة والفاعلة في الانسان في بإتجاه التطوير لصالح المجموع, فالاسلام يقول عنه المفكر العربي الكبير الاستاذ ميشيل عفلق: ( فالاسلام اذن كان حركة عربية، وكان معناه : تجدد العروبة وتكامله ) ( 1 ) ويضيف أيظاً: ( فرسالة الاسلام إنما هي خلق إنسانية عربية ) ( 2 ) .إن أي قول أو فهم لا يتطابق أويتناغم مع الفهم لحقيقة الاسلام,لا يمكن أن يكتب له الاستمرارأو التعايش مع البيئة العربية ,وأي فكر أو تنظيم لا يستمر بشكل دائم في الحياة العربية بغير فهم حقيقة الاسلام التطويرية ويشهد له مساهمته وبشكل كبير في تطوير الحياة العربية منذ ولادته قبل أكثر من الف واربعمائة عاماً بل تفاعل بشكل إيجابي مع تطور كل الحضارات وقدم للعالم حضارة مؤثرة وهي الحضارة العربية الاسلامية,ولم تستطيع أية أيديولوجية أن تعبر تعبيراً صادقاً عن حقيقة الاسلام الحياتية و ليس الدينية بمثل ما نجحت الايديولوجية العربية الثورية في ذلك ولكن للقصور الفكري عند البعض في تحديد ماهية وفلسفة هذه الايديولوجية في علاقتها بالاسلام اضاع عليهم الموقف الصحيح والسليم لهم من حرك الثورة العربية بشكل عام, وايظاً في قدرة أعداء الامة سواء من الداخل أو من الخارج في دفع ثقافة التطرف كوجه وحيد للاسلام وحجب حقيقته الإنسانية أضر بالايديولوجية العربية الثورية والى فلسفة هذا الدين الحنيف والتي أول ما تهدف له هو بناء مجتمع عادل يتساوى فيه الكل وكما جاء في قول الرسول الكريم محمد ( ص ) [الناس سواسية كأسنان المشط] ولم يساوي بمن يدين بالاسلام ديناً فقط ولا بمذهب معين ولا بقومية محددة,بل الناس اي كل خلق الله,وامام كل ذلك فأن التيار الديني سيكون حضوره اليوم وكما كان سابقاً قصيراً بقدر سرعة الايام وتواليها لانه من نوع الايديولوجيات التي تولده ظروف سريعة التغير اي آنيته في التواجد في الساحة العربية, بقدر آنية الظرف وإستمراره مرهون بطفيليته على إنحسار الد اليساري الثوري العربي .ولهذا ف ( التيار الديني ) يتلهف وخاصة في بعض أجنحته إذا صحت العبارة ( المعتدلين ) أن يساوم في الكثير من مبادئه أمام إغراءات الامبريالية والصهيونية له في دعمه للوصول الى السلطة في الاقطار العربية,وهذا الدعم واضح وقد صرح أكثر من مسؤول أمريكي أو غربي لدعمه لحركة الاخوان المسلمين وايظاً دعمهم للدور التركي الذي يقود هذا الاتجاه في التيار الديني,وإلا بماذا يمكن ان نفسر إنقلاب السياسة الفرنسية ب ( 180درجة ) بالتمام والكمال وبالذات من معاداتها لسياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الى التنسيق معهم في معاداتهم بل حربهم ضد القطر السوري ولنصرة حركة الاخوان المسلمين ,وكذلك دعم قوات الناتو لهذا التيار وحتى للمتطرفين فيه في ليبيا ,وهو الناتو نفسه يتصارع ويتحارب معهم في أفغانستان و باكستان!اية ماير إنهازية هذه ,فعلاقته مع السلفين في ليبيا علاقة تحالف,وفي باكستان وافغانستان صراع دموي. وبقدر المصلحة المحدودة يبني الطرفان علاقتهما ببعض. وفي أحداث مصر اليوم يظهر بشكل واضح تصريحات لمسؤولين غربين بهذا الاتجاه المساند والمتعاون أيظاً مع التيار الديني؟! والامر الذي يثبت إنه أما أن حركة الاخوان المسلمين تخلت عن جوهر مبأدئها وتحالفت مع ( الكفرة ) كما كانوا يسمون بالامس الغرب!

 

أو إنهم من السذاجة بحيث لم يدركوا لغاية الان أن الغرب الاستعماري يستعملهم كادوات لتنفيذ أجندته الخاصة به أو إنهم هم يستخدمون قوة الاستعمار ونفوذه لايصالهم للسلطة وهذا صعب جداً و يزيد الامر تعقيداً عليهم عندما يُطرح ألامر في موازنة مع تعاليم الشريعة الاسلاميةالسمحاء لهذا الدين الحنيف,التي لن تقبل بالمطلق بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة,فكيف الحال من يدعي بالتزامه بشريعة سماوية.هذا امر صعب أيظاً تصوره في ظل الوعي الذي تعيشه الجماهير العربية من أن تقبل هذه الجماهير أوأن ترضى من يحكمها يكون قد وصل بحصان طروادة إستعماري.والحقيقة الاخرى في هذا الجانب تتمثل في أن هذا التيار لايستطيع أن يستمر في إداء دوره القيادي لحركة المجتمع وذلك لعدة أسباب ومنها أن التطور الحتمي للواقع العربي سوف يضغط بإتجاه تخلفه عن تلبية الحاجات الحياتية للانسان العربي المعاصر سواءكانت إجتماعية أو إقتصادية اوحضارية,والامر الاخر أن هذا التيار يحمل تناقضاته في تكوينه الايديولوجي والامر الذي سيؤدي الى إنشقاقه لعدة إتجاهات بل أن تبوئه لحالة أو صورة من صور القياديةللجماهير ستخلق في صفوف قياداته حالة الانبهارولمحدودية ثقافتهم في الحياة السياسية العامة وكذلك إنجذاب بعض أجنحته الى المعاصرة كالنموذج التركي ( حكم حزب أوردغان ) وهذاسوف يترتب عليها بالمقابل إستحقاقاً لبعض اطرافه مواقف متطرفة كحكم طالبان,

 

وقد يظهر هذا الصراع في النموذج الواحد من أنظمة الحكم وهذا يظهر بكل وضوح في إيران,حيث المتطرفين والذي ينادون بولاية الفقيه كنظام لقيادة المجتمع والدولة والذي جاء به خميني وإستمر به خلفه خأمنئي وبالمقابل هنالك من يطرح الدولة الدينية المعاصرة والذي قاده تيار الاصلاحيين في إيران مثل مير حسين الموسوي والذي تزعم معارضة قوية على نتأئج الانتخابات الايرانية في عام 2009 وحصل على تأيد بعض رجال الدين المؤيدين للإصلاح مثل مهدي كروبي ومباركة حسين منتظري

 

*وأيظاً تأييد محمدخاتمي ( الرئيس السابق لايران ) الذي خسر موقعه أمام الرئيس الحالي أحمد نجادي الذي يحظى بتأييد المؤسسة الدينية المتطرفة في إيران.وأمام كل هذه الاتجاهات والاجنحة تتطور الصراعات والتي لا تنشأ بسبب إجتهاد في نص ديني أو طائفي بقدر ماهو في الاصل من منطلق الانانية والدوغمائية في الرأي أو الاجتهاد.وفي كل الاحوال هذين الجناحين ( المتطرف أو المعتدل ) في التيار الديني لا يمكن أن يكون بينهما مشتركات مع النظائر المتطرفة أو المعتدلة الأخرى في الدول ألاخرى .أي أن ( المتعدلين أو الاصلاحين ) في إيران من الصعب أن تتشكل لهم أرضية مشتركة لمصلحة حقيقية للدين الاسلامي مع ( المعتدلين ) في تركيا وذلك بسبب فلسفتهم وطريقة حياتهم الطائفية,وبنفس المقياس لايمكن للمتطرفين في إيران ان يلتقوا مع المتطرفين من النموذج التركي أو الافغاني أو السعودي اوالباكستاني إلا عندما يوجب التعاون بينهم على أساس المصالح السياسية والعسكرية,وهذا ما هو حاصل اليوم بين المتطرفين في النظام الايراني والذين يمثلون تطرفاً مذهبياً في الدين الواحد وتنظيمات القاعدة الذين يمثلون متطرفين أيظاً ولكن بمذهبية ومرجعية أُخرى من تعاون وتنسيق في العراق وأفغانستان ,وهو أمرٌ لا يمت بصلة لا للدين او الطائفة بل له علاقة بالسياسة ومصالح طبقات أوليغارشية بحتة .

 ( 1 ) خطاب القي على مدرج الجامعة السورية في 5 نيسان عام1943
 ( 2 ) = = = = = = = = = =

 

 





الاثنين٢٣ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٩ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة